الرئيسية / ثقافة وادب / هوانم برهان شاوي في متاهته الأخيرة،،متاهة الأرواح المنسية،،(2)

هوانم برهان شاوي في متاهته الأخيرة،،متاهة الأرواح المنسية،،(2)

السيمر / الأربعاء 10 . 02. 2016

هاتف بشبوش

هوانم برهان سيتي ( الحواءات) وماتحتويه من العجب العجاب ……
” إبتسامة المرأة الجميلة شعاع من أشعة الشمس…. فولتير”

المرأة هي كل الصفات المقدسة التي تستحق الصلاة والأنحناء والتبجيل ، تبعا لها نستحق الحياة ، ولذلك لانستغرب حين نرى الروائي برهان ، يكتب متاهاته الستة بهذه الصورة المذهلة المخصصة للمرأة وأما بقية السرد هو من الجوانب التي يتطلب الدخول فيها وفي منعرجاتها نظراً لعلاقة المرأة في كل تفاصيل الحياة ، لما لها من تأيخ طويل رافق الرجل والعظماء في كل الملمات . هاهو سقراط حينما تأمره إمرأته بأن يعصر العنب بقدميه ، ليكون خمرة تقدمها الى الأولمب ، فما كان على سقراط ، الاّ أن يعصره ويقدمه لها وهو يغني أغنية غنتها المغنية الأمريكية الشهيرة تينا جارلس ( لك سكرة العنب ياحبيبي .. فضمني اليك ، مثلما ضم يوليسيس موج البحر الى أحضانه .. وإحملني بجنان نسائم البحر .. مثلما حمل ( هرقليطيس) الكرة الأرضية .
المرأة إختلفت عليها الديانات والحضارات ، هناك من كان يعبدها ، وهناك من يحط من مكانتها ، هناك من يستصغر القوم الذين يولّون أمرهم لأمرأة كما في الديانة الإسلامية ، المرأة في زمان مضى كانت ملكة وحتى اليوم في بعض البلدان ، لكنها في بلداننا محكومة بثالوث السجادة والسرير والمطبخ دون أي إحترام . ولذلك راح الروائي برهان يسبر غورها ويعطينا كل هذه الغرائبيات بفك طلاسمها . برهان يكتب عما عاصره أو سمعه منها شخصيا ، كما بين في أحد متاهاته حيث قدم الشكر لجميع الحواءات اللواتي تعاونّ معه في سبيل إنتاج هذه الروائع التي لولاه لأصبحت في طي النسيان ……. لندخل الى عالم هوانم برهان سيتي وما نراه عن الحواءات تلك الأرواح المسكينة المنسية …

