الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / (التاتو) او الوشم موضة ام تقليد اعمى انتشر بين النساء و الرجال في العراق

(التاتو) او الوشم موضة ام تقليد اعمى انتشر بين النساء و الرجال في العراق

السيمر / فيينا / الاحد 09 . 02 . 2020 — كثير منا عندما بلغ سن المراهقة و بداية دخول مرحلة الشباب و بالاخص في فترة ثمانينات و تسعينات القرن الماضي كنا نقوم بتقليد الشخصيات المشهورة، حيث كنا سابقا نقلد ممثلي هوليوود مثل ارنولد، و فاندام، وسلفستر ستالون،و قمنا بالاشتراك في صالات الحديد و قاعات الملاكمة و القتال الاعزل لكي نكون من اصحاب العضلات المفتولة او نمارس حركات قتالية جميلة. كذلك كنا نقلد الرياضيين و لاعبي كرة القدم و لكننا كنا نحافظ و نحترم الذوق العام و احترام المجتمع و العائلة. اما شباب الالفية الجديدة اصبح تقليدهم شبه اعمى و ليس فيه اي فائدة مرجوة.
و يعود ذلك ربما الى السعي إلى اختراق المألوف و التعبير عن الفرادة الشخصية و التميز الذي بات هاجس الكثير من الشباب في زماننا هذا .و وجد هؤلاء الشباب ضالتهم في رسم إشكال مختلفة أو رموز على أجسادهم وكأن الدنيا قد ضاقت بهم مما اضطرهم اللجوء إلى أجسادهم لتكون أرضا خصبة لرسومات تختلف في مدلولاتها من شخص إلى أخر تبعا للهدف الذي وجدت من اجله , هذه الإشكال التي تسمى ( بالوشم ) عرفت منذ ألاف السنين و استخدمته الشعوب كتعويذه ضد الموت او العين الشريرة و للحمية من السحر و الحسد، كما عرفته العقائد البدائية قربان إمام الالهة و استخدمه العرب كوسيلة للزينة و التجميل و رمزاً للانتماء القبلي.

و يقول الاعلامي (سلام علي ) يعد الوشم نوعا من التعبير و هو في رأيه فن من الفنون التي تعبر عن الشخصية و لا يخضغ لقانون التقليد آو التشبه بالآخرين.
و اوضح أن الوشم بحد ذاته يشكل متعة كبيرة و خصوصا الألم المرافق لذلك و يمنح الشعور بالمتعة و هو لا يأبه لنظرات الآخرين الاستنكارية لقناعاته التي يؤمن بها و يدافع عنها على الرغم من عدم وضعه الوشم على جسده مطلقا ولكنه مع الحرية الشخصية طالما لا تؤذي احد.

اما الشاب ( فادي ) الذي غطى الوشم ذراعيه الاثنتين فقد رسم على الذراع الأولى نمرا على الطريقة الصينية بينما رسم على اليد الثانية سمكة ذهبية تجلب الحظ و تحقق الأمنيات حسب المعتقدات الصينية،، ولا مشكلة لديه بشأن الوشومات و برأيه انه من اللائق أن يعبر الإنسان عن نفسه بطريقة يجدها مناسبة تتماشى مع ذوقه و مشاعره و ما يؤمن به و يجب أن يتقبله المجتمع لان ذلك يعتبر حرية شخصية خاصة بالإنسان نفسه فهو بذلك يحقق رغباته في أن يكون لديه وشم بطريقة أو بأخرى

إما ( وليد عباس ) طالب جامعي و احد الشباب المولعين في الوشم لديه وجهة نظر تقول: ان الوشم له معنى خاص في نفسي فرسم الأفعى و العقرب و النسر دليل قوة الشخصية وهذا يشعرني بالسعادة رغم معرفتي بان الكثير من أفراد عائلتي لا يقبلون و يرفضون هذا الشئ

اما الفتيات فلسن بعيدات عن هذا الاتجاه وبدأن بوضع الاوشام بطرق مختلفة، وعملت صالونات التجميل على تخصيص قاعات لعمل الوشم أو ما يطلق عليه ( التا تو ). الذي اصبح موضة ،فهذه توشم على حاجبيها و أخرى وجدت ما رسمته صديقتها على ذراعيها من صورة لوردة أعجبتها فأرادت تقليدها و القائمة تطول و لازالت على طريق الصراعات و التقليعات و التقليد.

