الرئيسية / مقالات / السيستاني وفقار الحكمة

السيستاني وفقار الحكمة

السيمر / فيينا / السبت 01 . 02 . 2020

سيف اكثم المظفر

قارب التسعين من العمر، في ذاك الزقاق العتيق، بين أجنحة الظلام، وتشابك الأسلاك، يرابط رجل عجوز، بيديه البيضاء، يرسم الحكمة، ويلون وطن يتصارع عليه الذئاب، في غابة سوداء من النفط والغاز، طريق طويل يخنق الصغار، بلون الحرير، صراع أكبر من العقول، صراع الكبار بأيدي صغيرة جداً.
تسلسل الأحداث وتعاطي المرجعية معها بحنكة، ورسم استراتيجيات موازية، لمجابهة الخطر القادم، طائفية ممولة، وحرب إعلامية مغذية لها، ومتناغمة مع العاطفة العقائدية، من قبل قوى الشر، أعطى مفعوله بعض الشيء، إلا أن صاحب الفتوى، كان لهم بالمرصاد، كلما اشعلوا فتيل، ألقى بعصاه المعتدلة، تطفئ نارها المستعرة، تفجير العسكريين كانت آخر محاولة لحرب شاملة سنة 2007، ورجعوا خائبين. 
انتقلوا إلى الأكثر عنفا، وتفجيرا، وتصفية على الهوية، وسيطرات وهمية، كلها لم تنجح لكنها حصدت الكثير، وبغداد الحلبة، خابت المشاريع وأقر الدستور، وبدأت العجلة تدور، بعيدا عن مسارهم الشيطاني، واتفاقية الخروج لآخر جندي أمريكي، أتمت سنة 2011، وأصبح العراق خالي من التواجد العسكري، وهذا بفضل عمق ومعرفة وحكمة الرجل السبعيني، وما يدركه من خططهم وشيطانيتهم. 

 سبقهم بخطوة، وأخذ المبادرة، وانتزع من أيديهم، أوراق اللعبة، فما كان منهم إلى بخطة داعش، والأرض الخصبة للانطلاق، سوء إدارة البلد على يد حديثي العهد بالسياسة، كانت السبب، الى تقدم الدواعش على العراق، والفساد كان الأثر الرئيسي، في سقوط ثلاث فرق عسكرية بيد العصابات الاجرامية، فعاد الرجل الكبير، بفتوى عظيمة، عكست وجه الكون، وقطعت صفحة مشرقة للعراقيين.. وعلقتها على مجرة درب التبانة، لتتعلم الكواكب وساكنوها، كيف ينتصر الشباب والشيبة والصغار والكبار، لوطن نادى ياحسين.. وللمرة الألف، يقف هذا الرجل متكأ على عصاه، ليزيل الخطر، ويقدم النصح ويرسم الطرق السليمة، فتأبى العقول الصغيرة والايادي الخبيثة ان تستمع لرشده، اخذتهم العزة بالاثم، فاصبحو على فعلهم نادمين. 
عميق الرؤية.. والنظرة الثاقبة لمجريات الأمور، أعطى المرجعية قراءات واقعية عن خطط الأعداء وما يرسمون، وكيف يخططون، لكن هيهات، لا حياة لمن تنادي إلا القليل، عندما يأست المرجعية منهم، فاستشعرت الخطر، وتعنتهم يزداد الوضع سوءا، كل تلك الأعمال الانسانية المدعومة خارجيا، لم تكون بحسن نية، بل كانت بترسيخ في العقل اللاواعي، حتى تعلم إنك تعمل من ذاتك دون توجيه، رغم ان المسار لك مرسوم، فأخذت الشباب تندفع بكل قوة، نحو مخططهم الوردي ظاهرا، والأسود باطنا، وهنا كان الخطر الحقيقي، هو أن تعمل دون ان تعلم إنك ضمن المسار المرسوم. 
بعض تلك الفرق التطوعية والمنظمات ذات الطابع المدنية، بالوانها الزاهية والبراقة الجاذبة، تُعد بشكل عميق، لمشروع مدروس، من خلال بناء لاعب جديد، بعيد عن الساحة، وقوي المفعول، كانت التظاهرات هي المرحلة الاخيرة لهذا المشروع. 
ذو الشيبة البيضاء ، بما يملك من دراية واستشراف، جعل من خطتهم الخبيثة، ورقة حقيقية للتغيير، وبدعمه اسقط اقنعتهم، وسحب البساط من تحت اقدامهم، وبائت سوئتهم نحو الفشل، وأصبح الهتاف بإسمه يهز الساحات، رغم ان خطتهم هي إسقاط الرموز وشيطنة العمامة، وقلب الطاولة على الشيعة.. قلبها عليهم، و أمسوا نادمين، متحسرين، كلما أشعلوا نارا، لم تؤتي أُكلها، ورجعوا خائبين، واليوم نحن نشاهد بوادر النصر والصورة المعلقة في مركز فتنتهم، وهي تحمل الثناء والتقدير لرجل عظيم وكبير وحكيم. 
أيها الحبيب سيدي ابا محمد رضا، كم تلقيت من سهام الحقد من هؤلاء، أصحاب العقول الصغيرة والنفوس المريضة، التي تفشل في كل مرة، وتشرئب الأعناق إليك، تنتظر نظرة،  أغلقت بابك بوجوههم، وامتنعت عن نصحهم، وما زالوا بغبائهم ينعقون، حفظك خالقك وأطال بعمرك، وامد العزيز بظلك يا حبيب المؤمنين. 

اترك تعليقاً