السيمر / الاثنين 12 . 12 . 2016
محمد ضياء عيسى العقابي
ليس من سجيتي أن أتطاول على أحد، خاصة إذا كان موظفاً سامياً في المنظمة الدولية، إلا إذا تسبب في إزهاق روح أو أرواح بريئة عن سبق إصرار. وهذا ما إقترفتَه يا سيد إستفان ديمستورا بحق الأبرياء في العراق وسوريا إذ نطقتَ بأمر غير وارد من أجل تبرير إطالة أمد القتل لخدمة أهداف سياسية إمبريالية غير مشروعة.
لقد قلتَ: إن القضاء على داعش لا يتم إلا إذا تم “إنهاء حرمان السنة في العراق وسوريا”!!!
هنا إتهمتَ السنة ضمناً بكونهم دواعش بسبب الحرمان، وإتهمتَ النظامين العراقي والسوري بكونهما تسببا في حرمان السنة.
إن هذا ترديد حرفي لما قاله الرئيس أوباما للصحفي توماس فريدمان: “الشيعة في العراق وسوريا إضطهدوا السنة فأصبح السنة دواعش”!!!!
هذا تكتيك سياسي يخدم أغراضاً سياسية لجهات سياسية عالمية وإقليمية وداخلية معروفة سنأتي عليها.
مقدماً، أسألك يا سيد ديمستورا: ماذا عن الوهابية وأموال نفط السعوديين المسروقة من الشعب لدعم إرهاب آل سعود المتحالفين مع الوهابيين، ذلك الإرهاب الذي إمتد فكرياً أولاً إلى بقاع الأرض منذ عشرات السنين وبدعم ورعاية أمريكيتين حتى تحول الى إرهاب عملي مسلح على الأرض عندما إقتضت المصالح الإمبريالية والصهيونية ذلك؟!!!
منذ الأشهر الأولى بعد تعيينك في منصبك كمبعوث للأمين العام للأمم المتحدة لسوريا، توسمتُ فيك خيراً ومنحتك إحترامي وأنا العراقي العربي وأحد مواطني سكان هذا العالم المفعم بالمنافقين والكذابين والدجالين والمجرمين أفراداً وجماعات وحكومات وأحلافاً.
بدأ إستغرابي من موقفك قبل أشهر عديدة يوم أبديتَ إحتجاجك على إحدى وقائع التسويات التي تمت بين الحكومة الشرعية السورية وبعض المسلحين. هل هو منطقي أن يحتج مبعوث للسلام على سلام يُعقد طواعيةً بين طرفين متخاصمين، دع عنك أن يكون الطرفان حكومة شرعية ومسلحين متمردين؟ سكتُّ على هذا الأمر.
أثارتني جداً قبل أيام قليلة مناشدتُك للرئيس الأمريكي المنتخب السيد دونالد ترامب وقد حشرتَ فيها وطني العراق وأنت غير مكلف بمتابعة شؤونه حيث هناك في بغداد بعثة يونامي وعلى رأسها ممثل خاص للأمين العام.
الأنكى أنك تناولتَ موضوعاَ في غاية الحساسية لكل من العراق وسوريا وطرحتَ أمراً وكأنه مسلَّمة من مسلمات الحياة وهو ليس كذلك بتاتاً بل هو فرية أطلقها، بلا خجل أو وازع من ضمير، الرئيس الأمريكي أوباما للصحفي توماس فريدمان، كما ذكرتُ، يوم سلَّمَ “أصدقاءُ” أمريكا وأوباما، من دول مجاورة وطغمويين عملاء في الداخل العراقي، سلّموا الموصلَ لداعش في 10/6/2014.
قلتُ ربما هي ملاحظة عابرة.
مرت أيام قليلة وإذا، وبالتزامن مع هزائم “المعارضة المسلحة” في حلب التي إستعصى جداً على أمريكا “أم التكنولوجيا والعلوم والمخابرات” وعلى الأمم المتحدة “المستقلة جداً عن أمريكا ومخططاتها” إستعصى تمييز الفصائل الإرهابية منها عن غير الإرهابية على مدى عام وأكثر ولحد هذه اللحظة، ثم راحت أم التكنولوجيا تنوح على الجميع في حلب بحجة سلامة المدنيين التي تحضر فقط عندما يُحاصر الإرهابيون ويُهزمون – وإذا بالحديث يعود في وسائل الإعلام عن طرحكم بأن داعش لا يكفي دحرها عسكرياً فقط بل فكرياً أيضاَ عن طريق:
“إنهاء حرمان السنة في العراق وسوريا”!!!!
