الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / اعتقال “الصميدعي” في تركيا يثير الشكوك حول هوية الزعيم الحقيقي لداعش

اعتقال “الصميدعي” في تركيا يثير الشكوك حول هوية الزعيم الحقيقي لداعش

السيمر / فيينا / الأربعاء 14 . 09 . 2022 —— سلط إعلان الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان اعتقال القيادي البارز في “داعش”، “بشار خطاب غزال الصميدعي” الضوء على الهوية الحقيقية لزعيم التنظيم الإرهابي، لاسيما أن الأخير، والذي يلقب بـ”حجي زيد” كان من بين الشخصيات “الأكثر احتمالا” لتولي هذا المنصب، خلفا لـ”أبو إبراهيم القرشي”، بعد مقتله في إدلب، بعملية أميركية.

وحسب إردوغان، فإن “الصميدعي” يعتبر من القياديين الكبار في “داعش”، فيما تضمنت إفاداته بعد اعتقاله من وحدات المخابرات والأمن التابعة لشرطة إسطنبول أنه تولى منصب فيما يسمى “القضاء ووزارة التربية والعدل داخل التنظيم”.

وأردف الرئيس التركي: “ومنذ زمن طويل جرت متابعة ارتباطاته في سوريا وإسطنبول، وتم الوصول إلى معلومات استخباراتية حول نيته دخول تركيا بطرق غير شرعية. بفضل عملية ناجحة للأمن والاستخبارات تم إلقاء القبض عليه، حيث أوضح للأمن في إسطنبول أنه يحمل بطاقة شخصية مزورة، وأجرى تغيرات على شكله”.

وذكر موقع التلفزيون الحكومي الرسمي “TRT”، يوم الجمعة، أن “الصميدعي” عُلم أنه “مكث في تركيا لمدة 6-7 أشهر بمفرده، وفي منزل في حي أيازاغا بمنطقة سراير في إسطنبول”.

ونقل الموقع عن مصادر أمنية أن “حجي زيد أو الأستاذ زيد كان يوجه جميع الأعمال المتعلقة بالقضايا الدينية في تنظيم داعش، بينما كان مدرسا للزعيم الأول أبو بكر البغدادي”.

وأضافت صحيفة “صباح” المقربة من الحكومة أن السلطات التركية تابعت علاقات “الصميدعي في سوريا وإسطنبول لفترة طويلة، إلى أن تم الحصول على معلومات استخباراتية تفيد بأنه سيدخل إلى تركيا بشكل غير قانوني”.

وذكرت الصحيفة نقلا عن مصادر أيضا أن “القيادي المعتقل” يوصف بأنه “العقل الإيديولوجي لتنظيم داعش الإرهابي، وأنه وفي أثناء عملية الاعتقال “تم العثور عليه وهو يحاول التمويه بشعر مستعار ونظارات”.

“بين الصميدعي والبدري”

وبعد مقتل الزعيم السابق لداعش “أبو إبراهيم القرشي” بعملية نفذتها الولايات المتحدة الأميركية في شمال غربي سوريا سادت الكثير من الشكوك والتساؤلات حول من هو الاسم الذي خلفه؟

ورغم أن “داعش” أعلن بالفعل بعد قرابة شهر اسم زعيمه الجديد، إلا أنه لم ينشر أي صورة له، مكتفيا بالقول إنه “أبو الحسن الهاشمي القرشي”.

وبينما بقيت هوية “الخليفة الجديد” غامضة ضمن إطار اللقب “أبو الحسن” فقط، نشرت وكالة “رويترز” تقريرا، في 11 من شهر مارس، نقلت فيه عن مسؤولين أمنيين عراقيين أن الزعيم الجديد هو “جمعة البدري” الشقيق الأكبر لـ”البغدادي”.

لكن وفي مقابل هذه الرواية رجّح خبراء في شؤون الجماعات المتشددة، في ذلك الوقت، أن “الصميدعي” هو الاسم الأكثر احتمالا لخلافة “أبو إبراهيم”. وذلك ما يرتبط بعدة اعتبارات.

وكان موقع إخباري تركي ووكالة “بلومبيرغ” قد كشفا، في نهاية مايو الماضي، أن السلطات التركية اعتقلت “أمير تنظيم داعش أبو الحسن الهاشمي القرشي دون تسميته بالاسم”، فيما نُشرت أيضا صورة معروفة أنها صورة “الصميدعي”.

ولم تعلن تركيا حينذاك رسميا عن أي تفاصيل، إلى أن جاء الإعلان من جانب إردوغان، بعد ثلاثة أشهر ونصف من “التسريبات الأولى”.

