السيمر / الثلاثاء 21 . 03 . 2017
د . إبراهيم الخزعلي
في الشّمالِ مِنْ بلادي
قَرْيَةٌ هناك ..
تَحْلَمُ بالرّبيعِ
بالطّيور
بالأزهارِ
بالشّجَرْ
بالسّهول
بالجبالِ
بالوديان
بالمياهِ
بالشّلاّل
بالمَطَرْ
وتحلمُ
بالتّينِ والزّيتونِ
وتَعشقُ الشّمْس والقَمَرْ
قَرْيَةٌ تَحْتَضِنُ الضياء
تُعانِقُ السّماءْ
كالجبالِ
كالطّيورِ
كالسّحابِ
كالمطرْ
شيرينُ تَرْضَعُ طِفْلها هناك
وعُمَر يَجْلِبُ الطّعام للصّغار
في المساء
بَعْدَ يومِهِ الطّويل
وكاكا سَلْمان ،
ينشد مُبْتغاه
وحلم اللقاء
بالحَبيبةِ الحَسْناءْ
في غابِرِ الزّمان والقرون
غَيّبَها الضّحّاك
في سجونِهِ الظّلماءْ
وفي الغروب
أُم قادِرَ العمْياء
تشْعُلُ الفانوس والشّموعْ
بالشّجونِ
بالآهاتِ
بالدّموعْ
وبَيْتها الصّغير
في قِمّةِ الجبل
تَفْتَحُ النّوافِذ الصّغار
في الصّباح
وبابها
للشّمْسِ والطّيور ، والأمل
لَعَلَّ إبْنها الوحيد
يَطُلّ أو يَعود
لِيَلْثم الجراح باللقاء
ويَبْعَث الضّياء في البَصَر
لَرُبّما تَكُفُّ عن عوائها الذّئاب
حين يطلع القمر
يحلم العراق بالرّبيع
والخصب والنماء
الطيور والأشجار والأنهار
السّهول والوديان والجبال
النّملُ والنّحْلُ والضّفادع
الشّيوخ والنساء والصّغار
وثمّة سويعة
ذاتَ رُعْبٍ
ذاتَ هول
الضحّاك من أحلامه الجحيم
يكتوي..
يفيق
يرْتعب من هاجسٍ سقيم
الذّعرُ في جنباته
الرّعب والكابوس يعتريه
النيران والدّخان
أشباحهُ سوداء
من عيونه تطير
مُغاضِباً صاح يا جنود
انّي حَلِمْت..
مُنذُ ألفَ ألفَ عام
هناك ..
في قريةٍ
كنجمة حمراء
ألْمَحُ الضياء
سَيُولَدُ صَبيّ اوغلام
يحملُ في كَفّيه
زَهْرةٌ وسُنْبُلَهْ
يا أيّها الجنود
يا نيام
في بُؤرِ الخمور والمُجونِ والظلام
إذهبوا ، لومضةْ الضياء
إقتلعوا الأشجار والأزهار
أقتلوا الطيور والنساء
والشيوخ والصّغار
أبقروا البطون
أحرقوا المياه والأنهار
أطفئوا الشّمس والنّجوم في السّماء
أهدموا البيوت والجبال
إجعلوا الأرض والسماء والفضاء
مقبرة الجميع
مقبرة الأموات والأحياء
وهَبّت الخيول والرّجال
كالرّياح
كالأعصار
وأصبحت حَلَبْجة
في وضحِ النّهار
مُحاطةُ بالموت
والأرهاب والدّمار
لكنها لم تَرْتعِبْ
حَلَبْجةُ لم تُسقط الدّموع
لم تنكسرْ أو تنحني
قاومت الخيول
والموت والأشباح
الضّحاك ما عاد يستطيع
أن يُوقف الرّبيع
أو يقتل الرّضيع
فهو لا محال
لا محال قادِمٌ
نوروز والأزهار والرّبيع
فهو لا محال
لا محال قادمٌ
آذار والميلادِ
والأزهار والرّبيع
فهو لامحال
لا محال قادمٌ
آذار والميلاد
والأزهار والرّبيع