الرئيسية / ثقافة وادب / رحلة مع الروائي عبد الخالق الركابي

رحلة مع الروائي عبد الخالق الركابي

السيمر / فيينا / الجمعة 26 . 11 . 2021 

اسعد عبدالله عبدعلي

 يعد الروائي عبد الخالق الركابي احد الاسماء المهمة في المشهد السردي العراقي والعربي، وأحد الذين اسهموا في تطور الرواية العراقية, فهو من جيل الروائيين المؤسسين, حيث تكرس حضوره القصصي وفيما بعد الروائي منذ أواخر ستينيات القرن المنصرم, و يشكل أحد أهم أقطاب التجديد، ان لم نقل انه المؤسس الفعلي لما يعرف برواية الميتاقص عراقياً، ويقصد به نوعا من التجريب الحر واللعب المقصود أو الواعي في الممارسة الإبداعية نفسها، وهو تجريب تحولت في ظله الرواية إلى أن تفكر بنفسها، ويكون ذاتها موضوعها.

وهذا التحول بطبيعة الحال، هو منحى جديد في الرواية سعى إليه مؤلفوها لإغناء أعمالهم بالجدة ولابتكار غير العادي والمألوف في الكتابة الروائية, عبر استثمار المخطوط بمصادره التاريخية، وهو ايضا يعد احد الاقطاب المهمة في كتابة الرواية التاريخية.

ويجب ان نذكر نبذة عن سيرة الكاتب للتعريف به, ولد الروائي عبد الخالق الركابي في العراق وبالتحديد في محافظة واسط في قضاء بدرة عام 1946, وكانت بداياته شاعراً ونشر قصائده أواخر الستينات وأصدر مجموعته الشعرية الوحيدة (موت بين البحر والصحراء) عام 1976 في مطبعة السعدون, وقد أكمل دراسته الجامعية عام 1970 وحصل على شهادة بكالوريوس في الفنون التشكيلية, ثم عمل في سلك التدريس تسعة أعوام, وبعدها عمل في مجال الثقافة, وقد عمل مشرفاً لغوياً في مجلة آفاق عربية في منتصف الثمانينات, وكذلك عمل سكرتيراً لتحرير مجلة أسفار, ومحرراً في مجلة الأقلام حتى عام 2003,

•      كيف تشكلت علاقة الركابي بالرواية؟

في سؤال وجه للكاتب الركابي عن بدايته مع الرواية, وكان جوابه: “علاقتي بالرواية – قارئاً – قديمة قدم تعلّقي بكتاب ألف ليلة وليلة وأنا في المرحلة الابتدائية, وكانت هناك روافد أخرى عمّقت لديّ هذا الولع, تمثّلت بسلاسل الكتب المصرية واللبنانية – مثل الهلال وروايات الهلال وكتاب الهلال, فضلاً عن سلسلتي كتابي ومطبوعات كتابي – التي كانت تصل شهرياً إلى شقيقي الكبير – المعلم خرّيج دار المعلمين الريفية – وكانت ثمة كتب أخرى تتألف منها مكتبة البيت المتواضعة, تتصدرها روايات الفروسية – ميشال زيفاكو وإسكندر دوماس – قبل أن أضيف إليها شخصياً روايات وقصصاً بوليسية – شرلوك هولمز وأرسين لوبين وطرزان – هكذا تشعبت علاقتي بفن الرواية وصولاً إلى روايات تاريخ الإسلام لجورجي زيدان, لأقف بعدها عند أثرى المحطات في مسيرتي وأبعدها أثراً والمتمثّلة بروايات نجيب محفوظ.

•       بعض جوائزه

مكانة الكاتب كبيرة جدا ونذكر هنا بعض الجوائز التي حصل عليها لتفهم مكانته في الادب المحلي والعربي, واهمها:-

اولا: حاز جائزة الدولة في نطاق الرواية والمسرح أكثر من مرة.

ثانياً: اختير الروائي ضمن أربع روائيين عالميين من أجل كتابة التاريخ العربي الحديث على شكل رواية في إطار جائزة قطر العالمية للرواية، وقد ترجمت روايته إلى اللغة الإنكليزية والإسبانية والفرنسية.

ثالثاً:- فازت روايته (الراووق) بجائزة معرض الشرق الكبير في بغداد عام 1987.

رابعاً: فازت روايته (قبل أن يحلق الباشق) بجائزة أفضل كتاب أدبي عام 1990 عن دار الشؤون الثقافية العامة.

خامساً: فازت روايته (سابع ايام الخلق) بجائزة أفضل رواية عراقية عام 1995.

سادساً: كما اختيرت الرواية نفسها من قبل الاتحاد العام للكتاب العرب ضمن أفضل عشرين رواية عربية في القرن العشرين وقد ترجمت إلى اللغة الصينية.

