السيمر / الأحد 17 . 06 . 2018
معمر حبار / الجزائر
من محاسن هذا العيد الذي يفتخر بها المرء ويتعمّد الكتابة عنها لعلّها تجد نفوسا زكية تعمل بها وهي أنّي أنهيت ليلة الشك وليلة اليوم الأوّل من العيد قراءة كتاب: “المحلّى في مشروعية الخروج إلى المصلّى”، للشيخ: حسن بن محمّد أبي الحبّال البدري الجزائري 1897 هـ – 1944، دراسة وتحقيق الأستاذ: عبد الرّحمن دويب، المحمدية، الجزائر، الطبعة الأولى، 1432 هـ – 2011، من 174 صفحة، وسنكتب عن الكتاب لاحقا بإذنه تعالى.
أحسن إمام مسجد النور لمسجد الشرفة منطقة 5 بالشلف الجزائر، حين قال لرواد المسجد: من أراد أن يقدّم زكاة الفطر فليضعها في الصناديق الخاصّة بالزكاة الموجودة عبر طرفي المسجد، ومن يرفض ذلك لأنّه يرى أنّ هناك من هو أفضل أو تعوّد أن يقدّمها لأناس من عائلته وأحبابه ومن يرى أنّهم يستحقون زكاة الفطر وينتظرونه كلّ عيد ومناسبة فليخرج زكاة ماله لأصحابها، وليضع في نفس الوقت صدقة في صندوق الزكاة على أنّها صدقة فينال أجر إخراج الزكاة وأجر الصدقة. وكان هذا رأي فاعل يدلّ عن وعي بالواقع وفقه الواقع.
تمّ توزيع قفّة رمضان على 14 من أبناء الحي تقدّر قيمتها بـ 6000 دينار جزائري، وجمع 7 ملايين سنتيم من زكاة الفطر وقسّمت على 33 فردا بالعدل وليس بالتساوي أي حسب السّن، وعدد الأبناء، وسن الأبناء، وهكذا. وهذه من الأعمال النبيلة التي ميّزت المجتمع الجزائري وما زال يتميّز بها.
و فيما يخصّ توزيع الجوائز أيام 27 من رمضان 1439ه- 2018، فقد تمّ توزيع الجوائز على تلاميذ من مختلف الأعمار، وكانوا جميعا من الأوائل في الجامعة والثانوية والمتوسط والابتدائي، ما يدل على أنّ حافظ القرآن والمهتم بحفظه من الأوائل والمتفوّقين في المدرسة. و تمّ أيضا توزيع الجوائز على 3 قرّاء من مساجد أخرى، و هذا سلوك في غاية السّمو حيث تمّ منح جائزة لمقرئين آخرين بالإضافة لمقرئ المسجد وفرحوا أيّما فرح بتكريمهم، وقد رأيت ذلك في وجوههم وفي ألسنته الطّيبة التي ظلّت تشكر وتمدح.
أبدأ اليوم الثاني من العيد بزيارة مقبرة سيدي العروسي رفقة الزوجة وأبنائي الأربعة. ولأوّل مرّة أطلب من أصغر الأبناء شمس الدين أن يقرأ على أمي وأبي وأختي العالية رحمة الله عليهم آية الكرسي وسورة الإخلاص، لعلمي أنّ دعاء الابن وثواب قراءة القرآن من طرف الابن للوالدين يصل لا محالة، ومن جهة أخرى يعلّم الأب أبناءه أنّ الدعاء للوالدين يبدأ أيضا من الأحفاد، وقد تربيت منذ صغري وأنا ابن عشر سنوات وقبل زلزال 10 أكتوبر 1980 على زيارة المقبرة رفقة أمي رحمة الله عليها، وكنت أقرأ القرآن وأدعو الله لجدّي وجدّتي وآخرين من أفراد العائلة، ويريد الأب من أبنائه أن ينقلوا عنه فضيلة الدعاء للوالدين وقراءة القرآن على الوالدين رحمة الله عليهما.
وأنا أدخل المقبرة يرنّ المحمول أنّ أستاذي الروحي محمّد تازي قبل زلزال 10 أكتوبر 1980 جاء لزيارتي، وأثناء خروجي ألتقي بطالب يقول لي: درست عندك سنة 2007 مقياس “الوقائع الاقتصادية”، فراح يفتخر بأستاذه أمام زميله. وما أعظم المرء حين يكون بين رجاء أستاذه ودعوة تلميذه.
اتّجهنا بعدها إلى صهري عبد القادر بوزيان وأم الزوجة بأولاد محمد، حيث التقينا بالطبيب المختص امحمد، والطبيب المختص سيدي علي، والأستاذ المهندس نوفل، والمهندس الغائب محمد، وكذا الأبناء الكبار والصغار الذين زيّنوا الجلسة وأضافوا لها ببراءتهم وطيبة أخلاقهم وسمو معدنهم لمسة من البهاء والجمال والفطرة النقية الصافية.
تطرّق الجمع لمواضيع متعدّدة، يتدخّل صاحب الأسطر على إثرها ويقول: ليست من مهام المثقف أن يبرّر للسّلطان فهو رجل علم ومهمته أن يشرح و يبيّن بما يملك ويستطيع.
وانتقلنا بعدها لزيارة أخواتي بالحسنية وأبناء أختي الكبرى رحمة الله عليها، وكانت جلسة بين الإخوة والخال مع الصغار، حيث طيب الكلام وحسن الألفاظ وتمني الخير للحاضر والغائب.
ميزة هذا العيد أنّه تزامن مع كأس العالم في روسيا لسنة 2018، فكانت المباريات فاكهة الزيارة ومجالس يومي العيد، حتّى أنّ الزيارة أصبحت تبرمج بين المباراة و المباراة كما قال لي أحد الضيوف المختصين في العلم والرياضة.
إبني أكرم لم يستطع أن يرافقنا في كلّ الزيارات واكتفى يزيارة واحدة لأنّه مشغول بالتحضير لامتحان شهادة البكالوريا، وأطلب ممن أكرمني بقراءة المقال أن يرفع يديه ويدعو الله تعالى لابني قرّة عيني بالنجاح والتوفيق ولسائر أبناء الجزائر وأبناء المسلمين.
وأسعد الله أيامكم ومتّعكم بالصّحة والعافية، وعيدكم سعيد.