أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / الحج.. موتى سوء التسيير

الحج.. موتى سوء التسيير

معمر حبار

رحمة الله على حجاج منى الذين توفوا، وعددهم لحد كتابة هذه الأسطر حسب ما ذكره وزير الصحة السعودي عبر BBC، 769 ميت و934 جريح. بالإضافة إلى 107 ميت، إثر سقوط الرافعة، ورزق الله الشفاء العاجل للجرحى، ورزق أهليهم وذويهم كل الصبر والثبات.
لابد أن يعترف المرء أن المملكة السعودية وعلى مر السنوات الأخيرة، قامت بمجهودات في ما يتعلق بتحسين ظروف الحج وإقامة الحاج، وقد نجحت في ذلك فيما نراه ونتابعه، عبر وسائل الإعلام السعودية والعربية والعالمية، والحجاج الجزائريين القادمين من الحج والعمرة يتحدثون عن الإنجازات ويؤكدونها.
لكن العدد المرتفع جدا لموتى منى، رحمة الله عليهم جميعا، أظهر أن هناك نقائص وثغرات مازالت عالقة، تنتظر تصحيحها والتخلي عنها.
وفي انتظار نتائج التحقيق التي لم تظهر لغاية هذه الأسطر، وجب التذكير أنه لم يعد مقبولا لأحد، ومهما كانت الأسباب ومن كان السبب، أن يتحول الحج كل عام إلى دماء تسيل، وأنفس طاهرة نقية تموت خنقا وحرقا.
أسمع للواء السعودي المكلف بالحج يقول، أن مساحة منى ضيقة جدا لا تتحمل هذا العدد من الحجاج ولا يمكن توسيعها، لأن مساحتها محدودة شرعا. وعلى إثر هذا الخبر..
أقول لإمام فقيه عصر هذا اليوم، هل فعلا مساحة منى محددة شرعا؟. إذن هذا دور الفقهاء، فهم مطالبون أن يجدوا حلا للمساحة المحددة، كما وجدوا من قبل حلولا لتوسيع الحرم، وتوسيع الصفا والمروة، وتوسيع رمي الجمرات، وأمورا أخرى خفّفت عن الحاج، ورفعت عنه الغبن والتعب. وعلى فقهاء المسلمين جميعا أن يساهموا في إيجاد حل في أسرع وقت للمساحة الضيقة المحددة.
وفي نفس الوقت، الاستعانة بتجارب الدول الكبرى ضرورية مطلوبة، فيما يتعلق بالتنظيم الحسن والسريع والآمن. فحسن التنظيم أمسى من علامات التقدم والتحضر. فالنجاح لايقاس بعدد الزوار والحجاج، بقدر مايقاس بعدد الإصابات والجرحى والموتى، فكلما نزلت الخسائر إلى أدنى مستوى، كان ذلك تعبيرا عن النجاح والتقدم والتحكم وحسن التسيير.
ومما يجب التنبيه إليه في مثل هذه الحالات العصيبة الصعبة، أن إستغلال موتى الحجاج لأغراض سياسية من أيّ طرف كان، يمس بقدسية الحج، ويغطي الحقيقة المرجوة، ويسيء للأهل والأوطان والأحباب.
كما أن إتّهام الحجاج بأنهم هم السبب، يضر بالحاج ويلحق الضرر بأهله ووطنه وثقافته وتربيته، وكأنه صرف الأموال وتحمل المشاق والصعاب ليقتل نفسه.
وأنا أتابع صور الموتى المكدسة عبر الطرقات والمرمية في الشوارع، أقول بعدها، إن مصيبة إهانة الحاج لا تقل ضررا وألما من الإهانة التي يتعرّض لها بعد موته.
لنا موعد مع القارئ الكريم إن شاء الله، بعد صدور نتائج التحقيق، إن كانت النتائج تستدعي ذلك.