حـــواء الحــلو….والقصبة ملاّ هابيل
بينما حواء ذو النورين في باريس تنقلنا البانوراما الروائية الى صديقها في إيطاليا، الفنان آدم بوناروتي وهو مع حواء الحلــو اللبنانية , وتهويماتها الخيالية وإرهاصتها بين الآونة والأخرى. وغرابة هذه الشخصية المزدوجة أنها شخصيتان..فهناك حواء الحلو، الرسامة اللبنانية التي جاءت إلى فلورنسا في زيارة..وتسكن في الفندق الذي سكنته حواء ذوالنورين في رواية “متاهة إبليس”، وهي المتاهة الخامسة لبرهان شاوي، وكما نعرف فأنه أسكنها في الطابق الخامس إشارة منه إلى الرواية هي الطبقة الخامسة من معمار المتاهة، وهنا نجد أنه أسكن حواء الحلو اللبنانية في الطابق السادس، إشارة منه إلى الطبقة السادسة من المتاهة ..وهذه الحواء تحلم بامرأة عراقية، مترهلة، جبل من الشحم واللحم، امرأة مصابة بالصرع..اسمها حواء الحلو أيضا..وفي الحلم ترى أن تلك المرأة جبل الشحم المترهل قد حلمت بأنها في فلورنسا..وإنها رشيقة وجذابة، وانها ليست عراقية وإنما لبنانية الجنسية..وهنا يدخلنا برهان شاوي في متاهة حقيقية..فأي المرأتين هي الحقيقية وتحلم بالأخرى..!! هل حواء الحلو اللبنانية هي الشخصية الحقيقية وهي تحلم بحواء الحلو العراقية، جبل الثلج، أم حواء الحلو العراقية هي الحقيقية وتحلم بحواء الحلو اللبنانية وبأنها في فلورنسا..!!.
أحداث الرواية ومشاهد حضورهما الروائي لا يكشف عن ذلك..فتارة يتصور القارئ أنها عراقية وتارة لبنانية . حواء الحلو اللبنانية ينكسر كعب حذائها في الطريق ، تتلقى المساعدة من آدم بوناروتي ، وتسأله عن لقبه وتقول((آسفة..لكن أليس هذا لقب الفنان العظيم ميكائيل أنجلو..الذي كان لقبه أيضا بوناروتي..؟) ، هو يجيب بنعم وأنه رسام أيضا ، هي تندهش ، فيتبين أنها رسامة هي الأخرى وتسكن في نفس الفندق الذي سكنت به حواء ذي النورين صديقته السابقة (في متاهة إبليس) : فينذهل آدم بوناروتي ، وينسى كربه من جراء رحيل حواء ذو النورين ، وهذه هي الحياة ،الحب مستمر ومتجدد لايمكن أن يتوقف وإن أصبحَ في ظل إمرأة أخرى ، المرأة تجلبُ الحزن الى الرجل وهي التي تزيله لاغيرها ، بيدهنّ نفرح أو نحزن ، بيدهنّ نُقبل على الحياة وبيدهن نُدبر منها .
حياة ورصيف تمضي به السابلة بطوابير كبيرة وصغيرة ، قسم ذاهب وقسم آيب ، قسم كئيب وقسم فرحُّ بسعادة غامرة ، بعضهم فارق الأحبة ، وبعضهم تعارف تواً ، بعضهم مات في المكان وبعضهم ولد تواً ، بعضهم يمسح دموع البؤس وبعضهم يمسح دموع الفرحة ، وهكذا من المتضادات التي نعيشها يوميا في هذه الحياةالمتسارعة التي لانلحق بها حتى خط النهاية الأخير حيث الموت ينتظرنا لكي يعلن الآخرون فوزنا بطريقة أخرى.
حواء الحلو هذه تتمنى أن تعيش قصة حب خالدة كحب مي وجبران أو كحب غادة السمان وغسان كنفاني . وحينما تعود للفندق لتنام القيلولة سترى في الحلم نفسها في برلين..لكنها ليست هي وإنما امرأة بدينة جدا، جبل من الشحم المترهل..يغوص معها في أعماق الحلم..لنتعرف على حواء الحلو العراقية التي نراها في مشهد تتحدث فيه مع جارتها حواء بنآدم الجزائرية..لتروي قصتها:
