الرئيسية / مقالات / إستشهاد الدكتور هشام شفيق وعائلته: الكيد هو الحقيقة المغدورة في العراق !! / 3
الكاتب القدير الأستاذ محمد ضياء عيسى العقابي

إستشهاد الدكتور هشام شفيق وعائلته: الكيد هو الحقيقة المغدورة في العراق !! / 3

السيمر / الاثنين 02 . 04 . 2018

محمد ضياء عيسى العقابي

ولا تفوت غرف العمليات أن تعزز مصداقية المشهد الكيدي بأكمله فتُبرز من أهل الدار مَن يعزف على نفس الوتر ليُقال “وشهد شاهد من أهلها”. لذا إنبرت فضائية (الحرة – عراق) العارفة أين تجد ضالتها المنشودة لتعينها في البناء على الأساس الذي صاغه للفضائية خبراء التخريب في غرفة العمليات وطرحتها هي، (الحرة – عراق)، على الملأ حال إلتقاطها خبر إستشهاد الدكتور هشام وعائلته والآخرين بالقول: “…. وهذا يجدد الطلب بحماية الأقليات”!!
كانت الفضائية حريصة على إذاعة تصريح لأسامة النجيفي، نائب رئيس الجمهورية، الذي قال فيه: “القضية قضية إستهداف للأقليات. وهذا يمثل إرهاباً مثل الإرهاب الذي يمثله داعش…. يجب أن نتواصل مع عمقنا العربي”!!
يريد السيد النجيفي إستغفال عقولنا ليوحي لنا أن إرهاب داعش شيء وإرهاب قتل المسيحيين والمكونات الأخرى شيء آخر يقوم به من يقوم!!! هذه خدعة مكشوفة، فالإرهابان الداعشي المباشر المعلَن عنه والإرهاب الكيدي الصامت، وجهان لعملة واحدة ويكملان أحدهما الآخر. على كل حال أغبطُ السيدَ أسامة على نباهته لعدم التطرق الى الإرهاب الذي ضرب شعبنا الأزيدي لأنه كان سيذكّر الناس بالأخ المحافظ أثيل وتورطه مع الإرهاب الذي لفّ حول عنقه حبل تهمة الخيانة العظمى.
تعقيباً على دعوته “للتواصل مع عمقنا العربي”، أسأل السيد أسامة النجيفي وهو نائب رئيس الجمهورية:
من منعك من التواصل مع العمق العربي؟ من منعك من إدانة ترامب على منحه القدس بكنائسها القديمة ومساجدها العتيقة الى العدو الصهيوني؟ من منعك من إدانة إدارة ترامب على حجبها الأموال عن الأونروا لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين؟ من منعك من إدانة قرار الكونغرس الأمريكي الذي طالب بمنع مساعدة السلطة الفلسطينية لعوائل الشهداء والسجناء الفلسطينيين؟ من منعك من تحية المناضلين الفلسطينيين الذين يستشهدون يومياً على أيدي الاحتلال الصهيوني وإدانة قتلهم؟ من منعك من التضامن مع الفتاة الشجاعة عهد التميمي ذات 16 ربيعاً التي سجنها الصهاينة وأمها لثمانية أشهر؟ من منعك من إدانة توسع حركة الإستيطان اللاشرعي للصهاينة بغطاء أمريكي؟ لماذا لم تطالب الخارجية العراقية بإدانة تصريحات السفير الأمريكي في تل أبيب الذي إنتقد الفلسطينيين على إحتجاجاتهم وقال بصريح العبارة إن المستوطنات تُبنى في أرضٍ إسرائيلية بينما في الحقيقة هي إراضٍ فلسطينية حسب حدود 5 حزيران عام 1967 دع عنك حدود 1948؟ من منعك من إدانة النظام السعودي الذي يتآمر ويضغط بإتجاه تمرير “صفقة القرن” لتصفية القضية الفلسطينية؟ من منعك من إدانة محاولة خداع الناس وتضليلهم بتبرئة إسرائيل وشيطنة إيران وإعتبارها الخطر الأكبر على القضية الفلسطينية والعرب؟ من منعك من إدانة الفتاوى التي أصدرها ويصدرها علماء الدين الوهابيين السعوديين التي تكفّر شيعة العراق وتحرض على قتلهم وهي قضية خطيرة مهما كانت نسبة الشيعة العراقيين السكانية، والنظام السعودي شمولي لا يتكلم أحد فيه ضد رغبة الحكومة فالتحريض هو رسمي، إذاً؟ من منعك من إدانة العدوان السعودي الهمجي المدمر على الشعب اليمني؟ من منعك من إدانة الإرهاب المدعوم سعودياً وإماراتياً وقطرياً وتركياً وأمريكياً على سوريا؟ من منعك من مناصرة شعب البحرين ضد مضطهديه الداخليين والخارجيين؟ من منعك من إدانة قطر والإمارات وتركيا من دعم الإرهاب في ليبيا؟ من منعك من إدانة محاولات تصدير الإرهاب الى لبنان ومصر والجزائر وتونس؟ وهناك مئات الأسئلة من هذا القبيل.
إن السيد أسامة النجيفي لا يتواصل مع العمق العربي لأنه متحالف مع أمريكا ولا يريد إغضابها لأن همه هو السلطة في العراق لا غير. كما إن تحالفه يمتد الى توابع أمريكا إسرائيل والسعودية والإمارات وقطر والبحرين وتركيا، لذا فهو لا “يتحرش” بإحداها.
بعد النجيفي، توجهت فضائية (الحرة – عراق) الى السيدة ميسون الدملوجي رئيسة لجنة الثقافة والإعلام البرلمانية لتنبري سباقةً الى المطالبة بمقاضاة الشيخ الكفيشي وفضائية “أفاق” التابعة “لحزب معروف” بتهمة التحريض على القتل.
لم تغفر ميسون لإئتلاف دولة القانون وزعيمه المالكي إخراجهما القوات الأمريكية من العراق وإستعادة السيادة وكانت هذه القوات أمل كل طغموي في إستعادة السلطة المفقودة للطغمويين. ومن لا يصدق هذا التلهّف للسلطة عليه تذكّر مباركة ميسون لإنتصار “ثورة العشائر” في الموصل حينما لم تلتزم جانب الحذر الكافي ولا تُخرج كل ما في جعبتها لإحتمال فشل المخطط ….وفشل المخطط بالفعل…وإنكشفت ميسون وشهدت شوارع لندن على ذلك.
وإنبرى السعيد المغتبط بإبتسامة عريضة دائمية والواثق من نفسه ومن زعيمه مسعود والمقصود جوزيف صليوة النائب عن قائمة مرتبطة بالحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود برزاني فقد قال في فضائية (الحرة – عراق) بتأريخ 13/3/2018: “القضية قضية إستهداف للمسيحيين”، “هناك دولة لها ضلع”، “هناك جهود لإفراغ العراق وجعله ذا طائفة واحدة”، “على الحكومة نزع السلاح من الجماعات والتدخل لفرض الأمن “.

