السيمر / فيينا / الاثنين 22 . 07 . 2019
رواء الجصاني
نشرتُ قبل فترة وجيزة مادة توثيقية عن أثنين وعشرين شاعرا نظموا شعرا للجواهري (1898-1997) وعنه، ووعدتّ بأن الحقها بواحدة اخرى- وها هي بأيدي القراء – توثق لمواضيع نقدية، واستذكارية وعداها، كتبها شعراء عراقيين وعربا، عن الشاعر الخالد، على مدى عقود مديدة، قبل رحيله، وبعده .. دعوا عنكم ما كتبه غير الشعراء، والذي يعـدّ بالمئات: دراسات ومقالات وذكريات وسوى ذلك ..
وحريٌ ان اقول في البدء بأن ما سيلي من اشارات وتوثيقات لم تأتِ غيّر أمثلة وحسب، ومن الذاكرة بشكل رئيس، مع بعض ما يتوفر تحت اليد من الارشيف العامر. ولربما هناك من المتابعين والمهتمين فيقومون بمزيد من التوثيق، ويقدمون بجهدهم ذاك ما يفيد الباحث والمتلقي على حد سواء، ويوفر اضاءات اضافية لذلك العراقي الرمز، والذي شغل القرن العشرين على الاقل، وما برح ..
ولعلّ ثمة ما يدور في خلد القارئ عن دافع هذا التوثيق الجديد، فأجدد القول- كما كتبت في المرة السابقة، تحت عنوان “شعراء نظموا عن لجواهري، وله” : ان هذه “حلقة” اضافية لسلسة ما كتبتُ بصدده منذ اعوام، وحتى الفترة القريبة الماضية، وأعني السعي للردّ بهذا الشكل أو غيره، على ما أزعمه تطاولاً يـروح اصحابه بين الفينة والاخرى للردح به وتحت لبوس هنا، وآخر هناك، وبهدف مقصود هو محاولة النيل من شاعر الامتين العراقية والعربية في القرن العشرين على الاقل “… واضيف: ان من دوافع هذه الكتابة ايضا محاولة لمحاكاة “مقلوبة” لما رآه أو حكم به المتنبي الخالد شعراً، ونصه ” وعداوةُ الشعراء، بؤسُ المقتنى”.. فأقول – ربما (و”محبة الشعراء، “خيـر”ُ المقتنى)..
وأعود الى العنوان الذي نحن فيه فأشير – مثلا- الى ان ما جادت به الذاكرة عن كتابة الشاعر فوزي كريم حول الشاعر الخالد بعنوان “من الغربة وحتى وعي الغربة” وذلك عام 1969(1) وكذلك ما نشره على صفحة كاملة في صحيفة الشرق الاوسط اللندنية بتاريخ 1991.11.4 وشمل ذكريات وتوثيق ورؤى عن الشاعر الخالد. اما في نهاية عام 1968 (او اوائل 1969) فهناك للشاعر صادق الصائغ حديث وحوار طويلاً مع الجواهري وعنه، اجراه في براغ، ونشرته (مجلة الف باء) البغدادية..
ومما انوه اليه في هذا التوثيق، ذلك الحوار المطول الذي اجراه الشاعر سامي مهدي، ونشره في عدد حزيران 1971 لمجلة (المثقف العربي) .. مما جاء في التقديم للحوار “كنت قد قدرت ان لقائي بالجواهري سيستغرق ساعة او اكثر قليلا. وانه سيكون جافاً أو حتى مملاً، ولكنه استغرق أربع ساعات، وكان متعة عظيمة لي“…
كما اشير ايضا الى ماكتبته الشاعرة لميعة عباس عمارة، في صحيفة الشرق الاوسط اللندنية بتاريخ 1996.9.4 عن ذكريات لها مع الجواهري وجاء فيها ” كان آخر لقاء لي مع الجواهري في براغ خلال سبيعنات (القرن العشرين) ولم يتغير.. ظل ذلك الرشيق الانيق الوسيم، الظريف الصعب، وبقيت انا تلك المعجبة السعيدة لانها تنفست من هواء غرفة ضمته، وجلست يوما مجلسه”.