لديها أخوان.. أحدهما شيوعي، والآخرإسلامي، وكلاهما أعدما..كما أنها لمرضها..الصرع..ولبدانتها الهائلة ظلت عانسا، لذلك قبلت الزواج من الملا هابيل القارئ الحسيني الذي يكبرها بعشرين عام ، المدمن على الأفيون ، الترياك ، النحيل مثل قصبة أو عود ثقاب.. لم يشعرها بأنوثتها مطلقا ، يمارس الجنس معها في الظلام ، ربما يعاني من عاهة في جسده ، أو أنه لايرى في جسدها غير الرجس . يلجها سريعا وهي نائمة وكانت تنزعج منه . ومع ذلك ولدت منه طفلاً وهو بذرتها الجميلة وهو اليوم في عمر الواحدة والعشرين . هذه الشخصية الغريبة تتحدث بمرح عن نفسها..بل تروي إحدى طرائفها الجنسية اللامعقولة مع زوجها القصبة النحيل الذي لايدعها تنام فتقول :” ذات مرة جائتني نوبة الصرع وهو يمارس معي..كانت فضيحة..لأن جارتنا صاحبة البيت، أم آدم، هبت لمساعدتي..وحينما دخلت الغرفة كنا على تلك الحال..طبعاً أنا لا أذكر شيئاً..وإنما حدثتني جارتي في ما بعد..وكنا نضحك على الحادث..يمكنك تصور ذلك..الملا هابيل..الرجل القصبة من شدة النحول..عار وأنا مرفوعة الثوب إلى الأعلى..مصروعة..أرتجف، وأتشنج بقوة، وأهتز، وأصرخ، وأزبد، وغائبة عن الوعي..بينما المسكين كان مثل سحلية نحيلة تم القبض عليها..والفضيحة كانت، كما روت لي جارتنا أم آدم، أنّ تشنجي وصل إلى حد أن فرجي قبض على عضوه الرقيق في رحمي ولم يستطع أن يخرجه..”.
حواء الحلو العراقية تبين أنها من واسط مسقط رأس كاتب الرواية( برهان شاوي ) وهذه دلالة في غاية الأهمية على الحقائق الواقعية التي يكتبها الروائي . حواء الحلو لها جانب مشوي مشوه من وجهها ، نتيجة قلي السمك أيام زمان لما كانت في واسط ، فكانت تحاول أن تخفيه دائما عن إبنها الصغير كي لايرتعد . ترحل الى جبال كردستان عن طريق معارف أخيها الشيوعي المعدوم ومن هناك رحلت الى المانيا ،و ظلّت على عادتها العراقية في شرب الشاي ، تنظر من خلال النافذة الى المقبرة المقابلة الكائنة بين شارعي كارل ماركس وهيرمان شتراسة ، حيث ترى تبدل الفصول من خلال الأشجار وتساقط أوراقها . في هذه المقبرة ترى من يُدفن . ترى وكأن الموت يناديها من خلال راهبتين تلوحان لها بأنك قادمة لامحال مهما كان إهتمامك بصحتك في عدم تناول السكريات والدهون وشرب الكولا اللآيت ، هنا إشارة الى تعمق الدين لدى المرء في الشيخوخة ، ولذلك نرى اليوم في عموم أوربا لايرتاد الكنائس سوى الشيوخ والعجائز ، وهذا لم يأتي إعتباطا ، بل لتأريخ الكنيسة الشائن وسلوك الأبرشية في القتل والحروب ومحاربة العلم . لذلك نرى اليوم وفي آخر تقرير في هولندا بأن الكثير من الكنائس هدّمت والبعض الآخر منها تحّول الى متحف يرتاده الناس للمشاهدة بعد إن هدّها التعب من تأريخها الأسود الذي رماها حجراً نسيأً منسيا .

