كاظم فنجان الحمامي
من كان يصدق أن ابنة الراهب (هورست كاستر) التي ولدتها امها في ألمانيا الشرقية عام 1954 ستصبح زعيمة لألمانية الاتحادية بشطريها الشرقي والغربي ؟، ومن كان يصدق أنها ستحترف السياسة بعد حصولها على شهادة الدكتوراه في الفيزياء من جامعة لايبزغ (كارل ماركس سابقاً)، ومن كان يصدق إن هذه المرأة الجرمانية البافارية تحمل من النخوة والمروءة ما لم يحمله الزعماء والملوك العرب من كبيرهم إلى صغيرهم، وتحمل من الرحمة والإنسانية ما لم يحمله فقهاء السوء وشيوخ الفتنة الطائفية، الذين نشروا الرعب والخراب في ديارنا، وتحمل من الحنكة والمهنية في التعامل المرن مع الأزمات ما لم يحمله رؤساء الجامعة العربية منذ بداية تأسيسها وحتى يومنا هذا.
أتدرون لماذا ؟. لأنها وبكل بساطة هي التي انفردت وحدها بإيواء الجموع الغفيرة من اللاجئين السوريين والعراقيين – حتى لو زاد عددهم على خمسة ملايين، وهي التي وفرت لهم الملاذ الآمن، وفتحت لهم الملاجئ الواسعة والمخيمات المؤثثة، ثم فتحت لهم ملاعب كرة القدم رغم أنف البوندسليغا، ووفرت لهم الغذاء والدواء من دون أن تبخل عليهم بشيء، ومن دون أن تحتجزهم خلف أسلاكها الحدودية الشائكة مثلما تفعل الكيانات العربية الهمجية، ومن دون أن تشكك بنواياهم أو تتفحص وثائقهم، ومن دون أن تضعهم في تصنيفات طائفية مثلما تفعل المنظمات العربية المريضة وأحزابها المراهقة، ومن دون أن تسعى للتكسب المالي أو الإعلامي، ومن دون أن تتبجح وتتحذلق – على طريقة زعمائنا – عبر شبكات الإعلام الدولية والمحلية.
المثير للسخرية أن الفضائيات العربية الرسمية الرخيصة نقلت لنا باقة من أخبار الدعارة السياسية المنتشرة هذه الأيام في العواصم العربية الموغلة في الرذيلة، أخبار عن نوايا بعض الملوك والرؤساء والوزراء العرب للتعاون مع السيدة (ميركل) بذريعة مساعدتها في احتضان المهاجرين واللاجئين والهاربين من الجحيم. متجاهلين أنهم هم أنفسهم السبب الرئيس لهذه الهجرة الكارثية، وهم أنفسهم السبب الرئيس في تفجير براكين الدمار والخراب في الشرق الأوسط. أرأيتم إلى أي منزلق وصلت بهم الوقاحة، وإلى أي منحدر هبطت بهم خستهم ونذالتهم ؟. فاشلون ومجرمون يقتلون القتيل ثم يمشون خلف جنازته. معقدون وجاحدون تخصصوا في ممارسة التهتك السياسي بمباركة جامعتهم المفككة.
ألا تباً لزعماء السوء وتجار الحروب، الذين سيجنح بهم مسارهم المنحرف نحو مزابل التاريخ. وسيكتب التاريخ بحروف من نور المواقف الإنسانية المشرفة لهذه المرأة النبيلة، وستكون لها مكانة كبيرة في قلوبنا.
ربنا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين