الرئيسية / مقالات / كتابات خارج أسوار الذاتيات تحاكي الفطرة عن قرب

كتابات خارج أسوار الذاتيات تحاكي الفطرة عن قرب

السيمر / الأربعاء 20 . 04 . 2016

د. نضير الخزرجي

قيل لكل حادث حديث ولكل مقام مقال، وهي مقولة صادقة في الكثير من حيثياتها ومظانِّها، فما من حدث إلا وفيه أو عنه رأي، يصدر عن الفاعلين فيه أو المتأثرين به أو الذين يراقبونه عن قرب أو بعد ويقدمون فيه رأيهم وصفا أو نقداً أو ترشيدا أو تشجيعًا أو شجبًا، ولهذا تتعدد مصادر الرأي في الحدث الواحد وتختلف المقاصد ويزداد دخان الحدث كلما ارتفع لهيب أهميته، كما أن الأهمية مسألة نسبية على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع والأمة وعموم البشرية، فربما كان الحدث من الأهمية لدى شخص بالقدر الذي يشغله في النوم واليقظة، وربما كان الحدث وبالحيثيات نفسها عند شخص آخر أقلّ أهمية أو أكثر، وبتعبير آخر أن للشخصية، ضعفًا وقوةً، دورها في التعاطي مع الحدث.
والمجتمع ككتلة كبيرة تتعامل مع الحدث مثلما يتعامل الشخص كأحاد سلبا أو إيجابا، فربما أسعفها في ارتقاء سلم الحياة نحو الأفضل وربما أقعدها وأركسها في قاع الحياة، وهكذا ينسحب الحدث على مستوى الأمة وربما مستوى البشرية كما في الحروب الكونية العسكرية والإقتصادية والإلكترونية وأمثالها.
وفي كل الأحوال فإن الأقلام تظل تكتب عن الحدث الموضعي أو المتمادي سعة من زوايا مختلفة، حتى تستوعبه وتصل الى حد التخمة وتفيض الى حد التكرار الممل، ويصبح من التاريخ الذي يعود اليه الباحث والمحقق عند الحاجة ولا يكون جزءاً محوريًا من حياة الشخص أو المجتمع أو الأمة.
ولكن الثابت ومن خلال قراءة لعدد من الوقائع التاريخية أن معركة كربلاء عام 61هـ هي الحدث المركزي الذي ظل منذ خمسة عشر قرناً ملازماً لحياة الإنسان ومتلازما معه حتى يأذن الله لهذه الأرض بالفناء، ولا يصدر معين الحبر مهما كتبت فيه الأقلام، فهو الحدث المتجدد في كل عصر ومصر، وهو الحدث الماثل أمام الأنظار حاكمًا ومحكومًا، وهو الحدث الذي تجذّرت أصوله وتهدلت غصونه وتسامق فيه الساق وتكاثفت فيه الأوراق، وهو الحدث الذي كُتب فيه وعنه وحوله ومعه وضده ولازال للمحبرة من متسع لم ينفذ مدادها، وللقلم من مدٍّ لم ينته بَرْيَه.
كتابات ومقالات من كل حدب وصوب تنتهي بوصلتها عند واقعة الطف في كربلاء، تتناثر كلماتها هنا وهناك كأنها غيث منهمر يزداد صبه كلما اقتربنا من تاريخية الحدث في محرم أو اقتربنا من مكانيته في كربلاء، ودائرة المعارف الحسينية لمؤلفها الفقيه المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي عيبة هذا الكم الهائل من المقالات التي أخذت موضعها في باب (معجم المقالات الحسينية) وهو أحد أبواب الموسوعة الحسينية الستين التي صدر منها حتى يومنا هذا أكثر من مائة مجلد من مجموع نحو (900) مجلد، وبعد أربعة أجزاء سابقة، صدر هذا العام (2016م) الجزء الخامس من معجم المقالات الحسينية عن المركز الحسيني للدراسات بلندن في 765 صفحة من القطع الوزيري.

