يجري الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره السوري بشار الأسد محادثات في موسكو، اليوم الأربعاء 15 مارس/آذار، يتبادل الرئيسان خلالها الآراء حول مجموعة واسعة من القضايا الثنائية والدولية.
قال الرئيس الروسي خلال لقائه مع الأسد إن حجم التجارة بين روسيا وسوريا آخذ في الازدياد، حيث بلغ النمو العام الماضي 7٪.
“عزيزي السيد الرئيس، أنا سعيد جداً برؤيتكم في موسكو، أشكركم على تلبية دعوتنا. نحن على اتصال دائم وتشهد العلاقات بين بلدينا تطورا، بما في ذلك في المجال الاقتصادي. خلال العام الماضي، سُجلت زيادة بنسبة 7 في المائة في التجارة”.
وأشار بوتين إلى أنه في العام المقبل يصادف الذكرى الثمانين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
“أقترح تنفيذ عملنا اليوم على مرحلتين: في المرحلة الأولى، سنقوم بها مع زملائنا من كلا الجانبين، وبعد ذلك سنحظى بفرصة التحدث وجهًا لوجه أثناء غداء العمل. هذه فرص لمناقشة كل الموضوعات الأكثر أهمية تقريبا في تعاوننا”.
وأشار بوتين إلى أن “الشعب السوري واجه مشكلة أخرى جدية للغاية، بتعرضه لكارثة، لزلزال. هذا بالطبع، يفاقم الوضع. نحن كأصدقاء حقيقيين نحاول دعمكم، كما تعلمون، عملت وحداتنا هنا أيضًا من خلال وزارة الطوارئ ، كما يساهم ممثلو القوات المسلحة الموجودة في سوريا في مكافحة تداعيات الزلزال”.
“بفضل جهودنا المشتركة والمساهمة الحاسمة للقوات المسلحة الروسية في سوريا، تم تحقيق نتائج مهمة في مكافحة الإرهاب. وهذا يجعل من الممكن استقرار الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الداخلي”.
وبدوره، أعرب الرئيس السوري عن دعمه لموسكو في العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا.
“أريد أن أغتنم اللحظة لأن هذه هي زيارتي الأولى بعد العملية الخاصة، وأكرر الموقف السوري الداعم للعملية الخاصة”.
وشارك في المحادثات عن الجانب الروسي وزراء الدفاع، سيرغي شويغو، والخارجية، سيرغي لافروف، والمالية، انطون سيلوانوف، والإعمار والإسكان ايريك فايزولين، ومساعد الرئيس للشؤون الدولية، يوري أوشاكوف.
ووصل الرئيس السوري بشار الأسد، أمس الثلاثاء، إلى موسكو في زيارة رسمية لروسيا الاتحادية يجري خلالها محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وجرت مراسم الاستقبال الرسمية للرئيس الأسد في مطار ڤنوكوڤا الدولي في موسكو حسب البروتوكول الروسي المعمول به باستقبال الرؤساء، حيث كان في استقباله، ميخائيل بوغدانوف ممثلاً خاصاً للرئيس بوتين، ونائب وزير الخارجية، وألكسندر يفيموف سفير روسيا لدى دمشق، والدكتور بشار الجعفري سفير سوريا لدى موسكو، وعُزف النشيدان الوطنيان السوري والروسي كما استعرض الرئيس الأسد حرس الشرف، ويرافق الرئيس السوري في زيارته وفد وزاري كبير.
موسكو ودمشق… علاقات قديمة وتعاون جديد
وبدأت العلاقات الدبلوماسية بين الاتحاد السوفياتي وسوريا في يوليو/ تموز عام 1944، وتستند في القوت الحالي إلى معاهدة الصداقة والتعاون السوفيتية السورية الأساسية المؤرخة في 8 أكتوبر / تشرين الأول 1980، واتخذت العلاقات تقليديا الشكل الودي.
وتحولت الأزمة السياسية الداخلية في سوريا، التي بدأت في أعقاب ما يسمى بـ”الربيع العربي” في مارس / آذار عام 2011، إلى مواجهة مسلحة، حيث اتخذت بعض المجموعات المعارضة نهجا إرهابيا متطرفا، وتجاوزت تهديدات بعض الإرهابيين حدود البلاد ووصلت إلى منطقة الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا.
وفي 30 سبتمبر/ أيلول عام 2015، أعلن رئيس ديوان الكرملين، سيرغي إيفانوف، أن الأسد طلب مساعدة عسكرية من روسيا.
وقدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مقترحا إلى مجلس الاتحاد لاعتماد قرار بشأن الموافقة على استخدام وحدة القوات المسلحة الروسية في الخارج، حيث أيد مجلس الاتحاد المقترح بالإجماع.
وأعلن أن الهدف العسكري للعملية هو تقديم دعم جوي لقوات الحكومة السورية في ردها على جماعة “داعش” الإرهابية (المحظورة في روسيا وعدد من دول العالم).
وفي 6 ديسمبر/ كانون الأول عام 2017 أعلن بوتين تحقيق هزيمة كاملة لتنظيم “داعش” الإرهابي على ضفتي نهر الفرات في سوريا. استمرت المرحلة النشطة من العملية العسكرية للقوات المسلحة لروسيا الاتحادية في سوريا حتى 11 ديسمبر / كانون الأول عام 2017.
وفي الوقت الحالي، تم الانتهاء من الأعمال العسكرية النشطة على نطاق واسع في سوريا، وتم بالفعل سحب معظم وحدات الجيش الروسي من البلاد، لكن جزءًا من القوات لا يزال في البلاد إلى أجل غير مسمى لمحاربة الإرهابيين، حيث شارك في العملية أكثر من 63 ألف عسكري روسي منذ عام 2015، وقتل أكثر من 100 أشخاص.
وكانت الزيارة الرسمية الأولى للرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف إلى الجمهورية العربية السورية بتاريخ 10-11 مايو / أيار عام 2010.
وفي 11 ديسمبر / كانون الأول 2017، التقى بوتين والأسد، في قاعدة حميميم الجوية، بعناصر الجيشين الروسي والسوري الذي شارك في عملية مكافحة الإرهاب في سوريا.
وفي 7 يناير / كانون الثاني 2020، زار بوتين دمشق لأول مرة، وزار مع الأسد مركز قيادة القوات المسلحة الروسية، حيث استمع الزعيمان إلى تقارير من الجيش. في وقت لاحق، جرت مفاوضات ثنائية، ثم قام الرؤساء بجولة في الجامع الأموي، وزار بوتين كنيسة السيدة مريم العذراء الأرثوذكسية، حيث تحدث مع البطريرك يوحنا العاشر بطريرك أنطاكية وسائر المشرق.
وعلى مدى السنوات الماضية، زار الأسد روسيا مرارا في زيارات عمل، في أكتوبر / تشرين الأول عام 2015. ونوفمبر/ تشرين الثاني عام 2017 ومايو / أيار عام 2018 وسبتمبر / أيلول عام 2021.
ويتواصل الرئيسان الروسي والسوري بانتظام عبر الهاتف، حيث جرت آخر محادثة في 6 فبراير/ شباط عام 2023. وفي عام 2022، أعربت دمشق عن دعمها الكامل للعملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا.
ويتركز التفاعل السياسي مؤخرا بشكل أساسي على مناقشة الوضع الداخلي في سوريا وحولها ومشاكل التسوية بين الأطراف السورية.
وتعمل روسيا، إلى جانب تركيا وإيران، كضامن للهدنة في سوريا. بدأت الدول بمباحثات “أستانا” وعقدت عدة جولات من المفاوضات، وكنتيجة لها تم إنشاء مناطق خفض التصعيد المؤقت وتعمل لضمان وقف إطلاق النار المستدام، وتحسين الوضع الإنساني، والبدء في استعادة البنية التحتية الاجتماعية والاقتصادية المدمرة.
وعقدت آخر جولة من مفاوضات “أستانا” في الفترة الممتدة من 22 إلى 23 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2022، وعقدت آخر مفاوضات بصيغة “أستانا” في مدينة أستانا بكازاخستان. وحضرت الجولة التاسعة عشرة من المشاورات بين وفود من الدول الضامنة وممثلون عن الحكومة السورية والمعارضة والأمم المتحدة، واتفق الطرفان على عقد الاجتماع الدولي العشرين بشأن سوريا في أستانا في النصف الأول من عام 2023.
ومنذ بداية الأزمة في سوريا، زار نائب رئيس مجلس الوزراء الراحل، وزير الخارجية السوري السابق، وليد المعلم، روسيا عدة مرات. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2020، عين فيصل المقداد وزيرا للخارجية السورية، والذي شغل سابقًا منصب النائب الأول للوزير، وقام بأول زيارة عمل إلى موسكو في ديسمبر / كانون الأول عام 2020 كوزير، و17 ديسمبر / كانون الأول 2020 التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.
في الفترة من 19 إلى 22 فبراير/ شباط عام 2022، زار المقداد روسيا مرة أخرى. وفي 21 فبراير/شباط، أجرى لافروف والمقداد محادثات مكثفة حول القضايا الدولية والثنائية. وفي 23 أغسطس/ آب، زار المقداد موسكو مرة أخرى، وأجرى محادثات مع لافروف.
المصدر / سبوتنيك