السيمر / الأربعاء 25 . 07 . 2018
سليم الحسني
يتظاهر الفقراء بدوافع مخلصة، من أجل أبسط الحقوق، يريدون الكهرباء والماء وبعض الخدمات وشيئاً من الخبز. هي مطالب بسيطة، ومع ذلك قنعوا بها ورضوا بهذا السقف البسيط منها.
لكن المتظاهرين الفقراء حين ينطلقون في الشوارع يهتفون ببعض حقوقهم، تكون مجموعات من صيادي الفرص واستغلال المواقف، قد عقدت اجتماعاتها السرية في العراق وخارجه، تخطط كيف تسرق هذه القلوب المحزونة والشفاه الناشفة وتزج بها في مشاريعها التخريبية.
سرقة التظاهرات عملية سهلة، فالعاطفة الغاضبة يمكن توجيهها بهذا الاتجاه وبعكسه. ومن يقرأ تجارب الشعوب في تظاهراتها وانتفاضاتها وثوراتها، تنبسط أمامه حالات السرقة المتكررة. وهذا ما يهدد تظاهرات الفقراء في العراق.
كانت البصرة المشتعلة بالشمس والاحتجاجات، تبحث عن كهرباء وماء وفرص عمل لأبنائها، وفي نفس الوقت كانت عدة جهات منهم اليماني والصرخي يرسلون مندوبيهم الى العديد من رؤساء العشائر لتشكيل حكومة إنقاذ وطني، حددوا رئيسها بالسيد جعفر محمد باقر الصدر، مع العلم أنه لا يعلم بذلك، ولم يبحث معه أي طرف مثل هذا الأمر الخطير، ولكنهم اختاروا الإسم للإيهام، فهو مقبول في الأوساط الشيعية لكونه الابن الوحيد للشهيد الامام محمد باقر الصدر.
لقد وقع الاتفاق على حكومة الانقاذ بعناية فائقة، وهذا ما يتأكد عندما نعرف أن اجتماعات تجري حالياً في العاصمة الأردنية عمان، يشارك فيها وزير الدفاع السابق خالد العبيدي وبعض القيادات السنية، تطرح نفس المطلب أي حكومة انقاذ وطني برئاسة العبيدي.
لن أدخل في التفاصيل وفي الحديث عن ما يجري في الغرف المغلقة، فلهذا مقال أو أكثر في وقت قادم ان شاء الله. لكن الذي أريد التوقف عنده أن يبادر الحريصون على العراق وشعبه الى توجيه التظاهرات نحو هدف محدد هو ضرورة تشكيل الكتلة الأكبر وعقد جلسة البرلمان والإسراع بتشكيل الحكومة.
هذا هو الهدف العاجل الذي يجب أن تتجه نحوه التظاهرات، لأن الغرف المغلقة لا تريد انعقاد مجلس النواب وتشكيل الحكومة، إنما تريد شرّاً بالعراق، تطول مدته ويدوم بقاؤه.
أيها العراقي المملوء حزناً ومأساة، من حقك ان تتظاهر، بل يجب عليك أن تتظاهر، لكن لا تطلب شيئاً ضئيلاً، فلو فعلت ذلك فانهم سيسرقون ما تبقى لك من حياة، وسيحولونك الى حطب لنارهم. طالب بانعقاد البرلمان وبالاسراع بتشكيل الحكومة، ثم قف بعد ذلك وطالب بحقوقك منها، طالبها بكل الحقوق وليس ببعضها.
أيها المتظاهرون، خدعوكم وخدعوكم، وسيخدعونكم حين يسترضونكم ببعض الاستجابات البسيطة، لكنهم سيصممون لكم مستقبلاً مظلماً أحمر بالانفلات والاقتتال وضياع المتبقي من هذا الوطن.
أيها الفقراء، هذه هي الصورة ولكم الخيار، إما ان تتوجهوا بغضبتكم نحو الإسراع بتشكيل الحكومة، أو تدخلون الفوضى والخراب، ولكم القرار.