السيمر / فيينا / الأ{بعاء 02 . 02 . 2022
معمر حبار / الجزائر
أوّلا: مقدمة المقدمة:
بمجرّد ماعلم صاحب الأسطر أنّ الأستاذ مالك بن نبي كتب مقدمة للكتاب:
سعيد جودت: “حتّى يغيّروا مابأنفسهم”، مؤسسة الأهرام، القاهرة، مصر، الطبعة الثامنة، 1989، من 226 صفحة.
راح يقرأ، ويعيد قراءة المقدمة فكانت هذه الأسطر:
مقدمة مالك بن نبي رحمة الله عليه بتاريخ: 18 ربيع الأوّل1392هـ، الموافق لـ: 2 مارس 1972.
مايعني أنّه كتب مقدمته قبل وفاته بـ: 29 يوم، و7 أشهر، و1سنة. أي العام الأخير من حياته.
تكمن أهمية هذه الملاحظة في معرفة: هل ثبت الكاتب على أفكاره، ومواقفه التي وقفها وأعلنها من قبل، أم غيّر وبدل؟
كتب المقدمة بلبنان، لأنّ مالك بن نبي قبل وفاته وفي هذه السنة بالذات، كان كثير السفر لسورية ولبنان[1]، قصد ترجمة كتبه المتبقية، وتأمين تراثه الفكري من كتب، ومقالات، ومحاضرات، وحوارات.
ارتاح مالك بن نبي في سورية ولبنان، وأبدى سعادته[2] بالأيّام التي قضاها، وبالضيافة التي خصصّت له، وبالمحاضرات التي ألقاها واللقّاءت التي أجراها.
لم يعلّق الأستاذ جودت على مقدمة الأستاذ مالك بن نبي، ولا أثر للتعليق في مقدمته للطبعة الرّابعة بتاريخ: 25 شوال ربيع الأوّل 1398هـ، الموافق ل: 27 أيلول 1978.
رجع صاحب الأسطر لـكتاب “Les carnets“[3] لمالك بن نبي، فوجده يتحدثّ عن ليلى أخت سعيد جودت وليس سعيد جودت رحمة الله عليه، حين كان ضيفا رفقة ابنته رحمة.
يعترف صاحب الأسطر أنّه لأوّل مرّة -فيما قرأ ويتذكر- يقرأ مقدمة لمالك بن نبي لغير كتبه، ولذلك أسرع في قراءتها وعرضها والتّعليق عليها.
ثانيا: محتوى المقدمة:
يستعمل مالك بن نبي مصطلح “الحركات التغييرية”، وهو الذي كان من قبل يستعمل “الحركات الإصلاحية”، فيما قرأت وأتذكر.
يرى أنّ الحركات التغيييرية تنقسم إلى: القديمة، والمعاصرة، والفردية، والنظامية، وشبه النظامية.
وتشترك جميعا في كونها فشلت، رغم سعيها للتغيير. وفشلت من ابن تيمية الحنبلي، إلى أبي حامد الغزالي، إلى عصرنا هذا (سنة 1972) ، إلاّ في بعض التغييرات السياسية.
ويرى أنّ دولة الموحدين نجحت -على الأقلّ- في كونها استطاعت تأخير سقوط غرناطة.
ويرى أنّ الحركات التغييرية على المستوى الفردي كمجهودات ابن تيمية الحنبلي، وجمال الدين الأفغاني، بقيت آثارها في التراث الإسلامي، والتي تأثّرت بها الحركة الإصلاحية إلى اليوم (1972).
الحركات الإصلاحية المعاصرة مازالت تأخذ من الحركات التغييرية الفردية كابن تيمية الحنبلي.
ويرى أنّ الحركات التغييرية المعاصرة فشلت أيضا، كجمال الدين الأفغاني، والجمعية في الجزائر قبل الحرب العالمية الثانية. (ويقصد تأسيسها منذ سنة 1930).
يستعمل مصطلح “الحركات التنظيمية”، و”الحركات غير التنظيمية”، ولم يذكرهما بالاسم. (وأعتقد -ولغاية هذه الأسطر-، أنّه يقصد بالحركات التنظيمية، تنظيم الإخوان المسلمين بمصر بقيادة الأستاذ حسن البنا رحمة الله عليه. ويقصد بالحركات غير التنظيمية ، الجمعية بالجزائر، بقيادة الأستاذ عبد الحميد بن باديس رحمة الله عليه. وقد أطلق عليها لقب: “الحركة السلفية في الجزائر”، وهو الذي كان يطلق عليها من قبل لقب “الحركة الإصلاحية”.
التّاريخ من حيث التغيير يخضع أيضا لقانون السببية.
المراحل التاريخية التي تتقبّل أو لاتتقبّل التغيير، تصبح في الأخير كلّها قابلة للتّغيير، لأنّ النفوس قبلت حينئذ التغيير.
ومشكلة بعض الحركات التغييرية التي رفعت الآية: “إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِم”، سورة الرعد ، كشعار للتبرك، وللغيب، وليس وسيلة تغيير، ولذلك فشلت في التغيير.( ويفهم منه أنّ مالك بن نبي ينتقد جميع الحركات -كعادته ودون استثناء-، كـ: ابن تيمية الحنبلي، وجمال الدين الأفغاني، والإخوان المسلمين، والجمعية).
مازال مالك بن نبي ينتظر التغيير الذي مازال العالم ينتظره.
قال: “حيث تنتهي تجارب الجيل السّابق:، (ويقصد حياته الشخصية، وقد عبّر عنها في حاضرته: “دور المسلم في الثلث الأخير من القرن العشرين”[4] وبتاريخ: مارس وأفريل 1972 ).
[1] للزيادة حول الأيّام الأخيرة لمالك بن نبي، راجع من فضلك مقالنا بعنوان: “سلسلة قراءاتي لكتاب “في صحبة مالك بن نبي” لعمر كامل مسقاوي 19
مالك بن نبي .. الأيام الأخيرة”، وبتاريخ: الثلاثاء 20 جمادى الثانية 1437، الموافق لـ 29 مارس 2016
[2] فيا يخصّ سعادة مالك بن نبي بسورية ولبنان، راجع من فضلك مقالنا بعنوان: “سلسلة قراءاتي لكتاب “في صحبة مالك بن نبي” لعمر كامل مسقاوي12
مالك بن نبي .. السعادة التي وجدها في سورية ولبنان” ،وبتاريخ: الجمعة 12 ربيع الثاني 1437 هـ الموافق لـ 23 جانفي 2016
[3] للزيادة ، راجع من فضلك كتاب:
Malek BENNABI ” Mémoires d’un témoin du siècle L’enfant, l’étudiant, L’écrivain Les carnets“ ,Samar, Alger, Algérie,2006. 660 pages. Page :609. ” .
[4] للزيادة حول الظروف والمحاضرة ، راجع من فضلك مقالنا بعنوان: “مالك بن نبي.. دور المسلم ورسالته”، وبتاريخ: الإثنين22 رجب 1439 هـ الموافق لـ 09أفريل 2017.
الاثنين 28 جمادى 1443هـ، الموافق لـ: 31 جانفي 2022
الشلف / الجزائر