الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / قراءة في بيان السيد الحائري/1

قراءة في بيان السيد الحائري/1

السيمر / فيينا / الأربعاء 07 . 09 . 2022

كان للبيان إنعكاسات سريعة على الوضع العراقي ، وقد تناولته بعض الكتابات بالتحليل، لكن الأحداث المتسارعة التي تلته طغت عليه إعلامياً. – من الانعكاسات المهمة والبعيدة الأثر ما يتعلق بموضوع القيادة الإسلامية – خصائصها ووظائفها. نشير إلى أهمها:

1- التأسيس لخطوة إنسحاب القائد -أو الزعيم- من موقع المسؤولية – إذا ما أحس بالعجز عن تأديتها بأكمل وجهٍ. هنالك حالات إنسحاب حدثت في الأزمنة الماضية . لكن في زماننا هذا وظروفه المعقدة تعتبر خطوةً تأسيسية.

2- مبرر الإنسحاب الذي ورد في البيان يعكَس القناعة بأن دور المرجعية لا ينحصر بالإفتاء والحسبة والعلوم الإسلامية – بل هو قيادة للأمة. – تتضاعف أهمية هذا الدور في زماننا والأمة تشقّ طريقها وسط بحرٍ من الفتن والتحديات وتكالب الاعداء. – مما يعزز الرؤية أن على المتصدين للمراتب العليا إمتلاكَ أعلى مؤهلاتِ القيادة ومراتب اللياقة لأنهم سيرغمون على ممارسة دورٍ قيادي وإتخاذ قراراتٍ صعبة للغاية.

3- رغم أن منصب المرجعية فرع من الإمامة المعصومة ، لكنه يختلف عنها في وجوهٍ عديدة منها : – أن مواصلة التصدي لآخر عمر المرجع ليس أمراً حتمياً – كما هو في حال الإمام المعصوم. – فقد تقتضي مصلحة الإسلام الإنسحاب لفسح المجال لمن هو أقدر منه على العطاء . – خصوصا بوجود آخرين مؤهلين لإدارة شؤون الأمة إدارةً مباشرة بدون وسطاء.

4- إن المرجع – إذا ما قرر الخروجَ عن الإطار النمطي للزعامة الدينية والتصدي لإرشاد الأمة في القضايا الكبرى – فسيُنظر إليه ک(قائدِ) لا مجرد زعيم روحي .. – وسيُطلب منه أداء دور القيادة كاملةً لا بصورة إنتقائيةٍ كي لا تُربَك الساحة ولا تُترَك فراغاتٍ لغير المؤهلين.

5- بإمكان الزعيم الطاعن في السن مواصلة التصدي مستخدما الوكلاء والأقارب الموثوقين لتأدية الوظيفة الفعلية – فيما يحتفظ هو بالرمزية ويستشار في القضايا الضرورية فقط ، مما يجعل مواقفه المصيرية أسيرةً لرؤية الوكلاء ويمنحهم قدرةً أعلى على توجيهها وفق إعتباراتهم. – أما بيان الحائري فهو يعززُ القناعة بأن هذا الموقع المهم ينبغي أن يُدارَ بصورة مباشرة. – هذه الجزئية حساسة بإعتبارها تمسّ جدلية الوكلاء والحواشي ، والتي تثار باستمرار عند نقد الشأن المرجعي ، ويستغلّها البعض للتشكيك بمصداقية ذلك الموقع المهم في الكيان الشيعي. ▪️من الطبيعي أن يتولى الوكلاء الشؤون الإدارية والمالية نيابةً عن المرجع .. – أما إتخاذ قراراتٍ مصيريةٍ تمس حياة العباد ومستقبل الأمة والبلاد – فهو مما ينبغي التصدي له بشكل مباشر وبحضورٍٍ ميداني – بلا وسطاء.

6 – مع إشتداد التحديات التي تواجه الأمة، تبرز ضرورة التقارب بين الزعامات المتصدية، وتوحيد مساراتها ضمن رؤيةٍ جامعة – فيما يخص القضايا المصيرية – لا الأمور الجزئية. – كثيرا ما يكسو الجليد وجه العلاقة بين زعماء الأمة ، ويلعب الأعداء على وتر الإختلافات الفكرية والنظرية كي يعمقوا الفجوة . .. مما يتطلب منا الالتفاتَ لهدف الأعداء والسعيَ لإحباطِه . ولا سبيل غير تمتين الصلة ومواجهة التحديات معاً ، وتوسيعِ مدى الرؤية خارج الأطر النمطية – كي تُرسم المواقفُ المصيريةُ على أساس المصالح العليا – لا مساحات النفوذ .

٦ -٩ -٢٠٢٢

المعمار كتابات في الشأن العراقي – الشيعي

الجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات

اترك تعليقاً