الرئيسية / مقالات / الامام الحسن كريم أهل البيت: مفهوم كريم في القرآن الكريم (ح 4)

الامام الحسن كريم أهل البيت: مفهوم كريم في القرآن الكريم (ح 4)

فيينا / الأربعاء 14. 08 . 2024

وكالة السيمر الاخبارية

د. فاضل حسن شريف
عن تفسير الميسر: قوله تعالى عن كريم “وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا” ﴿الإسراء 23﴾ قولا كريما: حسنا جميلا ليّنا. وأَمَر ربك أيها الإنسان وألزم وأوجب أن يفرد سبحانه وتعالى وحده بالعبادة، وأمر بالإحسان إلى الأب والأم، وبخاصة حالةُ الشيخوخة، فلا تضجر ولا تستثقل شيئًا تراه من أحدهما أو منهما، ولا تسمعهما قولا سيئًا، حتى ولا التأفيف الذي هو أدنى مراتب القول السيئ، ولا يصدر منك إليهما فعل قبيح، ولكن ارفق بهما، وقل لهما دائما قولا لينًا لطيفًا. قولح جل كرمه “لَّا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ” ﴿الواقعة 44﴾ كريم صفة،  لا كريم: لا نافع من أذى الحر. وأصحاب الشمال ما أسوأ حالهم جزاءهم في ريح حارة من حَرِّ نار جهنم تأخذ بأنفاسهم، وماء حار يغلي، وظلٍّ من دخان شديد السواد، لا بارد المنزل، ولا كريم المنظر.
وعن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله جل اسمه “إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ” ﴿الحاقة 40﴾ قال إنه قول الله على الحقيقة وإنما الملك وجبرائيل والرسول يحكون ذلك وإنما أسنده إليهم من حيث إن ما يسمع منهم كلامهم فلما كان حكاية كلام الله قيل هو كلام الله على الحقيقة في العرف قال الجبائي والرسول الكريم جبرائيل والكريم الجامع لخصال الخير “وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون” قول الشاعر ما ألفه بوزن وجعله مقفى وله معنى وقول الكاهن السجع وهو كلام متكلف يضم إلى معنى يشاكله طهره الله سبحانه من الشعر والكهانة وعصمه عنهما وإنما منعه سبحانه من الشعر ونزهه عنه لأن الغالب من حال الشعر أن يدعو إلى الهوى ويبعث على الشهوة والنبي صلى الله عليه وآله وسلّم إنما يأتي بالحكم التي يدعو إليها العقل للحاجة إلى العمل عليها والاهتداء بها وأيضا فإنه سبحانه منعه من قول الشعر دلالة على أن القرآن ليس بصفة الكلام المعتاد بين الناس وأنه ليس بشعر بل هو صنف من الكلام خارج عن الأنواع المعتادة وإذا بعد عما جرت به العادة في تأليف الكلام فذلك أدل على إعجازه. قوله علا شأنه “إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ” ﴿التكوير 19﴾ هذا جواب القسم أي أن القرآن قول رسول كريم على ربه وهو جبرائيل وهو كلام الله تعالى أنزله على لسانه أي سمعه محمد من جبرائيل ولم يقله من قبل نفسه عن الحسن وقتادة وقيل إنما أضافه إلى جبرائيل لأن الله تعالى قال لجبرائيل ائت محمدا صلى الله عليه وآله وسلّم وقل له كذا.
وعن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى عن كريم “الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ ۖ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ۚ أُولَـٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ ۖ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ” ﴿النور 26﴾. قوله عزا وعلا “خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ۖ وَأَلْقَىٰ فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ ۚ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ” ﴿لقمان 10﴾ إنّ الآية تبيّن أساس حياة كلّ الحيوانات وخاصّة الإنسان والذي يكوّنه الماء والنبات، فالكرة الأرضية تعتبر سماطاً واسعاً ذا أغذية متنوّعة يمتدّ في جميع أنحائها، ويصلح لكلّ نوع منها حسب خلقته، ممّا يدلّ على عظمة الخالق جلّ وعلا. وممّا يستحقّ الإنتباه هو أنّه في بيان خلق الأقسام الثلاثة الاُولى ذكرت الأفعال بصيغة الغائب، وحين وصل الأمر إلى نزول المطر ونمو النباتات أتت الأفعال بصيغة المتكلّم، فيقول: نحن أنزلنا من السماء ماءً، ونحن أنبتنا النباتات في الأرض. وهذا بنفسه أحد فنون