الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / مقارنة بين حدث اغتيال بروفيسور عراقي في عدن من قبل البعث واغتيال خاشقجي من قبل أعوان محمد بن سلمان آل منشار

مقارنة بين حدث اغتيال بروفيسور عراقي في عدن من قبل البعث واغتيال خاشقجي من قبل أعوان محمد بن سلمان آل منشار

السيمر / الاحد 28 . 10 . 2018 — نضع هنا مقارنة بين حادثي اغتيال ، وكيف تصرفت كل دولة وفق الحدث الإرهابي .. الحدث الأول حدث في العام 1979 بعاصمة جمهورية اليمن الديمقراطي عدن من قبل أزلام البعث ، وذهب ضحيته البروفيسور العراقي توفيق رشدي الأستاذ العراقي بعدن ، وكيف تصرفت جمهورية اليمن مع القتلة رغم انهم لجئوا لمبنى السفارة العراقية بعدن . والحدث الثاني وهو حدث آني حدث قبل اقل من شهر في مدينة إسطنبول بتركيا وذهب ضحيته الصحفي المعروف جمال خاشقجي والموقف المتردد للحكومة التركية في حسم قضية الاغتيال وعدم توجيه الاتهام للفاعل الحقيقي الذي تملك معطيات عديدة حول الحادث والتي تدينه شخصيا ..
نضع امامكم الحادث السابق لاغتيال الشهيد البروفيسور توفيق رشدي :