هذا ترديد أبله لكلام أوباما لفريدمان وهو كلام صادر لا لوصف حقيقة موضوعية بل أُطلقه أوباما لخدمة مصالح إمبريالية معادية للإنسان أينما كان سواءً في فلسطين أو اليمن أو ليبيا أو البحرين أو سوريا أو العراق أو غيرها في أرجاء العالم.
فيما يتعلق بسوريا، لا أطيل بل أقول كان عليك دراسة ما كتبه الدكتور محمد المسفر المتوفرة فيه كافة شروطك وشروط أوباما فهو أستاذ جامعي من دولة “صديقة” لأمريكا و “تناضل وتجاهد”، كما أمريكا!!!، في سبيل الديمقراطية وحقوق الإنسان في سوريا والعراق وليس في قطر !!!!. والمسفر لا يحمل خلية ودٍّ واحدة للعلويين أو للشيعة ولكنه قومي عربي، كما هو النظام السوري قومي عربي، وقد ساعده ذلك على تلمس حقيقة أن سوريا ليس فيها “حرمان للسنة” وأثبت ذلك في مقال له أدرج فيه جميع وظائف الدولة السورية العليا والوسطى وأدرج طائفة شاغليها وأثبتَ أن لا وجود للحرمان الطائفي الذي تحدثتَ عنه، يا سيد ديمستورا. نعم كان هناك إضطهاداً وحرماناً سياسيين ولكنهما كانا إضطهاد وحرمان حزب علماني أصابا الجميع بغض النظر عن طوائفهم، وكان ذلك (في الأغلب) نمطاً سائداً في المنطقة فرضه، بالحديد والنار، النظام الإمبريالي منذ معاهدة سايكس – بيكو.
أما بالنسبة للعراق، فأتحداك أنت وأوباما إن إستطعتما العثور على نسبة 3% من شعبنا السني المسكين، الذين قذف بهم في مخيمات النزوح التعيسة أصحابُك الطغمويون*، يؤيد من وفّر لكما الحجة لإطلاق تهمتكما الكاذبة ذات الأهداف السياسية غير الشريفة.
أما تثق بالمنظمة التي تمثلها أنتَ أي الأمم المتحدة التي قامت بنفسها بتنظيم جميع الإنتخابات النيابية في العراق بنفسها عدا الأخيرة في 30/3/2014 التي إكتفت، الأمم المتحدة، بالإشراف على الإنتخابات التي نظمتها المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات التي أشرفت بعثة الأمم المتحدة على إختيار أعضائها من بين آلاف المترشحين من العراقيين؟ وإن كانت هناك محاصصة في تركيبة المفوضية فكانت تعمل لصالح الطغمويين.
أما تثق بالإتحاد الأوربي وأمريكا والهند واليابان وروسيا والصين والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وكلهم أشادوا بسلامة الإنتخابات؟
أما تثق بأن النظام الديمقراطي يضمن عدم حصول أي حرمان لمكون من مكونات الشعب أيِّ شعب سواءً كان عراقياً أو غير عراقي؟
كيف يحصل حرمان للسنة ولهم في سلطات الدولة الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية من الممثلين ما يحول دون حصول أي حرمان إلا إذا كان أولئك السادة في المناصب المتنوعة طراطيراً فاسدين أو مخربين متآمرين؟
للسنة، عرباً وكرداً وتركماناً، رئيسُ الجمهورية ونائبان له، ولهم نائبان لرئيس الوزراء، ولهم رئيس مجلس النواب وأحد نوابه، ولهم ما يقرب من نصف الوزراء، ولهم ما يزيد على مائة نائب في مجلس النواب، ولهم مناصب مدنية وعسكرية رفيعة في الدولة.
كيف يحصل حرمان للسنة وفي العراق (17) حكومة محلية منتخبة؟
وكيف يحصل حرمان للسنة وفي العراق نظام ديمقراطي فيدرالي تتمتع فيه كردستان السنية (في أغلبها) بقوام فيدرالي جعله رئيسه مسعود برزاني، بدفع من أمريكا وإسرائيل وتركيا، بعد أن أخذ ما أخذ من الديمقراطية العراقية، جعله دولة شبه مستقلة لا تضاهيها فيدرالية أمريكا التي توصف بالأكثر ديمقراطية في العالم. تعاملت فيدرالية البرزاني حتى مع إسرائيل؟!!!
إن الذي حرم السنة وإضطهدهم أشد الإضطهاد هم الطغمويون الذين أجبروا الناس على المشاركة في ساحات الإعتصام لتكون غطاءً لتمرير داعش الى الفلوجة ومن بعدها الى الموصل وتكريت والرمادي وغيرها وقذفوا بالملايين من السنة الأبرياء إلى مخيمات النزوح التعيسة بينما هم إستقروا في قصور شارع الأميرات وفي فنادق أربيل وإسطنبول وعمان ودبي وغيرها.
(لتذكيرك يا سيد ديمستورا أقول: ربما حصل كل هذا إستجابة لنداء الشيخ عبد المنعم البدراني خطيب جمعة الفلوجة الذي إستغاث بأردوغان لتحرير بغداد من “الصفويين” كما حررها بالأمس البعيد جدُه محمد الفاتح على حد كلمات نداء الشيخ البدراني؛ أو ربما كان لنجدة الدكتور عدنان الدليمي يوم صرخ من إسطنبول منادياً ومطالباً سنة العالم على التحرك لأن “بغداد رشيد هارون” يحكمها الشيعة؛ نعم الشيعة الذين وصفهم نائب الشعب الدكتور أحمد العلواني بـ “الخنازير أولاد الخنازير” والذين توعدهم العلواني بالذبح يوم ينطلق من ساحة الإعتصام في الرمادي برفقة الشيخ سعيد اللافي زاحفين الى بغداد ليخلصاها من “الخنازير” ومن كل “صفوي ورافضي”!!!!!!)
زد على هذا فالطغمويون أمعنوا في التخريب حتى شوّهوا المفاهيم الديمقراطية الصحيحة وأفسدوا فحوى “الشراكة” و “التوافق” وقلبوهما الى “محاصصة” و “حق للنقض” و “فيتو” وبالتالي تسببوا بالفساد والإفساد. والأنكى أنهم والقيادات الفاشلة إتهموا الأغلبية بانتهاج المحاصصة بينما هي تضر بالأغلبية ولا تنفعها أبداً.
إستمراراً لهذا النهج أمعن الطغمويون في ممارسة الديماغوجية فإتهموا الأغلبية البرلمانية بـ”دكتاتورية الأغلبية” إذا ما خرجت تلك الأغلبية عن نهج “المحاصصة” وإلتزمت النهج “الديمقراطي السليم” وذلك لأنهم وجدوا في أصحاب المصالح غير المشروعة، ومنهم أنت وأوباما وحكام السعودية وتركيا وقطر، من يشجعهم على هذا النهج الديماغوجي فيتحدث كما تحدثتَ أنت عن “حرمان السنة”.
وقبل هذا وذاك هناك دستور مدني كتبته هيئة مختلطة من الجميع وأقره مجلس النواب ثم أقره الشعب في إستفتاء عام أجرته الأمم المتحدة بتأريخ 15/10/2005. إعتبر الرئيس بوش الإبن ذلك الدستور الأكثر تطوراً في المنطقة العربية. ولا يدعي أحد بكماله إلا أن فيه آلياته لتطويره.
