الرئيسية / ثقافة وادب / ثقافة من زمن معاصر

ثقافة من زمن معاصر

السيمر / فيينا / الخميس 04 . 07 . 2019

د. زينب نشأت السعدي

لو لم تكن للقواعد شواذا لأوجب العقل علينا أن نستنبط لها شواذا لكي تمكننا من التمييز بين الجميل والقبيح والحُسن والقبح، ولا أعتقد أن المقارنة تحتاج منا إلى جهد كبير، فالشواذ يعلنون عن أنفسهم بأنفسهم.. بسلوكهم وحماقاتهم ودونيتهم وقبحهم، الشواذ هم اولئك الذين تأخذهم نشوة الدنيا الى غير مرضاة الله، هم اولئك الذين يصارعون ضمائرهم لترضا بتلك النشوة! هم أولئك الذين اصادفهم والتقيهم كل يوم، ولا أرى في وجوههم إلا معاني التدني والبعد عن روح وقيم الانسانية. إنهم يقرفوني ولذا صرت لا أطيق النظر اليهم، وحينما يضعهم القدر في طريقي تطفح عيناي انزعاجا فتحيد ذات اليمين وذات اليسار، وتبدأ تتصفح جدران الممرات عسى ان يشغلها شيء ما عن النظر إليهم، أما حينما يحصروني في زاوية ضيقة ساعة تفرضهم ظروف العمل أو الأخلاق على التواجد قربي فتلازمني الدهشة عند الاستماع الى آرائهم السطحية التافهة وتتجمد كلماتي وترتبك نظراتي، يا ترى أحقا ما أسمع وأرى؟ هؤلاء مرض خبيث ينفث سمومه في المجتمع، ولاسيما وأنهم لا يخجلون من بعضهم البعض، ولذا أرى أنه يصعب العيش في بيئة ملوثة بأشخاص مثلهم تلزمك المناهج أن تجاريهم وتتحدث معهم حتى مع معرفتك بأنهم ضارون جدا، وربما لهذا السبب تنتابني مشاعر الخوف والقرف منهم، لأنهم بسلوكهم المنحرف وثقافاتهم الرديئة يذكروني بعصابات القصص البوليسية غموض …احتيال … مكر … دهاء علني ومخفي، صحيح أني ارفع رأسي شموخا امامهم، لأني انقى سريرة وعلنا منهم، وصحيح أنهم بسبب انحطاطهم لا يدركون ذلك الرقي، إلا أني أمني النفس: صبرا ايتها النفس النقية لا تختلطي ارجوك بتلك النفوس الشيطانية، لا تلوثي ذلك الماء الصافي الذي يسير في دمك، لا تمزجيه بما قد تعتادين سماعه وادراكه، إنه وهم الحياة الفانية، إنه المرض المزمن؛ الذي اختاروه بإرادتهم، وتقبلوه بأنفسهم هم يريدون ذلك .. رجحت عندهم كفة الشهوة على كفة راحة الضمير ومرضاة الله فأباحوا لأنفسهم انجازات مختلطة بمحرمات بينة. اولئك هم الذين: ((اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَىٰ فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ)) سؤالي: هل خلق هؤلاء على هذه الهيئة المزرية؟ ام أنهم تعلموا الرداءة من بعضهم البعض؟ ام انتقلت العدوى اللعينة إليهم حسب قانون وشرط الاستعداد بسرعة البرق؟ ولماذا يستمر توالدهم وتوافدهم في المجتمع حيث يتكرر سيناريو وجودهم في كل مجتمع وفي جميع الأزمان؟ وهل هناك في المجتمع من يقدم لهم الدعم ويدافع عنهم، أم أنهم يملكون قوة خفية تمنحهم الصمود بوجه الضمائر الحية ؟ أنا واقعا أؤمن أن من مباني صحة المجتمعات تنوعها الفكري والنفسي والقيمي والأخلاقي والفكري، وهذا يعني أننا يجب أن نقبل الجميع ونأمل من الجميع أن يقبلونا، ولكن ذلك لا يعني أننا ممكن أن نتجاوز وجود هؤلاء في المجتمع ولا ندينه، ان ضررهم يتجاوز عصرهم، ولا يصيب الفكر وحده بل يتعداه ليصيب كل البنى التحتية في المجتمع، ولذا يجب التنوية إلى خطورة تواجدهم وأخذ الحيطة والحذر منهم .

اترك تعليقاً