الرئيسية / مقالات / الرياء كفضيلة. !! :: رؤية أخلاقية بأدوات علم النفس الاجتماعي الديني

الرياء كفضيلة. !! :: رؤية أخلاقية بأدوات علم النفس الاجتماعي الديني

السيمر / فيينا / السبت 06 . 11 . 2021 

د. محمد ابو النواعير

يعاني مجتمعنا منذ عقود طويلة من عملية ثقافية منهجية مخطط لها بدقة واحتراف، لغزو أدبياته الاجتماعية، الثقافية والأخلاقية والدينية، وبعد سقوط نظام الطاغية صدام، بدأت وتيرة هذا المشروع تتسارع بشدة، مع توفر مقومات ولوازم وأدوات هذا الغزو.

يعاني مجتمعنا اليوم من انحسار الفعل الاجتماعي الديني (كوعي وممارسة)، حيث تم استبداله من قبل الكثير من طبقات المجتمعات، بوعي دنيوي مادي هجين، ينظر الى الذات دون الالتفات لاي جانب اخلاقي (انضباطي) روحي أو آخروي.

ادوات الغزو الغربي المسلطة على مجتمعنا اليوم، اعتمدت على الصورية الخيالية الشعبوية ذات البعد الانفعالي، من خلال ضخ كم كبير من الصور والمقاطع والقصص والافكار، التي عمدت على تحقيق التطبيع القسري للذات في المجتمع، مع هذه التصورات، حتى باتت تشكل لبنة من لبنات الوعي اليومي عنده.

ما انصح به اليوم وبشدة، يا حوزتنا الشريفة، يا مؤسساتنا الدينية، يا خطباء منابر الحسين ع الكرام، ايها المؤمنين المؤثرين في المجتمع وغير المؤثرين، الى كل فرد شيعي تصله رسالتي هذه، نحن اليوم بحاجة الى استعمال نفس السلاح وبقوة، نحن بحاجة الى العمل بمنهج الضخ الاعلامي الشعبوي البسيط اليومي، وذلك من خلال قيامنا كلنا، كل فرد فينا، بذكر اي قصة لها بعد اخلاقي او ديني مرت به، يذكرها بقصة قصيرة بسيطة ، علينا كلنا ان نصور وننشر اي فعالية دينية نقوم بها : صلاة ، زيارة، صلاة جماعة، حضور مجلس حسيني، حضور جلسة دينية. علينا ان نذكر اي محاورة او نقاش اخلاقي او ديني يحصل بيننا : بيني وبين اخي، زوجتي، صديقي، والدي، جيراني، معلمي.

والرجاء الرجاء، من مؤسستنا الدينية المقدسة، ومنابر الارشاد لدينا، ان يؤجلوا الحديث الردعي في خطبهم ومواعظهم عن اي شيء يتعلق بتقييد الفعل الديني الاخلاقي، كالحديث عن الرياء او العجب، الرجاء، الرجاء، التوقف مؤقتا عن الحديث عنها، فعلينا ان نشجع نشر صورة الفعل الاجتماعي الاخلاقي الديني، حتى لو كان رياءا او عجبا، لنحقق تغطية صورية انفعالية وجدانية متخيلة، لعموم الوعي المجتمعي، فالمتلقي لا يعلم ان هذا الفعل رياءا ام لا، بل هو سيراه فعل اجتماعي متكامل سيتفاعل معه ولو بجزء يسير.

إن اعادة تعبئة الذاكرة اليومية البسيطة للافراد في المجتمع عبر تركيز هذه التصورات، سيساهم باعادة بناء وترميم الوعي (اليومي). وبالاستمرار، سيقود الى اعادة ترميم و تشكيل الوعي المجتمعي، والذي سيقود الى تكوين الاتجاهات في المجتمع، وتحقيق حالة توازن ردعي ديني اعلامي في الوعي الجمعي، تحصن ضد الغزو التثقيفي الغربي. (تكوين الاتجاهات الاجتماعية، هي اخطر واهم مرحلة يصل لها الوعي الجمعي).

ما نحن بحاجة له اليوم، هو رياء في الفعل الاجتماعي الديني الاخلاقي، ينطلق وينتشر باقصى قوة.

واحلى ما في هذا المنهج المذكور اعلاه، هو انه سهل متيسر، متوفرة ادواته لكل الناس، عبر صورة او قصة في وسائل التواصل الاجتماعي، او حادثة ترويها بين اصدقائك، او حلم تقصه على اهلك، نستطيع من خلالها خلق تفاعل وجداني
يتسع مداه بسرعة مقبولة نسبيا.

والله من وراء القصد .

اترك تعليقاً