سابعاً:- في عام 1995 منحه نادي الجمهورية شهادة تقديرية كما أقام النادي نفسه حلقة دراسية حول روايته (سابع أيام الخلق).

ثامناً:- حولت بعض نتاجاته إلى مجالات السينما والتلفاز، منها (حائط البنادق) سهرة تلفزيونية، وفيلم (العاشق) عن روايته مكابدات عبد الله العاشق إخراج الفنان الفلسطيني محمد منير فنري، وفيلم (الفارس والجبل) عن قصته (الخيال) إخراج محمد شكري جميل. 

•      التجديد والحداثة عند الركابي

في احد حواراته الصحفية تم توجيه سؤال للكاتب عن ما مرت به رواياته من مراحل متعددة, من التجديد, ثم إلى الحداثة, وبعد ذلك ما بعد الحداثة, فهل كان هذا الانتقال في مسيرته الروائية طبيعياً، أم مقصوداً؟

فأجاب الركابي: “كما كان شأني مع ذلك المتلّقي الذي يكمن في داخلي في تقلّبه بين أنماط الروايات, جرى الأمر نفسه مع تطور رواياتي, فقد بدأتها بحذر وتردد شأن من يتلمّس سبيله في عالم مجهول, يتطلّب سلوكه الإلمام بأمور لم يسبق له اختبارها، بيد أن جنوحي إلى التجديد والمعاصرة ظهر منذ روايتي الأولى (نافذة بسعة الحلم), إذ إن أحداثها تجري خلال بضع ساعات من يوم واحد، لكنها، في الوقت نفسه، تختزل عمراً كاملاً من حياة الشخصية المحورية.

ثم يوضح الركابي تفصيلا عن نمط التطور فيقول: “فالقسم الأول الذي يحمل عنوان (الصباح) يقرن ذلك الوقت من النهار بطفولة تلك الشخصية وهي تعيش أحلامها الرومانسية المفعمة بحياة الريف, وما تحمل من براءة، وكذلك الأمر مع (الظهيرة) عنوان القسم الثاني؛ إذ مع انتصاف النهار نرافق الشخصية المركزية وقد دخلت طور الشباب بكل ما ينطوي عليه هذا الطور من عنفوان, يقترن بالعنف أحياناً، أما القسم الثالث والأخير فهو يحمل عنوان (المساء)، وهنا ومع جنوح الشمس للغروب، نعيش المصير المأساوي لتلك الشخصية”.

ثم يكمل جوابه عن التجدد والتطور فيقول: “بيد أن الأمر اختلف مع روايتي الثانية “من يفتح باب الطلسم؟”؛ فهي غير معنيّة بالزمن قدر اهتمامها بالحقبة التي جرت فيها الأحداث. إنها تنتمي إلى ما يسمى بـ(الرواية النهر) حيث الأحداث تتلاحق تلاحق المياه المتدفقة في النهر، وهي بذلك وليدة تأثّري بالرواية السوفيتية آنذاك ولا سيما رواية شولوخوف (الدون الهادئ), التي ترجمها علي الشوك وزملاؤه فصدرت بأربعة أجزاء، وقبلها رواية تولستوي العملاقة “الحرب والسلم” التي صدرت بدورها بأربعة أجزاء, على غرار هذين النموذجين – رواية الكثافة الزمنية والرواية النهر – تتابعت رواياتي لاحقاً وحتى الوقت الحاضر.

•      عن سابع ايام الخلق

من اهم ما انتج الركابي كانت روايته (سابع أيام الخلق), حيث تشكّل انعطافة في مسيرته الروائية وقد احدثت جدلا عميقا في وقتها, وتم سؤاله في حوار صحفي عن سبب الضجة التي احدثتها وعن ظروف كتابة هذه الرواية… فأجاب:- “لقد فاقت رواية (سابع ايام الخلق) رواياتي الأخرى بما حظيت به من اهتمام نقدي, توّج بترجمتها إلى اللغة الصينية ضمن مشروع الاتحاد العام للكتّاب العرب باختيار افضل روايات القرن العشرين العربية، كما ترجمت إلى اللغة الإيطالية وأخيراً إلى اللغة الإنكليزية.

 ويكمل الركابي في بيان اسرار تميز روايته فيقول: “فضلاً عن أنها ومنذ طبعتها الأولى سنة 1994 وحتى طبعتها الرابعة سنة 2012 كتب عنها أكثر من مئة دراسة نقدية ضمنها عدة كتب مستقلة، فضلاً عن رسائل دكتوراه وماجستير ضمنها أطروحة دكتوراه باللغة الإنكليزية للدكتور زيد ماهر بعنوان (بين مأزق التاريخ ومنفذه: دراسة مقارنة لرواية “المحرقة الشاملة” لروبرت كوفر و”سابع أيام الخلق” لعبد الخالق الركابي) وقد نوقشت هذه الأطروحة منذ أعوام في مدينة كولمبيا ولاية مزوري الأمريكية، كما سجلت إحدى الباحثات في جامعة بغداد كلية التربية ابن رشد اطروحة دكتوراه عن الميتاقص في الرواية”.