الفصاحة، حيث إنّهم عندما يريدون ذكر اُمور مختلفة، فإنّهم يبيّنونها بشكلين أو أكثر، كي لا يشعر السامع بأيّ نوع من الضجر والرتابة، إضافةً إلى أنّ هذا التعبير يوضّح أنّ نزول المطر ونمو النبات كانا محطّ إهتمام خاصّ. ثمّ تشير هذه الآية مرّة اُخرى إلى مسألة (الزوجيّة في عالم النباتات) وهي أيضاً من معجزات القرآن العلميّة، لأنّ الزوجيّة أي وجود الذكر والاُنثى في عالم النباتات لم تكن ثابتة في ذلك الزمان بصورة واسعة، والقرآن كشف الستار عنها. ولزيادة التفصيل حول هذه المسألة يمكنكم مراجعة ذيل الآية (7) من سورة الشعراء. ثمّ إنّ وصف أزواج النباتات بـ “الكريم” إشارة ضمنية إلى أنواع المواهب الموجودة فيها.
جاء في موقع براثا عن سجية الكرم عند الإمام الحسن كريم أهل البيت عليهم السلام للدكتور محمد العبادي: ن عادات أهل البيت عليهم السلام في الإحسان والكرم متجذرة في ذات وجودهم المبارك (وعادتكم الإحسان وسجيتكم الكرم). إنّ سجية الكرم متأصلة فيهم عليهم السلام،وهي مأخوذة من عادات الأنبياء عليهم السلام، فقد كان إبراهيم عليه السلام عندما هبطت إليه الرسل بالبشرى ذبح لهما عجلاً سميناً: “فجاء بعجل حنيذ” (الذاريات 26) وأخذ بسلوكه وكرمه يقرّب لهما الطعام،ونبينا نبي الرحمة وصف الله تعالى بأنه “رسول كريم” (التكوير 19) وأهل بيته علي وفاطمة والحسن والحسين كانت أمعائهم خاوية،وباتوا طاوين على الجوع لثلاثة أيام يعللون أنفسهم بشربة ماء،وهم يؤثرون على أنفسهم ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً واسيراً بلا مِنّة تذكر يريدون وجه الله. نعم إنّهم (أصول الكرم)، وهل رأيتم فتى كالحسن عليه السلام في مقتبل عمره يجرّب العطش والجوع ثم يدفع مع أهله بطعامهم إلى ذلك المسكين أو الأسير واليتيم الذين قادتهم اقدامهم وما سمعوه من كرم أهل البيت للوقوف ببابهم؟ وهل رأيتم أحداً يغدق بعطائه على السائل ثم يستحي منه مخافة قلة العطاء؟ وهل جرّب أحدنا ان يتحمل سباب عدوه له ثم ينفق عليه عطاء غير مجذوذ؟. وهل سمعتم برجل ينفق كل ما في خزانته لمحتاج أو يبذل بذلاً سخياً فوق ما يتصوره السائل؟ في زمن الإمام الحسن عليه السلام اُنفقت الأموال لشراء الضمائر والذمم،وكسب الأعوان،بل قطعت الأرزاق عن بعض الناس، ثم صرفت تلك الأموال والعطايا في الباطل. إن الإمام الحسن عليه السلام كان يشاهد تلك  الفرحة التي تدخل على نفوس الناس بجزيل كرمه. إنّها سجايا الإمام الجامعة وانبساط نفسه الكريمة قد أَنِسَت بالعفو والرحمة والكرم مع الناس فكان حقاً وصدقاً ان يوصف بكريم أهل البيت عليهم السلام (سلاماً على روح السلام وصبره *على ترجمان ظلّ في الجدب مثمراً  إلى الحسن الدرّي في كلّ لحظة * رجاء فيا مولاي كن لي مُطهّرا).
عن موقع شفقنا العربي لماذا لقب الإمام الحسن عليه السلام بكريم أهل البيت؟ لماذا اختصّ هذا الإمام بهذا اللقب، وذاك بذاك اللقب، مع أنّهم جميعاً صادقون وباقرون وكاظمون و؟ فلعلّه ناظر إلى تلك الظروف التي كان يعيشها الإمام عليه السلام، فمثلاً الإمام الباقر عليه السلام كان يعيش في ظرف فسح له المجال لانتشار علم الأئمّة، فكأنّه أتى بجديد على الناس، ولم يسمعوا به بهذا التفصيل من ذي قبل، خاصّة من كثرة الوقائع وتوسّع المسائل، فعرف بالباقر لبقره وشقّه للعلم، وفتقه لمسائل العلم وتعمّقه فيها، وكشفه عن خفاياها وكنوزها. وهكذا الإمام الصادق عليه السلام، فإنّه عاش في ظرف كثر فيه العلماء، وانتشرت فيه العلوم، ممّا أدّى إلى اختلاط كبير بين الروايات والفتاوى الصادرة من بعض علماء المدارس والمذاهب الأُخرى، فاحتاجت الساحة العلمية إلى من يفرز الفكر الأصيل على مستوى الرواية عن غيرها، فتصدّى الإمام الصادق عليه السلام لهذا الدور بشكل مركّز، وباعتبار عظمة الثقة به، ولقدرة تمييزه الصحيح من غيره عرف بالصادق. إذاً لعلّ مثل هذه الظروف كان لها سهم كبير في ظهور هذه الصفة في هذا الإمام أكثر من ذلك، وإلاّ من حيث المبدأ كلّهم متساوون في هذه الصفات.

اترك تعليقاً