الثلاثاء 24 . 11 . 2015
معمر حبار / الجزائر
ما يحدث في مالي يهم الجزائر أولا ودائما والعربي ثانيا، باعتبار إتعكساتها السلبية ستتعدى الجار والبعيد، وتقفز فوق الرمال والبحار. والمطلوب من الجزائر أن تولي أحداث مالي عناية بالغة بسبب شساعة الحدود، وصعوبة التحكم فيها وخطورتها، التي يتابع المرء أحداثها اليومية ، عبر مختلف وسائل الإعلام الجزائرية والأجنبية.
إتّضح جليا ضعف مالي الفضيع في استنجادها بقوات أمريكية وفرنسية لتحرير رهائن الفندق. وحين يكون بجوارك دولة لا تستطيع حماية فندق بمفردها ولا تستطيع تحرير رهائنها بقواتها، فإن ذلك يمثل خطرا للجزائر ولأمنها وسلامتها، حيث تصبح ملاذا لكل صعلوك عابر ولكل فاشل يريد أن يظهر عضلاته على الضعيف مالي.
علاقة الجزائر بالجارة مالي جيدة، وثقة الماليين المتنازعين في الجزائر كبيرة، ومساعدات الجزائر خاصة في الجانب الإنساني جيدة واضحة، لكن غير كافي لأن المطلوب من الجزائر وهي الدولة الجارة التي تملك الإمكانات ، أن تقترب من مالي أكثر، وتعزّز علاقتها في ميادين شتى، وتستثمر هناك بما تملكه من إمكانات ظاهرة، وتقترب من المجتمع المالي بما يخفّف عنه عناءه وفقره.
نسبة المسلمين في مالي تصل إلى 98%، حسب إحصائية غربية سمعتها هذا الأسبوع من فضائية غربية فيما أتذكر. واشتهر عن مالي تمسكها بالفطرة السليمة ومحافظتها على التراث الفكري الإسلامي العريق، فهي تحتوي على خزائن عظيمة نادرة، فيما يخص أمهات الكتب وكبار العلماء.
والمطلوب من الجزائر في هذا الجانب بالذات، إعادة إحياء العلاقة الوثيقة بين علماء الجزائر وعلماء مالي في مجال الفقه السليم والفطرة السليمة وكل مايتعلق بإعادة ثقافة العفو والسلم والتسامح والتعاون، بما يناسب وضع الدولتين وثقافة المجتمعين السليمة وإمكانات كل منهما.
إن سياسة عدم التدخل في شؤون الغير التي تتبعها الجزائر، لا يمكن إلا الثناء عليها وتشجيعها، لكن الترابط الوثيق في ميادين شتى تطلبها مالي وتملكها الجزائر مطلوب ومحمود، يجعل الجزائر بقرب من مالي عند الحاجة والطلبة، دون التدخل في شؤونها.
إن التدخل الفرنسي والأمريكي في مالي ، لا بد أن ينظر إليه على أنه مزعج ومقلق بحق للجزائر، لأن التجارب أثبتت أن كل الدول التي تدخل فيها راعي البقر والذئب الفرنسي، وبغض النظر عن الأسباب والدواعي، فإن تلك الدول مازالت تعاني آثار النيران التي إندلعت في ديارها، وتم تحطيم حضارة عمرها عمر الكون، وإبادة علماء ومفكرين، وأصبح سفك دماء سلعة رائجة تحتل قائمة الاستيراد والتصدير.
فرنسا تفننت في حرق الجارة ليبيا فأنجبت مجانين جدد، وتسعى لإحراق مالي لتنجب مجانين جدد، عبر المساعدة والحماية. والرمال النارية والمتحركة لن ترحم الجزائر إذا تهاونت في هذا اشأن، ولم تعطه حقه من الاهتمام ووضع في سم الأولويات. والمطلوب من الجزائر أن تتدارك الأمر وبسرعة فائقة، لتحمي أبناءها وثرواتها وخيراتها وفطرتها السليمة من المجانين الجدد.