وتجد الطالبة الجامعية ( رزان ) الوشم نوعا من الاكسوارات التجميلية التي ترغبها النساء بصورة عامة ، ومن طبيعة النساء و الفتيات تقليد المشاهير لكنها ترفض ان تقوم بوضع الوشم على جسدها، مؤكدة انه يجب ان يفكر الشخص مليا قبل الإقبال على هذا العمل لان ذلك يعد مسؤولية و يحتاج لجرأة و يجب أن يكون نابعا عن قناعة أكيدة

البعض يرفضونه

أعرب الشاب ( جمال حبيب ) مهندس حاسبات عن رفضه لموضوع الوشم و التاتو بقوله ان وضع الوشم و على أماكن متفرقة من الجسم شئ تشمئز منه النفس و هو لايعجبني و كأن أجساد هؤلاء الذين يضعون الاوشام اشبه بحديقة حيوانات أو خارطة جغرافية ( هذا ما يبدو لي )

شاب نادم على وضع الوشم وخسر اجمل حلمين في حياته

اما الشاب (أ . م) بعمر (27) عام فأعرب عن ندمه لأنه قام يوما ما بعمل وشم على شكل تنين على يده اليسرى ، واشار الى أن ذلك وقف حجرة عثرة في طريقه لدى طلبه فتاة من اجل الزواج،كما تم رفضه عند التقديم الى كلية الشرطة اثناء اجراء الفحص الطبي و المقابلة حيث انه خسر اجمل شيئين كان يحلم بهما هو ان يصبح ضابط و كذلك الارتباط بفتاة احلامه التي يحبها.

و اكد انه يجب أن نفكر جيدا قبل أن نقوم بإعمال نندم عليها خصوصا إننا في مجتمع شرقي محافظ يرفض هذه الصرعات التي تعتبر وافدة الينا من الغرب و هي بعيدة كل البعد عن ثقافتنا و عاداتنا و تقاليدنا التي مازلنا نؤمن بها و نحافظ عليها

اما الحاج ( علي ابو حسين ) فيقول : عندما ارى بعض الشباب و الفتيات يضعون الاوشام على ايديهم و ارجلهم و اجسادهم اراها لا تليق بهم كرجال و كسيدات في مجتمعنا الشرقي و المحافظ و المسلم و كذلك اتذكر عندما كنا شباب و كيف كنا رجال و كيف دافعنا عن الوطن و انشأنا عوائل. اعتقد ان من يضع الوشم فإنما يعبر عن نقص في الشخصية و لا يمكن أن اسمح لأحد أولادي أن يقوم بوضع الوشم

و لدى المشرف التربوي ( وليد ) انطباع عن الإنسان الواشم ،يذهب الى انه إنسان يعاني من مشكلة نفسية، وهو إنسان غير سوي ،

وقال اني انظر إليه بشئ من عدم الاحترام. لذا على الشباب التفكير بالأمر قبل الإقبال على هذا العمل لأنه سيندم حتما جراء وضع الوشم على جسده، لن ذلك برأيه تشويه و إيذاء للجس.

و يقول وليد يجب إلا يخضع الشباب لتيارات الموضة الوافدة فمن غير اللائق إن نقلد فنانا معينا عندما يغطي جسده بوشم او نخلد ذكرى عن طريق الوشم بصراحة نظراتي لهؤلاء نظرة اشمئزاز سواء كان ذكرا أم أنثى

الرأي الطبي بشأن استخدام الوشم (التاتو)

يقول اخصائي امراض الدم الدكتور (عثمان محمد) :اجمع الأطباء المختصون في الإمراض الجلدية على أن الوشم يترك الكثير من الأذية على الجلد لأنه عبارة عن مواد غريبة تدخل ضمن الجلد و توضع في الأدمة سواء على شكل رضي أو الوشم بالمواد الانفجارية ( الخردق ) و يمكن أن تكون تجميلية طبية يلجا إليها البعض لتغطية بعض الإمراض الجلدية أو إخفاء بعض الجروح أو الحروق في أماكن معينة كالبقع البيضاء في الجسم , وأيضا هناك تلوث في دم الإنسان عند ثقب الجلد أو اختلاط الدم بالتراب فيترك ندبة أو اثر ويكون الإنسان عرضة للإصابة بالبكتريا الناجمة من تلوث الإبر المستخدمة في الوشم التي قد تسبب امرض منها سرطان الجلد والصدفية والحساسية.

واضاف اما في مجال اختصاصنا ( امراض الدم) فأن الوشم يعد من اخطر الامور التي تقوم بنقل الامراض المعدية و الامراض الجنسية و اخطرها مرض (الايدز) لكونها تتعامل بالدماء و قد تكون العدة التي تستخدم من شخص لاخر اثناء الوشم ملوثة فهنا تكمن الكارثة لانها ستقوم بنقل العدوى لجميع من يقوم بعمل الوشم في هذه العدة و نحذر كأطباء من مخاطر الوشم .

و لعلم الاجتماع رأي في الموضوع

من جانبها بينت الباحثة الاجتماعية علا جلال: أن انتشار هذه الظاهرة يعود إلى الفراغ الثقافي و التربوي، و ان مايشهده هذا الجيل الذي يحاور كل ما هو غير مألوف في إشكاله و حركاته و بما يراه و منها ظاهرة (الوشم) التي لا وجود لها في مجتمعنا الإسلامي و العربي.

وأشارت الى أن الإسلام لايوافق على مثل هذا الامر، لان مثل هذه التقليعات لابد أن يصاحبها مظاهر أخرى في السلوكيات التي لا تلتزم بأدبيات الأخلاق المعروفة في بيئتنا العربية و الإسلامية بل تخرج عنها وان دلت على شيء انما تدل على غياب سلطة الأب و إلام في التربية الإرشادية كما هو عهدنا بإبائنا و أجدادنا و عهدنا بديننا الذي يحض على مكارم الأخلاق و لابد هنا أن لا يهتم جيل الشباب دائما في أي مظهر شاذ و لابد هنا أن نسال المقصرين عن تربيتهم و تعليمهم و إرشادهم.

و يختلف الذكور في تعبيرهم عن الإناث في حين يظهر الذكر مواطن القوة تسعى الفتيات إلى الإضافات الجمالية حيث تقول الآنسة ( رشا خالد ) 25 عام : لقد انتشرت مؤخرا بين جيل الفتيات ظاهرة والتي تسمى ( TATOO ) رسم على الحاجب حيث بدأت وكان الأمر سباق تحاول من خلاله كل واحدة أن تختار الرسم الأجمل لحاجبيها هذا يكون من ناحية تجميلية فقط و بصراحة أن أكثر النساء يلجأن للوشم على الوجه يبلغن من العمر فوق الأربعين و ذلك بسبب انه يريحهن من عناء الماكياج و رسم الحاجب

اما ممتهنو مهنة (الوشم أو التاتو) فلهم رأيهم عن إقبال الناس على هذا الأمر. وقال (مروان رياض) صاحب صالون في إحدى مدن العاصمة بغداد : تسعى الكثير من النساء باتجاه ما يسمى (التاتو) حيث يكون طلب الوشم من النساء مختلف بعضها تطلب ان توشم حواجبها و بعضهن يطلبن الوشم على الذراع او المعصم او الكتف و بعض الفتيات تطلب ان نقوم بوشم اسمائهن او اسماء أزواجهن اما من ناحية الاقبال على الوشم فهناك الكثير من الرواد الذين يرتادون طلبا للوشم و قد تصل اوقات الوشم لاكثر من (6) ساعات

اما طبيعة المواد المستخدمة هل هي ضارة أو لا فيقول : أنها غير ضارة و لكنها مواد كيماوية و هناك مواد تعتمد على الإعشاب الطبيعية و لكنها غير متوفرة و باهظة الثمن لذا يندر استخدامها و يضيف أن المفارقة والغريب في الأمر أن من يأتي لعمل الوشم لا يكلف نفسه عناء السؤال عن نوعية المواد المستخدمة لان ما يهمه فقط أن ينفذ الشكل الذي يريد و نحن في الصالون نقوم بتعقيم المواد بصورة جيدة جدا و باحدث اجهزة التعقيم الـ (اوتو كليف)

اما (مراد كامل) صاحب مكتب للوشم فيقول :لا اريد ان اتحدث عن الوشم من ناحية المقبولية او الرفض و هل هو حلال ام حرام فالتحليل و التحريم له مختصوه من الفقهاء و انما اود ان ابين ان الوشم يعتمد على دراسة متخصصة و يحتاج إلى أيادي خبيرة في رسم الحاجب مثلا و دراية في مزج الألوان و لا توجد في بلادنا معاهد متخصصة تدرس هذا النوع من الفنون ربما يحصل على هذا المؤهل من معاهد خارج القطر ( لبنان و باريس ) لذا أتمنى من الجميع غير المؤهلين إن يبتعدوا عن هذه المهنة أو أن يتعلموها على أسس و قواعد صحيحة فهم يتعاملون مع البشر وهؤلاء أمانة في أعناقهم فليحافظوا على هذه الأمانة و يضيف ان هناك طرق غير شائعة و ملاحظ كثرة الطلب عليها فهناك إشكال مرسومة على الورق مطبوعة تلصق على مناطق مختلفة من الجسد حسب طلب الزبون و يستخدمها ذوي الدخل المحدود لكونها رخيصة الثمن و أيضا لمدة محدودة و لعدة أيام .

و في الختام

ان الاقبال المتزايد على الوشم من قبل الشباب و الفتيات يعود الى كثرة القنوات الفضائية و الانفتاح على العالم الغربي بالذات حيث من طبيعة المواطن العربي و العراقي حب التقليد و بالاخص التقليد الاعمى.

المصدر / المستقلة

اترك تعليقاً