فيينا / السبت 20. 04 . 2024
وكالة السيمر الاخبارية
رسالة كتبها مسيحي لبناني للبطريرك “مار بشارة بطرس الراعى” الذي دعا الى حيادية لبنان في الصراعات الإقليمية، مؤيدا التدخل الدولي لحل الازمة اللبنانية، كما دعا لنزع سلاح المقاومة واصفا إياه ب “غير الشرعي”.
وهي دعوات وإن بدت عقلانية وحكيمة ، لكنها في الواقع تنسجم تمام الإنسجام مع الرؤية الغربية للبنان، والتي تريد تطويعه ثقافيا وسياسيا، وصولا الى التطبيع مع الكيان.
▪️يتوصل كاتب الرسالة إلى النتائج التالية :
1- لا حيادَ بين الحق والباطل.
2- الأديان لم تدعُ يوماً للحياد ، بل دعت لأن يكون للمؤمن موقف مبدئي واضح تجاه الظالمين والمفسدين.
3- أن إقحام مفهوم “الحياد” في الأطاريح الدينية الحديثة ليس له منشأ ديني، بل نشأ من محاولات تسييس الدين.
▪️وهذه مقتطفات من رسالته :
(( ارجو المعذرة يا أبتى إن خانتنى العبارة ، فلم يسبق لى أن خاطبت رجل دين فى مثل قدرك ، ولا أعرف كيف يخاطب المتدينون الكلاسيكيون الرؤساء الدينيين .. فأنا متدين رومانسى ، يؤمن بالمحبة ، والسلام القائم على العدل. ويؤمن بأن الأديان إنما نزلت لمناهضة الظلم ، ظلم الإنسان لذاته ، وظلم الإنسان للإنسان (…)
حديثكم عن “الحياد” يا أبتى أصابنى بالحيرة.
فإن كان طرحكم لحياد لبنان من منطلق دينى ، فإن الأديان جميعها لم تعرف الحياد بين الذئاب والحملان ، بين القوي المغتر بقوته ، والضعيف الذى لا يملك سوى قوة الحق .
الرب ذاته ليس محايدا فى مواجهة الظلم والجبروت .
أما إن كان طرحكم لفكرة الحياد طرحا سياسيا ، فأخلع يا أبتى ثياب الكهنوتية ، لأنه لا يليق تحميل الدين – اى دين – مثالب السياسة وبرجماتيتها .
فالحياد بالنسبة للبنان كموقع ، وموضع ، وتاريخ ، هو نوع من عمى الألوان ، وحاشا للبنان أن يكون اعمى .
والحياد للبنان معناه الا فرق بين سوريا وزيمبابوى ، وبين العراق وكوستاريكا ، وبين مصر وبنما .
والحياد حسبما تطرح غبطتك هى فكرة عنصرية ، ورغبة عنصرية ، وشعور عنصرى ، فلبنان ليس على رأسه ريشة ليقرر الإنسلاخ من محيطه الذى لولاه …لما كان … ولن يكون .
فلبنان يا غبطة البطريرك ليس قطعة من المريخ او الزهرة او المشترى ، انشطرت فى ظرف كونى بالغ الدقة ، وتستوطنه كائنات فضائية تستنكف ان تكون جزء من هذه المنطقة بأوجاعها وآلامها . (….)
حيادك يا غبطة البطريرك هو سايكس بيكو جديدة بكيفية جديدة ، إنسلاخ كيفى وإنشاء كيان منشغل بالرقص والغناء وآخر صيحات الموضة والتزحلق على الجليد ..كيان مفتوح على مصراعيه لقراصنة الارض ، وجواسيس الأرض ، وعملاء الأرض)).
– انتهى الاقتباس.
▪️و في العراق شهدنا توجها مماثلا -غير مسبوق- لإدخال الحياد في الموقف وفي الخطاب الديني.
وقد ابتدأ من المساواة بين الأطراف المحلية المختلفة – رغم تباينها في العقيدة والاخلاص والوطنية
.. ثم الحياد بين الأطراف الخارجية المتفاوتة في مواقفها من العراق، بين اغلبية معادية تنطلق من أحقاد رجعية ومذهبية ، وأقلية مساندة
.. ليصل بعدها إلى الحياد الخطير بين المحتلّ الأمريكي (المصرّ على نقل الفساد والانحراف لمجتمعنا والذي يمارس القتل والتخريب) وبين قوى التحرر التي تحامي عن القيم وعن الوطن ، وتبذل الارواح لنيل الحرية والاستقلال.
▪️ليست وظيفتنا التفتيش عن أصول أطروحة الحياد الديني و عن نواياها ، لكن حبذا لو ينتبه مُتبنّوها إلى خطورتها على الدين نفسه ! ثم على مصير أمتنا ، ونحن نجتاز مخاضا صعبا ونواجه حربا كونيّة تستهدف وجودنا وثقافتنا.
١١ -٤ -٢٠٢٤
كتابات في الشأن العراقي – الشيعي