الرئيسية / مقالات / سورية … ماذا مهمة بيدرسون وماذا عن تعقيدات مسار جنيف !؟

سورية … ماذا مهمة بيدرسون وماذا عن تعقيدات مسار جنيف !؟

السيمر / السبت 12 . 01 . 2019

هشام الهبيشان / الاردن

بالبداية ، من الطبيعي ان يبدأ المبعوث الأممي الجديد لسورية الدبلوماسي النرويجي جير بيدرسون مهمته بتصريح يعتبر من خلاله “أن مهمته شديدة الصعوبة “،وهذا التصريح يتفق معه ويجمع عليه غالبية المراقبين والمتابعين لملف الحرب على سورية “والأمم المتحدة ومؤساساتها جزء منها ” ، وهنا وليس بعيداً عن تصريح بيدرسون ، فمن قرأ تداعيات وخلفيات ملف الحرب على سورية جيداً ،سيصل لنتيجة واحدة ومضمونها الرئيسي أنّ أزمات دولية – إقليمية – محلية مركبة الأهداف، كالحرب التي تدار حالياً ضدّ سورية، لا يمكن الوصول إلى نتائج نهائية لها بسهولة، لأنها كرة نار متدحرجة قد تتحول في أي وقت إلى انفجار إقليمي، وحينها لا يمكن ضبط تدحرجها أو على الأقلّ التحكم بمسارها، فالحلول والتسويات تخضع للكثير من التجاذبات والأخذ والردّ قبل وصول الأطراف الرئيسية المعنية إلى قناعة شاملة بضرورة وقف الحرب، وفي هذه الحال، لا يمكن التوصل إلى حلّ في المدى المنظور، ما لم تنضج ظروف التسويات الإقليمية والدولية، أو ان يكون هناك حسم عسكري ميداني واسع وشامل يحسم المعركة لطرف ما “ويفرض امر واقع على الجميع “،وهذا ما نجحت بتحقيقه “مرحلياً ” الدولة السورية مع الحلفاء . وهنا وبالعودة قليلاً للوراء ،وبالتزامن مع حديث بيدرسون عن مؤتمر جنيف وسعيه لتطبيق القرار 2254 ، فالواضح أنّ هذا المؤتمر لم ولن يتمكن من تحقيق أي إنجازات فهناك العديد من الصعوبات والمعوقات المتمثلة بـ”المعارضة” وداعميها وتمسكهم بالشروط نفسها التي أفشلت النسخ والمؤتمرات السابقة، حيث يتضح أنّ المطلوب، من وجهة نظر المعارضة الخارجية هو تسليمها السلطة،ومن هنا يبدو واضحاً ان استعراض مجموع اللقاءات والمؤتمرات التي عقدت، في هذا الإطار الخاص بانهاء الحرب على سورية ، نجد أنّ كلّ ما قامت به هو إشباع الإعلام بالصور النادرة عن نجاحات الدول الوسيطة في التفاوض وعن فرص للتقدم المأمول، مع أنّ تلك الدول جميعها تدرك أنّ الوصول إلى نتائج فعلية ليس ممكناً في هذه المرحلة، وفي حال التوصل إلى حلّ ما فإنه سيكون مرحلياً، أو خطوة في طريق طويل صعب ومعقد، ستبقي سورية في معمودية النار حتى وقت غير محدّد. وبالعودة إلى مسارات الحلول السياسية ، سنقرأ من دروس التاريخ عن تجربة مؤتمر “جنيف ″ السوري، بفصوله ونسخه كاملة، فقد كان هذا المؤتمر شاهداً على طريقة تعامل الأمم المتحدة والموفدين الدوليين من كوفي عنان إلى الأخضر الإبراهيمي إلى استيفان دي ميستورا مع مسارات الحرب على الدولة السورية، ولقد كان “جنيف” امتحاناً لمؤسسة الأمم المتحدة، والدول الداعمة للإرهاب على أرض سورية لكشف نواياهم الحقيقية وأهدافهم من عقد هذه المؤتمرات بفصولها المختلفة ،واليوم وكما يعلم كل متابع ومراقب لملفات وأزمات المنطقة وبالاخص منها الملف السوري ، فمسار الحلول “السياسية”للملف السوري ما زال مغلقاً حتى الآن، وخصوصاً أنّ استراتيجية الحرب التي تنتهجها واشنطن وحلفاؤها تجاه سورية بدأت تفرض واقعاً جديداً، فلم يعد هناك مجال للحديث عن الحلول السياسية، فما يجري الآن ما هو إلا حرب مستمرة وباشكال مختلفة على الدولة السورية، فاليوم من يقرأ طبيعة الشروط الأمريكية -الغربية – الاقليمية ،بخصوص الدستور السوري ولجنة صياغة الدستور وقوائمها المعتمدة ، سيدرك جيداً أن واشنطن وحلفاؤها مازالوا ولليوم يمارسون نفس المنهجية والاستراتيجية بحربهم على سورية، ومن هنا سيلاحظ معظم المتابعين وبوضوح أنّ التعويل على الحلّ السياسي في سورية، في هذه المرحلة تحديداً، فاشل بكلّ المقاييس، لأنّ الرهان واجزم بذلك اليوم هو على الميدان “فقط”. ختاماً ، واليوم عندما نتحدث أن لارهان الا على الميدان ،نتحدث بذلك لأننا ندرك أن الدولة السورية تتعرض ومازالت لحرب عالمية واسعة وشاملة ومتعددة الاشكال والوجوه ، والرضوخ امام أي جزء منها ، يعني الهزيمة ، وهذا ماتدركه جيداً القيادة السورية والحلفاء ، ولهذا مازالت الدولة السورية مستمرة وبدعم من الحلفاء بتطهير الجغرافيا السورية من البؤر الإرهابية المتبقية ،والرهان على جهودها بتخليص سورية من آفة الإرهاب “المدعوم من حلف ومحور العدوان على سورية “،فاليوم من يحكم سيطرته على الارض هو من ستكون له الكلمة العليا على طاولة المفاوضات النهائية ،والدولة السورية تدرك جيداً ،أن انتظار أي موقف أو مبادرة سياسية غربية تخدم ملف انهاء الحرب على سورية “هو غير ممكن حالياً ولامستقبلاً بالمطلق “، وخصوصاً انه بات من الواضح اليوم، أنّ جميع المعطيات الإقليمية والدولية في هذه المرحلة، تشير إلى تصعيد واضح بين الفرقاء الإقليميين والدوليين، وهذا بدوره سيؤدي إلى المزيد من تدهور الوضع في سورية وتدهور أمن المنطقة ككلّ، وهذا ما تعيه الدولة السورية،ولهذا لا يمكن اليوم ابداً التعويل على مسار الحلول السياسية للحرب على سورية ،لان مصيرها الفشل ،ولابديل اليوم عن استمرار انتفاضة الجيش العربي السوري في وجه كلّ البؤر الإرهابية المسلحة، فهذه الانتفاضة والانجارات المستمرة هي من ستشكل وشكلت حالة واسعة من الإحباط والتذمر عند الشركاء في هذه الحرب المفروضة على الدولة السورية، ما سيخلط أوراقهم وحساباتهم لحجم المعركة من جديد.

اترك تعليقاً