أراد الإنفصالي جوزيف صليوة أن يقول:
إن الشيعة يريدون جعل العراق أحادي الطائفة أي التخلص من جميع الطوائف والقوميات الأخرى وقال بين السطور إن إيران تدفع بهذا الإتجاه وطالب الحكومة بحل الحشد الشعبي.
قبل كل شيء أذكّر السيد جوزيف بعام 2005 حينما خيّر تنظيم القاعدة في أرض الرافدين بقيادة أبي مصعب الزرقاوي، خيّر المسيحيين في منطقة الدورة ببغداد بين دفع الجزية وبين النزوح من العراق وترْكَ ممتلكاتهم كغنائم. عندئذ صرح رجل دين مسيحي متعلق بوطنه وشعبه العراقي بجميع فسيفساءه الجميل قائلاً: “أعلمَنا السيد السيستاني أنه بإمكان أي مسيحي يشعر بالتهديد أن يأتي الى النجف مرَحَّباً به.”
السؤال الذي يطرح نفسه: كيف يقوم بالتطهير القومي والديني والمذهبي مَن لديه نظام ديمقراطي تُجرى فيه انتخابات نيابية ومحلية بإنتظام ولعدة جولات وفيه صحافة حرة وإعلام، يا سيد صليوة؟!! ثم لماذا لا تصرّح باسم “الدولة التي لها ضلع” في إستهداف المسيحيين؟ ألستَ نائباً ولديك حصانة برلمانية وبرزانية وأبعد؟!! ألستَ القائل يوم 16/3/2018 في برنامج “شنو رأيك” / فضائية (الحرة – عراق) لمدير البرنامج أزمر أحمد: “….الميليشيات والجماعات المسلحة ومافيات العقارات كلها تابعة للأحزاب الإسلامية”؟
أسألك يا سيد صليوة: هاتِ براهينك وإطرحها على مجلس النواب وستجد الأغلبية تقف الى جانبك؟
أعتقد أن السيد صليوة يحاول إقحام المسيحيين عنوة فيما لا علاقة لهم به ولا ينتفعون منه بل يتضررون منه وعلى الوجه التالي:
السيد جوزيف موالٍ للسيد مسعود برزاني؛ والسيد مسعود ومنذ سقوطه المروّع كإنفصالي، بل حتى قبل ذلك حيث كان يروم الكسب عن طريق إبتزاز الحكومة كأقل خطراً من الطغمويين الذين يريدون وأد الديمقراطية أساساً، يحاول إثارة المشاكل والتناحرات بين القوميات والأديان والمذاهب والأيديولوجيات العراقية وذلك لتوفير المبرر للأمريكيين لإطالة بقائهم العسكري في العراق وهذا يستبطن البلاء للعراق بجميع شرائحه ولا ينتفع منه سوى الطغمويين والإنفصاليين.
إنبرت السيدة باسكال وردة لتقول: “هؤلاء الضحايا ليس لهم عشيرة ولا قرابة”، “هذا الوضع الأمني السيء ضد الأقليات سائر منذ مدة”، “هذا إستهداف مخطط، يُقتل المسكين ولا أحد يدافع عنه”، “لا أستطيع أن أحدد من هو وراء هذا الإستهداف”.
خلاصة قول السيدة باسكال هو ما يقوله المصريون عندما يحصل “فرهود” ويصبح الحال “كلمن إله” لتعطي مصداقية للإهانات التي وجهها الرئيس السفيه ترامب للعراق والعراقيين، فأرادت القول: “العراق وكالة بلا بواب” و {{أَسعِفْنا يا ترامب وأنت القائل “لا يوجد عراق …. هناك عشائر متناحرة وحكام لصوص”!!}}
أعجب لنباهة الوزيرة السيدة باسكال. فهي تعرف كل هذه المعلومات عن الضحايا والعشائر والقرابة والمسكين الذي يُقتل ولا أحد يدافع عنه، ومع ذلك هي لا تعرف من هو وراء الإستهداف!!! أما تريد السيدة الوزيرة أن تقول: وراء الإستهداف هي الحكومة بشقها الشيعي والأحزاب الإسلامية الشيعية والحشد الشعبي الشيعي وربما السيستاني الشيعي نفسه؟!!! أين دليلك يا سيدة باسكال، وأين الضمير؟