هي اليوم في المانيا تقرأ الكثير من الكتب الماركسية ولها مكتبة عارمة بعد إن كانت أمية لولا أخوها الشيوعي الذي علمهاالقراءة والكتابة . هي اليوم روح منسية مسكينة تحب الموت لكنها من أجل ابنها تحب الحياة , وهكذا البشر يجد لنفسه دائما حجة لكي يبقى بهذه النعمة . هذه الحواء تتعرف عن طريق صفحة التواصل الإجتماعي على الكاتبة الروائية والروح المنسية الأخرى حواء الذهبي ، لنقرأ ماهي حواء الذهبي ومايحتويه عالمها .

بنتُ الزنا إيفا ماريا الذهبي وحواء الذهـــبي …..
ليس اعتباطا أن يمطرنا برهان شاوي بكل هذه النفائس من تجارب الحواءات عن الجنس , وخياله الممزوج بالواقع المعاش والفنتازي . فقد أراد أن يوصل رسالة مفادها ، أنّ البشر لايمكنهم أن يكونوا أبناء الحب العذري ، بل من الممكن أن يكونوا أبناء الزنى على طريقة ( حواء إيفا ماريا الذهبي ) كما سنبين لاحقا ، أو على طريقة العظيم أبي العلاء المعري (إذا ماذكرنا آدما وفعاله /وتزويجه إبنيه لبنتيه في الخنا/ علمنا بأن الخلق من نسلِ فاجرٍ /وأن جميع الخلق من عقد الزنا) . لكنّ هذه الطريقة غير لائقة بأخلاق البشرية ، ولذلك يتوجب علينا أن نجعل من الجنس قضية إنسانية بحتة ، قضية تحترم في القانون ، قضية تتعلق بروح الإنسان .
هذه الحالة وفي أيام زمان في العراق لوحصلت وحملت المرأة وأنجبت ، ترمي طفلها على قارعة الطريق ، خوفا من العار ، فيلقطه أحد المارة ، فيسمى طفلاً لقيطا أو إبن زنا . إذن هي دعوة من قبل الروائي برهان شاوي للتعاطف مع هكذا جنس ونساء أبطال روايتنا الباهرة هذه ، ولكن دعوة بشكلها الحضاري. دعوة بالضبط تشبه تلك الدعوة التي دعاها قبله في بداية القرن العشرين الشاعر الكبير ( جميل صدقي الزهاوي) ولكنها دعوة للثقافة والإسفار حيث قال قولته الشهيرة للمرأة (مزقي يا ابنة العراق الحجابا * أسفري فالحياة تبغي انقلابا) .
إيفا ماريا الذهبي من عائلة عثمانية ثرية ، لكن ثراءها من المال الحرام ، عائلة ضاربة في إصول الدين والتزمّت المقيت حتى أنها حفظت من جزو عمه الكثير . لكنها تحب الروائي البرازيلي ( باولو كويلو) في إظهار الجسد الإنثوي، هذا الروائي داهية في سبرأغوار النساء وأجسادهن كما في روايته ( الزانية) التي نرى فيها كيف كانت الصحفية الجميلة الوقورة صاحبة الفضيلة تخون زوجها الوقورالمحب وتذهب لممارسة الجنس العنيف في فندقٍ فاخرٍ مع عشيقها السياسي المتزوج هو الآخر , الذي كان يستخدم الفازلين في أول عملية إختراق لها من عجيزتها وهي تتألم لكنها راغبة في أن تظل تحت هذا الألم ليل نهار ، في أن تظل تحت نار خرطومه ذليلة ، مادام هناك متسع من الوقت للزنا وبهذه الطريقة الجالبة للشهوة المهينة لأمرأة صحفية شهيرة محترمة في عالم الصحافة .
إيفا ماريا الذهبي تحب أن تكتب في دفتر خاص بعض ذكرياتها أو ما يخامرها من التساؤلات ومنها :
” كنت ذات يوم أكتب في دفتر خاص بي عن الأنبياء وتناقض حيواتهم ورسالاتهم.. وصلت ذات يوم إلى النبي موسى..وكتبت كيف يقتل هذا وذاك دون رأفة..؟ وكيف أنه غاضب على الدوام، ويطلب العون من الرب كي يرسل أخاه هارون لأنه أفصح لساناً منه..؟ وكيف لم يعرف الرب أن موسى ألثغ..غير فصيح اللسان..ويتأتئ ؟؟ ..وغير ذلك من التناقضات”. ثم تقول :
