الجمعة 20 . 11 . 2015
معمر حبار / الجزائر
بالصدفة أسمع عبر الإذاعة الجزائرية، حديثا عن حادثة أم درمان سنة 2009، التي كانت سببا في شتم المصريين للجزائر وشهداء الجزائر، فكانت هذه الأسطر..
من الفضائح التي عمّت في تلك الأيام، أن تتحول لعبة الأرجل إلى لعبة يتسلى بها العالم، ويتهم عبرها شهداء الجزائر وثورة الجزائر.
إن الذين كانوا سببا في إشعال نار الفتنة هم الآن بأنفسهم يتملّقون، وبأنهم لم يكونوا طرفا في إذكاء العداوة والبغضاء بين المجتمعين.
أثبتت الأيام أن لعبة الأرجل في الدول المتخلفة، كانت وما زالت سبيلا للتاج والهيمنة والسيطرة. فمبارك وأعوانه، جعلوا من التأهل لكأس العالم، مطية للتأهل للحكم والتوريث، وكأن كرة القدم صك غفران لكل من يريد البقاء والدوام في الحكم.
وللتدليل على ذك، يكفي أن مبارك طار إلى الجزائر شخصيا، بمناسبة موت أحد أقارب الرئيس الجزائري ليقدم العزاء، وهو مالم يفعله أحد من ساسة العالم، لأن مراسيم الجنازة تمت في ظرف عائلي ولم تنشر عبر وسائل الإعلام الجزائرية ولم ينتبه إليه الجزائريون، ما يدل على أن مبارك استغل فرصة العزاء ويتخذها وسيلة لتقديم الاعتذار باسمه الشخصي وباسم مصر، ويطلب من الجزائر أن تعفو عنه فيما يخص الكذب والافتراءات التي لحقت الجزائر، عقب حادثة الحافلة الملفقة ضد اللاعبين الجزائريين. وقد لبت الجزائر طلبه، ولم تطالب من الفيفا معاقبة الفدرالية المصرية، وكان باستطاعتها أن تسلط عليها أقسى العقوبات لما ارتكبته في حق الجزائر، لكنها الجزائر تعفو وتغفر للأخ الذي تنكر لها.
مازالت مصر والإعلام المصري يعتقد أن الدنيا لم تنجب غير مصر، فتوهم المصري أنه خير خلق الله كلهم، ونسي أن أمما صعدت، وشعوبا إرتقت، وأشخاصا برزوا، ووسائل جديدة ظهرت، جعلت قمة الريادة ورأس الهرم بيد من يملك عناصر القوة الجديدة، ولو كان صغيرا في المساحة وقليلا من حيث عدد السكان. والمطلوب من مصر أن تنتبه إلى العناصر التي بقيت لها فتقويها، والعناصر التي تفتقدها فتبحث عنها وتنميها. وليس عيب أن يفتقد المجتمع بعض عناصر القوة الجديدة، فتلك ميزة كل المجتمعات مهما بلغت من القوة والعظمة.
لك أن تتخيل أيها القارئ الكريم، لو أن مصر تأهلت يومها لكأس العالم، فإنه لا محالة نجلي مبارك ما زالا الآن في سدة الحكم بسبب اللعبة المنفوخة، واستمر التوريث دهرا وأمدا طويلا. لكن تشاء حكمة ربك، أن من علّق عرشه على الأرجل يزول حكمه بالأرجل، وتلك ميزة المجتمعات المتخلفة.
وما يجب التنبيه إليه في مثل هذه المناسبة، أن الحراك الذي شهده الشارع المصري وخروج مبارك من الحكم، كان من أسبابه هزيمة مصر على يد الجزائر في حادثة أم درمان. فالجزائر لها نصيب كبير في تحريك المجتمع المصري من سباته، لأن الغشاوة التي كانت مضروبة على سمعه وبصره تم إزالتها عقب الهزيمة، ولولا الهزيمة ما تحدث أحد عن عرش مبارك، وتوريث الحكم لأبنائه.
إننا كجزائريين لا نحقد أبدا على أحد، خاصة إذا كان أخا يقاسمنا الدين واللغة والتاريخ والهم والحلم، لكن الجرح الذي تركه أهل مصر بسبب شتم شهداء الجزائر ورجال الجزائر، مازال ينزف ولا يبدو أنه سيتوقف غدا، فعلى المصريين تدارك هذه الخطيئة وتصحيحها كلما أتيحت الفرصة.