فيينا / الأربعاء 15 . 01 . 2024
وكالة السيمر الاخبارية
في الوقت الذي تنشغل فيه الأوساط الشعبية والسياسية بأزمة رواتب إقليم كردستان وتصاعد حدة التصريحات والاتهامات بين أربيل وبغداد حول تمويل الرواتب بالكامل، كشف النائب الكردي السابق كاوه محمد ،اليوم الأربعاء، بالأرقام كميات النفط المصدّر من الإقليم رغم إيقاف التصدير، محملا حكومة أربيل الجزء الأكبر من الأزمة.
وقال محمد في حديث تابعته “العالم الجديد”، إنه “بالرغم من قرار وقف تصدير النفط عبر ميناء جيهان، لكن الإقليم يبيع يوميا 300 ألف برميل من النفط، عبر الشاحنات، ولا أحد يعلم أين تذهب عائدات البيع، ولا تدخل ميزانية الإقليم”.
وكانت الحكومة العراقية قد وقّعت أبريل نيسان 2023 اتفاقية نفطية مع حكومة إقليم كردستان، نصّت على تصدير الإقليم 400 ألف برميل من النفط يوميًا عبر شركة النفط الوطنية “سومو”، وتسمية ممثل عن الإقليم فيها بمنصب معاون رئيس الشركة، وفتح حساب بنكي خاص بحكومة الإقليم تُحوَّل إليه واردات بيع النفط، على أن يخضع لرقابة ديوان الرقابة المالية الاتحادي.
وأضاف أنه “أيضا لا توجد شفافية في قضية إيرادات المنافذ الحدودية والإيرادات الداخلية، ولا يوجد إعلان لها، بالتالي فإن حكومة إقليم كردستان تتحمل الجزء الأكبر من مشكلة الرواتب التي يعاني منها الإقليم، كونها لا تعلن عن عائدات النفط، وعائدات المنافذ، ولا تمتلك شفافية في هذا الأمر”.
يشار إلى أن أكثر من (300 ألف) برميل من النفط يوميا في الإقليم، منها (200 ألف) برميل يتم نقلها إلى إيران وتركيا عبر الصهاريج والباقي يتم بيعه داخل الإقليم، وتقدر العائدات النفطية بنحو (340 مليون دولار) شهريا وأكثر من(4 مليارات دولار) في عام 2024، فيما تقدر الإيرادات اليومية وفق هذه الأسعار بنحو (11 مليون دولار) أمريكي، أي نحو ( 399 مليون دولار) شهريا، ويقدر إجمالي الإيرادات المتأتية من بيع النفط خلال عام 2024 بنحو (4 مليارات دولار) أمريكي بحلول نهاية عام 2024، بحسب تقارير صحفية.
ومنذ نحو 10 سنوات، لم تنجح الأطراف السياسية في بغداد وأربيل في حل الخلافات بين الجانبين والتي تسمى “الملفات العالقة” والتي تخص الموازنة وحصة الإقليم منها وملف رواتب الموظفين في إقليم كردستان ومصير المناطق المتنازع عليها وتسليح البيشمركة وغيرها من الملفات.
وحملت وزارة المالية الاتحادية، مؤخرا، حكومة إقليم كردستان، مسؤولية تأخير صرف رواتب الإقليم لعدم تطبيقه قرار توطين الرواتب، مؤكدة أنها “التزمت بارسال التمويلات الى حكومة الإقليم ولكافة الفئات (المتقاعدين، حماية اجتماعية، الموظفين المدني والعسكري) على الرغم من عدم التزام الاقليم بأرسال الايرادات غير النفطية التي اظهرتها موازين المراجعه والبالغة (4350) مليار دينار خلافا لماجاء بقرار المحكمة الاتحادية آنفة الذكر الفقرة (3) منه التي ألزمت حكومة الإقليم بتسليم الإيرادات غير النفطية”.