وأضاف إردوغان متحدثا للصحفيين أثناء عودته من زيارة إلى البلقان، بحسب وكالة “الأناضول، قوله إن “الإرهابي بشار خطاب غزال الصميدعي، الملقب بحجي زيد أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في داعش، قد تم القبض عليه في تركيا”. 

ولا يوجد أي تأكيد من تنظيم “داعش” على أن “الصميدعي” هو “خليفة أبو إبراهيم القرشي” الذي قتل في فبراير الماضي.

لكن في ذات الوقت، حسب رئيس قسم الدراسات الأمنية في مركز العراق للدراسات الاستشرافية، رائد الحامد فإن “آليات اختيار خليفة جديد ومؤهلاته ومواصفاته تجعل مسألة ترجيح أن يكون الخليفة شخصا آخرا غير الصميدعي مسألة فيها مجازفة كبيرة”.

وتفرض هذه “المجازفة” على من يتبناها “تسمية الشخص البديل الذي يتمتع بالأهلية البدنية والعقلية، والأهلية الشرعية إضافة إلى الانتساب إلى قريش، فمن يكون؟”.

ويضيف الحامد لموقع “الحرة”: “لا أحد غير الصميدعي مؤهل لخلافة أبو إبراهيم القرشي أو حجي عبد الله قرداش”.

ولذلك، فإن “عدم اعتراف حجي زيد أثناء التحقيقات الأولية بأنه الأمير، وأنه شغل مناصب في القضاء والتعليم لا يعني أن خليفة التنظيم هو شخص آخر، مثل جمعة عواد البدري”.

ومن المعروف، وفق الباحث أن “البدري لا يمتلك ما يكفي من العلم الشرعي، ولم يسبق له أن تبوأ مناصب قيادية، ولم يكن من قياديي الصف الأول، بل حتى الثاني”.

وكانت معظم مهامه طيلة سنوات من ملازمته شقيقه “البغدادي”، وصولا إلى أمور ذات صلة بالجانب الاجتماعي وعائلية، وأمور أخرى لها طابع مالي على نطاق محدود، مثل ما يعرف باسم “الكفالات” لعوائل قتلى أو معتقلي “داعش”.

ويتوقع الحامد أن “يلتزم تنظيم الدولة الصمت إزاء ما نشرته وسائل الإعلام التركية، خاصة أن الجانب الذي يرى التنظيم فيه مخرجا مهما هو أن تركيا التي أعلنت اسم الصميدعي وقالت إنها اعتقلته لم تعلن أنه أمير التنظيم الجديد. إنما مجرد أبرز القياديين المهمين”.

من هو “الصميدعي”؟

عُرف “الصميدعي” بعدة أسماء مستعارة أبرزها “حجي زيد”، وكذلك “أبو خطاب العراقي”، “أبو المعز العراقي”.

وهو أحد قيادات “جماعة أنصار الإسلام”، قبل أن يلتحق في عام 2013 بتنظيم داعش المعروف آنذاك “دولة العراق الإسلامية”، أي قبل إعلان “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، في أبريل 2013.

ينحدر من مدينة الموصل العراقية، وهو من مواليد 1975.

وكان قد غادر العراق إلى سوريا عام 2016، قبل معارك تحرير الموصل، ليستقر حسب ما ورد مؤخرا عنه في مدينة الرقة.

ويوضح الباحث رائد الحامد أن “الصميدعي من المقربين لأمير التنظيم المقتول أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، الذي سعى للإفراج عنه بعد اعتقاله في عهد أبو بكر البغدادي لعدة أشهر في مدينة الرقة”.

وكان قد شغل منصب “أمير ديوان القضاء والمظالم، وعضوا في اللجنة المفوضة في التنظيم بين عامي 2014 و2016”.

ويضيف الحامد: “هو أحد المساهمين أيضا في كتابة ما عرف بالمنهج الحازمي لداعش، وفي تأصيل التكفير بمنهج التنظيم”.

وقد أسندت إلى الصميدعي أدوار حيويّة داخل “داعش” بعد انضمامه إليه مباشرة، و”هذا يدل على الثقة الراسخة التي سبقت عضويته”، حسب تقرير نشرته مجلة “نيولاينز”، في 16 من فبراير 2022.

وجاء في التقرير أن الصميدعي كان له دور طويل كمنظر جهادي في الموصل، على مقربة من معقل البغدادي في ذلك الوقت، بالإضافة إلى بعض الاتصالات القديمة التي حافظ عليها، حيث كان “يخطب في مركز ديني في باب الجديد يدعى إمام المتقين، وتخرَّج منه عدد كبير من دعاة وقضاة تنظيم الدولة”.

