متابعة السيمر / الأربعاء 28 . 03 . 2018 — تداولت وسائل إعلام كردية ومحلية منذ الـ 16 من شهر تشرين الأول الماضي، اسم رئيس جهاز الحماية والمعلومات في إقليم كردستان، لاهور شيخ جنكي طالباني، كمنافس لمستشار مجلس أمن إقليم كردستان، مسرور بارزاني، نجل زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، فيما اعتبره مراقبون إعادة لفتيل الصراع بين الوريثين التقليديين للعائلتين التين تحكمان إقليم كردستان منذ اكثر من 25 عاما.
وذكرت صحيفة “العالم الجديد” في تقرير لها، نشر اليوم الأربعاء، تابعته (وطن نيوز) ان “قائد جهاز مكافحة الإرهاب التابع لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، لاهور شيخ جنكي، أظهر موقفا مناهضا للاستفتاء في إقليم كردستان قبل 7 أشهر، كما رفض مواجهة القوات الامنية والحشد الشعبي القادمة من بغداد الى كركوك في الـ 15 من تشرين الاول 2017”.
وأضاف التقرير ان “تحرك شيخ جنكي، الاستباقي في تعطيل إيقاع بارزاني وإيقاف طموحاته في الاستحواذ على باكورة المناطق المتنازع عليها الغنية بالنفط، ودوره في إفشال الاستفتاء الرامي لتحقيق إطلالة تاريخية لرئيس الاقليم المستقيل في عيد النوروز، كل ذلك وضع بارزاني، تحت وطأة الفارس المهزوم لسوء التدبير والارتجال اللذين أنهيا كل أحلامه في اكتساب لقب الزعامة الخالد”.
وأوضح أن المراقبين يرون أن “ضعف بارزاني بعد نكبة الاستفتاء، وانكفاء دوره كفاعل رئيس في الاقليم، جعله يترك حلبة الصراع المحلي لنجله مسرور بارزاني، المشرف على قوات الأمن” مبينا أن “المعادلة الجديدة ستعيد سيناريو الصراع الأزلي بين العائلتين الحاكمتين في الاقليم، والذي يعاد من جديد بنزال شبه نهائي محتدم بين (لاهور) و(مسرور)، لكن بنفس الحلفاء الكلاسيكيين وأبرزهم بغداد العائدة بقوة الى الساحة الاقليمية، والتي دعمت المتحاربين في تسعينيات القرن الماضي، قبل أن تتدخل واشنطن لفرض معاهدة سلام بين الطرفين”.
وأشارت الصحيفة إلى ان “استمرار الدعم السري من قبل واشنطن لهذين القطبين المتناقضين، لم يغير من تحالفاتهما الاقليمية مع الجارتين ايران وتركيا، إذ تشير معلومات مسربة من مصادر كردية خاصة، أن لاهور بات يشكل مصدر قلق كبير لأنقرة التي تتهمه بتقديم الدعم لحزب العمال الكردستاني، وتحاول بأي شكل من الاشكال إضعافه، إلا أن ايران التي تمر علاقته بها في حالة فتور لا تسمح بذلك، في مسعى منها لابقائه شبحاً يهدد مصالح الجارة الشمالية بين فترة وأخرى”.
وبحسب تلك المصادر الكردية، فانه “في المقابل فان علاقة تركيا بمسرور بارزاني، هامشية جدا، لأنه بدأ يميل الى طهران مؤخرا، فقد غازلها قبل فترة من خلال كبحه لنشاط الكرد الايرانيين بأربيل، في مسعى منه لاحياء التحالف التاريخي مع طهران الراعية لحزب جده الملا مصطفى بارزاني “، وعزت هذا التحرك الى “كسب قوة أكبر لمساعدته في مواجهة لاهور الذي يتصاعد نفوذه بقوة في الاقليم”.
وتابعت أن طهران لديها رغبة باعادة التحالف التاريخي مع أربيل، معللة الأمر بأنه “من أجل استخدامها مجددا كورقة ضغط ضد بغداد لمواجهة أي تحول في مسارها السياسي، خصوصا في ظل تقاربها المريب لها مع الرياض”.
وأوضحت الصحيفة أن “معطيات المواجهة الساخنة المرتقبة بين لاهور ومسرور، قد باتت ملامحها تظهر للعلن عبر اندلاع حرب باردة بينهما من خلال مؤسساتهما الاعلامية والصحفية، فكلاهما يملكان مواقع الكترونية عديدة فضلا عن فضائيات واذاعات، ومراكز أبحاث ومنظمات مجتمع مدني، غايتها التسخير لضرب الاخر”.
