السيمر / فيينا /السبت 22 . 10 . 2022
سليم الحسني
تُشجّع أوضاع العراق وطريقة سير العملية السياسية، على المضي في المنهج الخطأ. إن قادة الكتل يدركون أخطاءهم جيداً، لكنهم يجدون أنفسهم غير مضطرين للتراجع أو التصحيح.
فمثلاً عندما قام مسعود بارزاني بالاستفتاء على الانفصال، واجه انتقادات شديدة محلية ودولية، لكنه لم يعترف بخطأ الفكرة، ولم يتراجع عنها. لقد ظل يعيشها حتى الآن وينتظر فرصة ثانية لتكرارها. كما أن الذين شاركوا في الاستفتاء وأثنوا عليه واعتبروه خطوة تاريخية، لا يجدون أنفسهم قد وقعوا في الخطأ. فالدكتور برهم صالح بعد مشاركته في الاستفتاء وتصريحاته الحماسية في تأييد خطوة البرزاني حصل على منصب رئيس الجمهورية.
ومسعود البرزاني رغم إصراره على الانفصال وعلاقاته المفتوحة مع إسرائيل، لا يشعر بأنه يواجه أدنى درجات الإحراج من ذلك، وهو يدرك جيداً أن القضاء لن يحاسبه على ما يقوم به، بل أنه يدرك جيداً بأن الكتل السنية والشيعية ستأتي إليه تطلب منه التحالف، وهذا ما فعله التيار الصدري ومن بعده الإطار التنسيقي.
لقد اختفت قضية الاستفتاء وسرقة النفط والمنافذ الحدودية والعلاقات مع إسرائيل ومقرات الموساد ومساعي التطبيع من حسابات القادة السياسيين، وسارعوا اليه يطلبون ودّه للاستقواء في معاركهم مع بعضهم البعض. وكان بمقدور مسعود البرزاني أن يفرض عليهم مرشحه الأول ريبر برزاني لو أصر على ذلك، لكنه يبدو أشفق عليهم أو حصل على تنازلات أهم اقنعته في الموافقة على مرشح آخر.
ومع الخلل الفادح في هذا التنازل، فان القادة الذين وقّعوا الاتفاق مع مسعود برزاني وهم فالح الفياض ونوري المالكي لا يشعران بأي حرج. ولِمَ الشعور بالحرج إذا كان السيد مقتدى الصدر قد سبقهما الى ذلك. وما الداعي للتردد إذا كانا سيجلسان مع بقية القيادات للحصول على مكاسب تشكيل الحكومة في الحصول على الوزارات والمناصب المهمة.
العملية السياسية في العراق تجري على أساس الحفاظ على الفشل، ولا يحق لأي مسؤول أن يتصرف خلاف ذلك. له الحق فقط في رفع الشعارات الى أعلى مستوى يرغب فيه، شريطة أن لا يصل الأمر الى تغيير ما هو قائم.
دورة بعد دورة، وحكومة بعد حكومة، والحال نفسه يسير بخطوات ثابتة نحو المزيد من التدهور والتراجع.
ربما يقول البعض هذه نظرة متشائمة. جوابي على ذلك: لقد سمعتُ ذلك منذ أكثر من عقد ونصف عندما بدأتُ أكتب في نقد العملية السياسية واشخاصها، هل حدث غير التراجع؟ هذه واقعية وليست تشاؤماً.
٢١ تشرين الأول ٢٠٢٢