“أحياناً أتصفح الفيسبوك وأدخل إلى أيقونة الصور..وأتصفح صور حبيبي..أحس بالدموع تنزل لا إراديا..لكنها دموع فيها كل الرغبة والشغف لممارسة الحب معه..حينها أبدأ بالتعري..أتأمل تفاصيل جسدي..أمرر يدي على وجهي السفلي..أقول له: لماذا جعلك الرب محصوراً بين الفخذين وفيك كل هذا العطاء..؟ أوليس في أعماقك يبدأ الخلق”.
هذا الفرج المحصورً بين الفخذين ، نحتهُ الرب هكذا لكي لايستطيع أحد أن يغتصبه بما يشاء ، لايمكن لأحد غير الذي تشتهيه المرأة نفسها أن يصل اليه بالسهولة التي نتصورها ، أنه مكان عصي على الفتح لوجود العضلات التي تتحكم بها المرأة ، مما يجعله صعب المنال ، المرأة وحدها التي تفتحه حباً وهياماً كي تسهل عملية الإختراق ، عدا ذلك فأنه لمن الصعوبة أن نلمس هذا الذي يبدأ به الخلق الاّ بعد عراكٍ تضعفُ فيه المرأة فتسلّم فرجها عنوةً .
إيفا ماريا الذهبي من عائلة تتكون من عشرة أفراد ، عائلتها تنظر اليها وكأنها ممسوسة أو مجنونة ومسكونة بالجن والشياطين ، لكونها هجرت الدين ولم تعد تؤمن به وبممارساته الوثنية التي تعتمد على عبادة الحجر ورمي الشيطان بالحجارة ، دين كله حجر في حجر في حجر . هي الوحيدة الغير متزوجة في العائلة ، أخلاقها جيدة ، لكنها تكره الدين لما وجدت فيه من نفاق ، ترى أخاها الكبير إمام المسجد سكير عربيد يشرب الخمر ويضاجع الخادمات ويقول: الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر. ولذلك تبقى غير متزوجة لأن المجتمع يبحث عن المتدينات حتى وإن كنّ عاهرات في الخفاء . أعرف عائلة متدينة في السماوة لها من النساء ثمانية كلهنّ بقينّ عازباتٍ بتولات ، والسبب هو أن الخاطب الذي يتقدم اليهنّ أحيانا غير متدين ، فيرفض والدهنّ بينما هو معربد سكير هو و أبناؤه ، فبقينَ حتى اليوم خلف الجدران ، عازباتٍ محطمات من أثر الحرمان من اللذة التي خلقها الرب. كلّ هذه المتناقضات أثرت تأثيراً كبيراً على سلوك إيفا ماريا الذهبي الفردي فجعل منها إمرأة أخرى . مما حدا بها أن تصرّح عن نفسها وتقول :
“أنا ممسوسة حقاً..فإلى جانب طيبتي..فأنا متمردة..شبقة..كافرة..أحيانا، حينما تستيقظ الشهوة في جسدي، وهي عادة تستيقظ قبل نومي، أقول لنفسي حينها: يارب نكني كما نكت مريم حتى أصدق أنك موجود”.. .
إيفا الذهبي ، كانت تتعرض للتقريع من قبل إمها لأنها لم تقرأ القرآن ، دخلت المستشفى نتيجة وفاة أخيها ، ثم تحسنت حالتها قليلاً ، وكان الطبيب يكذّب على إمها ويقول لها أنها تقرأ القرآن عنما تكون هي نائمة ( الأم) ، وفي يوم أتى لها بصندوق هو عبارة عن غلاف كبير للقرآن لكنه فارغ من الداخل وعلمها كيف تضع الكتاب الذي تريد قراءته في داخله كي تتصور إمها بأنها تقرأ القرآن .
