محمد صادق الحسيني / ايران
مرة أخرى يثبت محور المقاومة بقيادة المشهد الدمشقي الشهير، أيّ طهران ـــ دمشق ـــ الضاحية، أنه هو مَن يحدّد سقف العالم.
ومرة أخرى يثبت محور المقاومة هذا أنه هو مَن يغيّر وجه العالم ويُعيد رسم خرائطه.
ومرة أخرى يُثبت محور المقاومة أنه هو مَن يهلك ملوكاً ويستخلف آخرين ويكفي النظر في وجه بوتين.
ومرة أخرى يُثبت محور المقاومة هذا أنه هو مَن يغيّر قواعد الاشتباك هنا أو هناك، ويثبّت مَن يشاء على الأرض ويُخرج مَن يشاء منها.
ومرة أخرى يثبت محور المقاومة هذا أن لا تسويات ولا صفقات ولا مصالحات مع أحد، أيّ أحد، إلا بنصر كبير مؤزّر له أولاً، وبعد ذلك لكل حادث حديث.
ومرة أخرى وفي كلّ يوم، وفي كلّ ساعة، وفي كلّ لحظة، يؤكد ويعزز محور المقاومة هذا بأنّ اليد العليا له في الميدان، كما في المفاوضات، كما في حقول ألغام العلاقات العامة التي تحاول بعض القوى المترجرجة بفعل صمودنا أن تهرب إليها مرتبكة مضطربة متخبّطة لا تدري أيّ الطرق تؤدّي إلى قصر الشعب السوري…!
إنها ثقافة المقاومة وحرب الإرادات ومعركة الربع الساعة الأخير التي نخوضها، والتي جعلنا العالم يخوضها معنا طوعاً أو كرهاً ضدّ الإرهاب التكفيري بكلّ أشكاله، ومن لا يأتي اليوم سيأتي غداً أو بعد غد صاغراً مذعناً يتوسّل مقعداً في آخر عربة لقطار النصر المسرع نحو غاياته المعروفة.
لا تشغلكم التفاصيل كثيراً، مَن هاتف مَن؟ ومَن جلس أو حاور أو فاوض مَن؟ وماذا صرّحوا؟ ومَن بقي على تصريحه ومَن لحسه او تراجع عنه؟
القدر المتيقن من كلّ ما يجري أنّ العدو الرئيسي للأمة، أي الصهيوني الأميركي ــــ «الإسرائيلي» خسر وتجرّع السمّ أكثر من مرة، من بوابات الشام إلى تخوم بغداد إلى أسوار غزة إلى سواحل باب المندب وبطون جبال صنعاء، وها هو اليوم يدفع أثمان تلك الهزائم بالتحوّلات الجيوسياسية الكبرى من الاسكندرون حتى الاسكندرية…
وإلا مِن أين جاء تعديل الأمن القومي الروسي، وظهرت عقيدة بوتين التي تريد تحرير سورية والعراق من الإرهاب، وتقول للأميركيين إنكم خدعتمونا طوال الوقت!؟
أو من أين جاءت الحركة الفلسطينية الواعية جداً والعارفة تماماً ماذا تريد من انتفاضتها المتجدّدة، وقطعاً غير العفوية، وقطعاً غير الفصائلية في القدس أولاً ومن ثم الضفة ومن ثم كلّ فلسطين، وهي تقول لـ نتن ياهو أنك أوهن من بيت العنكبوت إلى الدرجة التي صار معارضوك يصفونك بأنك مجرد «قرد» عاجز عن فعل أيّ شيء سوى التفرّج على ما يدور!؟
روسيا التقطت لحظة الضعف والوهن الأميركي واتكأت على انتصاراتنا ووظفت مجمل انتصاراتنا لتنطلق في حرب باردة ــــ ساخنة مع الأميركيين لإسقاط الأحادية الأميركية مرة واحدة والى الأبد. والفخر لنا لا شك ولا ريب كما سيسجّل التاريخ عندما تكتمل صناعة عالم ما بعد الدولار الأميركي المتعدّد الأقطاب. ونحن فيه قطب أساس.
إنه الشعب الفلسطيني العظيم الذي التقط لحظة تهاوي حكومة العدو وتخبّطها، لذلك قرّر خوض انتفاضته بإرادة واعية واعتماداً على الذات أولاً ومن ثم بمساندة محور المقاومة إنْ شاء الله حتى تحرير الأقصى والضفة، بانتظار إشارة تحرير باقي فلسطين. ربما مع لحظة ورود أمر عمليات الدخول إلى الجليل من جبهة الشمال…
بدخولنا، كحرس ثوري إيراني ومجاهدي المقاومة اللبنانية الإسلامية، منعنا حتى الآن، ليس فقط انتشار الإرهاب التكفيري وتوسّعه، بل منعنا حرباً عالمية طالما حاولت دوائر الصهيونية العالمية إشعالها وفشلت. واليوم تحاول هذه الدوائر نفسها التلويح بها مجدّداً في وجه روسيا…!
إنها وقائع ميدانية وجغرافيا سياسية رسمت حدودَها دماءُ شهدائنا وتاريخ مشرّف خطّه قادتنا الكبار من كلّ المستويات، وهي سفينة نجاتنا، كما هو دم الحسين سر انتصارنا…
ليست أحلاماً وردية، كما قد يخطر على بال البعض ليقلل مما قلنا بل هي معطيات حقيقية جداً جداً.
نعم، العدو لم ينهزم تماماً، ولم ينكسر تماماً، ولم يرفع الراية البيضاء بعد، ولا يزال يملك من أوراق القوة والتهديد الكثير، لكنه جريح ينزف خائر القوى نسبياً.
نحن ننزف أيضاً، هذا أيضاً صحيح. لكن نزفنا هو نزف ولادة فيما نزفه هو نزف احتضار. والفرق كبير.
لم نعد في عصر شعب أبي طالب كما بدأوا المعركة ضدّنا، بل أصبحنا في عصر بدر وخيبر. والفرق كبير!
لذلك نقول ونرسم ما نقول، ونحن مطمئنون لما نقول وما نرسم:
عالمٌ ينهار، عالم الأحادية الأميركية والعربدة «الإسرائيلية» والسعودية التكفيرية وأذنابها وميليشياتها العثمانية منها أو القطرية.
عالمٌ ينهض، عالم محور المقاومة الذي صار أوسع انتشاراً من طهران وقصر الشعب وحارة حريك ليضمّ إليه بغداد وصنعاء ابتداء وعينه على القاهرة… قاهرة عبد الناصر والمعزّ، ومن ثم ليتوسّع إلى موسكو وبكين والهند والبرازيل وبوليفيا وفنزويلا وكلّ أحرار العالم.
بعدنا طيّبين. قولوا الله…