واقعة وإعلام متعدد
لا أخال حدثا مثل واقعة كربلاء أخذ كل هذا الحيز الإعلامي على كرور الأنام ومرور الأيام، كتب فيه القريب والبعيد، الموالي والمعادي وما بينهما من محايد ومعاند أو على سبيل معرفة بما حل في عرصات الطف حين تواجه بضعة مئات من الثابتين على الحق حد الشهادة مع عشرات الآلاف تلبّسهم الشيطان فأعمى بصرهم وبصيرتهم وولغوا بدماء سيد شباب أهل الجنة الحسين بن علي(ع) وأهل بيته وعياله وأصحابه.
وباب معجم المقالات من دائرة المعارف الحسينية يكشف عن العدد الكبير من وسائل الإعلام التي ضمت سطورها مقالات وانطوت صفحاتها على دراسات، كانت النهضة الحسينية قاسمها المشترك.
وتوزع 920 عنوانَ مقالة حسينية ضمها الجزء الخامس على 193 وسيلة إعلامية ما بين جريدة ومجلة ونشرة وموقع كهربي، 135 منها تكررت في الأجزاء الأربعة السابقة و58 وسيلة إعلامية جديدة استقل بها الجزء الخامس وهي على النحو التالي: آواز (صحيفة باكستانية)، الإتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق (نشرة بغدادية)، إدارة جعفرية (موقع لندني)، الأربعينية (نشرة عراقية)، إسلام (جريدة باكستانية)، الإسلام فوق كل شيء (نشرة عراقية)، الأشراف السليمانيون في الحجاز (موقع سعودي)، أفتون بلادت (جريدة سويدية)، باكستان (جريدة باكستانية)، بدر الثقافية (مجلة عراقية)، پایگاه إطلاع رساني پژوهشي إيران (موقع إيراني)، تمازج (موقع سعودي)، الجواد (مجلة هندية)، الجيران (موقع عراقي)، الحسينية (مجلة بحرينية)، حسينية الشياح (نشرة لبنانية)، الحكمة (صحيفة اميركية)، خبرگزاري فارس (وكالة إيرانية)، دليل عاشوراء المنامة (دليل بحريني)، ذكرى شهيد كربلاء الإمام الحسين بن علي (مقالات في كتاب عراقي)، الرأي الآخر (نشرة لندنية)، الرسالة (نشرة كويتية)، الرسول الأعظم (مجلة سورية)، الساحات العربية الحرة (موقع سعودي)، سقّاي تشنه لب (مدونة إيرانية)، شبكة الأقلام الثقافية (موقع سعودي)، شبكة أنصار الحسين (موقع أميركي)، شبكة راصد الأخبارية (موقع سعودي)، شبكة عالم المجهول (موقع سعودي)، شبكة القطيف الأخبارية (موقع سعودي)، شبكة كربلاء المقدسة (موقع إيراني)، شبكة هجر الثقافية (موقع سعودي)، طريق الثورة ­– الطريق الإسلامي (مجلة عراقية)، العهد (جريدة بغدادية)، الغدير (مجلة دمشقية)، كربلاء (نشرة طهرانية) الكرمل (مجلة فلسطينية)، مؤسسة التوعية الاجتماعية (نشرة لندنية)، مؤسسة الصادقين (موقع إيراني)، المبلغ الرسالي (جريدة عراقية)، محبان أهل البيت (موقع باكستاني)، المدى (موقع عراقي)، المرصد السوري لحقوق الإنسان (موقع لندني)، مركز الهدى للدراسات الإسلامية (موقع بحريني)، المستقبل (جريدة لبنانية)، مشكل گشاه (موقع سويدي)، المعصومين الأربعة عشر (موقع كويتي)، المنتدى (مجلة اميركية)، منتدى الكفيل (موقع عراقي)، مهدي مشن (موقع إيراني)، ملتقى البحرين (موقع بحريني)، منتدى خليج سيهات (موقع سعودي)، النادي (نشرة لندنية)، النهار (جريدة لبنانية)، النهج (نشرة عراقية)، نيمروز (جريدة لندنية)، نيوز باكستان (جريدة اميركية)، والهدى (مجلة عراقية).

