السيمر / السبت 05 . 03 . 2016
وفاء نزار سلطان / سوريا
وفي بيت الدعارة الجديد وفي خانة الخيانة وعلى سرير العهر ، اجتمع وزراء الداخلية العرب ولم يجدوا في قاموس الشرف العربي إلا مفردةً واحدةً للكرامة تستوجب المسح وهي: “حزب الله” ، فخرج علينا البيان الختامي ليرمي آخر بقايا الصمود بضغينة الطائفية ويجلد ما تبقى من الإيمان بسوط المتاجرة بالأديان، ويجر أذيال الخيبة عن عرب باعوا الله في جلسة سُكرٍ بالنفط وعربدةٍ بالإرهاب ، وما زالوا منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام يُعاشرون الطائفية سراً وعلانية ً، كلما طاب لملوكهم أن يشعلوا المنطقة العربية وينثروا الغرائر الوحشية ويخرجوا الله من بيته الحرام ويصلبوا دينه على منابر المساجد ، ويفتحوا بوابات جهنم لمستقبل التطرف دون أي حس بالمسؤولية تجاه شعوبٍ وضعت مصائرها بأيدي من لا يستحق حُكمها .
كان الأجدر بالمجتمعين أن يمحو كلمة الجامعة العربية من الشعار المرفوع فيها ويكتبوا بالصعلكة :« نحن من نسلٍ سيءٍ » وهي جملة قالها “جوني ديب” في “قراصنة الكاريبي” ، ويتوقفوا عن ترقيع الواقع العربي المريض بكلمات البطولة والشرف ، وينقلوا مقر الجامعة لـ “تل أبيب” وينصبوا “نتنياهو” أميناً عاماً لمصالح القوى الصهيووهابية ، لينهشوا القوى المقاومة التي لم ترض يوماً أن تكون تحت سقف الدشاديش والعمامات والعباءات ، وبقيت تجذف خارج سرب العربان ورف المتخاذلين ، ولأن العروبة مخجلة و مخزية فلا صوت علا أو ارتفع وغاب وجه الحقيقة عن جلسة الختام التي صنفت “حزب الله” كمنظمة إرهابية ، وهو الممثل في مجلس النواب والحكومة اللبنانية من قبل الشعب .
«معاً نحو التطرف أيها العرب » ، ليحارب السنة الشيعة والمسلمون المسيحيين وبسم المال والغاز والحروب وبسم “آل سعود” الذين حققوا ما لم يستطع أي قائد قومي طول تاريخ العروبة أن يحققه ، اجتمع العرب تحت سقف مطلبي واحد وخرجوا بقرار واحد دون شجب أو استنكار أو أوراق متطابقة بمعجزة الخوف من التشيع وبرهان المال السعودي ، فللخوف رائحة القلق على العروش وللمال طعم البلسم الممزوج بجنون الصراعات التي تحرك التيارات الطائفية .
وبخمسة مليارات دولار سنوياً دفعت للمفتين الدينيين فزيغ في قلوبهم تأويل الدولة الإسلامية بـ “داعش” و”بوكو حرام” و”القاعدة” و”جبهة النصرة” ، حتى سبقوا إخوانهم من التلموديين بخلق الخرفات الجهادية والأساطير السلفية الصهيونية ، فاطلقوا العنان لأقلامهم المأجورة وأبواقهم المرتبكة وفجور سياسييهم ورعاة أديانهم ، وباركوا افتتاح مشفى الأمراض العقلية في الجامعة العبرية ، فحالة المواطن العربي وصلت للجانب المعطوب من الدماغ وما بقي من شرف الأمة العربية إلا اسمه ، بعد أن اغتصب آل سعود القومية العربية ونهبوا الحضارات العربية وسبوا “زنوبيا” و”بلقيس” و”جوليا دومنا” ويرابطون حول “أليسار” بانتظار لحظة القنص المناسبة .
