السيمر / السبت 22 . 10 . 2016
معمر حبار / الجزائر
يواصل صاحب الأسطر عبر الحلقة الثانية قراءته الثانية لكتاب،
PIERRE PEAN ” MAIN BASSE SUR ALGER, ENQUETE SUR UN PILLAGE , ALGER 1830″ ,CHIHAB EDITION, Alger ,Algerie ,2005, 288 Pages.
إشتريت الكتاب وأنا في مطار الجزائر أنتظر عودة أكبر الأبناء وليد من إسبانيا بمناسبة نجاحه في شهادة البكالوريا بمعدل 18.33. وبما أن الخطوط الجوية للتأخير كانت عند وعدها كعادتها وتأخرت بأربعة ساعات، إغتنم صاحب الكتاب فرصة التأخير في قراءة ماقدر عليه أن يقرأه في المطار، ثم أتم الصفحات المتبقية في البيت، فكانت هذه الملاحظات..
1. يرى الكاتب الفرنسي أن محور الاستدمار الفرنسي للجزائر هو الاستحواذ على خزينة الدولة الجزائرية من مال وذهب وقضة.
2. يتحدث الكاتب الفرنسي عن البواخر المحملة بالذهب والفضة المسروقة من خزيتة الدولة الجزائرية. وكيف تم التعتيم على عملية السطو من أعلى هرم فرنسا، ومعاقبة كل من يحاول معرفة المبلغ، والمستفيد منها.
3. إحدى البواخر كانت تحمل لوحدها 16000 قطعة ذهب مهربة من الجزائر، ناهيك عن البواخر الأخرى.
4. الغرض من الحصار المضروب على موانىء الجزائر قبل استدمار 1830، هو منع الداي من تهريب خزينة الدولة الجزائرية خارج الجزائر، وبالتالي حرمان فرنسا من أموال الخزينة.
5. يرى أن القنصل الفرنسي ديفال هو الذي إستفز الداي، فاستعمل الداي المروحة ردا على الاستفزاز، فكان عمله – حسب الفرنسي- مشروعا ومقبولا. يستنكر الكاتب ديونها المستحقة على الجزائر.
6. يعاتب الكاتب الفرنسي على المؤرخين عدم تطرقهم لحادثة المروحة من خلال الناحية التي تطرق إليها، وكون فرنسا كانت تستفز الداي، وتتعمد عدم تقديم ديونها المستحقة على الجزائر.
7. ابتداء من تاريخ 30 أفريل 1827 شرعت فرنسا في محاولة سرقة خزائن الجزائر.
8. يرى أن التبريرات المقدمة من فرنسا لاحتلال الجزائر كحماية الأوربيين، ومنع تجارة العبيد الأوربيين البيض، ونشر المسيحية، لا علاقة لها إطلاقا بالواقع، لأنه في الحقيقة فرنسا احتلت الجزائر لأجل خزائن الجزائر، واستعملت في سبيل ذلك الدين، والشعارات الجميلة البراقة.
9. يرى في صفحة 22 أن خزينة الدولة الجزائرية هي التي دفعت تكاليف حملة الاستدمار الفرنسي للجزائر بل أكثر. حيث أن تكاليف الحملة بلغة حوالي 48 مليون. بينما خزينة الدولة الجزائرية كانت تحتوي على الأقل 250 مليون، مايعني أن هناك مبلغا قدره 200 مليون سرق. مايعني 10 مليار فرنك سنة 2001 بسعر تلك السنة، ويمكن ترجمة المبلغ المسروق حاليا بالسعر المتداول. فمن الذي كل هذه الأموال الضخمة، يتساءل الكاتب ؟.
10. يتساءل الكاتب عدة مرات، حول من سرق أموال خزينة الدولة الجزائرية؟. ويصل إلى أن فرنسا تتكتم على ذلك، ولا تريد فتح هذا الملف.
11. إعتمد الكاتب الفرنسي في تحقيق أجره، على جملة من المصادر والوثائق.
12. خلاصة الكتاب لحد الآن.. فرنسا سرقت ذهب وفضة وأموال الخزينة الجزائرية، واستعملت الدين والشعارات للاستحواذ على الأموال الضخمة، ومنعت بقوة الحديد كل من يريد فتح ملف سرقة الأموال الجزائرية. وهي لحد الآن مغلقة ويمنع فتحها.
13. عنوان الكتاب يوضح جيدا مغزى الكاتب وهو حسب ترجمتي السريعة والآنية..” وضع اليد على الجزائر، تحقيق حول عملية السطو على الجزائر 1830 “.
حلف السرّاق.. ينحصر الكتاب حول نقطة جوهرية المتمثلة في من هو الفرنسي الذي سرق أموال الجزائر الضخمة جدا والتي تمت سرقتها وتهريبها إلى فرنسا عبر 5 بواخر كبيرة، ناهيك عن الأموال التي إستولت عليها فرنسا لتسيير شؤون الجيش وما يتطلبه الاستدمار إبان الاحتلال الفرنسي للجزائر. ولم يصل الكاتب لإجابة شافية، وإن كان يحوم حولها. وبالنسبة لي كقارىء متتبع، أقول.. الأتراك سرقوا الجزائر، ونابليون سارق، وديغول سارق، وميتران سارق، والسكير ساركوزي سارق، والعاشق هولاند سارق. ومن الملاحظات التي وقف عليها القارىء وهو يواصل قراءة الكتاب..
1. يستعمل الكاتب مصطلح وزير الحرب، حين يتطرف لوزير الدفاع الفرنسي في صفحة 62.
2. لم يكن للأتراك ثقافة المصرف، فلا تجد أي تركي يضع أمواله في المصرف.
3. إحتلال ميناء الجزائر دام 8 ساعات فقط، واحتلال الجزائر من طرف فرنسا دام 21 يوما، رغم أن التقديرات الفرنسية كانت تقول 27 يوما. أي أقل مما توقعته فرنسا، كما جاء في صفحة 66.
4. ينصح السلطان شارل رئيس حكومته بورمو بتحريك القبائل الجزائرية إليه، لأن العرب لا يتحملون أن تحكمهم أقلية تركية.
5. يعتبر الكاتب أن إحتلال فرنسا للجزائر مسألة داخلية فرنسية وليس إمتداد للسياسة الخارجية الفرنسية، لأنه جاء ليعالج مشاكل فرنسا الداخلية، ولفت الأنظار عن ما تعيشه فرنسا، كما جاء في صفحة 70.
6. كل ماقامت به فرنسا لاحتلال الجزائر، كان القصد الأول والدائم خزينة الجزائر.
7. رسالة إحتلال الجزائر عرضت على ثلاثة شخصيات فرنسية مختصين في الشؤون الاسلامية، لدراستها وتوزيعها في الخارج لتطبق على الداي والداخل الفرنسي وخارج فرنسا.
8. إشترت فرنسا ذمم الموالين لاحتلال الجزائر، ومنهم جريدة “لوفيغارو”.
9. تعداد الجيش الفرنسي لاحتلال الجزائر.. 37617 جندي، 4546 حصان وبغل، 4 بطاريات تحتوي على 24 فم نار، وعتاد الدعم يضم 82 فم نار، وميزانية تقدر بـ 25 مليون فرنك.
10. كانت فرنسا تعلم أنها لن تلاقي مشكلة في احتلال الجزائر، لأن الداي لم يكن له ما يملكه لصد العدوان، كما جاء في صفحة 84.
11. كانت الجزائر خالية من الحراسة إبان احتلال فرنسا للجزائر، ولم تكن مقاومة تذكر ولا ضجيجا يدل على أن حربا على الأبواب، كما جاء في صفحة 87.
12. قائد احتلال الجزائر بورمو، وضع مكتبه وغرفة الأكل في المسجد.
13. أصيب جنود الاحتلال الفرنسي بالدهشة الشديدة، وهم يصفون ملابس الباي والأغا المطرزة بالذهب والأحجار الكريمة، وبيوتهم مزينة بأسلحة غالية الثمن، كما جاء في صفحة 89.
14. القذائف الفرنسية لاحتلال الجزائر، كانت موجهة في بداية الاحتلال إلى الخزينة للاستحواذ عليها بكل الطرق.
15. لم يبدي الداي أية مقاومة رغم تقدم الاحتلال الفرنسي، وترك الجزائر للمحتلين يفعلون ما يشاؤون.
16. يرى حمدان خوجة في كتابه “المرآة”، الذي ألفه 3 سنوات بعد الاحتلال، أن الخزناجي وهو بمثابة رئيس الوزراء، تعاون مع الاحتلال الفرنسي لأخذ مكانة حسين الداي باشا، والإطاحة بيحي أغا، كما جاء في صفحة 93.
17. إبراهيم آغا لم يتخذ أية إجراءات لرد العدوان الفرنسي وترك السلاح، والجنود، واللؤلؤ، والأموال للجيش الفرنسي، وهرب إلى بيت في الريف. وكان بحوزته كل المال الذي كان يقدمه له الداي لدفع رواتب الجنود. وقد عرف عنه الضعف العسكري، كما جاء في صفحة 94.
18. ساهم أعيان الجزائر في تثبيت الاحتلال، بدعوتهم إلى الاستجابة الفورية لتهديد ات الاحتلال الفرنسي، وذلك حفاظا على مزاياهم ومصالحهم الشخصية على حساب الجزائر، كما جاء في صفحة 95.
19. الداي يتصل بالسفير البريطاني بالجزائر، ويتوسل إليه ويترجاه أن يتوسط له أمام قائد الاحتلال الفرنسي بورمو ، ليأذن له بالخروج من الجزائر رفقة عائلة ومرافقيه في أمان، كما جاء في صفحة 97 .
20. في 5 جويلية 1830، كوّن قائد الاحتلال الفرنسي بورمو، لجنة مكونة من 5 خبراء فرنسيين، لنقل الخزينة إلى فرنسا، صفحة 99.
21. عقب الاحتلال مباشرة، إستولى بعض الجزائريين على بعض البيوت التابعة لحاشية الداي التي كانت تحتوي على.. أغطية مطرزة بالذهب، أسلحة، سجاد، ساعات، ملابس نساء، بالإضافة إلى النهب المقنن من الاحتلال. وهذه الأغراض بالنسبة للجزائري الفقير، وكانت غالية جدا لم يحلم بها طيلة حياته، كما جاء في صفحة 100.
22. الخزناجي هو الذي قاد الاحتلال إلى الخزينة وسلمهم المفاتيح، وأمضى معهم تسليم خيرات البلاد، صفحة 103.
23. جاء في صفحة 105، أن قائد الاحتلال بورمو يبعث برسالة إلى باريس إبان الاحتلال ويخبرهم.. وجدنا في خزينة الجزائر أكثر مما تتطلبة تكاليف احتلال الجزائر.
24. بدأ تموين الجيش الفرنسي لاحتلال الجزائر مباشرة بعد الاستحواذ على خزينة الجزائر التي كانت تقدر بـ 80 مليون قطعة من الذهب والفضة، ناهيك عن الأموال، كما جاء في صفحة 107.
25. مجموع ما استولت عليه فرنسا يقدر بـ 700 مليون فرنك، إثر سرقتها لخزينة الجزائر.
26. هربت خزينة الجزائر إلى فرنسا عبر 5 بواخر إلى فرنسا، ما يدل على الأموال الضخمة جدا التي سرقتها فرنسا من الجزائر.
ومن بين الملاحظات الشخصية التي وقف عليها القارىء المتتبع وإلى غاية 115..
1. الدولة الجزائرية بزعامة الداي في أواخر أيامها، كانت في غاية الضعف والفساد، والانحلال.
2. إحتلال فرنسا للجزائر كان نتيجة طبيعية للفساد السياسي، والاجتماعي، والمالي الذي ساد قصور الداي وحاشيته في أواخر حكمهم للجزائر.
3. إحتلت فرنسا الجزائر بسرعة فائقة لم يكن قادة الاحتلال يحلمون بها، حتى أنهم إندهشوا لعدم وجود أية مقاومة.
4. لم يكن الداي يهتم لاحتلال الجزائر، بقدر ما كان يهمه الخروج من الجزائر رفقة عائلته ومرافقيه. ولم يتفاوض مع المحتل لأجل مصلحة الجزائر، إنما تفاوض مع المحتل للحصول على ضمانات له، ولعائلته، ومرافقيه.
5. كانت قصور الداي وحاشيته تزخر بالذهب، واللؤلؤ، والأغطية المطرزة بالذهب، والأسلحة للزينة ذات الثمن الغالي جدا. ومثل هذه الثقافة لا يمكنها بحال أن تواجه إحتلال أو ترد عدوان.
6. مصيبة الجزائر في تخاذل الداي وعصابته، قبل أن تكون مصيبة الجزائر في الاحتلال الفرنسي للجزائر، ونهب خيراتها وإذلال شعبها.
7. أخذ الداي وعصابته أموال الجزائر معه إلى الخارج برعاية الاحتلال، والاحتلال الفرنسي إستولى على أموال الجزائر بتخاذل من الداي وحاشيته، فاجتمع الجميع على سرقة الجزائر، هذا باسم الهلال وذاك باسم الصليب.
8. لم يكف الداي أن تذلل للمحتل الفرنسي، بل راح يتذلل للسفير البريطاني بالجزائر، ليشفع له أمام المحتل الفرنسي، ويسمح له بمغادرة الجزائر رفقة عائلته وحاشيته، ويترك من وراءه الشعب الجزائري رهن الاحتلال .
وإلى غاية صفحة 138 كانت هذه القراءة والملاحظات..
1. تنصيب الجنرال بورمو لسرقة خزينة الجزائر إبتداء من اليوم الأول للاحتلال الفرنسي، وتنصيب لجنة لذات الشأن تحت إمرته.
2. تنصيب الجنرال كلوزال 2 سبتمبر 1830 خلفا لزميله، قصد السرقة والتحقيق في سرقة خزينة الجزائر، والذي نصب لجنة في ذات الشأن تحت إمرته.
3. ساهمت السفارات الغربية الأجنبية بالجزائر، كالبريطانية، والدنماركية، وسردينيا في إخفاء المال المسروق من طرف بعض القادة العسكريين الفرنسيين.
4. وزير مالية الداي الخزناجي الذي سلّم مفاتيح الخزائن طواعية وبمحض إرادته، وسعيا منه، لعل فرنسا تجعل منه الداي الجديد والحاكم الجديد.
5. الداي وعصابته الذين فرطوا في خزينة الجزائر، وقدموها طواعية وعلى طبق من ذهب للمحتل المغتصب.
بالنسبة للقارىء الجزائري، لايؤمن بلجنة التحقيق، إنما يؤمن بلجنة السرقة والسراق، التي إستولت على خزينة الجزائر ، سواء أقامت اللجنة الأولى للعد، أو اللجنة الثانية للكشف، فكلاهما محتل مغتصب سارق.
فرنسا حين إستدمرت الجزائر، تعلّلت بكون الأقلية التركية تحكم الجزائر، فانتقلت الجزائر من عصا الأقلية إلى حذاء الأقلية.
تبين من خلال القراءة، أن الداي كان يستولي على أقل من مدينة الجزائر. فهو لم يستطع أن يواجه الاستدمار القادم من سطاوالي والقريبة منه جدا، وركن للخلف دون مقاومة. وتحية تقدير لكل جزائري أصيل واجه الاستدمار في أية نقطة الجزائر الغالية جدا.
قادة فرنسا يومها يستنكرون بشدة حكم الأقلية التركية للجزائر، ويستبدلونه بحكم الأقلية الفرنسية للجزائر. وكأنه كتب على الجزائر أن تنتقل من أقلية إلى أقلية.
ما يجب التأكيد عليه أن الفرنسي هو الذي يجري تحقيقا سنة 2001، حول الأموال التي سرقتها فرنسا من الجزائر إبان الاحتلال الفرنسي، ويطالب بإعلان الأسماء الفرنسية التي سرقت.. الذهب، والفضة، واللؤلؤ، والأموال الجزائرية الضخمة جدا. فتحية تقدير للكاتب الفرنسي.
لا يهمني من يكون الداي المهم أنه إستسلم في أول لقاء ودون لقاء، وسلّم الجزائر وخيرات الجزائر للمحتل الفرنسي.
ولا يهمني من يكون علي لابوانت، المهم أنه لم يستسلم للعدو الغاصب ولقي ربه شامخا صامدا ، رفقة زملائه الأحرار من نساء ورجال.
17 جويلية 1830.. هرّبت فرنسا من الجزائر بالإضافة إلى خيرات البلاد بعض النَعَام، أسدين (02) ونمر واحد (01) على متن سفينة دوكين .
صاحب الأسطر يعد القارىء بحلقة ثالثة إذا سمحت الظروف، واستطاع أن يعود لما دوّنه من ملاحظات على هامش الكتاب.