من كل قطر لغة
تألسنت المقالات الواردة في هذا الجزء على اللغات: الأردوية، الإنكليزية السويدية، العربية، والفارسية، كما تماصرت وسائل الإعلام التي تحرى فيها المحقق الكرباسي المقالات ذات الشأن الحسيني على البلدان التالية: ألمانيا، أميركا، إيران، باكستان، البحرين، الدانمارك، السعودية، سوريا، السويد، العراق، فلسطين، كندا، الكويت، لبنان، مصر، المملكة المتحدة، النرويج، الهند، وهولندا.
وهذا التنوع في اللغات والتعدد في المصادر ومناشئها، يعكس في واقع الحال، جهد المؤلف في تتبع المقالات الحسينية في وسائل الإعلام المختلفة، وبذل الوسع لتوثيق تراث النهضة الحسينية أينما كان، وسجل هذا الجزء أن أقدم وسيلة إعلامية تم توثيقها هي جريدة أفتون بلادت (جريدة المساء) السويدية التي يعود تأسيسها الى العام 1830م ولازالت قائمة حتى يومنا هذا، ولأن المؤلف أخذ على عاتقه بيان مختصر عن نشأة المطبوعة، فإنه لم يكتف بما هو مكتوب عنها في الشبكة الكهربية (الانترنيت)، وإنما استعان بمن يجيد التحدث باللغة السويدية واتصل بإدارة الجريدة مباشرة وأخذ منهم المعلومات التي أوردها في مقدمة هذا الجزء ضمن الحديث عن (وسائل الإعلام الوارد ذكرها في هذا الجزء)، وهكذا بالنسبة للمطبوعات باللغات الأخرى كالأردوية، فإن حسّه المعرفي يدفع به إلى المزيد والاستعانة بأهل اللغة والإختصاص لاستحصال المعلومات من منابعها، لأن الموسوعة الحسينية في واقعها تميزت عن الدوائر المعرفية الأخرى بعامل التحقيق والتمحيص والتوثيق، وهذه الميزة المعرفية شملت أبواب الموسوعة كلها حتى وإن بدا للوهلة الأولى أن معجم المقالات الحسينية هو باب ينطوي على تجميع وتوثيق المقالات التي قيلت في الحسين(ع) فحسب، بيد أن الذي يقف على ما أورده الكرباسي في المعجم يتعرف على سعة الجهد المعرفي، لاسيما وأن وسائل الإعلام بلغات مختلفة وفي بلدان كثيرة.
ولا يخفى أن عدداً غير قليل من وسائل الإعلام التي وردت في هذا الجزء والأجزاء الأربعة الماضية، توقفت عن الصدور أو صدرت لمرة واحدة وتوقفت، لكن المؤلف تناول تاريخها بالشرح موثقاً إياها في إطار توثيق المقالة الحسينية، وهذا بحد ذاته يمثل تخليدا لتلك المطبوعة التي ذهبت طي النسيان أو في طريقها بخاصة مع توفر النشر الإلكتروني ورخصه، فعلى سبيل المثال وثّق المؤلف في هذا الجزء لنشرة (النادي) التي صدرت في جنوب شرق لندن عام 1996م ثم توقفت بعد فترة قصيرة، أو نشرة (الرأي الآخر) التي أصدرها في لندن المهندس محمد رضا الخزرجي عام 2001م، يومها كان له من العمر 14 عامًا وقد صدرت لمرة واحدة، أو صحيفة الحكمة التي أصدرها الشيخ محمد فلاح العطار في مدينة لوس انجلس عام 2002م وتوقفت في العام التالي واستبدلت بنشرة شهرية، أو توثيق المقالات التي نشرت في كتاب (ذكرى شهيد كربلاء الإمام الحسين بن علي) الصادر في كربلاء المقدسة عام 1973م.

