السيمر / فيينا / الجمعة 26 . 08 . 2022 —— أفرزت الأزمة السياسية الحالية، العديد من الغرائب، ومنها طبيعة تعاطي رئيس الحكومة مع ما يجري، إذ وفقا لنواب وخبراء بالشأن السياسي، فهناك إزدواجية بتعامله، بعد أن أصدر توجيهات عسكرية، بمنع تدخل المؤسسات الامنية بالازمة، على خلفية إصدار الحشد الشعبي بيانا أكد فيه على استعداده لحفظ الدولة، لكنه بالمقابل فتح المجال لعناصر من سرايا السلام بالتظاهر والاعتصام داخل المنطقة الخضراء، وهو ما حذر منه الخبراء وأكدوا أنه سيؤدي إلى “انقسام مجتمعي”، إلا أن التيار الصدري رد على هذا الطرح بالنفي وأكد أن تظاهراته “مدنية” بالكامل.
وقال عضو ائتلاف دولة القانون عباس المالكي لوكالة “إيرث نيوز”، إن “ما نلاحظه أن رئيس حكومة تصريف الاعمال يتعامل بإزدواجية مع موضوع عدم زج الأجهزة الامنية بالسياسة، فهو حين تكون هناك تظاهرات مؤيده لطرف سياسي معين كأن تكون مثلا مؤيدة للاطار التنسيقي وتريد أن تقتحم المنطقة الخضراء او بعض الاماكن هو يوصي بمنعها، حتى يستخدم العنف احيانا ضدها، لكن بالمقابل يسمح بدخول متظاهرين تابعين لسرايا السلام والتيار الصدري الى البرلمان ويمنع الاجهزة الامنية من التصدي لهم”.
وأضاف أن “هذا الأمر نفسه ينطبق على مسألة بيان الحشد الشعبي، فالكاظمي وبعد إصدار الحشد لبيانه أصدر بيانا واكد على منع تدخل الجهات الامنية بالسياسة وطالب بتشديد الضوابط، لكن بالمقابل فأن من تظاهر أمام مجلس القضاء الاعلى هم سرايا السلام، والتي هي جزء من منظومة الحشد الشعبي، لكن الكاظمي لم يمنعها ولم يتخذ أي إجراء ضدها، فبالتالي هذا التعامل بازدواجية من قبل الكاظمي يؤدي الى انقسام مجتمعي وإضعاف هيبة الدولة وإلى تمييز واضح”.
واستيقظت بغداد، صباح الثلاثاء الماضي، على تظاهر أنصار التيار الصدري أمام مبنى مجلس القضاء الأعلى، وظهراً أصدر المجلس بيانا علق في أعماله وكشف أن القضاة تلقوا تهديدات عبر هواتفهم المحمولة، وذلك قبل أن يعلن استئناف عمله في وقت لاحق.
وبحسب الفيديوات المتداولة، فأن مسؤول سرايا السلام تحسين الحميداوي، وصل إلى التظاهرة أمام مبنى مجلس القضاء، وأشرف عليها، قبل أن يصدر التيار أوامره بالانسحاب من امام المجلس، بعد أن أصدر القضاء نحو 7 مذكرات إلقاء قبض بحق قادته.
وفي ذلك اليوم، الذي وصل فيه البلد لحافية الهاوية، أصدرت هيئة الحشد الشعبي، بيانا أكدت فيه، أن “الحشد حرص على ألا يكون طرفا في الأزمة السياسية الراهنة، في الوقت الذي يجد فيه أنه ملزم بحماية السلم الأهلي والدفاع عن الدولة ومنع انهيار ركائزها وحماية الدستور الذي أقسم الجميع على حمايته والالتزام به”، معلنة استعدادها “للدفاع عن مؤسسات الدولة التي تضمن مصالح الشعب وعلى رأسها السلطة القضائية والتشريعية وعن النظام السياسي والدستور”.
إلى ذلك، من جانبه، بين المحلل السياسي حيدر البرزنجي لوكالة “إيرث نيوز” أن “بيان الحشد لشعبي لم يصدر اعتباطيا او من لا شيء، بل جاء باعتبار هناك تهديد للسلم الأهلي وهناك تقاعس من قبل رئيس حكومة تصريف الاعمال في اداء مهمته وواجبه، والدليل على هذا التباين والتقاعس عندما يتجول الاخوة في سرايا السلام وقادتهم ويذهبون نحو قبة البرلمان والسلطة القضائية لا احد يتحدث معهم”.
وأشار إلى ان “هذا ان دل على شيء، يدل على وجود خلل كبير بنيوي في عمل رئيس حكومة تصريف الاعمال اليومية”.
يشار إلى أن الكاظمي، أكد في بيان صدر في ساعة متأخرة من ليلية الثلاثاء، أن القوى الأمنية والعسكرية العراقية لن تنجر إلى الصراعات السياسية، ولن تكون طرفا فيها، موجها بتطبيق أقسى العقوبات القانونية بحق أي منتسب في القوات الأمنية والعسكرية العراقية ممن يخالف التعليمات الثابتة بهذا الصدد، بالإضافة إلى إجراء الوحدات الأمنية والعسكرية كافة تدقيقا لمنتسبيها، وتطبيق الإجراءات القانونية بحق المخالفين.
من جانبه، أكد قيادي في التيار الصدري رفض الكشف عن اسمه، لوكالة “إيرث نيوز” أن “سرايا السلام لم تشترك في التظاهرات، فنحن لدينا أكثر من 11 ألف مقاتل موجودين في الجبهات ولا يوجد أي سحب لهم”.
وتابع أن “هناك جزء آخر من سرايا السلام هم (التعبئة) كما نسميهم، الذين هم غير مسجلين بهيئة الحشد أي مجرد تنظيم مدني، وهؤلاء موجودين طبيعي جدا في المدن والمحافظات”، مضيفا أن “قضية اشتراك سرايا السلام في التظاهرات، فنحن لا نحتاج أن تشترك، فلدينا جمهور مليوني نستطيع من خلاله ان ننظم تظاهرة مليونية، فنحن لا نحتاج إلى 1000 أو 2000 مقاتل من السرايا للتظاهرات، وكل ما يقال بهذا الشأن عار عن الصحة”.
ومنذ بدء التصعيد بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، على خلفية أزمة تشكيل الحكومة الجديدة، لم تتخذ الحكومة الحالية أي إجراء فوري لوقف التصعيد على الرغم من بلوغه مراحل متقدمة واقترابه من الاحتكاك بين الجمهورين.