أحمد الشرقاوي / مصر
قبل حوالي أسبوعين من اليوم، تسلم الرئيس العراقي السيد حيدر العبادي رسالة من الرئيس الروسي أبو علي بوتين عبر السفير الروسي في بغداد، قيل حينها أنها تتعلق برغبة موسكو في تطوير العلاقات الثنائية في مختلف المجالات بين روسيا والعراق، خصوصًا في مجال التسليح وتبادل المعلومات لمواجهة تنظيم “داعش”..
وكانت مصادر عراقية مقربة من رئاسة الحكومة، قد كشفت للإعلام أن الرئيس الروسي أمهل الرئيس العراقي مدة لا تتجاوز متم الشهر الحالي لتقديم طلب رسمي بموافقة الحكومة العراقية على مساعدة روسيا لتوجيه ضربات جوية لمواقع “داعش” في العراق، على غرار ما تقوم به في سورية..
ويشار إلى أن هذا الأمر كان قد تمت مناقشته بين روسيا والعراق خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة مطلع هذا الشهر، حيث أكد السيد العبادي إثر ذلك، أن العراق سيقبل أي دعم من أي طرف لأنه الدولة الوحيدة التي تحارب “داعش” وعلى العالم مساعدته، وكان قد صرح قبل ذلك، بأنه سيرحب بشن روسيا غارات جوية ضد تنظيم داعش في بلاده، كما وأبدى استغرابه من تحفظ بعض الأطراف على التعاون مع روسيا، واصفا إياهم بأنهم “يتصرفون وكأن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أحد أقاربهم”..
هذه المواقف والتصريحات، أعطت الانطباع بأن السيد العبادي عازم على طلب مساعدة موسكو بشكل رسمي لإضفاء الغطاء الشرعي على العمل العسكري الروسي كما هو الحال في سورية، خصوصا وأن الرؤية الروسية لا تقتصر على المساعدة العسكرية فحسب، بل ومساعدة الحكومة والشعب العراقي في مختلف المجالات، في إطار التحالف الإستراتيجي القائم بين موسكو وطهران، لتحرير دول المنطقة من التبعية الأمريكية البغيضة والنهوض بشعوبها على كافة المستويات.
غير أنه وقبل مرور 24 ساعة على تسلم رئيس الوزراء العراقي رسالة الرئيس بوتين، وصل إلى العراق الجنرال ‘زيف دنفورد’ رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، وفور وصوله إلى أربيل محطة زيارته الأولى، صرح بأنه يستبعد إمكانية شن روسيا حملة جوية في العراق في المستقبل القريب، مؤكدا، نقلا عن سفير بلاده في بغداد، أن “المسؤولين الأمريكيين اطمأنوا على أن العبادي لن يتقدم بطلب لموسكو في هذا الصدد”.
وهو ما دفع بمجموعة وازنة من النواب العراقيين إلى توجيه رسالة رسمية للسيد العبادي، مطالبين إياه بطرح الموضوع في جلسة للبرلمان والتصويت عليه، مؤكدين أن غالبية النواب ستصوت لصالح الطلب من روسيا توجيه ضربات عسكرية لـ”داعش”، بعد أن افتضحت النوايا الأمريكية الخبيثة في العراق وما تطبخه للعراقيين من مآسي ستدخل البلاد في حروب أهلية مفتوحة لعقود قادمة.
وأول من أمس الأربعاء، بشر وزير الدفاع الأمريكي ‘آشتون كارتر’ لجنة الكونجرس خلال جلسة استماع حول الحملة العسكرية في العراق وسورية، إلى أن الولايات المتحدة لا تستبعد القيام بتحركات مباشرة على الأرض في العراق وسورية لمواجهة “داعش” بموازاة تكثيف الضربات الجوية، و قال أيضا وهذا هو المهم، إن “رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي اكد له انه لن يكون شريكا لروسيا و لن يسمح لها بتوجيه ضربات لـ’داعش’ في العراق”، كاشفا انه حذر العبادي بأن بلاده ستسحب الدعم عن العراق إذا ما سمح للروس بالدخول إليه.
إلى هنا تبدو الأمور واضحة، بعد أن قطع وزير الدفاع الأمريكي ‘آشتون كارتر’ رسميا أمام أعضاء الكونجرس الأمريكي الشك باليقين، وفهم الجميع أن السيد العبادي أعلنها واضحة جلية بما يفيد أنه “أمريكي لا عراقي”، وأن رضا أمريكا هو أهم عنده من العراق والعراقيين والناس أجمعين..
