الرئيسية / مقالات / عوائل حاكمة وأخرى محكومة وعوائل مُتَنَفِّذة وأخرى مُنَفِّذة

عوائل حاكمة وأخرى محكومة وعوائل مُتَنَفِّذة وأخرى مُنَفِّذة

الاثنين 16 . 11 . 2015

كاظم فنجان الحمامي

قرأت منذ أيام ملفاً خاصاً أعدته مجلة (الأيام) المغربية عن الشبكات الأخطبوطية للعائلات المستحوذة على مفاصل الحكم في مراكش، فالوزير الأول عباس الفاسي، هو خال وزير الخارجية، وصهر وزير الصحة، وأبو زوجة وزير الشؤون العامة، وعم زوجة سفير المغرب بباريس، وربما تجمع الشبكة الواحدة بين الشيوعي، والإسلامي، والعسكري، والمستقل، وقد تتشعب لتربط بين أسماء نافذة ومتنفذة في المملكة المغربية. أما في العراق فلا ندري إلى أي مدى وصلت عندنا التشابكات الأخطبوطية للعوائل المتنفذة ؟، وهل يجرؤ أحد على استعراض حلقات هذا التشابك المتداخل بين الأسر العراقية المسيطرة على زمام الأمور في عموم البلاد ؟.
كان الإقطاعيون الزراعيون يمتصون موارد الأرض المغتصبة، ويشفطون ريعها ورحيقها من عرق الفلاحين الكادحين، فجاء الإقطاعيون السياسيون ليخلقوا طبقات فوقية متعالية. تمارس نفوذها الاستبدادي الواسع تحت مظلة التشريعات، التي منحتها الحصانة والمكانة والرفعة والجاه والموارد المالية السخية. فهل أصبح الوزراء والنواب والسفراء وقادة الجيش وشيوخ العشائر هم المسيطرون على السلطات ؟، وهل تشكلت منهم طبقة الإقطاع السياسي التي أخذت امتيازاتها من موارد الدولة ؟. وهل استغل الإقطاع السياسي أموالنا وثرواتنا عن طريق الفساد الإداري المستشري في جسدها المترهل ؟.
لا توجد أجوبة صريحة. لكننا نقول: ربما ستصبح الاستثمارات والمقاولات والتراخيص حكراً على طبقة بعينها، وربما لا تُمنح المناصب الوزارية إلا لأشخاص من فئات مختارة من عوائل نافذة ومتنفذة.
كان شيوخ الإقطاع يأمرون وينهون بكرباج الإقطاع، فصار السياسيون الإقطاعيون هم الذين يأمرون وينهون، فيعزلون ويوظفون ويستبعدون ويستعبدون كيفما يشاءون، حتى تحول الإقطاع المقترن بامتلاك الأرض إلى إقطاعٍ يقسم الصلاحيات والنفوذ حسب القوة التي يمتلكها مَنْ يحمل لقب (إقطاعي سياسي)، وهؤلاء لا تتجاوز نسبتهم 10% من التركيبة العامة لأي مجتمع متخلف، في حين تعاني الأغلبية المُغيبة من الفقر والتهميش. وهكذا ظل التفاوت الطبقي كما هو، فأبن الوزير له أضعاف امتيازات ابن الفقير، وأولاد الوزراء والمدراء والسفراء والنواب هم الأوفر حظاً في التعيين والتوظيف، وفي إكمال دراساتهم العليا في أرقى الجامعات العالمية، وفي التسلق المتسارع نحو المناصب العليا. بينما ظل ابن الفلاح وابن العامل في المراتب الخلفية المتراجعة.
ربنا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين