الرئيسية / مقالات / سبعة عشر ثانية فقط

سبعة عشر ثانية فقط

الخميس 26 . 11 . 2015

عبد الصاحب الناصر

سبعة عشر ثانية فقط هذا كل ما تطلبه من الوقت من ” اردوغان” ليقرر اطلاق طائراته بصواريخها لاسقاط الطائرتين الروسيتين من طراز سوخوي 24SU ، ) الحليفة ! ) معه !! ضمن الجهود الدولية لمحاربة الارهابين. و هن طائرات قاصفات غير مقاتلات خصوصا في الجو، كانتا في طلعة لقصف مواقع الدواعش او النصرة او غيرهم من الارهابين . يقول الملا اردوغان مفاخرا من على التلفاز انهم اعطوا “عشرة ” تحذيرات او انذارات .( كلها خلال سبعة عشر ثانية فقط )؟. ان هذه المبالغة ” الكاذبة” قد فضحت نرفزة اردوغان و تخوفه من التدخل الروسي في محاربة داعش . و نفس هذا الملا الاخواني يعرف كم دخل سلاح الجو التركي في الاجواء العراقية و قصف مواقع في العراق او في كردستان العراق بحجة محاربة الارهاب ! مذ حرب طرد صدام من الكويت. و كانت له في حينها الف تخريجة و تخريجة و حجج ما جاء بها من سلطان .
كلنا نعرف جيدا عن الاتصالات التي تسجل في الصندوق الاسود للطائرات ، حتى العسكرية بالاضافة الى التسجيلات داخل غرف السيطرة العسكرية في مراكز العمليات ،ما يقال لها ( CCC) الثلاث، اي مركز القيادة و السيطرة . و هنا يسجل كل التحركات الارضية و الجوية و كل الاتصالات ، التي ستفضح ان كانت هناك تحذيرات ام لا . علما ان الطيار الذي انقذه الروس قال انه لم يسمع اي انذار .
ثم نشر الطرفان تقاريرهما المصورة مسنودة بالخرائط و التسجيلات الإلكترونية عن مسيرة الطائرتين الروسيتين . اشار الاتراك ( بعد الروس) ان الطائرتين كانتا فوق ما يشبه “الجيب الارضي” التركي الداخل في الحدود و الاراضي السورية و الذي لا يتعدا اكثر من اربعين كيلومترا كخط طيران مستقيم . بينما نشر الروس و من خلال التسجيلات الالكترونية المصورة كذلك من تلك الطائرات كيف حاول الطيار الروسي مناورات بانحناءات لمسيرة طائرته ليتلافى دخول الاراضي التركية .
كانت سرعة طيران السوخوي بمعدل 800 كم في الساعة اي انها لو كانت قد عبرت الاراضي التركية لاستغرقت اقل من ثمانية عشرة ثواني على احسن احتمال، حسناً لنقبل بما قاله اردوغان 17 ثانية و كما كتبت صحيفة السياسة الخارجية الامريكية
Seventeen seconds. That’s how long Turkish officials say a Russian Su-24 airplane was over Turkish airspace
و من المعروف ان اطلاق النار على طائرة روسية يتطلب موافقة السلطات العليا في تركيا، و لكي يستعمل المتصلون الهواتف اللاسلكية المتطورة للاتصال بالسيد اردوغان باسرع وقت يتطلب اكثر من ثلاث دقائق. الا اذا كان اردوغان قد تفرغ لهذه العملية مسبقا و قبل حدوثها فابقى الخط مفتوح او كان شخصيا في داخل غرفة العمليات( CCC) ، السؤال كيف إذاً عرف الملا رجب طيب اردوغان بنوايا الروس (العدوانية ) مسبقا ؟.
و انما و كما نتصور انها خطة لاسقاط و التقليل من اهمية النجاح الروسي في محاربة داعش و الذي اصبح يخيف و يفضح المتحدين ضمنيا مع اشرار السلفية الوهابية .وهو السبب الذي فضح النوايا غير الصادقة للتحالفات الدولية لمحاربة داعش .اما ذاك “المسجون” في بيته ، البيت الابيض ، السيد باراك اوباما ، فقد اتصل باردوغان ، ثم صرح او اعلن انه يتضامن مع الاتراك .
. 1-ـ ان وضع الحالة المضطربة الدولية المشتعلة اليوم في المنطقة تتطلب الف انذار و انذار قبل اطلاق النار ، خصوصا على طائرات تشترك في محاربة الارهاب .
2 ـ ان الطائرات الروسية لم تكن عدوانية اساساً، و لا توجد حالة حرب بين الطرفين و لم تكن متوجهة الى اي اهاف داخل تركيا، الا تتطلب هذه الحالة ان حدثت! ، تتطلب كثير الاتصالات مع الروس و الاستفسارات و المناقشات و ربما بعض الرجاء قبل اتخاذ هكذا قرار خطير .
3 ـ جراء هكذا تصرفات صبيانية ان لم نقل عدوانية مؤامراتية من الجانب التركي ستجر العالم الى حالة خطيرة لا تعرف ابعادها و لا نتائجها. الا اننا نتمكن من معرفة طريقة تفكير رئيس الجمهورية التركية و طريقة تفكير حزبه الاسلامي ذو النزعة و الاصول الاخوانية، و يعيد الى الاذهان كل تاريخ التصرفات العنصرية التركية منذ مذبحة الشعب الارمني، و حلم الأتراك العثمانيين بالعودة الى الامبراطورية العثمانية الاستعمارية و تعاليها على الشعوب
وصفت الصحف الغربية عن اردوغان بانه ( السلطان العثماني )الذي اخذ يطلق ، طبول الحرب غير ان لتركيا مصالح مهمة مع روسيا ، كان على السلطان ان يعيرها كثير من الاهتماما تستورد تركيا 60% من الغاز من روسيا، و يكون السواح الاروس الى تركيا اكبرعدد من السواح الروس الى الخارج .
صرح السيد اردوغان اليوم ، انهم وجدوا بعض بقايا الطائرة الروسية في اراضيهم متاخمة للحدود السورية. لكن و كما صرح اردوغان ان الطائرة الروسية لم تدخل في العمق التركي ، اي انها كانت تحلق بمحاذاة الحود لبضع مات من الامتار فقط وهذه الحدود كما نعرف كلنا انها تحت السيطرة التركية و ليست الروسية او السورية.
4 ـ كانت الطائرة الروسية تحلق على ارتفاع ستة آلاف قدم ، اي حوالي كيلومترا ارتاع ، كيف اذا توزعت الاجزاء بين الاراضي التركية و الاراضي السورية. وهذا منطقي و ان لم تعبر الطائرات الروسية الحدود لان قصف الطائرتان كان بارتفاع عالي ستة الاف قدم ، و لا الريح او الاجزاء تعرف الحدود و تحترم السيادة .
ماذا سيستفاد الرئيس بوتين. من المعروف عن الرئيس بوتين وطنيته و تصرفاته الملتزمة بهدوء ، و كيف يستغل اخطاء اعدائه لصالحه و لصالح الشعب الروسي. تزداد كل يوم شعبية بوتين بين المواطنين الروس ، المعروفين باعتزازهم ببلادهم و تاريخهم المجيد. وستزيد هذه الحالة من شعبية الرجل .بالاضافة الى احترام شعوب العالم له و للشعب الروسي .