الثلاثاء 10 . 11 . 2015
معمر حبار / فلسطين
زرت المعرض الدولي للكتاب يوم الجمعة، فكان من ثماره مقالا في انتظار الحلقة الثانية. ويوم السبت آخذ أبنائي وأهلي لأزور السيرك، فكانت هذه الملاحظات التي لم تكن في الحسبان أبدا، وهي..
متعة الحمير: حمير يقومون بعروض تدخل الفرح والسرور على الكبار والصغار، وينفذون تعليمات القائم عليهم بروعة وإتقان.
وعقلاء أمتي يسفكون الدماء، وينتهكون الأعراض، ويفتون بالاستعانة بالأطلسي ورعاة البقر، لتدمير حضارات عمرها عمر الكون.
إن للسوط لسحرا.. قدّم الأسود والنمور بتعبير الفنانين لوحات فنية مثيرة تجذب الألباب. وما لفت إنتباه الزائر، أن ..
القائم على شؤونهم، قصير القامة، نحيف الجسد، لا يملك سلاحا يهاجم به المفترسين لو عادوا لغريزة الافتراس، إنما يملك سوطا هو إلى اللعبة أقرب، يوجه به ملوك الغابة الوجهة التي يريد، وبالطريقة التي يشاء، وبالكيفية التي تدخل الفرح والبهجة على الزائرين.
عرفت حينها قيمة السوط في تركيع الأمم والشعوب وفي تغيير موقف الأشخاص، لمن يعشق السوط ويميل حيث يميل صاحب السوط، ولا يقوم بما طلب منه لصالحه وصالح أمته إلا بالسوط.
علم نفوس الشعوب.. إستطاع صاحب السوط أن يجعل من الأسود والنمور، لعبة يتسلى بها أنّى شاء، وفرجة للكبير والصغير، لأنه يعرف طباعهم ويحترمها، ويدرك جيدا المنفذ الذي يدخل عبره لداخل المفترسين، فاستوعبه جيدا وتحكم فيه بإتقان، ثم استطاع أن يخرجه بإحكام، فيقدمه على أفضل هيئة تريح الإنسان والحيوان.
عرفت الأمم الكبرى نفوس أبنائها، فاستخرجت منها الذهب والفضة، ورفعتهم وارتفعت بهم إلى الأعلى. إن السوط وحده لايكفي أبدا لإصلاح العوج وربما قد يزيده تعقيدا وانتشارا، لكن السوط كغيره من وسائل التعليم والتربية والزجر، يحتاج لمعرفة النفوس والوقوف على أسرارها وخباياها، فهناك نفوسا إن عرفت مداخلها استحي السوط أن يقربها، وهناك أشخاص لايمشون إلا والسوط يلهب ظهورهم.
قناعة الحيوان: كان يكفي قطعة لحم صغيرة جدا لإرضاء غريزة النمور والأسود على ماقدّموا من عروض مبدعة مفرحة، وتشجيعا لهم ليقدّموا ما هو أفضل وأحسن.
وأكاد أجزم أن القطعة الصغيرة جدا، لو قدّمت لطفل صغير لرفضها لصغر حجمها، وبالغ في البكاء والضجيج ليضاعف له من عددها وحجمها.
إن الحيوان المفترس الذي يحتاج الكثير من الكيلوغرامات لإشباع جوعه وغريزته، تكفيه القطعة الصغيرة جدا، بينما الإنسان الذي يكفيه القليل، تراه يتعدى على حقوق الغير بغير حق، ويمرغ أنفه لأجل طمع يرديه المهالك ويطعمه الذلة والهوان.
13 جنسية.. أسأل أحد القائمين على السيرك عن عدد الجنسيات ، فيجيب في حدود 13 جنسية، وقد لا حظت ذلك من خلال الأعلام التي رفعت في نهاية العرض. 13جنسية مختلفة متضاربة فيما بينها، جمعت الهندي السيخي، والإفريقي والأسيوي والأوربي، أدخلوا المتعة في ساعتين من الفرح والسرور.
وأنظر من حولي فأجد أن أصحاب القبلة الواحدة والدين الواحد واللغة الواحدة، يتقاتلون فيما بينهم، ويهدم بعضهم بعضا، ويستعين بجنسيات لتدمير الأخ والجار.
إن الروعة والأداء الجيد الذي قدمه أصحاب 13 جنسية، لجدير أن يكون أنموذجا فاعلا في التقريب بين الجنسيات، والاستفادة مما هو أحسن لدى جنسيات أخرى، وتقديم أفضل ما عندنا للآخرين.
نظام متكامل.. نجاح السيرك في إدخال البهجة والسرور على الزائرين، هو ذلك العمل المنظم المتكامل بين أفراده، حيث كل واحد مكلف بأداء وظيفته التي طلب منها بسرعة وإتقان وإحسان. مايدل على أن العمل المنظم سبيل كل نجاح ثابت دائم.