وكمكافأة على موقفه الثابت من إبقاء العراق في صف التحالف الأمريكي، وجه الرئيس أوباما للسيد العبادي استدعاءا (لا دعوة) رسميا لزيارة لزيارة واشنطن، لينعم عله برضاه، ويقدم له ما يحتاج من دعم معنوي، ويمده بما يلزم من توجيهات سياسية قيمة بالنسبة للمرحلة المقبلة، وإذا نجح في في اجتياز الاختبار يصبح حليفا إستراتيجيا لواشنطن، حينها يمكنه أن يتحول إلى مستبد وفاسد على شاكلة مسعود البرزاني وبقية العملاء في المنطقة، يتمتع بالمظلة الأمريكية التي تحميهم من شعوبهم.
*** / ***
موقف السيد العبادي هذا، جعلني أعود من حيث أدري ولا أدري إلى تصريح السيد بوتين خلال منتدى “فالداي” الأخير الذي عقد بـ”سوتشي” حيث قال: “ن الشعوب العربية، ولعقود طويلة، لم تكن تعلم يما يجري في بلدانها”.
ولسبب لا أعرفه، لم أربط قول السيد بوتين بأسطوانة الجهل والتخلف والفقر والمرض التي دئبنا على تكرارها كلما حلت بنا كارثة، لتحميل الشعوب العربية مسؤولية ذلك، لأن هذه المرة يحاول أبو علي بوتين أن يوصل إلينا رسالة مشفرة مفادها، أن مسؤولية ما حدث ويحدث لنا تتحملها القيادات والحكومات، وأننا كشعوب كنا آخر من يعلم مثلنا مثل الزوج المغفل المخدوع..
ما كشفه بوتين ليس جديدا بالنسبة للنخب العربية وإن كام مجهولا بالنسبة للعامة، وفي المستوى الأول، يعرف الجميع أن السبب يعود بالأساس إلى تبعية حكامنا إلى المنظومة الصهيو – أمريكية التي تملي عليهم خياراتهم وسياساتهم وما يجب عليهم أن يفعلوه تحت طائلة الاستغناء عن خدماتهم وحرمانهم من امتيازات السلطة والثروة، باعتبارهم مجرد أدوات تنفيذية يتم استبدالها كلما تمردت أو خولت لها نفسها الخروج عن تعاليم التلمود السياسية..
لكن السؤال الأهم الذي يطرح نفسه بالمناسبة هو: ما الذي يجبر هذه القيادات على الانخراط في المعسكر الصهيو – أمريكي ضدا في مصلحة شعوبها وأوطانها؟.. هل هو الخوف من شعوبها أم الخوف من أمريكا نفسها؟.. هل هي طبيعتها الاستبدادية الفاسدة التي تدفعها للاحتماء بمظلة واشنطن وتل أبيب لتكريس استبدادها وتأبيد فسادها مقابل خدمة أسيادها أم أن للقضية بعدا آخر أخطر من هذا وذاك؟..
والحقيقة أنني لم أجد من جواب يشفي غليل سؤال المعرفة غير حديث للرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، نبهنا فيه بالقول (احذروا العرق فإنه دساس).. فقلت مع نفسي، لماذا لم يجري مجلس النواب العراقي للسيد العبادي قبل المصادقة على تعيينه رئيسا للوزراء، تحليلا جينيا متقدما، ليتأكد من أنه عراقي الأصل، عربي العرق، لا يحمل جينة وراثية يهودية في دمه تؤثر على مواقفه وتوجهاته، ولا جرثومة أمريكية مكتسبة لوثت عقله وأصبحت تتحكم في تصريحاته المنافقة؟..
نقول هذا بعد أن اكتشفنا خطورة العرق ومدى تأثيره على قرارات وتصرفات القادة العرب كما تبين من حالة مسعود البرزاني مثلا، والذي أثبتت الوقائع أن دمه الكردي ملوث بجرثومة صهيونية خبيثة، جعلت منه عبدا دليلا للأمريكي وخديما مطيعا لـ”إسرائيل”، بدليل ما كشفته عديد التقارير عن انخراطه في التآمر على وطنه العراق لتدميره وتقسيمه وتمزيق مجتمعه، ومساهمته الفاعلة في تمويل الإرهاب الذي خرب سورية وذبح الشعب السوري من خلال توريد النفط إلى السلطان الماسوني أردوغان عراب “داعش” في العراق وسورية، وزاد الطين بلة أن مسعود البرزاني ساعد الكيان الصهيوني المجرم على سحق الشعب الفلسطيني المظلوم في غزة من خلال تزويد مقاتلاته العسكرية بنفط العراقيين الذي كان يتحول إلى دم للفلسطينيين يجري أنهارا على الأٍرض، هذا في الوقت الذي كان نجله المراهق ينفق ملايين الدولارات في سهرات المجون وكازينوهات القمار بعواصم الغرب.