وأضافت المجلة: “يعد الصميدعي من بين القادة القلائل من العيار الثقيل المتبقين داخل التنظيم، ما يجعله مرشحا، إما ليكون قائد تنظيم الدولة التالي أو أحد أقوى قادته”.

كما كان “واحدا من ثلّة من القادة المقرّبين من الزعيمين السابقين للتنظيم قبل سنوات من إقامة الخلافة في سنة 2014. والأهم من ذلك، أنه من المشاركين الجدد نسبيا في التنظيم والعنصر الأعلى رتبة”.

“من يقود داعش”؟

في غضون ذلك يؤكد الباحث في شؤون الجماعات المتشددة، حسن أبو هنية أنه لا يوجد شيء مثبت حول موقع “بشار الصميدعي” داخل تنظيم “داعش”.

وهناك ترجيحات وتسريبات تشير إلى أنه تولى “الخلافة بعد قرداش”، لكن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعلن عن الاسم الحقيقي حتى الآن، على عكس ما حصل بعد فترة مقتل “البغدادي”.

يقول أبو هنية لموقع “الحرة”: “بالنسبة للقائد الجديد (أبو الحسن الهاشمي) هناك فقط توقعات. بشار الصميدعي كان مرشحا نظرا لقضية القرشي، وقضية قِدمه ومعرفته بالعلم الشرعي ومعرفته بالتنظيم”.
وكان هناك أسماء أخرى متداولة أيضا، مقل شقيق البغدادي “جمعة البدري”، كما كشفت “رويترز”، مؤخرا.

لكن بيان الجانب التركي ركزّ على القول إن “الصميدعي” قياديا كبيرا، فيما تطرق إلى النص الذي تصفه به الأمم المتحدة. 

ويضيف الباحث: “من الواضح من إعلان إردوغان والتحقيقات التركية أن الصميدعي ليس هو الزعيم. لكن هذا الأمر يضيء أكثر على قيادة داعش من جديد”.

وما يعزز ذلك أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تضع “الصميدعي” أيضا على قائمة المكافآت، ولم تؤكد من جانب آخر أنه “هو من يتولى منصب الزعيم”.

وكل ما سبق “يدخلنا”، حسب أبوهنية “في دائرة تكهنات والتباس حول من هو أبو الحسن الهاشمي وأين يقيم؟”.

الباحث في شؤون الجماعات المتشددة، محمد صفر يشير كذلك إلى ما سبق، ويبدو له حسب ما يقول أن “الصميدعي كان مرشحا لخلافة قرداش، لكن ربما إلقاء القبض عليه حال دون هذا الإعلان”.

ويقول صفر لموقع “الحرة”: “هو أحد المرشحين ولا أعتقد أنه زعيم داعش الحالي”، معتبرا أن السلطات التركية أجلت إعلان القبض عليه من شهر مايو إلى الآن، “من أجل التحقق عما إذا كان الزعيم أم مجرد قيادي”.

********

هل الصميدعي هو زعيم داعش ؟

وفق وكالة الأناضول التركية، فقد ورد اسم بشار خطاب غزال الصميدعي، المشارك في قيادة التنظيم ضمن التقرير الثلاثين لمجلس الأمن الصادر في 11 يوليو 2022، وجاء في التقرير أنه “في 3 فبراير الماضي، قتل زعيم داعش أمير محمد عبد الرحمن المولى الصلبي في عملية قادتها الولايات المتحدة في أطمة السورية بالقرب من الحدود التركية”.

وتابع التقرير أنه في 10 مارس الماضي، اعترف التنظيم بوفاة الصلبي وأن أبو الحسن الهاشمي القرشي سيحل محله، وفي حين لم يتم تحديد هوية القرشي بعد، لكن يرجح أن هذا الشخص هو العراقي بشار خطاب غزال الصميدعي.

مصدر أمني تركي يعلن اعتقال زعيم داعش الجديد

وفيما يسود جدل حول مدى صحة المعلومات التي تشير لكون الصميدعي ربما يكون هو زعيم داعش المكنى أبو الحسن القرشي، يرى خبراء في شؤون الجماعات الإرهابية أن التحقيقات الأولية معه وفق وسائل الإعلام التركية تشير لعكس ذلك.

ويقول الخبراء إن الصميدعي هو بلا شك أحد قيادات الصف الأول الداعشي، بغض النظر عما إذا كان هو فعلا زعيم التنظيم الحالي أم لا.

بدايات نشاطه الإرهابي

يقول د رائد العزاوي، رئيس مركز الأمصار للدراسات الاستراتيجية، في لقاء مع موقع “سكاي نيوز عربية”، “الصميدعي عراقي ويعرف كذلك بأبو خطاب العراقي وبأبو المعز، انتماؤه الأول للمنظمات الإرهابية كان لجماعة أنصار الإسلام التي تشكلت بالعراق في عام 2001، وكانت تضم مجموعات مقاتلين هربوا من أفغانستان بعد الهجوم الأميركي عليها إثر أحداث 11 سبتمير”.

مرحلة الزرقاوي

وتابع العزاوي أنه “بعد ذلك، التحق بجماعة أبو مصعب الزرقاوي وكان مسؤولا عن عمليات عسكرية مهمة لتنظيمه، وعمل كبير قضاة بجماعة الزرقاوي، وفي المدة من 2003 ولغاية 2009 لعب دورا بارزا في التنظيم الإرهابي”.

الانضمام لداعش

واستطرد “في عام 2014 ومع سيطرة تنظيم داعش على مساحات واسعة من العراق وسوريا، انضم لأبو بكر البغدادي زعيم التنظيم، والذي كان على معرفة سابقة به، وعينه كبير قضاة الموصل، ومع انهيار داعش وتحرير الموصل، هرب لسوريا حيث بقي قياديا بارزا لداعش هناك وأصبح مسؤولا عن عمليات الإعدام بالتنظيم، وهو منصب مهم جدا في داعش، علاوة على عضويته فيما يسمى مجلس شورى المجاهدين”.

3 محاولات اغتيال فاشلة

يكشف الخبير العراقي في شؤون الجماعات المتشددة عن “تعرض الصميدعي لثلاث محاولات اغتيال بعد عام 2017 إحداها تمت في مدينة الرقة السورية، والتي نفذتها قوات خاصة عراقية لكنه نجا”.

ما بعد البغدادي

وأوضح الباحث أن “المتغير الأهم في حياة الصميدعي تمثل في مقتل البغدادي حيث كان ضمن اللجنة القيادية العليا التي تشكلت في عام 2016 للتنظيم، لكنه فشل في اقناعها بأن يكون قائد التنظيم الجديد، فرغم كونه من مقربي البغدادي، كان أبو إبراهيم القرشي هو الذي حل محل البغدادي لأنه الأكثر قربا، وبالتالي أكثر قوة داخل التنظيم من الصميدعي”.

جرائمه وصلت لليبيا

يقول الخبير إن”الصميدعي شخصية إجرامية شرسة، فبحكم كونه كبير قضاة داعش أشرف على تنفيذ عمليات قتل كبيرة للعراقيين بالموصل على وجه الخصوص، كما نفذ عملية قتل مجموعة من قوات البيشمركة الكردية عبر حجزهم في أقفاص وإغراقهم بالمياه، وهو ممن دعوا لقتل الأقباط، حيث نفذ التنظيم عمليات إرهابية بحقهم في ليبيا بمنطقة سرت في عام 2015، فهو من أصدر الفتوى بذلك لدواعش ليبيا”.

إحدى أسره في مخيم الهول

يضيف العزاوي :”تزوج الصميدعي 4 مرات ولا يعلم أين هم أولاده وزوجاته الآن، باستثناء إحدى أسره الموجودة في مخيم الهول بشرق سوريا”.

دور عراقي

يشرح الخبير العراقي في شؤون الجماعات المتطرفة أن”العملية تمت أساسا وفق معلومات قدمتها المخابرات العراقية لنظيرتها التركية، وكشفت دخوله تركيا التي يتواجد فيها منذ نحو عامين متنقلا في المناطق الجنوبية من البلاد كشانلي أورفة وغازي عنتاب، حيث استدلت المخابرات العراقية على المعلومات حول مكان وجوده بتركيا من أحد عناصر داعش من المقربين منه وممن عملوا معه، والذي تم اعتقاله بالموصل”.

وكان تنظيم داعش قد أعلن عن زعيمه الجديد، أبو الحسن الهاشمي القرشي، في شهر مارس الماضي، من خلال رسالة صوتية مسجلة نشرت عبر الإنترنت، وذلك بعد أسابيع من مقتل زعيمه أبو إبراهيم القرشي، الذي خلف أبو بكر البغدادي في عام 2019.

المصدر / الحرة +سكاي نيوز

اترك تعليقاً