ولكن، ما هو ذنب الحكومة الفيدرالية، مثلاً، إذا أعاد محافظ نينوى أثيل النجيفي 70% من تخصيصات الميزانية السنوية الى المركز بسبب عدم التمكن من صرفها على المشاريع المفيدة للجماهير وهو فعل ذلك عمداً ليثير غضب الجماهير في نينوى ضد “الجيش الصفوي” وضد الحكومة الفيدرالية “الشيعية” التي شغل فيها أخوه أسامة النجيفي منصب رئيس مجلس النواب الذي يوزع الموارد على المحافظات في موازنة سنوية يقرها المجلس نفسه؟
وما هو ذنب الحكومة الفيدرالية إذا كدس محافظ نينوى (500) مليون دولاراً في المصرف لتستلمها داعش عند إستلامها الموصل؟
وما هو ذنب الحكومة الفيدرالية إذا سمح محافظ نينوى لداعش التي كانت تجمع مليون دولار شهرياً من الأتاوات في الموصل، على ذمة صحيفة التايمز البريطانية؟
وفوق هذا وذاك فالذين تسميهم السنة هم ليسوا السنة فالسنة براء منهم. إنهم طغمويون يدعون تمثيلهم للسنة لتشريف أنفسهم. إنهم لملوم صغير من جميع شرائح المجتمع حكموا العراق بالحديد والنار ودعمٍ إمبريالي وإستأثروا بخيراته المادية والمعنوية؛ وبعد إطاحة نظامهم رفضوا الديمقراطية ورفضوا الآخر وأصروا على إسترداد سلطتهم بكافة الوسائل غير المشروعة والمشروعة مثل التخريب من داخل العملية السياسية وتعطيل إستكمال بناء المؤسسات الديمقراطية، والتناغم مع الإرهاب والتستر عليه والتورط فيه حتى أصبح لسان حال شعارهم يصرخ بوجه أنصار الديمقراطية “أحكمك أو أقتلك أو أخرب البلد”!!.
لقد وجدوا في إثارة الطائفية بشكل عنيف جداً، وهي التي كانت ناعمة مبرقعة منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة والنظام الطغموي على يد الأمبريالية البريطانية، خيرَ وسيلة لخداع بعض الناس وإثارتهم وزرع شعور “الحرمان” لدى بعضهم وجذب الإحتلال الى جانبهم والإلتحام مع المشروع الطائفي السعودي المطروح على نطاق المنطقة والعالم لمواجهة الديمقراطية العراقية ومواجهة المساعدات الإيرانية للمقاومتين الفلسطينية واللبنانية التي أحرجت تخاذل نظام آل سعود.
كان نواف عبيد مستشاراً أمنياً للسفير السعودي في واشنطن الأمير تركي بن عبد العزيز الذي كان قبل ذلك مديراً لجهاز المخابرات السعودي. نشر نواف عبيد مقالاً في صحيفة الواشنطن بوست بتأريخ 29/11/2006 أوضح فيه خلاصة خطة النظام السعودي المستقبلية إذ كتب بالحرف الواحد: “السعودية ستتدخل في العراق لصالح السنة بالمال والسلاح وغيرهما في حال انسحب الأمريكيون منه”. وبرر المستشار موقف بلاده هذا بضرورة كبح التداعيات بعد الإنسحاب التي وصفها بـ “التداعيات التي هي اسوء بكثير من التداعيات المترتبة على عدم تحرك السعودية”!!!
هذا هو أس وجوهر القضية العراقية وليس هناك أي أمر سواه، يا سيد ديمستورا.
وتواصلت الأحداث الدامية في العراق على هذا المنوال من التخطيط الإجرامي. بالطبع كان بإمكان الأمريكيين لجم “حلفائهم” السعوديين ولكنهم لم يريدوا ذلك بدافع المصلحة.
منذ إعتماد الدستور في 15/10/2005 ولحد اليوم، لقد إستشهد وأصيب أكثر من نصف مليون مواطناً عراقياً شيعياً بالمتفجرات المتنوعة كالسيارات المفخخة والعبوات والأحزمة الناسفة واللاصقة والمفخخات الأرضية والكواتم؛ وقد ضُبطت المئات من معامل تصنيعها ومعامل تصنيع الصواريخ والهاونات في مواقع الطغمويين أنفسهم وما من كلمة منهم لإرشاد رجال الأمن، وما من كلمة منهم تحث الناس على الإبلاغ عنها.
هذا ناهيكم عن القتل المنظم والتهجير المتعمد للمسيحيين والأزيديين والتركمان والشبك والكرد والسنة المعارضين وقد تضاعف الخطب يوم أحضروا داعش الى العراق.
