السيمر / الجمعة 24 . 02 . 2017
عزت يوسف إسطيفان
تعقيباً على مقال الصديق محمد ضياء عيسى العقابي المنشور في موقع “الحوار المتمدن” على الرابط التالي:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=549207
أود أن أشدد، فيما يلي، على بعض المحاور الهامة بشأن الوضع العراقي وديمقراطيته الفتية ومراجعة أسلوب ودور التظاهرات في ساحة التحرير واعادة النظر في المقاربة الإستراتيجية حيال تطوير العملية السياسية ، والتجربة العراقية في مجال البناء الديمقراطي.
يتوجب على السيد جاسم الحلفي ورفاقه الانخراط مع المخلصين في مسعاهم في العمل اليومي الدؤوب المضني ، والنضال النبيل في سبيل توطيد أسس النظام الديمقراطي بدل الترويج والتهليل لمن طالب باسقاط الدستور ، والزحف إلى بغداد “لسحق الخنازير الصفويين ومواصلة المسيرة حتى طهران”!!!، الذين قال عنهم السيد الحلفي اثناء وقوفه في منصات الرمادي : إنهم يريدون حكماً مدنياً!!! .
فالنظام الديمقراطي بحد ذاته ، هو الذي يوفر أفقاً مفتوحاً للخروج من الأزمة , غير ان هذا الأفق بالفعل مسدود أمام من يريد أن يأخذ السلطة بغير طريق صناديق الإقتراع أي بإستخدام العنف أو الثرثرة والديماغوجية أو تزوير الإنتخابات عن طريق السيطرة على المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات.
إن مفهوم الوطنية والحرص على بناء الوطن وتقدمه وسعادته المادية الفعلية، لا يأتي عن طريق الشعارات “الوروارية” الفارغة والقابلة للنقض والتبدل حسب المصالح الحزبية الضيقة. كما إن تقديم الأيديولوجيا (( والكسب الحزبي المؤقت!! )) ، على القضية الوطنية والخلط بين الإيديولوجيا والسياسة هو متاهة وإنتحار سياسي مؤكد.
كما ان الدفاع عن الحزب ، وتوسيع قاعدته الجماهيرية وتقوية نفوذه لا ياتي بإفتعال معارك جانبية مع السلطة تضر بمصلحة الوطن والديمقراطية، وتاثر سلبا على الحزب نفسه وعلى دوره في القيام بواجبه المفترض بتعميق الديمقراطية والعملية السياسية.
كذلك، لا تأتي خدمة الوطن وقضية الديمقراطية بعقد مقارنة غير واقعية بين الديمقراطية العراقية الفتية من جهة ، وبين ديمقراطية الدول المتقدمة في تجاربها وتطبيقاتها الطويلة كالسويد وألمانيا وبريطانيا وغيرها من جهة أخرى .
هناك تباين كبير بين الديمقراطية العريقة والديمقراطية الفتية ، خاصة إذا كانت على أرض لم تعرف الديمقراطية في تأريخها المديد، ولكن في الفرعيات وليس في الأساسيات . فليس من المعقول أن نعقد مقارنات في الفروع وننسى الجوهر ثم نقول إن الديمقراطية في العراق غير سليمة والأنكى أن نقول إنها كاذبة ولا وجود لها !!
لابد من إختيار طرقا عملية جديدة اكثر نجاحا، واستخدام لغة أكثر إدراكاً وتعبيرا ، وأعمق فكراً ووعياً تعكس إمكانات ودور الحزب المفترض كحركة سياسية على الساحة العراقية .
ينبغي على الشيوعيين العراقيين إعادة تشكيل الوعي الفكري الماركسي داخل حزبهم، وتجديد خطابهم ومسارهم وبرامجهم السياسية، وتطوير أساليبهم التنظيمية ، كما يتوجب عليهم التحرر من ربط أنفسهم ببرامج وشعارات أحزاب وقوى سياسية أخرى، وإعادة النظر بمضمون تحالفاتهم مع القوى والتيارات السياسية المختلفة !.ويقوموا بدورهم البنّاء .
تجب قراءة وتحليل الاحداث بطريقة علمية ماركسية ” واقعية” ، فالماركسي لا ينظر إلى الفكرة على أنها تكوّنت خارج الواقع ، الماركسية نظرية لفهم الواقع ، وبالتالي تعمل على تغييره… الباحث الماركسي يقرأ الواقع لاستنباط الأحكام والقواعد والوسائل التي تساهم في تغييره بتعزيز الجوانب الإيجابية فيه وتوظيفها لهذا الغرض ، وبتشخيص الجوانب السلبية التي تعيق عملية التغيير لمواجهتها ودراسة تأثيراتها المعرقلة على مسار التطور الاجتماعي ، الذي هو جوهر وهدف واساس خلق القاعدة المادية للمستقبل الإشتراكي .على الماركسي دراسة الواقع كشيء متغير وفي حركة مستمرة ، وإخضاعه للمنهج الجدلي عند بحثه وتقييمه للظواهر الإجتماعية ، وإدراك طبيعة التناقضات في الظاهرة، وبعكس ذلك تكون إستنتاجات الباحث منقطعة عن الواقع عجيبة وغريبة !!
وفي الختام ، تحياتي وتثميني للصديق العزيز محمد ضياء عيسى العقابي , لدوره الفكري الكبير في تطوير وترسيخ العملية السياسية وتعميق الديمقراطية الوليدة في وطننا العراق ، وطن الجميع .