الرئيسية / ثقافة وادب / وداعاً وريث .. مانحُ الكتبِ

وداعاً وريث .. مانحُ الكتبِ

السيمر / الجمعة 19 . 10 . 2018

جاسم العايف

الفقيد غازي فيصل حمود

* (…) قسم من رواد مقهى (الـدَكَّـةْ)، الواقعة ،قبالة نهر( العشار)، لابد لنا في كل مساء أن نستريح على(حصران..دكَّتها). وجوهنا تقابل الشارع العام ، وشباب البصرة وشاباتها في منتهى التألق والانفتاح . فتيات البصرة ، ومنهن قادمات من مدن عراقية شتى ، وبعضهن خليجيات ، من البحرين وعُمان واليمن الديمقراطية و الشمالية ،والكويت. وكذلك الأردن وفلسطين ، وأرتيريا ، وموريتانيا ،والسودان ، للدراسة في جامعتها ، يتجولن ،بصحبة العراقيات والبصريات ، في أسواق (المغايز والهنود ،والكويت)، وشارع (الكورنيش )، بحرية وكبرياء وثقة ، سافراتٍ – إلقاتٍ ، مرتديات أحدث الأزياء ، التي اجتاحت العالم حينها. المد في نهر العشار، الذي خلفنا، يرتفع شيئاً فشيئاً ،وأحياناً يغترف بعضنا منه ماء رائقاً لنغسل أيدينا ووجوهنا،أو نتذوقه زلالاً، وعلى(دكتها) و حصرانها- الخوص- التي تصنعها نساء أبو الخصيب والاهوار،ثمة حوارات متواصلة عن أحدث الإصدارات الثقافية – الأدبية ، والمستجدات السياسية، المحلية – الدولية ، أحاديث ووجهات نظر واجتهادات لا تنقطع أبداً ، و أحياناً تتقاطع(..). وقبل مغادرة منطقة (البصرة القديمة ) عصراً ، ومقهى (هاتف) تحديداً ،لابد لنا من التوجه يومياً، نحو(مانح الكتب)، العم الحاج (فيصل حمود – أبو غازي) و(مكتبته الأهلية)، التي أصر النظام البائد،بعد منتصف عقد السبعينيات، و خلال حملته الشرسة – العلنية ، لـ(تبعيث) المجتمع العراقي ، بالإكراه، والبطش، والقسوة، في حدودها القصوى، على أن تنزع جلدها القديم وتتنكر لاسمها (الأهلي) المعروف تاريخياً – شعبياً، منذ أكثر من ثمانية عقود ، وتتحول إلى “مكتبة الفكر العربي”؟!.غير أن صاحبها ،ومؤسسها، الحاج ” فيصل حمود” وولده الأستاذ “غازي – أبو مصطفى” ، أضافا في الإعلان عن اسمها الجديد ، المفروض عليها قسراً ، وأسفله بالضبط ، ((المكتبة الأهلية سابقاً – تأسست 1928م))، إشارة واضحة المعاني والدلالات، عن تمسكهما، باسمها القديم.استعادت (الأهلية) اسمها الأثير، بعد سقوط النظام مباشرة ، ملقية بتسمية (الفكر العربي) ، نحو الماضي وجراحاته الشاخصة ، العصية على الالتئام.والمكتبة (الأهلية) هي الباقي الوحيد من زمن ، بصريٍ – عراقيٍ ، لن يستعاد قطعاً. ويعمل صديقنا الأستاذ (غازي فيصل حمود التميمي- أبو مصطفى)، الوريث الأمين لـ(مانح الكتب)، بإصرارٍ وتحدٍ،على بقائها شاخصة ، غنية ، القة ، وهي تواجه مستجدات وتقلبات وعواصف وزوابع العراق الحالي ،بدأبٍ و ببسالة وتمكن.

(*) جزء من مساهمة مطولة ، من المؤمل أن تصدر في كتاب ،مشترك، يسهم فيه بعض الزملاء الكرام بمناسبة الذكرى الـ(90 ) لتأسيس (المكتبة الأهلية).

النص منقول من صفحة الفيسبوك للأستاذ جاسم العايف

اترك تعليقاً