السيمر / الجمعة 19 . 02 . 2016
شه مال عادل
للحقيقة وجه واحد :
( نما نريمان صابر)* بالرغم من صغر سنها إلاّ أنها تختلف عن باقي الأطفال بشغفها وحبها للسياسة ومتابعة الاخبار والتطورات السياسية في اقليم كردستان والعراق والعالم , وهي اصغر ناشطة في مجال حقوق الطفل في اقليم كردستان .
الطفلة (نما ) معجبة بشجاعة المناضلة والسياسية الكردية المعروفة ( ليلى زانا )عضوة البرلمان التركي السابق والتي قضت عدة سنوات في السجون التركية لنضالها ودفاعها المستميت عن القضية الكردية في تركيا , كما معجبة ايضأ بشجاعة الفتاة الباكستانية الفائزة بجائزة نوبل للسلام (ملالا يوسف زاي ) .
تقول ( نما ) : ان مواقف (مالالا ) الجريئة جعلتها رمزا عالميا للدفاع عن حقوق الأطفال و قدوة على مستوى العالم , احاول ان اكون كـ(مالالا )سفيرة عالمية وادافع عن حقوق الأطفال في العالم…
أطلقت الناشطة (نما ) صفحتها الرسمية على (الفيس بوك) و ألهبت مواقع التواصل الاجتماعي برسائلها ومنشوراتها و اشتهرت بفترة قياسية بنقدها اللاذع وكلماتها الساخرة وهي تنتقد الوزارات والشخصيات الحكومية في اقليم كردستان بدون استثناء ـ واصبحت نجمة الجماهير توصل صوت الشعب إلى كل الجهات المعنية والغير معنية ببراءة وضحكة طفولية هادئة , كما تسلط الضوء على معاناة الاطفال في الإقليم ….,وعليه انتشرت احاديث وانتقادات( نما ) كانتشار النار فى الهشيم, وذاع صيتها بين الجماهير ….حتى وصلت رسائلها الصوتية وتعليقاتها وانتقاداتها الى الجهات المعنية في الاقليم والتي عبروا بشكل غير مباشر عن سخطهم وعدم ارتياحهم وانزعاجهم من استمرار الناشطة السياسية (نما )في انتقاداتها الموجهة إلى حكومة الإقليم والوزارات ومنها وزاراة الكهرباء والثروات الطبيعية …., كما تسلط الضوء على واقع الشعب الكردي من خلال واقع الطفل، واقع المرأة، واقع العائلة , واقع الاقتصاد والسياسة ….
خذ الحقيقة من أفواه الأطفال :
(نما )طفلة مرحة و مفعمة بالحياة و صاحبة مواهب وقدرات خاصة فى تقليد الفنانين بشكل مميز , هوايتها مشاهدة أفلام كرتون,و معجبة بشكل وشخصية الفنان الكوميدي العالمي (تشارلي شابلن ) كما تعشق الغناء .
تشعر الطفلة، ( نما ) بالحيرة والضيق والملل والحزن بسبب تواصل إنقطاع التيار الكهربائي ,كما ابدت تذمرها من كثرة الوعود الكاذبة التي أطلقها السياسيون و المسؤولون في الإقليم ….
وتوكد الناشطة ( نما ) في رسالتها الصوتية الموجهة الى وزير الكهرباء على ضرورة معالجة الاسباب التي تؤدي الى كثرة انقطاع التيار الكهربائي في الاقليم ,وعبرت في رسالتها على ضرورة العمل الجاد من اجل مواجهة الصعوبات التي تواجه قطاع الكهرباء,كاقل حق ما يمكن توفيره للمواطنين .
نجحت( نما ) في ايصال رسائلها بنجاح وبشكل واضح عبر الفضاء الازرق ( الفيس بوك ) و ألهبت بانتقاداتها اللاذعة للحكومة حماسة الناس , كما تفاعل الناس معها ومع رسائلها النقدية القصيرة التي تتعلق بحياة المواطنين في الاقليم , ونجحت في طرح قضايا هامة سياسية واجتماعية وثقافية ، ورسمت الواقع القاتم دون رتوش وبعفوية طفولية لجذب واستنفار المتلقي وتفاعله معها .
رسالة (نما ) رسالة واضحة وصريحة وقصيرة وجريئة ولكنها قوية وتحمل بين طياتها كثير من معاني والدروس والعبر منها :
ـ السرقة مرفوضة اجتماعيا واخلاقيا ودينيا ، والسارق يجب ان ينال عقابه ، لكن هنالك فئات معينة في المجتمع تشجع السرقة عن طريق غض الطرف او اعطاء شرعية للسرقة من الاغنياء او الاموال العامة او الحكومية بحجج واهية وشعارات براقة جوفاء ، تقول (نما) السرقة هي سرقة لا يهم قيمتها او مصدرها
ـ أن حرية الرأي والتعبير هي من أهم الحقوق الأساسية التي يقوم عليها بناء الدولة المتحضرة .