ولأن الضرورات تبيح المحظورات والعهر العربي وصل مرحلة ممارسة الدعارة الطائفية علناً ، فُرضت الجماعات التكفيرية في المؤتمرات العالمية ، وسُوقت أفكارها ليل نهار عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، وظَهر شيوخها وعراعيرها على شاشات التلفزة ووسائل الإعلام ، وسُمح للمالك والدويلات العربية بالتحكم بمصير ملايين الشعوب حتى فقد المجتمع العربي هويته إن لم يكن عقله ، فالزمن ليس للمعجزات ولا للنبوءات ولا للكرامات والأجدر أن تُزال حربة “حزب الله” ودوره المقاوم وشهداؤه وانتصاراته وأعماله الإنسانية والعسكرية والتحريرية ، ويُرجم بعصا التأديب وتُساوى انجازاته بالأعمال الوهابية بشحطة قلم وتأليب عربي وتصفية حسابات مؤجلة منذ/ 2006/ فلا يجوز أن يكون للأنبياء كرامة عند أقوامهم أو أن يكون “حزب الله” محط إعجاب ملايين المؤيدين لبطولاته وبسالته وعظمته .
هي خطوة صهيو-امريكية للمملكة البعير لتنال من “حزب الله” بعد أن حاولت الإساءة لقائده عبر وسائل الإعلام ، ومحاولة فرض شروط الطاعة لها وتشذيب سلوكه وترتيب طروحاته عبر المغريات كالهبة المالية للجيش اللبناني أو تحصيل تسويات سياسية بالتلاعب بالمرشحين لمنصب رئيس الجمهورية اللبناني عبر عميلها “سعد الحريري” ، لا يدرك أمراء الرمال (الحديثون على لعبة الأمم ) أنهم يحاربون رجل السياسية الأقوى الذي قلم أظافر السياسيين منذ حرب تموز وخبر ما لم تعرفه سياساتها منذ تلك المعركة ، وعرف خبايا التحالفات والخطوات الواقعية على ملعب التفاوض ، ويعرف من أين تؤكل الكتف بالحق لا بالطعن من الخلف وليس في مفرداته إلا الصدق ويشهد بذلك الغرب قبل العرب ولن يضر قافلة المقاومة نباح كلاب العربان من خليج “يهوذا” إلى محيط “أبي محمد الصغير” .
الأمم مشغولة بصعود القطبية الجديدة ووجه العالم الجديد المتشكل مع صعود القوى الجديدة وتراجع الهيمنة الأمريكية ، و”السعودية” متحفزة ومشغول بقلب الأبجديات والبحث عن مناخات لتأجيج العداء بين الشيعة والسنة ، وخلق أعداء وهميين يريحون كتف اللوبي الصهيوني وإيهام العالم أن التشيع هو العدو الوحيد للعرب، لو أن البيت الأبيض أشار للملكة بإصلاح العلاقات مع “إيران” لنسي “آل سعود” عداوتهم وحج الأمراء صوب “طهران” وداروا حول المفاعلات النووية سبعاً وقبلوا عمامة الإمام الخامنئي ، وباركوا الانتخابات التشريعية وتفاخروا بعلاقات الصداقة والأنساب والتاريخ ، وتصالحوا مع “حزب الله” وأثنوا على الجهود الجبارة التي يقوم بها لتحرير الأراضي المحتلة ، فكل القرارات في بيت “أبي لهب” خرجت من وثن العم سام .
إن ولادة التسوية السياسية السورية سيضع “السعودية” في خانة الدول التابعة مستقبلاً للحلف المنتصر ، وهي تريد إعادة تثبيت وجودها كقوة مؤثرة وفاعلة ، ولذا وجدت في “لبنان” ضآلتها المنشود للتهيئة لحرب أخرى لظنها أن “حزب الله” لقمة سائغة إذا ما تكالبت عليه الدول العربية .
بانوراما الشرق الاوسط