السبت 14 . 11 . 2015
ثريا عاصي / لبنان
يتبارى وزيرا خارجية آل سعود، عادل الجبير، وآل ثاني في قطر، خالد بن محمد العطية، في إطلاق التصريحات ضدّ سوريا، التي لا صلة بينها وبين الدبلوماسية بحسب المفهومية المتعارف عليها، أو بمبادئ السياسة التي تنظم العلاقات بين الدول، القريبة والبعيدة. رغم أنّ هناك بعض أوجه الشبه بين ما يقوله هذان الوزيران وزميلهما الفرنسي السيد لوران فابيوس، الذي تفتّقت قريحته عن تصريح، وهو وزير خارجية فرنسا، جاء فيه «أنّ الرئيس السوري بشار الأسد لا يستأهل أن يكون على وجه الأرض»! في دعوة صريحة وبشعة ووقحة إلى اغتياله مثلما اغتيل الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، والرئيس العراقي صدام حسين من قبله. طريقة شفافة يستخدمها المستعمرون في تصفية الزعماء في العالم الثالث.
يحسن التذكير أنّ الزعماء الحاليين هم الذين ورثوا، بشكلٍ أو بآخر، القادة الوطنيين الذين تمّت تصفيتهم على يد المستعمرين أنفسهم. يتغيّر القادة، ولكن المستعمرين لا يتبدلون. أفكّر بالمهدي بن بركة، بسلفلدور الليندي، باتريس لومومبا، سانكرا.
قال عادل الجبير وزير خارجية آل سعود، إنّ «الرئيس الأسد هو كمثل المغناطيس الذي يجتذب الإرهابيين! فإذا أبعدنا وعطلنا المغناطيس، تفرّق الإرهابيون». أما الوزير القطري الدكتور خالد العطية فأعلن أنّ بلاده ستدخل الحرب ضدّ سوريا إلى جانب السعوديين والأتراك !
إذا اقتضى الأمر… لماذا هذا التركيز على الرئيس السوري؟!
أيّاً كان الموقف من الرجل قبل تفجّر الأزمةَ السورية وبدء الحرب على سوريا، فإنّه تحوّل أثناء الحرب إلى قائد سوري وطني شجاع بكل ما لهذا التعبير من أبعاد. أتذكّر هنا قولاً للسيد الأخضر الإبراهيمي، الوسيط الجزائري «الأممي»، الذي سبق دي ميستورا، جاء فيه «أنّ الرئيس بشار الأسد يمثّل الحجر المركزي في هيكلية الدولة السورية، التي تحاكي بنية القبّة في الفن المعماري الشرقي، فإذا اقتلعت الحجر المركزي انهارت القبة».
يمكننا إذاً أن نستوحي من نموذج القبة، بحسب السيد الأخضر الإبراهيمي، تفسيراً لتوجيه جميع النصال على شخص الرئيس بشار الأسد؛ إذ من المحتمل أن تكون دوائر الدراسات الغربية قد توصّلت إلى خلاصة تفيد بأنّ الرئيس الأسد هو النقطة المركزية في الهرم السوري، بمعنى أنّ وجوده هو رمز وطني سوري بامتياز. عند بشار الأسد يلتقي أبناء سوريا، بما هم سوريون.
العلوي يقاتل إلى جانب بشار الأسد بما هو سوري، وليس كشخصٍ من أتباع مذهب من المذاهب الدينية، والصورة نفسها تنطبق على المسلم السنّي، فهو يصير في خندق بشار الأسد سورياً.
في هذا الخندق، نجد أيضاً الجيش العربي السوري. هذا الجيش الذي قدّم التضحيات العظيمة في المواجهة مع المستعمرين الإسرائيليين… وقِس على ذلك…
مجمل القول إنّه من المرجّح أن تكون معاهد الدراسات الغربية قد توصّلت إلى أنّ التخلّص من الرئيس بشار الأسد، يُسهّل تفرقة السوريين طوائف ومذاهب وإثنيات، يستتبع ذلك تقسيم سوريا، على قياس الطوائف والمذاهب، إلى كيانات متنابذة.
أما وزيرا خارجية آل سعود وآل ثاني، فأغلب الظنّ أنّ دورهما يقتصر على إلهاء الناس وحرف الأنظار عن التفكير إلى أين وصل الأخيرون وإلى أين هم سائرون، وإلقاء المسؤولية عن الجريمة التي ارتكبها مشايخ النفط في سوريا على شخص الرئيس بشار الأسد، مثلما قالوا للعراقيين إنّ المشكلة اسمها «صدام حسين» وإنّ خلاصهم يتطلّب معاونة الأميركيين، والقول نفسه أقنعوا الليبيين به… ولكن عندما يصير الجهلة سياسيين وقادة عسكريين!
الديار