السيمر / بغداد / الجمعة 10 . 06 . 2016 — نصح خطيب وامام جمعة بغداد الشيخ عادل الساعدي في خطبة الجمعة، الحكومة العراقية بالاقتراض الداخلي بدلاً من الاقتراض الدولي، معتبراً تأسيس شركة ضمان الودائع للاقتراض الداخلي هي خطوة حميدة لكنها متأخرة جداً، مطالباً من جميع مقاتلينا أن يكونوا على قدر المسؤولية في حفظ سلامة أهلها المدنيين وإكرام النازحين لتفوتوا الفرصة على تلك الأصوات الطائفية والوجه الآخر لداعش، داعياً القيادات المسؤولة العسكرية أن لا تفتح محوراً آخرا من محاور التحرير في مناطق أخرى قبل الانتهاء من تحرير الفلوجة.
وقال الشيخ عادل الساعدي من على منبر جامع الرحمن في المنصور ببغداد، اننا ” مع ارتفاع درجات الحرارة واستعار لهيب الصيف تتراقى أحداث العراق ويستعر لهيبها، ومازالت الأخطار محدقة بالعراق وكأن لا مكان لها في العالم وطنٌ إلا هذا البلد الجريح ، فما زال يعيش مع الإرهاب حرباً ضروسا وأوضاعاً سياسيةً ما زالت ليست بالمحمودة ولم تشهد سوى التشتت والاختلافات، واجتماعية غيرُ مستقرة ، ومع كل هذه المخاطر لم نجد الهمة العالية لتحقيقَ إنجازاتٍ تأخذ بالبلد إلى بر الأمان”.
واضاف “كنا نأمل أن يُرأَبَ الصدعُ في العملية السياسية وأن تنتهي حالة الانقسام في البرلمان قبل انتهاء الفصل التشريعي وظلت الآمال معلقة لما بعد العطلة التشريعية، فليت المعنيين كانوا أكثر همة لتخطي هذه العقبة وبعث الأمل في استقرار سياسي أفضل مما كان عليه في تلك الأيام فإننا نسجل تحفظنا على هذا التراخي والجنوح لإنهاء الفصل التشريعي بنهايات سائبة لا نعرف ما سوف يحصل في ظلها”.
وتابع الساعدي “تستعر جبهات القتال بأزيز رصاها ودوي انفجاراتها ، ومع حمم براكينها نجد عزماً عسكرياً يُسر الصديق ويغيض العدا تتحلى به قواتنا البطلة من القوات الأمنية والحشد الشعبي وابناء العشائر وهم يكسرون أطواق الدفاع التي ضربتها داعش على نفسها في الفلوجة”، مطالباً من جميع المقاتلين أن “يكونوا على قدر المسؤولية في حفظ سلامة أهلها المدنيين وإكرام النازحين لتفوتوا الفرصة على تلك الأصوات الطائفية والوجه الآخر لداعش أن تنبح عليكم وتنعتكم أنكم جئتم منتقمين لا مخلصين”.
وشدد الساعدي إن “الاعلام والمنظمات العالمية والمحلية ترافق القوات الأمنية وهي تشاهد تعامل هذه القوات مع العوائل ولو قلنا بحصول خرقٍ من شخوصٍ فهي لا تعد شيئاً ـ وإن كنا نرفضه ـ مقابل ما يصدر من الآخرين من حسن التعامل والتوخي والحذر ، علما أن هذه القوات أغلبها مكتوية بنار الإرهاب رغم بعد مسكنها عن أرض المعركة ، فأغلبهم من أواسط العراق وجنوبه وما جريمة سبايكر عنكم التي اكتووا بنارها ببعيدة”.
ودعا الساعدي القيادات المسؤولة العسكرية أن “لا تفتح محوراً آخرا من محاور التحرير في مناطق أخرى قبل الانتهاء من تحرير الفلوجة لما تمثله هذه المعركة من أهمية كبرى في دحر الإرهاب وهي تمثل خاصرة بغداد وعمقها الأمني الاستراتيجي”.
واضاف “ندعو الأمم المتحدة كمنظمةٍ راعيةٍ للشعوب والأمم وكافة المنظمات الدولية الإنسانية الأخرى التي تتابع سير عمليات التحرير أن تكون منصفة وأن تتعامل بميزانٍ واحد ، فهي تراقب بدقة كل مجريات الأحداث بينما غضت نظرها عما يحصل في اليمن والتي صنفتها من الدول التي انتُهِكَت فيها حقوق الأطفال خلال القصف الجوي للتحالف العربي وتراجعت بعد احتجاج سفير دولة قائد هذا التحالف ، فهذه الازدواجية في التعامل ستفقد المنظمة الدولية مصداقيتها ومن ثم ستطيح بمكانتها عالمياً”.