لهذا هي أهملت رأي السيد ريان الكلداني، القيادي في الحشد الشعبي، بتكليف الحشد الشعبي بالبحث عن المجرمين إذا ما عجزت الحكومة لأن الحشد كان سيقبض على المجرمين وعلى من يقف حقيقة وراء المجرمين وهذا ما لا يروق للسيدة باسكال ومن يقف وراء السيدة باسكال.
ليس في كلام السيدة باسكال ما ينفع العراق والعراقيين بضمنهم المسيحيون.
كان كل هذا الكيد المركّب تمهيداً لدخول نائب الرئيس الأمريكي (بنس)، بطل تسليم القدس الى الصهاينة بكل فخر ووقاحة، على الخط ليتصل برئيس الوزراء العبادي يوم 16/3/2018 ليعبر له عن “قلقه” من إستهداف المسيحيين في العراق وكأن الحكومة أو منتخبيها أنصار الديمقراطية غافلون وليسوا قلقين ولا يطاردون الجناة ومن يقف وراءهم وليسوا هم الأعلى ضحايا بين المستهدفين.
إن قلق بنس زائف هدفه الضغط على الحكومة العراقية للسماح للقوات الأمريكية بالبقاء في العراق لتنفيذ مخطط كروكر من أجل الإمساك الناعم بمفاصل الدولة العراقية ومن ثم ضرب الجيش العربي السوري وحكومته الوطنية ومحاصرة وضرب إستقرار لبنان وضرب حزب الله وصولاً الى ضرب الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمضي بالإتجاه الأوراسي حتى الحدود الصينية والروسية لضخ الإرهابيين الذين تم تدريبهم في سوريا والعراق. إن هذا هو طريق الهلاك للعراق والأمتين العربية والإسلامية والعالم أجمع.
لكن داعش التي قتلت من أبناء المكونات المسيحية والمندائية والأزيدية وغيرها، والحق يقال، وفيّة لبرنامجها الأساس فلم ولا تتوقف عند هذا الحد بل واصلت برنامجها الأكبر وهو قتل الشيعة لأنهم القوة الجامعة لجميع الديمقراطيين من الفسيفساء العراقي الواقفين بجانب الديمقراطية وفلسطين وسوريا والواقفين بوجه أمريكا والطغمويين والإنفصاليين والسعودية وإسرائيل. لهذا قتلت داعش حرقاً في يوم مقارب لمقتل الشهيد هشام شفيق والشهيدين المندائيين – قتلت 15 شيعياً حرقاً بسيارة مقفلة عند سيطرة وهمية بين بغداد وكركوك. وقبلها بأشهر قليلة فجرت داعش القادمة من الحدود الغربية سياراتها المفخخة في مطعم في ذي قار وتسببت في مقتل وجرح ما يقرب من 200 مواطناً شيعياً.
لكن الخطة الكيدية تُلزم إعلامها وإعلام حلفائها بالتركيز في مثل هذه الحالات على “وحمّل المواطنون الأجهزة الأمنية والحكومة المسؤولية” وهي الكليشة الموكول الى فضائية (الحرة – عراق) أمرُ ترديدها بلا كلل ولا ملل عند كل حادث من هذا النوع، بينما موكول إليها بلا كلل أو ملل ترديد “وهذا يجدد الطلب بحماية الأقليات” وهي العبارة التي تصدرت إذاعة نبأ مقتل الشهيد هشام شفيق في فضائية (الحرة – عراق) كما ذكرتُ في مستهل هذا المقال.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ للإطلاع على مفاهيم “الطغموية والطغمويون وجذور المسألة العراقية الراهنة” برجاء مراجعة هامش المقال المنشور في أي من المواقع التالية:

http:// www.alqosh.net/mod.php?mod=articles&modfile=item&itemid=39986

http:// www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=585117

http:// www.qanon302.net/?p=98431

http://saymar.org/2018/01/44729.html

http:// www.akhbaar.org/home/2018/1/239116.html

اترك تعليقاً