من كل محبرة مقالة
ربما يتصور لأول نظرة بأن كتاب المقالات الواردة في هذا الجزء محصورون بالعراق بلحاظ مكان واقعة الطف، ولكن إنسانية النهضة الحسينية وعالميتها وتوافقها مع الفطرة البشرية، فرضت تنوعا في جنسيات أصحاب المقالات إلى جانب التنوع اللغوي والمعتقدي، فتوزعوا على البلدان التالية: إيران، باكستان، البحرين، السعودية، سوريا، العراق، فلسطين، الكويت، لبنان، مصر، المغرب، والهند.
وهؤلاء الكتاب يقيمون في بلدانهم أو في بلدان أخرى، وهم ماكثون في الأقطار التالية: ألمانيا، أميركا، ايران، باكستان، البحرين، بلجيكا، السعودية، سوريا، العراق، عُمان، فرنسا، فلسطين، فنلندا، كندا، الكويت، لبنان، مصر، المملكة المتحدة، النمسا، الهند، هولندا، واليمن.
وأما المقالات فقد تناثرت حسب الحروف الهجائية على النحو التالي: الألف (44) مقالة، الباء (44)، التاء (21)، الثاء (17)، الجيم (9)، الحاء (43)، الخاء (17)، الدال (23) الذال (9)، الراء (11)، الزاي (10)، السين (11)، الشين (5)، الصاد (7)، الضاد (1)، الطاء (5)، الظاء (1)، العين (65)، الغين (1)، الفاء (22)، القاف (8)، الكاف (80)، اللام (40)، الميم (295)، النون (58)، الهاء (11)، الواء (49)، والياء (11) مقالة.
وكما هو دأب المؤلف، منذ صدور أول جزء من دائرة المعارف الحسينية عام 1994م، بالتوجه الى أحد أعلام الإنسانية لإبداء الرأي عن عموم النهضة الحسينية وخصوص الجزء المطبوعة من الموسوعة، فقد كتبت عالم الإجتماع الفليبينية البروفيسورة آنّا سيرفلّون (Anna. T. Cervillon) عن الجزء الخامس من معجم المقالات الحسينية، كما هو ملحق في نهايته تحت عنوان “قیم الخیر والصلاح فی نهضة الإمام الحسين”، قائلة: (لقد اطلعت على المقالات التي كُتبت عن شخصية الإمام الحسين العظيمة وبلغات مختلفة وبأقلام من جنسيات وبلدان مختلفة، وأدركت أنه استطاع بتضحيته أن يرفع في كل بقعة من بقاع الأرض راية الخير، وهي راية تدعو الى السلم المجتمعي وإلى المحبة ونشر الفضيلة، وهذه من القيم التي يسعى إليها كل إنسان بغض النظر عن الدين والمعتقد واللغة والبلد، وهي محل قبول الجميع لأنها منسجمة مع الفطرة والطبيعة البشرية).
وكشفت البروفيسورة آنّا سيرفلّون، وهي من أتباع الديانة المسيحية والمولودة عام 1974م في مدينة باتانغاز (Batangas)، عن قناعتها: (إن حجم الموسوعة الحسينية تخبرنا عن أهمية شخصية الإمام الحسين ليس في العالم الاسلامي فحسب، بل على مستوى البشرية، بحيث كتب عنه علماء الشرق والغرب، كما تخبرنا عن الشخصية الفذّة لمؤلّفها الذي تمكن بمفرده أن يؤسس صرح هذه الموسوعة العظيمة، وهو أمر خارق للعادة .. يبدو أن البحاثة الكرباسي يملك من الصفات والخصال والعلوم ما جعلته موسوعيا).
وأكدت الأستاذة في علم الإجتماع التي تعيش حاليا في مدينة داسماريناز (Dasmarinas): (إننا نشعر بالفخر بأن تملك الإنسانية شخصية عظيمة كالإمام الحسين ناضل وضحّى واستشهد من أجل قيم الخير، وكما نشعر بالفخر بأن تكون شخصية علمية وعلمائية متبحرة كالمحقق الفقيه الدكتور محمد صادق الكرباسي قائما بيننا ونرى نتاجاته العلمية).
ومن حق المجتمعات الإنسانية أن تشعر بالفخر وبين ظهرانيها شخصية الإمام الحسين عليه السلام سيد الشهداء وسيد شباب أهل الجنة والمائز بين الحق والباطل والهادي الى سبيل الرشاد وريث جده الاكرم محمد (ص) المبعوث رحمة للعالمين، ومن حق المجاميع العلمية أن تشعر بالفخر وبين أيديها دائرة المعارف الحسينية.

الرأي الآخر للدراسات- لندن

اترك تعليقاً