احمد الحباسي / تونس
لا شك أن قوات درع الخليج هي قوات كرتونية هشة لم تثبت جدارتها القتالية في أي موقع ، و لعل هذه القوات هي من أقل جيوش العالم خبرة قتالية و قدرة على مواجهة التحديات القادمة بما فيها ما يسمى بالخطر العسكري الإيراني بعد أن أصبحت إسرائيل صديقا مقربا لكل حكام الخليج ، و إذا كان البعض ينظر بعين الإعجاب و الترقب إلى كل هذه الصفقات من الأسلحة المتطورة التي تصرف أو تبعثر فيها مليارات الدولارات الخليجية ، باعتبار أن تنامي القدرات العسكرية الخليجية سيشكل في القريب العاجل عاملا من عوامل الاستقرار في المنطقة فقد خابت كل الظنون الخيالية بعدما كشفت الحرب الدموية السعودية على اليمن أو ما يسمى بعاصفة الحزم هشاشة و عدم قدرة القوات السعودية الإماراتية على تحقيق انتصار ظنه البعض سهلا بالنظر إلى الفارق الكبير بين المعدات و الأسلحة التي تمتلكها دول الخليج و القدرات الضعيفة جدا للشعب اليمنى .
حتى الآن ، لم تتمكن القوات الصهيونية السعودية من تحقيق انتصار مقنع و حاسم في هذه الحرب الدموية الفاشلة ، و اكتفت بتوجيه ضربات جوية لتدمير مخازن الأسلحة اليمنية و استهداف بعض المجموعات القتالية المتحركة ، و لان مقولة ” الطيران لا يمكن أن يفرض انتصارا على الأرض ” تبقى صالحة في العلوم العسكرية فالثابت أن هذه القوات الصهيونية السعودية الإماراتية المجهزة بسخاء نفطي لا مثيل له في العالم و التي حاولت المنظومة الإعلامية الصهيونية الدعائية المستفيدة من هذه الضربات الموجهة إلى اليمن أن تصور استهدافها للمدنيين العزل و بعض مخازن الأسلحة على أنها انتصارات قد أثارت سخرية المعلقين و المراقبين العسكريين الذين تفاجئوا سلبيا بالمستوى العملياتى الضحل لهذه القوات و عدم قدرتها على فرض نفسها بريا ضد بعض المجموعات التي تعتمد أسلوب القتال المتحرك أو ما يسمى بالأسلوب الفيتنامي للجنرال الشهير جياب ، مع الفارق الكبير في التضاريس بين البلدين ، و الذي كبد القوات الأمريكية في حرب فيتنام خسائر بشرية كبيرة فرضت عليه الهزيمة و الانسحاب .
من المعلوم أن القوات الخليجية تتكون من جنود ينتمون إلى القبائل العربية المتفرقة المتنازعة في أغلب الأحيان ، نزاعات تتعلق بسعيها المحموم نحو التقرب من السلطات الحاكمة في دول الخليج ، و من المعلوم أيضا أن الأنظمة الخليجية لا تعتمد في بقاءها على قواتها العسكرية و تعتبرها أكبر مصدر للخطر و بالتالي فإنها تسعى بكل جهدها إلى فرض كل الموالين إليها في قيادة تلك القوات حتى تضمن ولائهم للنظام و عدم التفكير في الانقلاب عليه ، و من المتوقع إذن أن تكون لهذه القيادات بعض الحساسيات من بعضها البعض و بالتالي فان ذلك ينعكس وجوبا على التسلسل الهرمي في الجيوش الخليجية صعودا و هبوطا ، بحيث يسعى كل طرف إلى استمالة و ضمان أكثر ما يمكن من الضباط و الجنود إلى صفه الأمر الذي يجعل تلك الجيوش مجرد قبائل متصارعة متنافسة على حظوة النظام أكثر منها قدرة على الدفاع عن الوطن أو ربح المعارك العسكرية في الأوقات المطلوبة .
المتطلع للقيادات الخليجية العسكرية يجد بلا عناء أنها قيادات معينة سياسيا من النظام و ليست قيادات متمرسة في القتال أو لها القدرة المناسبة لقيادة الجيوش العسكرية و إعداد الخطط القادرة على فرض إرادتها على الأطراف المعادية ، في حين أنه نجد مثلا أن القيادات الإيرانية العسكرية تتكون من الضباط المحترفين و الذين اثبتوا جدارتهم القتالية في الحرب مع العراق أو الذين برزوا من خلال قدراتهم العلمية أو في التخطيط العسكري حسب احدث العلوم العسكرية ، هذا الأمر مفقود تماما في القيادات الخليجية التي لا تتكون من محترفين بارعين بل من كوادر هامشية دفعتها الظروف أو العصبية القبلية أو الانتماء للعائلة الحاكمة إلى تلك المناصب بما يوهن القدرات القتالية لتلك الجيوش الكرتونية و يجعلها مسخرة لكل المتابعين و أكثر عرضة للتسخيف كما هو الحال اليوم في اليمن .
هناك حرب شعواء تشن على المواطن “الشيعي” في دول الخليج ، هذه الحرب لها تداعيات معينة على قيادات الجيش التي تسعى الأنظمة الخليجية لتكون سنية مائة في المائة ، من تداعيات هذا الشرخ العميق انخفاض منسوب العقيدة القتالية لدى جيوش الخليجية و بالذات الجيش السعودي فلا يمكن تصور أن يكون المواطن الشيعي المهضوم الحقوق و المتهم بالخيانة و العمالة أول المتحمسين للقيام بأية مهمة قتالية خاصة إذا كانت تلك المهمة القذرة تتعلق بضرب بلد مسلم لخدمة إسرائيل و مشاريع الفوضى الصهيونية الخلاقة ، بل لعل محاولة النظام تقريب بعض القيادات دون القيادات الأخرى قد خلق ضغينة و كراهية للنظام السعودي ككل مما انعكس سلبا على الروح القتالية و دفع النظام للاستنجاد بالقوات الباكستانية و المصرية و السودانية لخوض الحرب البرية بعد أن تبين أن الجيش السعودي ليس مستعدا للموت من أجل ملك صهيوني عميل ، و على هذا الأساس يجمع الملاحظون اليوم على أن عملية الميز العنصري التي استبعدت الشيعة لصالح السنة قد كللت بالفشل الذريع تماما كما فشلت عاصفة الحزم ” السنية” في تحقيق هزيمة الشعب اليمنى المتصالح مع نفسه و مع كل طوائفه.
بانوراما الشرق الاوسط