لترد بعدها وزارة مالية إقليم كردستان، يوم أمس الثلاثاء، على وزارة المالية الاتحادية، بشأن تمويل كامل رواتب الإقليم، وعدم تسليم 4 تريليونات من الإيرادات غير النفطية، حيث اشارت مالية كردستان ان حصة الإقليم المثبتة بالموازنة تبلغ 11.5 تريليون دينار، وما وصل للإقليم هو 10 تريليونات فقط وفقا لبيانات الحساب البنكي للوزارة في البنك المركزي العراقي فرع أربيل، كما أن الإيرادات غير النفطية البالغة 4 تريليونات هي لعام كامل، بينما الاتفاق مع بغداد هو أن يتم منح 50% من الإيرادات غير النفطية ومنذ شهر أيار.
يذكر أن رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، وصل الأحد الماضي إلى بغداد، وحضر اجتماع تحالف إدارة الدولة، في القصر الحكومي، برئاسة السوداني وحضور رئيس البرلمان محمود المشهداني، وبحسب البيان الصادر عن مكتب السوداني بعد نهاية الاجتماع، فإنه جرى التأكيد على عدم وجود موقف سياسي من ملف رواتب موظفي كردستان سوى القضايا الفنية.
جاء ذلك بعد تصاعد الخلافات بين بغداد وأربيل، حول تأخر رواتب موظفي إقليم كردستان رغم إعلان بغداد إرسالها مبلغ 441 مليار دينار، حتى وصل الأمر إلى تهديد المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان، بيشوا هورامي، في 8 كانون الثاني يناير الجاري، بالانسحاب من الحكومة الاتحادية، في حال لم تلتزم بصرف رواتب الموظفين بشكل منتظم.
ويعتبر ملف رواتب موظفي الإقليم أحد أبرز المشكلات العالقة بين أربيل وبغداد، حيث تؤكد الحكومة العراقية ضرورة تسليم أربيل نفطها إلى بغداد وأن يتم التصدير من خلالها، بينما ترفض حكومة كردستان ذلك، ما أدى الى قطع بغداد رواتب جزء كبير من موظفي الإقليم ودفعها إلى آخرين على شكل متقطع وغير منتظم منذ عام 2014، إلى أن توقفت المرتبات نهائياً في أكتوبر تشرين الأول 2017 مع تداعيات استفتاء الانفصال.
وكان مساعد رئيس مجلس وزراء إقليم كردستان للشؤون الاقتصادية والإدارية، ريباز حملان، اتهم، في 4 تشرين الأول أكتوبر 2024، حكومة بغداد باختلاق المبررات والأعذار مختلفة، لتأخير إرسال الرواتب”، لافتا إلى أن “وزارة المالية الاتحادية لديها بعض الملاحظات على قوائم الموظفين وخاصة نظام (البايومتري)، وعلى بعض الترفيعات في بعض الدوائر الحكومية في الاقليم”.
يشار إلى أن عضو ائتلاف إدارة الدولة عامر الفايز، أكد في تصريحات صحفية، أن تهديدات انسحاب الكتل الكردية من الحكومة الاتحادية، هي “كلام اعلامي شخصي”، مؤكدا أن رواتب الإقليم ما زالت ترسل من قبل الحكومة الاتحادية شهريا وبشكل مستمر حسب الاتفاق، لكن الإقليم هو الذي لم يسلم الـ250 ألف برميل الذي يصدره يوميا حسب الاتفاق، إلى بغداد.
وعاش الموظفون في الإقليم، أزمات متوالية طيلة السنوات الماضية، أدت إلى شلل تام في الأسواق نتيجة تأخر صرف الرواتب وتطبيق نظام الادخار الإجباري الذي مارسته حكومة إقليم كردستان لسنوات عدة، بعد اعتماد رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي سياسة “التقشف”، بالإضافة إلى الخلافات المالية بي بغداد وأربيل، مما أدى إلى أزمة خانقة وكبيرة.
وكانت المحكمة الاتحادية العليا، ألزمت، في شباط فبراير 2024، حكومة بغداد بدفع رواتب موظفي إقليم كردستان مباشرة، دون إرسالها إلى سلطات الإقليم، في ظلّ تأخير في تسليم جزء من الرواتب على مدى أشهر.
وبالرغم من الزيارات المتبادلة للوفود السياسية والفنية، والتي كان آخرها زيارة وزيرة المالية طيف سامي، إلى أربيل، إلا أن مسألة رواتب الموظفين، ما تزال تنطوي على الكثير من التعقيدات والإشكاليات الإدارية والقانونية.
وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات