أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / لماذا سارع الطغمويون لتأييد بيان مقتدى حول الإنتخابات؟
الكاتب القدير الأستاذ محمد ضياء عيسى العقابي

لماذا سارع الطغمويون لتأييد بيان مقتدى حول الإنتخابات؟

السيمر / الجمعة 13 . 01 . 2017

محمد ضياء عيسى العقابي

وأنا أستمع الى مقتطفات من بيان مقتدى الصدر الذي ألقاه في مجلس النواب رئيس كتلة الأحرار النيابية ضياء الأسدي ونقلته فضائية (الحرة – عراق) في نشرتها الاخبارية في اليوم الأول للفصل الجديد للمجلس بتأريخ 10/1/2017 – لم يخامرني أدنى شك في أن الطغمويين* في إتحاد القوى الذي يقوده أسامة النجيفي سيكون أول المرحبين بالبيان.
ما أن إنتهى نقل الخبر حتى أذاعت الفضائية تصريحات نواب الكتل حول البيان خارج قاعة البرلمان. إعتبر النائب محمود الحسن (عن التحالف الوطني) والنائب ماجد شنكالي (عن التحالف الكردستاني) أن البيان عبارة عن جزء من حملة إنتخابية مبكرة.
أما النائب خالد المفرجي عن إتحاد القوى الطغموي فقد أطرى على البيان وأيد ما جاء فيه ووعد بمزيد من الدراسة.
ما الذي جعل المفرجي وهو أحد المتحدثين باسم الاتحاد الطغموي المذكور الى الإسراع بتأييد ما جاء في البيان؟
أعتقد أن أمرين دغدغا هواجس السيد المفرجي والأمران قادران بل هما مصممان لدغدغة مشاعر “الأحبة الطغمويين”، فما هما؟:
أولا: حذر بيان مقتدى من “تدخل التنظيمات المسلحة في العملية الإنتخابية…” (أعترف أنني حمدتُ الله وشكرته على عدم قول مقتدى “الميليشيات المسلحة” رغم أن مقتدى خسر عدداً من نقاط دغدغة الأحبة الطغمويين لعدم ذكر “الميليشيات” وهو الاسم المحبب لديهم. ربما لأنه أراد تحاشي أن يقال له “أما لديك ميليشيا السلام؟”!!)
يلاحظ أن هذا إتهام ضمني جديد يُكال لأول مرة ولكن على لسان مقتدى هذه المرة ويُضاف إلى جبال من طعون وتجريح وتهشيم وتحقير ولمز وغمز لكل ما هو ديمقراطي شريف في العملية السياسية وخاصة حارسها الأمين الحشد الشعبي، على يد الطغمويين؛ وهو أمر مفهوم من واقع كونهم طغمويين يعادون الديمقراطية ويريدون الإطاحة بها لإسترداد سلطتهم التي طالما إعتز بها صالح المطلك، كمثال، وبإسلوبها في حكم الرعية وعلى حد قوله “أعطِ الخبز لخبازه” وظل مخلصاً لها حتى يوم 12/12/2016 حينما هدد في فضائية (الحرة – عراق) / برنامج “حوار خاص” مع الإعلامي سعدون محسن ضمد قائلاً: “أفشلنا حكم الشيعة منذ 2006 وسنفشله إذا لن يزيلوا حظر حزب البعث من الدستور”، قال له سعدون: “هذا تهديد يعاقب عليه القانون” غير أن صالح لم يكترث – ولكن من غير المفهوم لكثيرين ما هو دافع مقتدى لكيل الإتهام الجديد للحشد. أعتقد أن هناك أربعة أهداف: 1- كسب ود الطغمويين بالتملق إليهم وهذه ليست المرة الأولى. 2- لطرح التبرير المسبق إذا ما خذلته الجماهير في الإنتخابات المقبلة إذ أتوقع له ولتابعيه خسارة كبيرة عقاباً له على مواقفه المسيئة للديمقراطية والأمن والنزاهة. كما أتوقع خسارة للطغمويين الذين نبذتهم الجماهير للتسبب بقذفها الى مخيمات النزوح التعيسة في أحسن الأحوال، بعد الفشل الإستراتيجي الذريع الذي لحق بمؤامرة داعش التي أرادت إسقاط النظام الديمقراطي برمته وإحداث تغيير ديموغرافي في العراق لإنتزاع النفط لصالح الإمبرياليين. 3- تعزيز مطلبه اللاحق الداعي الى تسليم إدارة الانتخابات الى جهات أجنبية يكون لأمريكا عليها تأثير كبير كما سنرى. 4- دفع لأمام عملية محاولة تشكيل حكومة أغلبية سياسية قائمة على أساس عائلي بالضد من مشروع إئتلاف دولة القانون بتشكيل حكومة أغلبية سياسية قائمة على تعزيز الديمقراطية والمواطنة والشراكة الحقيقية ومحاربة الإرهاب والفساد والطائفية والمحاصصة لتصب كلها في صالح تعزيز الإستقلال والسيادة الوطنيتين.
ثانياً: طعن بيان مقتدى بالمفوضية العليا المستقلة للإنتخابات وهي هيئة إختار أعضائَها خبراءٌ من الأمم المتحد من بين آلاف المترشحين مراعين الكفاءة والنزاهة والتوازن. وأراد مقتدى جهات خارجية كالأمم المتحدة الإشرافَ على الإنتخابات. وهنا دغدغ مقتدى الطغمويين من جانبيهم الحساسين يسرة ويمنة:
فمن جهة أراحهم بالطعن بنزاهة المفوضية ونزعَ النزاهة عن جميع أفراد المجتمع العراقي فإستعان بالخارج وهو عمل لا ينم عن وطنية وهو عمل محبب للطغمويين الذين لا يرون في الشعب العراقي إلا قطيعاً!!!.
ومن ناحية أخرى ضرب، مقتدى، على وتر حساس جداً عزف عليه الطغمويون كأحد محاور الهجوم على الدستور والنظام الديمقراطي ألا وهو الدعوات المتكررة الى تسليم العراق بيد الأجنبي لتسيير شؤونه ولأتفه الأسباب يكاد يصل الى حد “الطفل يسعل هاتوا له الأمم المتحدة!!!”. لي شواهد جمة على هذه الحالة الطغموية اللاوطنية. أحدثُها الدعوة التي أطلقها صالح المطلك، كمثال، مطالباً بتدخل الأمم المتحدة لتوزيع الغذاء على النازحين بعد أن بلع هو ورفاقه المليار دولار التي خصصتها حكومة المالكي وبعدها مبلغ آخر خصصته حكومة العبادي حسب إتهامات محمد الكربولي وأسامة النجيفي له.
الشاهد الأبعد هو تَوَقّعُ طارق الهاشمي من باب الأمل والتحبيذ والحث، وهو هارب عن وجه العدالة، بتأريخ 1/2/2012 في فضائية ألـ (سي.إن.إن.) الأمريكية أن “الولايات المتحدة قد تضطر إلى التدخل عسكرياً في العراق مجدداً للسيطرة على الوضع ….. إن إنعدام الإستقرار في العراق سيؤثر بشكل كبير على مصالح الولايات المتحدة في المنطقة”!!!. قال هذا بعد شهر واحد بالتمام والكمال من تأريخ إخراج القوات الأمريكية من العراق.
على أن الأمر لا ينتهي عند هذا الحد. فإيكال إدارة الإنتخابات الى الأمم المتحدة قد يذكّر السيد مقتدى بـ”الحظ السعيد” الذي حالفه في انتخابات 7/3/2010 يوم أدارتها الأمم المتحدة ولعبت فيها السيدة (ميتشل) دوراً بارزاً وهي التي قال عنها مطلعون أنها تنتمي الى وكالة الإستخبارات المركزية (سي.آي.أي.)؛ علماً أنه قد حصل ما يلي: أولاً: خرجت تظاهرة كبرى في النجف إحتجاجاً على التزوير لصالح القائمة العراقية بقيادة أياد علاوي مما دعت السفير الأمريكي الى الإجتماع على عجل بالمالكي ويبدو أنه قد وعد بتوقف التزوير عند ذلك الحد مقابل قيام المالكي بدعوة المتظاهرين الى الكف عن مزيد من التظاهر حيث كاد الوسط والجنوب ان يشتعل بالاحتجاجات منتفضاً ضد التزوير. ثانياً: قال المرحوم الدكتور أحمد الجلبي، وهو خبير في نظم الحاسبات الإلكترونية، أنه فتش مركز الفرز الإلكتروني الخاص بلجنة الأمم المتحدة وقد كان المسؤولون متوترين حيال أسئلته أما الكادر العراقي الذي كان يعمل بمعيتهم فقد كانوا يرتجفون. أدلى الجلبي بهذه المعلومات للإعلامي سعدون محسن ضمد في برنامج “حوار خاص” في فضائية (الحرة – عراق).