شعوب تكره أبناءها نتيجة عامل الدين الغير مترسخ لدى الأبناء . شاعرُّ صديق ذهب الى النجف لكي يرى أمه التي فارقها ثلاثين عام ، كلهّ شوق وحنان ، وحينما وصل وعرفت بأنه غير متدين ، طردته من بيتها في ثاني يوم له معها ، وأخبرته بأن أرض الأمام علي الطاهرة لايمكن لها أن ترضى عن شخصٍ كافرٍ نجسٍ مثلك ، فاضطرّ مغادرة المنزل الى الفندق قبل الرجوع الى الدنمارك منذهلاً دائخاً من تصرفِ أمٍ لم ترّ إبنها ثلاثين عام ، أنه عامل الدين وما أدراك .
إيفا ماريا الذهبي لم تعرف السبب الذي يجعل إمها تناديها ببنت الحرام ، ربما هي تكرهها لأنها الشاهدة الوحيدة على إمها بكونها زانية ، حيث كانت تأخذها معها حينما كانت في الخامسة من عمرها ، الى بيتٍ غريب ثم تجعلها تنتظر خارج الغرفة التي تدخلها بحجة أنها تعمل المساج عند إمرأة ، ولكن الطفلة حواء ماريا ، سمعت أمها تتأوه ونظرت من أسفل الباب فوجدت بمايشير الى وجود رجل ، بمايؤكد الى أنها تحت تـاثير اللذة وفي حضن الحرام والزنا . ولما إنتهت وخرجت سألتها إبنتها: لماذا كان يضربك هذا الرجل ، عرفت الأم انّ إبنتها أصبحت بدراية تامة عما تفعله ، فبدأت تكرهها أو تخاف أن تشي بها عند أبيها ، كما وأنها الوحيدة شقراء من بين إخواتها ، فنتبين من خلال السرد أنها بنتُ تلك اللحظات الزانية وليست من صلب أبيها الذي كان يحبها كثيراً . هذا يعني أنّ إيفا ماريا الذهبي بنت إمها الزانية . وياما في السواهي دواهي .
إيفا ماريا الذهبي تترك الكتابة ، وتتعرف على كاتبة إسمها أيضا حواء الذهبي ، تخبرها قصتها وتوعدها بأنها سوف تكتبها بعنوان ( مخطوطة الألم ) والتي تعثر عليها حواءذو النورين في شارع دي ليل بعد إن يسقط من حواء الذهبي ، فتقرأه وتتعرّف على الألم الذي يحتويه ، ثم بعد ذلك يتبين ان القصة باسم رجل( آدم ابن آدم )، لربما مثلما كان يحدث للكاتبة الفرنسية الشهيرة التي كانت تكتب بأسم جورد صاند ، هرباً من نظرة المجتمع الدونية أنذاك للمرأة .
حواء الذهبي كاتبة تستهوي العديد من المعجبات والمعجبين في صفحات التواصل الإجتماعي ومنها حواء الحلو ، التي تلتقيها في فلورنسا ، بينما هي ذاهبة الى جزيرة أسكيا للتعرف على قضية مقتل إبنة خالة حواء الذهبي المدعوة حواء صحراوي .
حواء الذهبي يتعرف عليها آدم بوناروتي من خلال حواء الحلو ، يوجه لها سؤاله المستفِز بكونه فنانا ولابد له أن يعرف مافي سبر الأغوار ويقول: (كيف تقاومين إندفاعات الغريزة ) إبتسمت وقالت 🙁 أقاومها بالكتابة الماجنة وبالقراءات الآيروتيكية ) هذا مانقول عنه في أمثالنا المتواردة ( وداوني بالتي كانت هي الداءُ).
هذا السؤال من قبل الروائي برهان الذي جاء على لسان بوناروتي يستفزنا جميعا ، حتى أنا كاتب المقال وجدتُ نفسي في هذا السؤال ، لما أكتبه من كتابات ماجنة بين الحين والآخر ، فعرفتُ اليوم أني أكتبها كي أقاوم تلك الإندفاعة الغريزية ، فصدق الروائي برهان شاوي . ولو جاء اليوم (يانيس ريتسوس) الأب الروحي للآيروتيك ، لأعتبرَ ملاكاً وسط هذا الكم الهائل مما يكتبه ألأدباء عن الآيروتيك.

مقال ذو صلة :

هوانم برهان شاوي في متاهته الأخيرة ،،متاهة الآرواح المنسية،،(1)

http://saymar.org/2016/02/9380.html

يتبــــــــــــــــــــــــــع في الجـــــــــــــــــــــــــزء الثالــــــــــــــــــــــــــــــث

اترك تعليقاً