السيمر / فيينا / الأربعاء 17 . 07 . 2019
فجرت قضية التعذيب في السجون العراقية بعد حادثة وفاة الموقوف ماهر الرماحي في سجن مكافحة إجرام النجف، فيما سلط تقرير دولي الاربعاء، الضوء على تلك الظاهرة، خاصة في محافظة نينوى.
وذكر التقرير الذي نشرته وكالة الاناضول وتابعه “ناس” اليوم (17 تموز 2019)، حالة الموقوف بشار العبادي (50 عاما)، في مركز احتجاز الفيصلية وسط الموصل، وقد اعتقلته قوة عسكرية من داره بحي الزهور بالموصل، في أيلول الماضي، بتهمة تمويل الإرهاب.
ونقل التقرير عن نجل العبادي قوله إن “والده مظلوم ولا علاقة له بالتهمة الموجهة إليه، واعتقاله كان مكيدة دبرها أحد الأقارب المنتمين للمؤسسة العسكرية، بدوافع شخصية ترجع إلى خلافات”.
وأضاف أن “والده لا يزال قيد التحقيق في مركز احتجاز الفيصلية، ولم تتسن للعائلة مقابلته، ولا يعلم حالته، التي ربما تكون سيئة بعد الحديث عن وجود انتهاكات داخل السجون”.
وفي (4 تموز 2019) نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش، تقريرا عن أوضاع مهينة في معاملة السجناء بمراكز الاحتجاز في محافظة نينوى، أفادت أنه “يوجد 4500 نزيل، بينهم مئات الأطفال والنساء، في مراكز الحبس الاحتياطي الثلاثة، وهي تل كيف والفيصلية والتسفيرات (في مجمع الفيصلية)، بينما تبلغ طاقتها الاستيعابية 2500 فقط”.
وردت عليه قيادة شرطة نينوى في بيان لها قالت فيه إن “تقرير المنظمة غير صحيح، وإن جميع النزلاء موقوفون بأوامر قضائية”، مضيفة “أنهم موجودون في قاعات مكيفة، بها جميع الخدمات الإنسانية والرعاية الصحية، وتقدم لهم ثلاث وجبات طعام، وبعد إكمال التحقيق يتم إحالتهم للمحاكم المختصة”.
ونقلت الوكالة في تقريرها عن مواطن موصلي آخر يدعى سلوان حيث يتحدث بخلاف ذلك، فشقيقه ثامر ما يزال معتقلًا منذ عامين، وما يزال قيد التحقيق في مركز احتجاز قضاء تلكيف (6 كم شمال شرقي الموصل).
ويوجد في ذلك المركز 2490 نزيلًا بين موقوف ومحكوم، بينهم 1050 من الأحداث، و220 امرأة، و30 طفلًا تتراوح أعمارهم بين عامين وسبع سنوات.
وقال سلوان “اُعتقل أخي ثامر (39 عامًا) بسبب عراك مع ضابط برتبة رائد في الفرقة السادسة عشر للجيش، على خلفية سرقة مبلغ مالي من دارنا في (منطقة) حاوي الكنيسة (بالموصل)، الذي تركناه لأيام خلال عمليات تحرير المنطقة من (تنظيم) داعش، في (مايو) أيار 2017”.
وأضاف: “بعد الشجار اعتُقل شقيقي بتهمة التعاون مع داعش، ولم نسمع أي خبر عنه طيلة السنة الأولى لاعتقاله، ولسنا متأكدين من مكان اعتقاله، لكن شهادة معتقلين مفرج عنهم تفيد بوجوده في سجن قضاء تلكيف”.
وفي العراق تكفي وشاية من مخبر مجهول، ولو كانت كاذبة، لاعتقال أشخاص من المدن المحررة من “داعش”، حتى وإن كانوا أبرياء، وفق التقرير.
وعلى اثر ذلك، قال النائب السابق عن نينوى، محمد العبد ربه، إن “موقوفًا قيد التحقيق لدى مديرية الاستخبارات في الموصل، التابعة لوزارة الداخلية، توفي قبل أيام ولم تعلن الجهات الأمنية عن ذلك أو تخبر أهله، ما يثير الشكوك بشأن أسباب وفاته”.
أما النائب الحالي عن نينوى، شيروان الدوبرداني، فقال للأناضول: توجد انتهاكات صارخة لحقوق المعتقلين، أبرزها اكتظاظ مراكز الاحتجاز بالنزلاء، سواء كانوا على قيد التحقيق أو من الذين صدرت بحقهم أحكام قضائية.
وكشف أن عدد الموقوفين والمحكومين في مراكز الاحتجاز المؤقتة بنينوى يزيد عن ستة آلاف، بينهم مئات الأطفال والأحداث والنساء.
وتابع الدوبرداني: “الوضع داخل سجون نينوى أسوأ بكثير مما جاء في تقرير رايتس ووتس الأخير عن العراق”، محملاً “وزارة العدل “مسؤولية الكارثة، لعدم نقل المحكومين من المحافظة إلى السجون المركزية في المحافظات الأخرى”.
ووفقا للتقرير فقد يقدر عدد الموقوفين قيد التحقيق في مراكز احتجاز نينوى بأكثر من 5 آلاف موقوف، وأكثر من 30 ألفاً في أرجاء العراق.
بدوره قال نائب رئيس المفوضية، علي ميزر الجربا، للأناضول، إنه تم تسجيل أكثر من 100 حالة وفاة داخل مراكز التوقيف المؤقتة في نينوى بين عامي 2017 و2019؛ لأسباب مختلفة.
وتابع أن “المفوضية وثقت مئات الحالات لمعتقلين تجاوزت مدة توقيفهم عامين كاملين على ذمة التحقيق”، مشددا على “تسجيل شكاوى ومعلومات عديدة تفيد بوجود عمليات تعذيب للمعتقلين، داخل مراكز الاحتجاز”.
وأردف الجربا: “معلوماتنا تفيد بوجود تعذيب جسدي ونفسي للمعتقلين، وأحيانا يتم تهديد المعتقلين بهتك أعراضهم ما لم يعترفوا بما تريده جهة التحقيق”، لافتا الى ان “يتم منع المحامين من التواصل مع المتهمين، إلا بعد تصديق أقوالهم، وكذلك منع الفرق الطبية من الإطلاع على الموقوفين، خلال فترة التحقيق، وهو ما ساعد على اعتماد التعذيب في السجون ومراكز الاحتجاز”.
وامس الثلاثاء، تصاعدت حدة الغضب الشعبي، إثر وفاة شاب بسبب التعذيب في سجن تابع لوزارة الداخلية، وهي الحادثة التي فتحت ملف التعذيب في مراكز الاحتجاز.
وحينها أعلن رئيس اللجنة القانونية في مجلس محافظة النجف حسين العيساوي، عن وفاة الشاب ماهر الرماحي أثناء التحقيق معه في سجن مكافحة الغري.
وقال العيساوي في بيان تابعه “ناس”، إنه ”للأسف الشديد وبسبب رعونة وجهل بعض ضباط التحقيق ومنهم مكافحة الغري توفي البريء ماهر الرماحي“، مضيفًا أنه ”من خلال متابعتنا للقضية هناك ضغوط كبيرة من بعض الضباط على الطب العدلي لتعديل التقرير“.
بدورها اكدت مقررة لجنة حقوق الإنسان النيابية وحدة الجميلي في بيان لها أن “وفاة احد الموقوفين أثناء التحقيق في احدى مراكز الشرطة في النجف يعد انتهاكاً صارخاً لحقوق الانسان، مؤكدة أن “هذا الخرق الدستوري يدعو إلى وقفه حازمة وجادة من قبل الجهات المعنية وفي مقدمتهم القائد العام للقوات المسلحه ووزير الداخلية”.
المصدر / ناس