وفيما يتعلق بمصادر القوة والضعف لدى الطرفين، قالت الصحيفة، إن لاهور تمكن بعد فترة قصيرة من رحيل عمه زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني جلال طالباني، من تقوية جناحه داخل الحزب المدعوم عسكريا، وبسط نفوذه داخل الأسرة، وكبح جماح زوجة عمه “هيرو خان”، وولديها بافل وقوباد، والتخلص من سطوة بعض القياديين في المكتب السياسي للاتحاد الوطني، حتى أصبح رقماً في المعادلة الداخلية للحزب، ولاعباً أساسياً في السليمانية.
ولفتت مصادر إلى ان “لاهور يخطط لعقد المؤتمر الرابع للاتحاد الوطني الكردستاني، من أجل تولي زعامته خلفا للراحل طالباني، حيث تمكن في الاونة الاخيرة من كسب بعض القياديين بالاتحاد الوطني الى صفه، مدفوعا بمريدي الحزب من الشباب، فضلا عن القبول الذي يحظى به من قبل حركة التغيير (كوران) الجهة السياسية الأكثر نفوذا بعد الاتحاد الوطني في السليمانية”.
بالإضافة إلى ان جهاز مكافحة الارهاب الذي يقوده لاهور، يمثل قوة ضاربة ومدججة بأحدث الأسلحة الفتاكة، فقد نجح في العام 2015 بقلب موازين المعركة في قضاء مخمور، ودفع الخطر عن أربيل التي انكشفت حدودها أمام تنظيم داعش بعد فشل قوات البيشمركة التابعة لبارزاني بالصمود أمام ضربات التنظيم المتشدد.
وتابعت الصحيفة انه ” في المقابل، تمكن مسرور من بسط نفوذه في اربيل ودهوك بشكل مبكر، لكنه لازال يرى في صهره وابن عمه نيجيرفان بارزاني، رئيس حكومة الإقليم عقبة يسعى لتحجيمها أو إسقاطها”، مشيرة إلى ان “مسرور قد يكون وراء الاعتصامات والتظاهرات التي عمت مدن اربيل ودهوك الواقعتين تحت سيطرة الحزب الديمقراطي الكردستاني، فضلا عن تقربه من طهران، على حساب قرب نيجيرفان من أنقرة”.
وبالنسبة لعلاقة الجانبين مع الحكومة المركزية في بغداد، فقد أكدت الصحيفة أن “لاهور يمتاز بصفة الحليف المزعج لبغداد، خصوصا بعد إصراره على “كردستانية كركوك” في خطاب حماسي بمناسبة عيد النوروز بعد زيارة مثيرة للمحافظة، ولكنه رغم ذلك يرتبط بعلاقات لا بأس بها مع رئيس الوزراء حيدر العبادي، وجهات سياسية وحزبية شيعية، فيما لا يحظى نجل بارزاني المتقاطع تماماً مع تلك الجهات بأي علاقات مميزة مع أطراف في بغداد، سوى الاحتفاظ بعلاقات والده (مسعود بارزاني) مع حلفاء ضعفاء أمثال أياد علاوي وأسامة النجيفي”.
وأوضحت أن “مسرور المنهك بالصراع العائلي، ومواجهة تمدد أبناء عمه، يجعله تحت ضغط كبير، فسيروان بارزاني شقيق نيجيرفان قد نال نفوذاً كبيراً داخل قوات البيشمركة عبر صلاحيات منحت له من قبل شقيقه رئيس الحكومة، بعد تنحي مسعود بارزاني عن الرئاسة، وهو امر اعتبره مسرور محاولة لتقويض دوره، وسلطة أخيه منصور بارزاني أحد أبرز قادة البيشمركة”.
وختمت الصحيفة بالقول إن ” الضغوط على مسرور تمنح الأرجحية للاهور في إعادة تشكيل المشهد الكردي بالاقليم، فقد بدأ فتيل الصراع بالاشتعال بين الوريثين التقليديين للعائلتين المتنافستين مع نجاح لاهور في تنفيذ زيارة علنية الى كركوك الاسبوع الماضي، بمناسبة عيد النوروز كأول مسؤول كردي يقف وسط جماهيره داخل مركز المحافظة التي تسيطر عليها القوات الحكومية منذ 16 تشرين الاول اكتوبر الماضي، الامر الذي اعتبر نقطة في مرمى عائلة بارزاني وفي مقدمتهم مسرور، الذي لم يتجرأ لغاية الان من زيارة كركوك أو أي من المناطق المتنازع عليها والتي خسرها منذ فشل الاستفتاء”.