وفي السياق نفسه دعونا نوثق لما ما كتبه الشاعر ابراهيم الخياط، في متابعة حول العلاقات العامة عند الجواهري، نشرها في موقع الحوار المتمدن بتاريخ 2018.6.19 ووسائل اعلام اخرى.. ومما جاء في مقدمة المادة: “ان (شاعر العرب الأكبر) لقب استحقه الجواهري بجدارة في وقت مبكر من حياته الشعرية ، وارتضاه له العرب .. فرغم ان الساحة العربية كانت مليئة بالشعراء الكبار في عصره ، لكنه حصل على هذا اللقب عن موهبة تامة وإجماع مطلق…”
ومما هو جدير بالتوثيق هنا ما كتبه شعراء كثيرون بعيـّد رحيل الجواهري في دمشق الشام بتاريخ 1997.7.27 ومن بينهم: الشاعر السوري أدونيس، ومما كتبه:” لم يكن الجواهري مجرد إفصاح عن الذات وانما كان الى ذلك، وربما قبله في احيان كثيرة، إفصاحا عن أفكار ومثل مشتركة”.. اما الشاعر، السوري، ايضا نزار قباني، فقد نشر بالمناسبة ذاتها مادة حميمة ومما جاء في سطورها: “.. والعظيم الآخر – الى جانب المتنبي- محمد مهدي الجواهري، الذي مات يتيما في أشتات دون ان يجد نخلة عراقية واحدة “بين الرصافة والجسر” ترضعه حليبها، أو تغمره بظفائرها”… كما نوثق ايضا لما قاله الشاعر الفلسطيني محمود درويش، في وداع الجواهري الخالد: ” لم يكن شعر الجواهري وحده يُغرينا، لكن مزاجه، وشخصه وحياته”. وقد نشرت جميع تلك الكتابات والمواقف في صحف ومجلات عديدة (2).
ومما نؤرخ له في هذه المادة التوثيقية: الدراسة التي كتبها الشاعر المصري فاروق شوشة والتي نشرتها مجلة (العربي) الكويتية بعددها الصادر في شباط 2004 ومما جاء في التقديم: “لـم ينجُ شاعر عراقي معاصر من التأثير الطاغي لشعر الجواهري. ذلك الشعر الذي يشبه نهرا هادرا يجرف في طريقه كل شئ، ويلقي بفيض من خصوبته وطميّه في كل ارض على ضفتيه، فيمتد من حوله ظل باسق وخضرة لا نهائية، فيها خصوبة العراق”…
ثم نوثق ايضا لمن كتبَ بمناسبة الذكرى العشرين لرحيل الشاعر الخالد، التي صادفت في 2017.7.27 ومن بينهم: الشاعر حميد الخاقاني تحت عنوان ” الجواهري، مدخلي الى معبد الشعر” والشاعر رياض النعماني بعنوان: “انه عاش ابتكاراً ويعيشون أجترارا”.. والشاعر عواد ناصر، بعنوان: ” اسهاماتي المتواضعة في ذكرى استاذنا الجواهري” . اما الشاعر الكردي فوزي الاتروشي فقد كتب، وبالمناسبة ذاتها مادة حملت عنوان “الجواهري، ديوان وطن” (3) .
أخيرا نجدد القول الذي اوردناه في فقرات سابقة، بأن هذا التوثيق عُني بكتابات الشعراء، وحسب، وثمة توثيقات اخرى لنا عن الاجلاء – من غير الشعراء- الذين كتبوا للجواهري وحوله نشرتها العديد من الصحف، وكذلك وسائل الاعلام على شبكة الانترنيت (4).. الى جانب نحو خمسين كتابا عن الشاعر الخالد- على الاقل- تضمهما مكتبة مركز الجواهري في بــراغ..
* هوامش وإحالات —————————————————————-
1/ صدرت ضمن مطبوع، بأشراف هادي العلوي وحمل عنوان “محمد مهدي الجواهري-دراسات نقدية” انجز في مطبعة (النعمان) النجفية..
2/ نشرتها مجلة (الطريق) اللبنانية بملف خاص في عددها السادس لسنة 1997 . وكذلك مجلة (الثقافة الجديدة) العراقية بعددها رقم 279 الصادر في تشرين الثاني/ كانون الاول 1997.. الى جانب وسائل اعلام عراقية وعربية عديدة اخرى.
3/ ضم تلكم الكتابات، الى جانب نحو خمسين أخرى، لأكاديميين ومبدعين وسياسيين وغيرهم، إصدار توثيقي نُشــر خلال تموز 2017 عن مركز (الجواهري) في براغ، وأعادت نشره صحف ووسائل اعلام عديدة ..
4/ ومنها بعنوان (الجواهـري في تسع اطروحات دكتوراه، وثماني رسائل ماجستير)..