السيمر / الاثنين 02 . 10 . 2017
*عبد الجبار نوري
*ببليوغرافية الفنان التشكيلي ” كاظم حيدر “1932 -1985
كاظم حيدر فنان تشكيلي عراقي من مواليد 1932 -1985 حصل على الليسانس في الأدب من دار المعلمين العالية عام 1957 ، ألتحق بعد تخرجه بمعهد الفنون الجميلة /القسم المسائي ، ودرس فن الرسم والديكور المسرحي في الكلية المركزية للفنون بلندن تخرج عنها عام 1963 ، وشارك في معرضه الشخصي خارج العراق بين 1965- 1969 ، وأسهم في تأسيس جمعية الأكاديميين عام 1971 ، وهو عضو في جمعية الفنانين التشكيليين ونقابة الفنانين ، وأختص بعدها بديكور المسرح فأبدع بهذا النمط الفني حيث أتحف بها فرقة المسرح الفن الحديث في مسرحية النخلة والجيران والشريعة وهاملت وبغداد الأزل والقربان وملحمة كلكامش ( نجم الدين والي /بغداد سيرة مدينة ) ، توفي الفنان كاظم حيدر في 24-كانون ثاني 1985 بمرض اللوكيميا وبهِ أكتب عن ذكراه الواحد والثلاثين .
ولوحة الطف التي تختزل أقصر واقعة في التأريخ وأطول ملحمة في البقاء وربما أنها لوحة مقنّعة من فنان يناضل لتخليص وطنه من الحكومات المستلبة لآدمية البشر ولآنّ الرسام يرسم ما يعرف لا ما يراه ، وهناك تجارب كثيرة لفنانين باقية في ذاكرة التأريخ مثل لوحة ” ليلة النجوم ” لفان كوخ 1889 ولوحة ” الصرخة ” لأدفارد مونك 1839 ولوحة ” غرنيكا ” لبيكاسو 1937 واللوحة المشهورة مستوحاة من قصف المدينة غرنيكا من قبل الألمان النازية ولوحات أخرى لا تقدر بثمن فلا يمكن بيعها مطلقا فقد وصل سعرها عام 2015 إلى ( 780 مليون دولار ) وهي لوحة ” الموناليزا ” رسم الفنان الأيطالي والمهندس والمهندس المعماري (ليوناردو دافنشي ) عام 1519 فاصبحت ملكا لمتحف اللوفر في باريس .
كاظم حيدر ولوحة الشهيد
لقد عبّر كاظم حيدر عن ذاته وأسلوبه الفني في لوحة أرجوانية ” ملحمة الطف ” فهي لا تعني البكاء على الأطلال وأنما تعني أستحضار القيم والمباديء التي حصلت من قائد ملحمة الطف الأنسانية والثورية التي سطر لصفحات التأريخ ضروباً خيالية في الرجولة والأباء والفروسية وهويقول : مثلي لا يبايع مثله” وكم نحن بحاجة إلى(قلم) اليسار الثوري المثقف و( ريشة ) فنانين كبار في عالم مزج الألوان لمحاكاة الشعب العراقي المبتلى منذ تأسيسه واصحاب القرار اليوم يقفون في قفص الأتهام كشهود زور على غرق تايتانيك العراق وليسجل التأريخ لهم سطور العار في تقسيم الوطن وتشظيه إلى دكاكين أثنية وطائفية ، وببيعهم وطننا الشامخ ذي العمر الطويل في بازار الجملة بعد أن أشتريناه مفرداً بدماء شبابنا وتضحيات أجدادنا وسلفنا الأبي ، وحققوا مشروع بايدن عراب التقسيم .
-وقد ترجمت ريشة الفنان حيدر أيحاءات وهتافات رمزية اللوحة للوصول إلى أرادة الشعوب التواقة لمشروع (التغيير ) في أقوال الحسين: لا أرى الموت ألأّ سعادة والحياة مع الظالمين ألآّ برما وسأما ( مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الأصفهاني ) .
فلم يركع الرجل حين تمزّقت رايتهُ ولم تنكس حين تمزقت أشلاؤهُ ولم يركع ولم يهن وأنطقْتَ اللوحة يا حيدر وهي تهمس أي جبلٍ أنت يا سيدي الحسين ؟؟؟ .
– وقد جسّم لنا حيدر في أرجوانية ملحمة الطف توأمة وتوليفة تأريخية جذورها تحكي آيديولوجية الأستبداد والأستلاب الروحي والمادي لمجتمعٍ مثقوب الذاكرة قادهُ الحاكم الأموي بأسم الدين تحت فتوى الظلالة ” الخروج عن طاعة الحاكم ” فقلب حيدر معادلة تلك الحكومات الغيبية المتعسّفة وتلك الأمة المخدرة بأفيون الحكم الألهي .