ووجه الساعدي رسالة للقيادات الأمنية في داخل المحافظات والعاصمة بغداد أن ترفع من جاهزيتها وتكثف من استعداداتها ، فمنذ بدء العمليات العسكرية لتحرير الفلوجة وهناك تصاعد في وتيرة الانفلات الأمني فالخلايا النائمة أخذت تتحرك بمستوى ملحوظ في مناطق اصبحت آمنة جداً مثل ما حدث في كربلاء وذي قار أو تكرار الاستهدافات لمدينة الصدر وما حصل من تفجيري بغداد الجديدة والتاجي يوم أمس والذي يهدف منها زيادة غليان الشارع واحداث الفوضى لتخفيف الضغط عن الفلوجة ، كما أن هناك أنباء عن تحرك البعض ، بعيداً عن المظاهرات السلمية، نحو ضرب المقرات السياسية أو غلقها وهذا كله سيحدث اضطراباً وفوضى قد تفقد أجهزة الأمن السيطرة على الوضع ، لذا نأمل منها أن تحافظ على أمن المدن والمواطنين.
وعلى مستوى الصعيد الاقتصادي، قال الساعدي “ما زلنا نشهد التقشف الاقتصادي وضعف إمكانات الدولة ولعلها حسناً فعلت حين توجهت نحو تأسيس شركة ضمان الودائع للاقتراض الداخلي وتشجيع المواطنين بتوفير أموالهم وإيداعها في المصارف الحكومية وهي خطوة حميدة لكنها متأخرة جداً ولربما كانت هي الأفضل من الاقتراض الدولي في ظل شروط مجحفة وقد لا تكون هي ـ أي الودائع المحلية ـ الحل الوحيد لحل المشكلة رغم أننا على علم أن رؤوس الأموال العراقية كبيرة جدة ما لم تخرج خارج البلد لكنها أفضل بكثير – أقصد الودائع المحلية – من قرض البنك الدولي”.
واضاف “نأمل أن تكون قبل هذا الموعد فهي إن لم تكن بديلة عن القرض دولي فلا أقل أنها ستقلل من قيمة القرض الخارجي”.
وتابع الساعدي “ليعلم الجميع قبل أكثر من سبعة أشهر أي في نهاية العام الماضي حين تشرف رئيس الوزراء العبادي بزيارة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي قد أسدى سماحته له النصيحة بالاقتراض الداخلي بدلاً من الاقتراض الدولي ، فإن من يستشير المرجعية الصالحة لن يعدم الخير أبداً لما تتحلى به المرجعية من التسديد والتوفيق الإلهي ولو أُخِذَ بالمشورة من يومذاك لساهمت هذه الأموال اليوم في معالجة الوضع الاقتصادي الصعب”.
وتابع الساعدي “ليست هذه المشورة هي الوحيدة ، بل كانت المرجعية سباقة في إيجاد الحلول لكافة المآزق السياسية والأمنية ، وكان من أهم نصحها أن العراق لا يحتاج إلى حلولٍ عسكرية ، بل سياسية ودعا للجلوس الى طاولة حوارٍ جاد أبان سقوط الموصل ، كما نبه من خطأ تسلح الشارع ودعا لتشكيل جيش عقائدي رديف للجيش تحت مظلة الدولة يحمي المتطوعين من وصفهم بالإرهاب من قبل أعداء العراق ، وقد حصل هذا الأمر بالفعل حينما لم يلتفِ المسؤولون لهذه الدعوة بعد أن وصفت بعض الدول العربية فصائل المقاومة بالإرهاب ، ووعت الحكومة لخطورة الموقف وأقدمت على تشكيل هيئة الحشد الشعبي والتي هي ذات معنى الجيش الرديف لتفادي خطورة ما أقدمت عليه تلك الدول والتي قد يتسبب وصف الارهاب لصنوف المقاومة باستباحة العراق واحتلاله من جديد باسم الحرب على الإرهاب لذا نأمل من الحكومة والسياسيين أن يلتفتوا لخطابات المرجعية الرشيدة والتي تعينهم على الخلاص من مآزقهم وحلحلة المشاكل قبل تفاقمها”.
العراق برس