ثم يسهب في الشرح والتبيان عن رؤيته الخاصة لروايته (سابع أيام الخلق) فيقول:- “أما عن رؤيتي لهذه الرواية بعد مرور هذه الفترة الزمنية الطويلة على صدورها فقد سبق لي أن تطرقت إليها أكثر من مرة ضمن مشروعي الروائي: فقد جاءت هذه الرواية تطبيقاً للمقولة التي مفادها أن لكل روائي رواية محورية تتصدّر رواياته ولا يستطيع تخطيها بحال من الأحوال, لا علم لي بمدى صحة تلك المقولة، لكنني أستطيع أن أؤكد لك أن (سابع أيام الخلق) تبقي الرواية الأثيرة لديّ؛ وذلك لكونها مّثلتْ النقلة الأساسية في فهمي للرواية المعاصرة؛ فقد جاءت هذه الرواية نتيجة تشبّع عميق بالتراث العربي الإسلامي؛ إذ إنني في واقع الأمر أطمح، منذ فترة مبكرة، إلى تبنّي الأساليب التراثية في كتابة رواية معاصرة سعياً مني لترسيخ سمات تضفي على الرواية جمالية خاصة تزيد الأساليب المطروقة تنوعاً وثراء”.

ويقول ايضا:-  “وأنا هنا لا تفوتني الإشارة إلى أنه سبق لأكثر من روائي عربي أن استلهم التراث – أساليب المتصوفة، السير الشعبية، المقامات، الحكاية العجائبية، قصص الشطار والعيارين…الخ – وكانت المحصّلة نماذج روائية متميزة بطابعها الخاص، بيد أن هناك روايات أخرى لم تستطع البرهنة على نجاحها في معالجتها الإبداعية تلك؛ فأقصى ما تحقق فيها توقف عند استنساخ الأساليب التراثية وإحالتها إلى قوالب صبّت فيها مضامين روايات غلب عليها الجانب الشكلي، فأضحت رتيبة، غير مقنعة، مما أفقدها التواصل مع القارئ المعاصر لكونها أدارت ظهرها له وانحازت إلى الماضي وحده.

ويوضح الركابي هنا شيء مهم ودرس بليغ لكل كاتب, فيقول: “إن استلهام التراث لا يعني الوقوع في أسره باستنساخ أسلوب الجاحظ أو التوحيدي أو الحلاج أو النفري أو ابن عربي… الخ، بل يعني تمثّله وصولاً إلى صيغة فنية تحمل خصوصية الذات العربية الإسلامية من دون التفريط بحداثة هذه الذات ومعاصرتها، وذلك ما حاولت القيام به؛ فقد عمدت إلى استلهام كتب التراث بجانبيها الرسمي والشعبي”.

•     اهم اصداراته:

•    نافذة بسعة الحلم/رواية/1977/منشورات وزارة الإعلام.

•    من يفتح باب الطلسم/رواية/1982/منشورات دار الرشيد/ بغداد.

•    مكابدات عبد الله العاشق/رواية/1982/منشورات دار الرشيد/ بغداد.

•    حائط البنادق/ قصص قصيرة/ 1983/منشورات دار الرشيد/ بغداد.

•    الراووق/ رواية/ 1986/ منشورات دار الشؤون الثقافية العامة.

•    قبل أن يحلق الباشق/ رواية/ 1990/ منشورات دار الشؤون الثقافية /بغداد.

•     سابع أيام الخلق/صدرت الطبعة الأولى عن دار الشؤون الثقافية العامة بغداد عام 1994/ وصدرت الطبعة الثانية عن دار بيسان /بيروت عام 2000/ وصدرت الطبعة الثالثة عن دار المدى /بيروت/2009.

•    البيزار/ مسرحية/1999/ منشورات دار الشؤون الثقافية العامة. فازت بجائزة الدولة للمسرح. وصدرت الطبعة الثانية/دار الموسوعات العربية/بيروت.

•    نهارات الليالي الألف/ مسرحية/ 2001/ منشورات دار الشؤون الثقافية العامة/طبعة أولى. وصدرت الطبعة الثانية/ دار بيسان/ بيروت.

•    أطراس الكلام/ رواية/2002/دار الشؤون الثقافية العامة بغداد/طبعة أولى/ وصدرت الطبعة الثانية عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر /2009.

•    سفر السرمدية/ طبعة أولى صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر/بيروت/2005.وصدرت الطبعة الثانية عن دار الشؤون الثقافية العامة/بغداد 6005.

اترك تعليقاً