ـ علموا اطفالكم حب الحياة قبل كل شيء, علموهم أن الآخرين جزء منهم، الأطفال هم أمل المستقبل وأغلى كنز لمجتمع الغد.
ـ الطفل أيضاً يملك حقوقاً, العمر ليس مقياساً .
ـ ضرورة نشر الوعي بالتعليم والرعاية في مرحلة الطفولة المبكرة، والتعرف على كيفية تحفيز المؤسسات الإعلامية للمشاركة في رفع وعي الأسرة والمجتمع بأهمية مرحلة الطفولة المبكرة.
ـ ضرورة حماية حقوق الطفل و ضمان سلامة الاطفال ضد كل اشكال الاستغلال و الكفاح ضد تهميش واقصاء الاطفال المنتمين الى اسر فقيرة و محرومة و ادماج اطفال الشوارع داخل المجتمع .
ـ كسر جدار الصمت ونشر الحقيقية الغائبة .
ـ التغيير الجاد يحدث عندما يكون الألم حقيقي.
ـ التقدم لا يأتي بدون التغييرالحقيقي .
ـ قوة التحمل والصبر لها حدود …
ـ اقليم كردستان بحاجه الى الاصوات الجريئه التي تتكلم عن الفساد وتردي الخدمات وتتكلم بهموم المواطن و لا ترضخ للابتزاز والتهديد مهما كانت النتائج .
ـ الإنسان يمكن ان يعيش بلا حزب , لكنه لا يستطيع أن يحيا بدون ضمير .
رسائل وانتقادات يومية :
تجهز الطفلة ( نما ) خطاباتها الهادفة التي تحمل في طياتها احلامها واحلام اطفال الإقليم وامانيهم المؤجلة وتحاور أبرز الشخصيات في الاقليم منها ( وزير الثروات الطبيعية , وزير الكهرباء , وزير المالية , , رئيس حكومة الاقليم ونائبه واعضاء البرلمان الكردي , وتنقل اليهم مشكلات وشكاوي الناس عبر الفضاء الازرق ( الفيس بوك ) .
لخصت الطفلة ( نما ) في كلمات قليلة معاناة الشعب اليومية وما يمر به من الضائقة المعيشية اليومية التي أثقلت كاهل المواطن الكردستاني , وذالك بسبب الاكتظاظ وسوء الخدمات والفساد والفاقة والحرمان وكساد السوق وتقليص الرواتب وشح في السيوله ومشاكل كثيرة اخرى برزت في المجتمع الكردستاني والتي عرقلت المسيرة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها ….
تقول الناشطة (نما ) في احدى تدويناتها : نحن بحاجة إلى شخص قوي مثل ( سبارتاكوس , قائد ثورة العبيد ) ليحرر العبيد في كردستان ….
وفي تدوينة اخرى تقول : هل يعقل أن يتشرد ويتيتم الالاف من أطفال العراق في بلد كان يجب أن يكون من أغنى البلدان في المنطقة , والى متى نعتمد اعتماداً كلياً على استيراد كل شيء من الإبرة الى السيارة من الخارج ؟
كما نشرت على صفحتها الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي ‹فيسبوك›، صورة لمقاتلين من قوات البيشمركة رافعين العلم الكردي، داعياً لهم بالحفظ والنصر وكتبت : ( اللهم احفظ البيشمركة واجعل النصر حليفهم , فهم يدافعون عن الوطن والشعب دون مقابل )
نعم …الناشطة ( نما ) تنتقد ببرائة طفولية أداء الحكومة وتدعوها الى الاسراع باقرار اصلاحات شاملة و حقيقية وعلى كافة مناحي حياة الكردستانيين . كما تطالب معالجة أزمة انقطاع الكهرباء لتأثيراتها البالغة الضرر على المواطنين .
تقول (نما) في رسالتها الموجهة الى وزير الكهرباء : أن انقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر ولفترات طويلة ينعكس بآثار سلبية على المواطنيين وتحديدا الاطفال , بالاضافة إلى التعب النفسي والحرمان الذي يتعرض له الأطفال بسبب انعدام الخدمات الاساسية والحياتية اليومية والتي بدأت تسوء يوما بعد يوم. …
(نما ) تعبر عن آرائها وتوجهاتها ، وتنتقد حكومة الاقليم , ومع توالي الأحداث السياسية، والاجتماعية، والاضطرابات وغيرها، كان رواد موقع التواصل الاجتماعى (الفيس بوك) ، الذين ينشطون بهذا الفضاء التواصلي في الاقليم وخارجه ، يتفاعلون معها، كل من زاويته وموقعه ووجهة نظره.