نقول هذا أيضا، لأن معضلة العالم العربي لا تكمن في شعوبه بقدر ما تكمن في زعمائه الذين تمكنت الصهيونية العالمية من فرضهم كقادة وفق مواصفات علمية دقيقة تعطي لعامل الجينة الوراثية (Genetic Gene) الأولوية الأولى في الانتقاء، كما حصل مثلا مع عائلة ‘آل سعود’ أبناء “موردوخاي”، ولا نحتاج هنا للتذكير بأن كل المصائب والكوارث والمآسي التي حلت بالعرب والمسلمين كانت بسبب خبثهم وتآمرهم وعمالتهم وخستهم ونذالتهم وإجرامهم وفسادهم الذي لم يعرف له تاريخ العرب والمسلمين نظيرا..
أو ‘آل خليفة’ حكام مشيخة قطر، الذين يعود أصلهم إلى جارية بولاندية يهودية، والدور التآمري الإعلامي الذي لعبوه لركوب الربيع العربي، والدور الإجرامي الذي قاموا به لدعم الإرهاب الوهابي وتسليحه وتمويله لذبح الشعوب العربية في كل مكان من تونس إلى اليمن، مرورا بليبيا ومصر وسورية والعراق..
أو ‘آل عيسى’ في البحرين، والذين سرب مختبر طبي بريطاني تقريرا للإعلام قبل فترة يؤكد عرقهم اليهودي من تحليل للجينة الوراثية للعاهر الحالي أثناء زيارته للعلاج في لندن، ويرجح باحثون أن يكونوا من أصل عراقي نزحوا إلى البحرين بعد سقوط الدولة الاستبدادية العثمانية، وساعدهم الاستعمار البريطاني على إقامة مشيختهم بعد أن اقتطع المنطقة الشرقية الغنية بالنفط التي كانت جزءا أصيلا من بلاد البحرين وضمت لـ”السعودية”، وطبعا لا حاجة لنا هنا للتذكير بما يعانيه شعب البحرين الأبي من ظلم وتنكيل وسجن وقتل وهدم لبيوت العبادة وحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية بتدخل سعودي سافر، لا لشيئ سوى لأنه في معظمه شعب تواق للحرية والكرامة ومحب لآل البيت الأطهار عليهم السلام..
أو العاهر الأردني “الهاشمي” كما يدعي زورا وبهتانا، فينحدر من أسرة مختلطة أسسها رجل تركي الأصل عرف باسم ” حسين بن علي”، ويلقب بـ”الشريف” لأنه تولى الإشراف على الحجاز بتوصية من ضباط حزب الاتحاد والترقي التركي الذي كان معظم أعضائه من الماسون اليهود، وكان جده “محسن” قد تزوج بامرأة يهودية وأنجب منها ولدا سماه “جدعون” الذي هو “حسين بن علي”، أوكلت إليه مهمة إشعال “الثورة العربية الكبرى” ضد “الخلافة” العثمانية.. و”حسين” هذا يرقد اليوم في المقابر الملكية بعد أن كلف حاخام يهودي بإجراء مراسيم دفنه على الطريقة اليهودية كما يعرف الأردنيون، وكان والده جاسوسا لبريطانيا وعميلا لإسرائيل تحت مسمى “ميستر بين”، ولا يختل عنه في شيئ نجله الحالي الذي أثبت أنه أكثر صهيونية من والده، حيث أنه أوغل في سفك الدم اللبناني والفلسطيني والسوري والعراقي خدمة للمشروع الصهيو – أمريكي في المنطقة، هذا في الوقت الذي لا تفوت زوجته فرصة أو مناسبة دون الحديث عن ضرورة محاربة الإرهاب والدفاع عن الإسلام المشرق الجميل..
أو السلطان أردوغان الذي تؤكد دراسات عدة أصوله اليهودية الخفية، وإن كانت النظريات تختلف حول جهة الإنتماء فحسب، وهو ما جعل الصهيونية العالمية تختاره ليكون عراب الماسونية الإخونجية التي أوكل إليها قيادة مرحلة الإسلام السياسي الأمريكي في المنطقة بعد نجاحها في تونس ومصر وليبيا والمغرب بسبب عرق رئيس الحكومة المغربي وعميل المخابرات ‘بن كيران’ اليهودي، غير أن المشروع الإخونجي أسقط في سورية وانقلبت عليه “السعودية” و”إسرائيل” في مصر لخوفهما من خطر هيمنته على حساب نفوذهما في المنطقة.
أو الديكتاتور المقبور “معمر القذافي” الذي ينحدر من أم يهودية.. أو الديكتاتور “السيسي” الذي ينحدر أيضا من أم يهودية مغربية من الدار البيضاء.. وما خفي كان أعظم.
ومن لا ينحدر من عرق يهودي نقي، خصوصا من جهة الأم – لأن اليهودي لا يمكن أن يعترف به نقي العرق إلا إذا كانت أمه يهودية، في حين لا يعتبر المنحدر من أب يهودي وأم غير يهودية صاحب عرق نقي – يتم غسل دماغه وتلويثه بجرثومة الصهيونية العالمية الخبيثة التي تزرعها الولايات المتحدة في العقل العربي، كما هو حال عاهر المغرب المقبور الحسن الثاني الذي استحق شرف أن تقام له النصب التذكارية في تل أبيب عرفانا بالجميل والخدمات الجليلة التي قدمها لشعب إسرائيل اللقيط، أو نجله الحالي الذي أثبت ولاءا لأمريكا وإسرائيل لا يقل شأنا عن ولاء والده، وكرمت زوجته مصاصة الدماء ‘ستيفي ليفني’ بعقد ثمين من الألماس بعد عدوان غزة الآثم..
*** / ***
أما السيد العبادي، فلا نملك معلومات دقيقة حول عرقه الحقيقي، لكننا متأكدون أن عقله أصبح ملوثا بالجرثومة الصهيونية الأمريكية، بالنظر إلى تعارض أقواله مع أفعاله، خصوصا بعد أن كشف الله سريرته وأظهر حقيقته وتبين أنه لا يعدو أن يكون مجرد خديم مطيع للأمريكي برغم الجرائم الذي ارتكبها الأخير في حق شعبه، وبرغم معرفته أن “داعش” التي يشكو من إرهابها اليوم هي صنيعة سيده الأمريكي إبان الإحتلال، فعلى من يضحك هذا السياسي الفاشل..
اليوم لا حل ولا شغل ولا شاغل للعراقيين الشرفاء سوى إزاحة هذا الفاشل من المشهد السياسي، قبل التفكير في مواجهة “داعش” لأن العراقيين الشرفاء لن يتمكنوا من القضاء على هذا التنظيم الإرهابي بوجود الثنائي:
* الأمريكي الصهيوني المجرم الذي يرعى الإرهاب ويسلحه من البر والجو ويوجهه الوجهة التي تخدم مصالحه المتمثلة في تقسيم العراق لعزل إيران عن سورية وعمقها العربي، وإقامة قواعد عسكرية في مختلف المناطق، ولا حل أمام العراقيين إلا بدعوة الروسي لتحريرهم من الأمريكي ومساعدتهم على تطهير بلادهم من “الدواعش”..
* والعبادي رجل أمريكا المتخفي الذي لم يمد الحشد الشعبي بما يلزم من مال وعتاد وسلاح ليقوم بواجبه الجهادي المقدس، وهو يسعى بكل الوسائل والسبل لحله وإنهائه لفائدة “الحرس الوطني” ليساعد الأمريكي على تفتيت العراق وتمزيق مكوناته، ويعمل على شق جغرافية محور المقاومة بتحويل العراق إلى سد لحرمان إيران من عمقها العربي في معركة التحرر والتحرير ضد الهيمنة الأمريكية والاحتلال الصهيوني، ولتغطية نواياه الحقيقية، يلهي العراقيين بحملة كاذبة خادعة تقول بالقضاء على الفساد، والحقائق تؤكد أن الفساد الحقيقي يعشش في زمرة أعوانه ومساعديه الذين يرفض فتح مفلاتهم، ويسعى لاستعمال الحرب على الفساد بانتقائية فاضحة مكشوفة، كسيف ‘دموقليدس’ لاستبعاد معارضيه فقط..
ولعل في مجلس النواب من الشرفاء، وخصوصا في الائتلاف الذي جاء بالعبادي إلى سدة الرئاسة، من يفكر اليوم جديا في سحب الثقة منه، وتخليص العراق والعراقيين من مخططاته التي بدأت رائحتها العطنة تزكم الأنوف في المنطقة برمتها..
نقول هذا لقناعتنا أن لا مستقبل لهذه الأمة في معركة الوجود والمصير من دون العراق، وما قيمة قزم كالعبادي أمام التحديات الكبرى التي نواجهها جميعا لنكون أو لا نكون؟..
بانوراما الشرق الاوسط