– فكرة الشهادة تتجاوز في لوحات حيدر مضمونها الديني لتنفتح على عالم كان فيه البشر يغيبون سبب معتقداتهم وأفكارهم المختلفة ، ومن هنا تكمن أهمية لوحة الشهيد لتصبح صرخة أحتجاج الأولى والأخيرة حتى الآن في تأريخ الفن التشكيلي العراقي ، ففي معرضهُ الشخصي ( الشهيد) أستثمر صور واقعة الطف في طقوس مزج فيها بين الثناء على البطولة والشعور بالندم أستثمرها الفنان وهو يركب كائناته بطريقة تذهب بالحدث إلى أقصى معانيه الرمزية مستلهماً المرويات الشعبية ولكن بلغة بصرية مختزلة تسامت بالحدث إلى مستوى قيمتهِ الرمزية ، حتى أجمع نقاد زمنهِ من أدباء وفنانين { أن كاظم حيدر بلوحةٍ واحدةٍ غيّر مسار الفن في العراق } فأصبح كاظم حيدر فنان التحولات ( المدى / العدد 2973 — 3-7-2014 رؤية كاظم الفنان التشكيلي تمثّلْ روح الستينات ).
– فلوحة الشهيد رؤية الفنان التشكيلي لروح الستينات وحتى الثمانينات ، وهي تمثلْ تمرد الفنان على الواقع التجريبي والتقليدي ، فهي ضرب من التقنيات المتطورة للعمل الكلاسيكي وهو القائل : ” الأسلوب هو أنا ، وأني أعشق الغليان في الرسم والسرعة في التنفيذ ، وقوّة الخطوط وحدة الألوان وعنف الموضوعات “فأنجز لوحة الشهيد لما فيها من أقتحامية وجرأة في أدانة الباطل في ثورة الحسين ، ونبعتْ الفكرة عند حيدر من تفهمهِ فلسفة الفن كونها : ساحة آمنة للممارسة الديمقراطية وفتح أبواب الحرية .
الخاتمة/ للضرورة أن نتساءل : ما هو دور الفنان في المقاومة ؟
ولأنّ الفنون تشكل أرضية خصبة للتحفيز والأدراك بالأستلاب والمظلومية ، وأن بعض الفنانين المحليين والعالميين أستعملوها كأداة للثورة على الواقع المرْ لكونها تبدو قويّة بقوّة الكلمة وقدرتها على الأختراق ويقاوم بيد واحدة تحمل الريشة وهو يحاكي من يقاوم بيدين يحمل البندقية .
وأعتقد جازماً بأن الفن : هو كلُ ما يهزنا ليس بالضرورة كل ما نفهمهُ ، وكما يقول الفنان بيكاسو : أحبُ الفن الذي يضعني في مواجهةٍ وجودية مع نفسي —- وتكون الأجوبة على السؤال المطروح :
1-لتحقيق التوازن النفسي في محاكاة الثوار بريشته التي يمسكها بيد واحدة .
2- تزويد التأريخ بلوحة فنية لا بكلمات وجمل أدبية لأن الرسام لا يرسم بعينيه وأنما بذاكرتهِ وخيالهِ ممزوجة بأحاسيسهِ .
3- يتمسك الفنان بالزمكنة حيث يقتحم الجغرافية والتأريخ في آنٍ واحد لكي يعبر عن ذاتهُ وعن ما يقدم للأمة من التحفيز والأثارة للوصول إلى ( التغيير ) ، كما رأينا في ريشة الفنان كاظم حيدر عندما أختار لوحة الشهيد لواقعة الطف بالرغم من تقادمها الزمني ورقعتها الجغرافية الواسعة والتي تشمل جميع العالم العربي والأسلامي وعكس اللوحة بألوانها المشرقة على عادة الأنطباعيين .
4- وقد يلجأ الفنان بلوحاته على محاكاة النفس البشرية عندما يغيب الوعي بالواقع المستلب للأمة من قبل حكومات غيبية متعسفة .
*الببليوغرافيا : هي معرفة ما نشر عن الكاتب من خلال بيانات عن مصادر المعلومات المستقلة من أفلام وكتب وهي وصف سيرة المؤلف والتأريخ وأعتماد الوثائق والمصادر لترصين البحث .
* كاتب وباحث عراقي يقيم في السويد
كتُبَ في الثاني من أكتوبر 2017