اصبحت ( نما) من أبرز نشطاء (الفيس بوك )في اقليم كردستان ، بتدويناتها التي تلقى متابعة وانتشارا واسعا.
كما شكلت (نما ) الاستثناء على رقعة الفيس بوك, بسخريتها وتهكمها على الواقع المزري الذي نعيشه كأفراد وجماعات و تنتقد بشكل ساخر وببرائة طفولية ,وعليه يتزايد كل يوم عدد متتبعيها والمعجبين بأرائها و واقتراحاتها وانتقاداتها البناءة .
تقول الناشطة ( نما ) : ( هناك جهات و أشخاص يدعون أنهم يدافعون عن حرية التعبير، لكنهم في الواقع يدافعون عنها فقط عندما تخدم مصالحهم و تتفق مع أفكارهم و توجهاتهم , اشفق على اللذين يدعون أنهم يدافعون عن حرية التعبير وقيمها وفي نفس الوقت يحاولون اسكات صوتي بالمغريات المالية) ……
ويرى المراقبون ان الرسائل والتدوينات التي تنشرها الناشطة ( نما ) على الفيس بوك ، تعكس خلالها آراء ومشاكل الموطنيين بشكل عام حول قضايا اجتماعية وسياسية مهمة في زمن العنف والصراعات والحروب وغياب القانون والإهمال الحكومي بالاضافة الى انها تسلط الضوء على المشاكل التي يعانيها الاطفال منها ( التسول والفقر والانقطاع عن التعليم ) وعليه ( اصبحت الطفلة ( نما ) سفيرة الاطفال وصوت المعارضة الحقيقية , تنتقد وتقدم حلولا بناءة فى نفس الوقت …. )
كما استطاعت وبفترة قياسية ان تثير جدلاً واسعاً وتحرّك الرأي العام والشارع الكردي حيال مواضيع ساخنة لم يفلح الكبار والناشطين والمنظمات المجتمع المدني في طرحها, بالاضافة الى انها تنقل مشكلات وشكاوي وهموم الناس واراءهم واحلامهم واصواتهم عبر الفضاء الازرق الى الحكومة والجهات المعنية في الإقليم , مما حصلت على مشاركات وتعليقات استحسان كثيرة .
نالت الناشطة السياسية ( نما ) الكثير من التعليقات من معجبيها ومتابعيها عبر صفحتها على (الفيس بوك) , كما وصل عدد متابعيها وفي فترة زمنية محددة إلى ( 244.412 ) متابع حتى كتابة هذه المقالة .
وفي النبذة التی كتبتها لتعریف بصفحتها تقول الطفلة ( نما ) : انا طفلة كردية , اناضل من اجل تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية , ومن أجل ان ينعم الجميع بحياة حرة كريمة , اتمنى ان ارى الجميع سعداء .
اخيرا …
يفوق الاهتمام بالطفولة في الدول المتقدمة كل الاهتمامات الاخرى بوصفهم اساس التنمية المستقبلية في اي بلد , في وقت يرى المعنيون ان الاهتمام بالاطفال في اقليم كردستان لايعدو كونه مجرد تمنيات تفتقد الى بعد ستراتيجي لتطوير المؤسسات المتخصصة بهذه الشريحة المهمة …..
تنبت يوميأ في قلوب اطفالنا عشرات الامنيات والاحلام , لكن في ظل هذه الاوضاع القاسية والمزرية والمؤلمة تتبخر امنياتهم الطفولية في الهواء وتصبح احلامها مؤجلة الى اشعار اخر , او بالاحرى الى ان تستيقظ الضمائر الساسة في بلد اصبح في قبضة العفريت ….!
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو : هل حقأ تستطيع الطفلة (نما )التي تملك روح الفورة وصوت الثورة بخطابها ورسائلها التي تحمل بين طياتها روح النقد الصادق من اجل حاضر افضل ومستقبل اسعد للأجيال القادمة والتي أصبحت أيقونة ورمزا للتحدي , هل تستطيع ان تحقق احلامها في أن تكون (ملالا العراق ) وتؤثر بنشاطها وانتقاداتها على الجهات المعنية من اجل التمهيد للإصلاح الاقتصادي واسع النطاق وتمهيد الطريق لتحسين مستوى المعيشة ومن اجل رعاية الطفولة والأمومة وتحسين الخدمات المقدمة لهم ؟
اختتم مقالتي بمقولة الكاتب والصحفي الأمريكي (مارك توين) في هذا الجانب قد تختصر كل المعاني وهي : تأتي أكثر الحقائق والمعلومات إثارة للاهتمام من الأطفال، فهم يقولون كل ما يعرفون ثم يتوقفون …. !!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(* ) نما اسم كردي ويعني (القبلة … بكسر القاف ) مواليد السليمانية ( 14 / 3 / 2011 ) .