السيمر / فيينا / الخميس 17 . 10 . 2019
اياد السماوي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ..
دولة الرئيس .. أكتب إليك هذه الرسالة في هذا الظرف العصيب الذي يمرّ به بلدنا وشعبنا العراقي , ليس بصفتي ناقما ومعارضا للحكومة التي تترأسها , بل بصفتي عراقي قضى خمسون عاما من عمره معارضا لكل الحكومات التي حكمت العراق منذ صبيحة السابع عشر من تموز الأسود وحتى هذه اللحظة .. فقد شاء الله سبحانه وتعالى أن أنجو من الموت المحقق عدّة مرّات في زمن حكومة البعث المجرمة .. كنت من أشدّ المعارضين لنظام البعث المجرم , ومن أشدّ الداعين لنظام ديمقراطي يصون الكرامات ويحفظ حقوق الشعب .. عارضت الدستور الحالي قبل التصويت عليه وكنت ولا أزال أراه السبب الأول لهذا النظام السياسي الفاسد .. كنت من أشّد الناقمين على الاتفاق النفطي الذي وقعته أنت مع حكومة إقليم كردستان في بداية عام 2015 عندما كنت وزيرا للنفط , وأنا من أطلق عليه ( اتفاق النكبة ) .. لم استلطفك يوما ولم أقتنع بطروحاتك التي كنت تنّظر لها .. ومع كلّ هذا دعمت بقوة ترشيحك لهذا المنصب ليس حبا بك , بل بغضا بسلفلك الذي طعن صاحبه من الظهر , علما أنّ سلفك قد حقق إنجازات مهمة في تعامله مع عصابة مسعود الخارجة عن القانون .. حتى جاء يوم التكليف الذي دستم فيه بأقدامكم أنت ورئيس الجمهورية ورئيس مجلس النوّاب ورئيس المحكمة الاتحادية العليا على الدستور الذي أقسمتم على حمايته .. ومن ثمّ جائت أكذوبة النافذة الألكترونية التي عمّقت عندي حالة النقمة للطريقة التي تشّكلّت بها الحكومة .. وكان آخرها يوم القسم ( العظيم ) الذي وقف فيه نصار الربيعي في منتصف قبّة مجلس النوّاب ليأمرك بالتوّقف والنزول , فكانت هذه الحادثة هي نقطة الفراق معك ومع حكومة الفتح وسائرون .. تلك الحادثة التي هزّت وجدان كلّ عراقي كان يتأمل فيك خيرا ..
دولة الرئيس .. أنا أعلم أنّك في وضع لا تحسد عليه , وأرواح الشباب الأبرياء التي زهقت في تظاهرات الأول من تشرين الأول تطاردك ليلا ونهارا في الصحو والمنام , وأعلم أيضا أنّك لم تعطي أو تأمر أحدا بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين , وأنّ من قام بذلك هم مجرمون محترفون بحكومتك يعنيهم بقائك على رأس هذه الحكومة لتبقى خيمة على فسادهم ونهبهم للمال العام .. دولة الرئيس .. أنا الآن أخاطب ضميرك الحي وإيمانك بالله واليوم الآخر , وأطلب منك نزع فتيل فتنة قادمة سيذهب ضحيتها الآلاف من الأبرياء , حيث ستسبح مدن الشيعة في بحر من الدماء .. ما أراه ويراه معي الخيرين من أبناء هذا البلد أنّ إعصارا عظيما قادما في الخامس والعشرين من هذا الشهر سيقتلع كلّ شيء أمامه .. والشخص الوحيد الذي يمكنه أن يجنّب العراق وأهله هذا الإعصار المدّمر هو أنت يا دولة الرئيس .. قدّم استقالتك إلى رئيس الجمهورية وأفعلها كما فعلتها سابقا وليذهب جميع اللصوص إلى الجحيم .. دولة الرئيس .. كلانا يعلم أنّ الإصلاحات التي تقدّمت بها هي ترقيعات لا تحقق إصلاح ولا تنزع فتيل أزمة قادمة .. والشيء الوحيد الذي ينزع فتيل هذه الكارثة المحدقة ببلدنا وشعبنا , هو تقديم استقالتك واستقالة حكومتك .. فإذا كنت لا تعلم من أعطى أوامر إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين في المرّة السابقة , فها أنا أقولها لك أنّ أطرافا في حكومتك مستعدّة لجعل العراق يغرق في بحر من الدماء في سبيل بقائها في الحكم .. دولة الرئيس .. والله الذي لا إله إلا هو .. أنا حزين جدا عليك وعلى مصيرك الذي ستنتهي إليه , ماذا ستقول لله سبحانه غدا يوم لا ظلّ إلا ظله عن هذه الأرواح البريئة التي زهقت والتي ستزهق بعد أيام ؟ هل ستقول لله أنّ محمد الهاشمي ( أبو جهاد ) ونصار الربيعي قد طلبا مني البقاء وعدم تقديم استقالتي من رئاسة الوزراء ؟ .. في الختام أقول لك دولة الرئيس .. لا خير في سلطة وحكم تسيل فيه الدماء وتزهق فيه أرواح الأبرياء .. أقول قولي هذا واستغفر الله العلي العظيم لي ولكم .. وإنا لله وإنا إليه راجعون ..
أياد حسين حبيب البازي السماوي
في 17 / 10 / 2019