وفيق رشدي بروفسور عراقي، وصل (عدن) اواسط السبعينات ليعمل أستاذاً في جامعتها. سكن في حي (المنصوره) في شقه تعود ملكيتها للدوله، ومخصصة لسكن منتسبي وزارة التربية والتعليم اليمنيه ، لان ضمن النظام الذي كان معمولاً به في دولة اليمن الديمقراطيه، ان كل وزاره مسؤولة عن توفير سكن للعاملين فيها، اي ان معظم الساكنين هم من المدرسين في الثانويات وكليات (جامعة عدن)، والتي كانت (دولة الكويت) تدفع رواتبهم كجزء من معونة لهذه الدولة العربية الفتيه، وفق عقود عمل توقعها وزارة التربية والتعليم اليمنيه مع من تحتاجهم من اساتذه ومدرسين وبمختلف الاختصاصات .
أحبه طلبته وزملائه وكل جيرانه، لتواضعه الجم، ولامكانياته العلمية وثقافته الواسعه .
وفي مساء صيفي حار من الاسبوع الاول من شهر يونيو 1979، كمنوا له وهم يعرفون كل خطواته،
كان قد خرج ليقوم بجولته المعتاده في المشي، فقرروا انتظاره بالقرب من العمارة التي يسكن فيها.
كان “البروفسور/توفيق رشدي” شخصية حذره جداً ، وكان لا يفتح باب شقته حتى يتأكد من الطارق، لذا فضلوا ان ينتظروه عند المنعطف الى بيته .
كان الظلام لم يحل بالكامل بعد .
فعندما وصل نزل أحدهم من السيارة ليخبره أن الموافقة على طلبه قد وصلت منذ فترة وأنهم أتصلوا به مراراً ولكنهم لم يجدوه، وطلبوا توقيعه على ورقة معينة.
عندها قال انه لا يستطيع قراءة الورقة بسبب الظلام وانه لا يستطيع ان يوقع عليها دون أن يعرف محتواها،
اقترحوا عليه أن يدخل السيارة ليستطيع قراءة الورقه على الضوء الموجود داخلها، ولكنه رفض، وعندها حاولوا ادخاله بالقوة وأشهروا عليه مسدساتهم، لكنه لقوته تمكن من الافلات منهم، وبدأ في الصراخ :
– “السفارة العراقية تريد قتلي” ….
في تلك اللحظة افرغوا رصاص مسدساتهم فيه وصعدوا سيارتهم وولوا هاربين على الطريق البحري، ليصلوا الى مبنى السفارة العراقية ويختبأوا فيها.
ولكي لا تموت الجريمة، كان هناك شاهد وسمع كل شئ، هي فتاة عدنية كانت واقفة في شرفة منزلها ولم يلحظها القتلة.
فاتصلت بالشرطة واخبرتهم بكل شئ.
في الوقت ذاته كانت دوريات الامن في منطقة (خورمكسر) قد لاحظت سيارة مسرعة ، مطفئة الانوار تدخل المنطقة، ولم تتوقف لدى الاشارة اليها بذلك. مما اضطرهم الى متابعتها، حتى دخلت مبنى السفارة العراقية. فأعلموا السلطات العليا بذلك.
نزل خبر أغتيال “البروفسور/توفيق رشدي”، والذي عثر عليه غارقاً في دمه، وقد فارق الحياة على بعد خطوات من بيته، كوقوع الصاعقة.
استنفرت الدولة كل أجهزتها الأمنيه، واصيب الجميع بالذهول .
كانت اول جريمة من هذا النوع تقع في هذا البلد المسالم الهادئ، والذي كان يعج بأعضاء من كل حركات التحرر العربية. مما اوجب على الحكومة أن تأخذ موقفاً حازماً. حتى لا يفكر اي طرف آخر للجوء الى هذا التصرف وتصفية خصومه السياسين على أرض اليمن الديمقراطيه،
كما كانوا يشعرون بأهانة كبيرة وبجرح في كرامتهم.
كان القرار قد اتخذ :
[ ان لا تمر الجريمة بدون عقاب ] .
ويجب جلب الجناة الى المحاكمة .
وبما ان القتلة من الدبلوماسيين وأتخذوا من السفارة ملجاً لهم، لذا تم دعوة كافة أعضاء السلك الدبلوماسي الموجودين في عدن وبضمنهم السفير العراقي الى مبنى وزارة الخارجية اليمنيه الجنوبيه .
وفي ذات الوقت حاصرت قوات يمنيه جنوبية مبنى السفارة العراقية .
ولما امتنع الجناة عن الخروج من مبنى السفارة ، اطلقت إحدى الدبابات قذيفه واحدة نحو مبنى السفارة مما اضطر المطلوبون الى الخروج ورفع رايات بيضاء معلنين عن تسليم انفسهم .
في بغداد كان قد قطع الماء والكهرباء وسبل الاتصال عن سفارة اليمن الجنوبية وبشكل كامل منذ اليوم الاول للاحداث، ثم امطرت بوابل من النيران.
ثم طرد كافة الطلاب اليمنيين من كافة الجامعات والمعاهد العراقيه .
أعلن عن يوم التشييع وفي منطقة سكن “البروفسور الشهيد” .
كنت ترى الحشود وهي تقبل على المنطقة من كافة شرائح المجتمع اليمني؛ نساء واطفال وشيوخ وشباب ،طلبة المدارس والكليات، موظفين وعمال، وكذلك قادة الدوله والحزب يتقدمهم الأمين العام للحزب الأشتراكي اليمني “الرفيق/عبد الفتاح إسماعيل” .
وكافة الأشكال النضاليه والنقابيه وممثلي المنظمات العاملة في عدن والسلك الدبلوماسي الاجنبي والعربي وجميع الجاليات …..
كانت (عدن) قد خرجت عن بكرة أبيها في حالة لم تشهد لها مثيل من قبل .
فالجميع مفجوع بما حدث .
سارت الجموع في موكب مهيب، تتقدمهم القيادة الجنوبية، لتشيع الجثمان الى مثواه الاخير في إحدى مقابر مدينة (الشيخ عثمان)، مروراً بالاحياء والاسواق التي كانت تقفل ابوابها لتلتحق بالموكب وهي تهتف :
“يا بغداد ثوري ثوري … خللي البعث يلحق نوري”.
فوصلتها مع الغروب، وكانت شمس المغيب تصبغ السماء بحمرتها والحشود تهتف :
“سنمضي سنمضي الى ما نريد … وطن حر وشعب سعيد” .
والدموع تنهمر من عيون الرجال والنساء على السواء.
ولا أعتقد ان تلك اللحظات المهيبة ستنسى من ذاكرة من شهدها.
بدأت مجريات المحاكمة العلنية والتي كانت تبث من قاعة المحكمة على الهواء مباشرتاً، وشخوصها البارزة على ما اتذكرهم:
“القنصل العراقي/عبد الرضا سعيد”
وكان من أهالي بعقوبة،
“سمير بشير” من أهالي الموصل، ولا أذكر بالضبط ان كان مستشاراً او ملحقاً في السفارة وحارس السفارة الذي لم أعد أتذكر أسمه .
تلك كانت محاكمة حقيقية كشفت كل شي امام الرأي العام اليمني والعربي والعالمي وعلى الهواء مباشرة، في دولة العداله الأجتماعيه، دولة النظام والقانون في (جمهورية اليمن الديمقراطيه الشعبيه)
ختاما، ليس لنا سوى أن نذكر بكل أحترام وتقدير وإجلال كافة أعضاء وقادة حكومة (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) الاحياء منهم والأموات، الذين رفضوا المساومة على كرامتهم ومبادئهم، رغم أن حكومة العراق كانت تمنحهم معونة مادية سخية قطعتها على أثر ذلك الموقف الشجاع، وهم كانوا بأمس الحاجة لها .

اترك تعليقاً