هذه هي إذاً قصة التأييد المتسارع للطغمويين لبيان مقتدى الصدر حول الإنتخابات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*):الطغموية والطغمويون
الطغمويون هم لملوم من جميع أطياف الشعب العراقي حكموا العراق منذ تأسيسه وفق صيغة تبادل المصالح مع القوى الإمبريالية وبالحديد والنار للإنتفاع الطبقي من ثرواته المادية والمعنوية بذرائع مختلفة منها إدعاء القومية. لقد مارسوا في العهد البعثي سياسة ممنهجة للتطهير العرقي والطائفي فاقترفوا جرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب؛ ولم يعد قادراً على إطاحة النظام سوى الله أو أمريكا. وأطاحت به أمريكا لأهدافها الخاصة، وفق المشروع العالمي الذي رسمه المحافظون الجدد للهيمنة على العالم، ولكنها ساعدت على تأسيس النظام الديمقراطي الذي جعله السيستاني نظاماً ديمقراطياً حقيقياً عراقياً لا شكلياً، ومن ثم أخرج العراقيون قواتها، أمريكا، واستعاد العراق استقلاله وسيادته في 1/1/2012. غير أن الأمريكيين ركبوا حصان داعش الذي أوجده الطغمويون وحكام تركيا والسعودية وقطر بإيحاء من أمريكا نفسها، ودخلوا العراق من الشباك.
بعد سقوط نظامهم في عام 2003 أجج الطغمويون الطائفية بأعلى وتيرة، بعد أن كانت مبرقعة مبطنة منذ تأسيس الدولة العراقية، وذلك لشق صفوف الشعب والمحافظة على ولاء أعوانهم ودفعهم الى عرقلة بناء العراق الديمقراطي الجديد عبر الإرهاب والتخريب من داخل العملية السياسية إصطفافاً وتنفيذاً للمشروع الطائفي السعودي الوهابي المطروح على نطاق المنطقة والعالم لدرء خطر الديمقراطية الزاحفة على النظام في المملكة من الجار الشرقي ودرء خطر الإحراج الذي سببته إيران للمملكة بعد أن كشفت، إيران، تآمرهم على القضية الفلسطينية حينما مدت المقاومتين الفلسطينية واللبنانية بالسلاح بينما إقتصر الدعم السعودي على المال المسموم ثم إنحدرت الى مستوى التآمر لتصفية القضية الفلسطينية وتآمرت على التضامن العربي.
وقد انتفع الامريكيون من اثارة الطائفية في العراق بقدر كبير جداً وكفاءة عالية مستخدمين الطغمويين أنفسهم في هذا المجال كأدوات طيعة لإضعاف العراق الجديد وتشويه الديمقراطية والإستهانة بها وتحويله، العراق، الى دولة فاشلة؛ وربما كان الأمريكيون هم المحرضين على تأجيجها، الطائفية، وذلك من أجل تنفيذ مشروع المحافظين الجدد الحقيقي وهو الهيمنة على منابع البترول في العالم للي أذرع جميع الدول المؤثرة عالمياً للقبول بنتائج ما بعد الحرب الباردة التي جعلت الولايات المتحدة القطب الأعظم الأوحد في العالم، الأمر الذي أوجبته ضرورات معالجة أمراض النظام الرأسمالي المأزوم بطبيعته عبر تصدير أزماته للعالم وخاصة الفقير منه دون رادع.
أفشل العراق، على يد التحالف الوطني، مشروع أمريكا هذا الذي إصطدم مع المصالح الإمبريالية الأوربية أيضاً، ولكن إدارة الديمقراطيين الأمريكية أعادت إحياءه بعد إصلاح التحالف التقليدي مع أوربا الإمبريالية الذي هدده المحافظون الجدد بدافع الإنفراد والإستحواذ.
فرض الطغمويون والأمريكيون، بالإبتزاز، المحاصصة ومفهوم الشراكة والتوافق المغشوشين، مقابل مجرد المشاركة في العملية السياسية أي العملية الديمقراطية المعترف بها عالمياً وهي الوسيلة الوحيدة القادرة على حماية مصالح الجميع وبالتالي تحقيق التعايش المشترك والسلم الأهلي. ولكن الطغمويين لم يتراجعوا ولحد الآن عن رفضهم للديمقراطية وللآخر والسعي الحثيث لتخريبها وإفشالها ولو بإستدعاء قوى إمبريالية وعميلة لـ”ترتيب” أوضاع العراق لصالحهم.
كان وما يزال هذا الإصرار من جانب الطغمويين على إستعادة السلطة بأية وسيلة هو الجوهر الحقيقي للمســـــــألة العراقـيـــــــــــة ولم تليّن الهزيمة الإستراتيجية الداعشية من إصرارهم بسبب وجود الدفع والدعم الخارجيين لهم؛ ذلك الإصرار الذي لم تشخصه سوى المرجعية في النجف والحريصين من المسؤولين الذين تُحتمُ مسؤوليتُهم عليهم عدمَ البوح بهذا التشخيص صراحة تجنباً لتثبيت الإنقسامات ونفع المشروع الطغموي؛ ولكن المثقفين والفاشلين أهملوا هذا التشخيص وشوهوه بطروحات منتقصة أو زائفة رغم أن واجبهم المقدس يلزمهم بإبراز هذا التشخيص الذي يمثل الحقيقة الموضوعية الناصعة وتوعية الشعب والرأي العام العربي والإسلامي والعالمي بها وتوجيه الضغوط المعنوية على الطغمويين للحد من تماديهم في التخريب والإرهاب.
شكل الطغمويون والبرزانيون العنصريون تحالفاً غير رسمي مع الأمريكيين وتوابعهم في المنطقة: حكام السعودية وتركيا وقطر كل لغايته؛ ولكن يجمعهم دفعُ العراق باتجاه الديمقراطية المشوهة والدولة الفاشلة لتنفيذ المشروع الامبريالي الصهيوني السعودي الذي صاغه المحافظون الجدد والقاضي بتفتيت البلدان العربية من داخلها وتمكين إسرائيل من الهيمنة على المنطقة بقفاز سعودي ولدينا مما جرى في سوريا خير مثال.
فَقَدَ البرزانيون إهتمامهم بالديمقراطية العراقية بعد أن أخذوا منها ما أخذوا ودسوا ما دسوا من ألغام في الدستور بتنسيق أمريكي معهم ثم إنخرطوا في المشروع الإمبريالي آنف الذكر على أمل تحقيق “مملكة برزانية” على حساب نضال الشعب الكردي لتحقيق طموحاته القومية المشروعة بالتحالف النضالي مع شعوب المنطقة، وعلى حساب إستقرار العراق ومصالحه.
الطغمويون لا يمثلون أية طائفة أو مكون لكنهم يدَّعون تمثيلَهم السنةَ لتشريف أنفسهم بهم والخروج من شرنقة الطغموية الخانقة الى ساحة الطائفة الأرحب. غير أن السنة براء منهم وقد نبذوا الطغمويين خاصة بعد توريطهم الجماهير إذ دفعوا بها الى العصيان لتغطية إحضار داعش الى العراق لإحداث تغيير ديموغرافي، ومن ثم دفعوا بها الى حياة النزوح في المخيمات تحت رحمة البؤس والشقاء وتهديدات داعش.
كانت هذه المغامرة الداعشية الخطرة الفاشلة قد شكلت الضربة الإستراتيجية القاصمة الكبرى للطغمويين ورعاتهم حكام أمريكا وتركيا والسعودية وقطر، وما عادوا قادرين على الإبتزاز وفرض المطالب فهم الفاشلون في معركة “الديمقراطية” الحاسمة.

للإطلاع على “مفاتيح فهم وترقية الوضع العراقي” بمفرداته: “النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه” و “الطائفية” و “الوطنية” راجع الرابط التالي رجاءً:

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995

اترك تعليقاً