ولكن يروق لأولئك الطغمويين ولرعاتهم الأمريكيين وحكام السعودية و تركيا وقطر وإسرائيل، يروق لهم أن يتحدثوا عن “حرمان السنة” للتغطية على الأجندات الخاصة بكل واحد منهم. فالأمريكيون يريدون الهيمنه على القرار العراقي لتنفيذ مشروعهم العالمي، والسعوديون يرتعبون من الديمقراطية، وأردوغان يحلم بامبراطورية عثمانية جديدة، أما قطر فهي أداة بيد الأخرين لتضخيم نفسها.
وأخيراً فإن إسرائيل وأمريكا يسعيان أيضاً الى إثارة الفتن الطائفية والعرقية في الدول العربية وتفتيتها لإضعافها والسيطرة عليها وتصفية القضية الفلسطينية وتمكين إسرائيل من الهيمنة على المنطقة بقفازات سعودية.
كان عليك يا سيد ديمستورا عدم التدخل في الشأن العراقي بتاتاً لأنه ليس من إختصاصك. وإذا تطوعتَ لسبب أو آخر أن تقحم نفسك فيه فبدلَ التحدث عن “إنهاء حرمان السنة” كان عليك التحدث عن مشكلة العراق الحقيقية أي إصرار الطغمويين على إسترجاع سلطتهم بأي ثمن كان سواءً بالتخريب أو الإرهاب رافضين الديمقراطية ورافضين الآخر؛ وكان عليك التحدث عن الدعم الخارجي لهؤلاء الطغمويين؛ وأخيراً كان عليك التحدث عن أساليب التخريب ودعم الإرهاب وأمامك النجيفي ورفاقه خير أمثلة لتأجيج الجماهير من أجل تمهيد الطريق لتسليم محافظة نينوى لداعش، وسلموها بالفعل في 10/6/2014. وكان الأمريكيون شركاء لهم في تسليم الموصل والرمادي لداعش كي يدخلوا العراقَ من الشباك بعد أن أُخرجوا من الباب، وذلك بذريعة محاربة داعش.
كان عليك تشخيص العوامل الحقيقية التي ساهمت في إستفحال الإرهاب في العراق قبل أن تتكلم بما لا علم لك به. هل سمعتَ في حياتك أن يمتنع رئيس مجلس نواب عن طرح نزع الحصانة عن (17) نائباً متهماً بالإرهاب تمهيداً لإستجوابهم بموجب مذكرة من مجلس القضاء الأعلى؟ هذا ما فعله رئيس مجلس النواب السابق أسامة النجيفي. وهل علمتَ أن الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر أعاد الى الخدمة 80% من ضباط الجيش السابق حسب تصريحاته في فضائية الميادين بتأريخ 17/11/2013؟ فأين الحرمان وأن الدكتاتور صدام قد طهر الجيش من معظم عناصره المهنية وأبقى القليلين منهم والكثيرين من أدواته الأمنية الذين لم يترددوا في إستخدام السلاح الكيمياوي ضد شعبهم.
ختاماً فأنا لا ألومك ولا ألوم الأمريكيين وحكام السعودية وتركيا وقطر وإسرائيل والطغمويين والبرزاني وذيولهم ففي ثقافة العالم الذي تسوقه أمريكا وحلفاؤها الإمبرياليون يستسيغ الجميع سحق الآخرين والرقص فوق جثثهم كما تفعلون بالشعب اليمني والليبي والبحريني والسوري والعراقي، ولكنني ألوم من بيده القدرة من أطراف التحالف الوطني على ردعكم ولا يردعونكم لأنهم غافلون ومنشغلون بتوافه الأمور والإحتراب الداخلي الخفي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*):الطغموية والطغمويون
الطغمويون هم لملوم من جميع أطياف الشعب العراقي حكموا العراق منذ تأسيسه وفق صيغة تبادل المصالح مع القوى الإمبريالية وبالحديد والنار للإنتفاع الطبقي من ثرواته المادية والمعنوية بذرائع مختلفة منها إدعاء القومية. لقد مارسوا في العهد البعثي سياسة ممنهجة للتطهير العرقي والطائفي فاقترفوا جرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب؛ ولم يعد قادراً على إطاحة النظام سوى الله أو أمريكا. وأطاحت به أمريكا لأهدافها الخاصة ولكنها ساعدت على تأسيس النظام الديمقراطي ومن ثم أخرج العراقيون قواتها واستعاد العراق استقلاله وسيادته في 1/1/2012. غير أن الأمريكيين ركبوا حصان داعش الذي أوجده الطغمويون وحكام تركيا والسعودية وقطر بإيحاء من أمريكا نفسها، ودخلوا العراق من الشباك.
بعد سقوط نظامهم في عام 2003 أجج الطغمويون الطائفية بأعلى وتيرة، بعد أن كانت مبطنة منذ تأسيس الدولة العراقية، وذلك لشق صفوف الشعب والمحافظة على ولاء أعوانهم ودفعهم الى عرقلة بناء العراق الديمقراطي الجديد عبر الإرهاب والتخريب من داخل العملية السياسية إصطفافاً وتنفيذاً للمشروع الطائفي السعودي المطروح على نطاق المنطقة والعالم لدرء خطر الديمقراطية الزاحفة على النظام في المملكة وخاصة بعد أن كشفت إيران تآمرهم على القضية الفلسطينية حينما مدت إيران المقاومتين الفلسطينية واللبنانية بالسلاح بينما إقتصر الدعم السعودي على المال المسموم.
وقد انتفع الامريكيون من اثارة الطائفية في العراق بقدر كبير جداً وكفاءة عالية مستخدمين الطغمويين أنفسهم في هذا المجال كأدوات طيعة لإضعاف العراق الجديد؛ وربما كان الأمريكيون هم المحرضين على تأجيجها وذلك من أجل تنفيذ مشروعهم الحقيقي وهو الهيمنة على منابع البترول في العالم للي أذرع جميع الدول المؤثرة عالمياً للقبول بنتائج ما بعد الحرب الباردة التي جعلت الولايات المتحدة القطب الأعظم الأوحد في العالم، الأمر الذي لو إستمر لشهدت الشعوب الويلات والمصائب بأشد مما شهدت. أفشل العراق، على يد التحالف الوطني، مشروع أمريكا هذا الذي إصطدم مع المصالح الإمبريالية الأوربية أيضاًغل ولكن الإدارة الديمقراطية لأمريكا أعادت إحياءه بعد إصلاح التحالف التقليدي مع أوربا الذي خربه المحافظون الجدد.
فرض الطغمويون والأمريكيون، بالإبتزاز، المحاصصة ومفهوم الشراكة والتوافق المغشوشين، مقابل مجرد المشاركة في العملية السياسية أي العملية الديمقراطية المعترف بها عالمياً وهي الوسيلة الوحيدة القادرة على حماية مصالح الجميع وبالتالي تحقيق التعايش المشترك والسلم الأهلي. يصر الطغمويون، بعد أن خسروا هيمنتهم المطلقة على الحكم عبر صناديق الإقتراع، على استرداد سلطتهم بكل الطرق بضمنها التخريب ونشر الفساد عبر العملية السياسية والتستر والتعاون مع الإرهاب وذلك للحيلولة دون إستكمال بناء دولة المؤسسات الديمقراطية.
شكل الطغمويون والبرزانيون العنصريون تحالفاً غير رسمي مع الأمريكيين وتوابعهم في المنطقة حكام السعودية وتركيا وقطر كل لغايته؛ ولكن يجمعهم دفعُ العراق باتجاه الديمقراطية المشوهة والدولة الفاشلة لتنفيذ المشروع الامبريالي الصهيوني القاضي بتفتيت البلدان العربية من داخلها.
الطغمويون لا يمثلون أية طائفة أو مكون لكنهم يدعون تمثيلهم السنة لتشريف أنفسهم بهم والخروج من شرنقة الطغموية الخانقة الى ساحة الطائفة الأرحب نسبياً. غير أن السنة براء منهم خاصة بعد توريط الجماهير فدفعوا بها الى حياة النزوح في المخيمات تحت رحمة البؤس والشقاء وتهديدات داعش.
للإطلاع على “مفاتيح فهم وترقية الوضع العراقي” بمفرداته: “النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه” و “الطائفية” و “الوطنية” راجع الرابط التالي رجاءً: