السيمر / الاثنين 31 . 07 . 2017
معمر حبار / الجزائر
بعد أداء صلاة فجر يوم الأربعاء 25 شوال 1438، الموافق لـ 19 جويلية 2017 إتّجهت رفقة الزوجة وأبنائي أكرم وملاك وشمس الدين في انتظار قدوم أكبر الأبناء وليد يوم الخميس إلى أقصى نقطة في الغرب الجزائري وبالضبط بمرسى الشهيد محمد العربي بن مهيدي حيث الحدود الجزائرية المغربية.
لم نستطع العام الماضي إكمال العطلة في نفس المكان بسبب نجاح إبني وليد في البكالوريا فرجعنا على الفور إلى البيت حيث استقبال المهنئين وما تتطلبه الظروف من سعي وإجراءات إدارية فعزمت الأسرة هذا العام لأن تعود لمرسى الشهيد محمد العربي بن مهيدي لتحي ذكريات جميلة لم تتم وترسيخ صور خلابة عن الجزائر يراد ترسيخها لدى الأبناء والأحباب.
حين يدخل الزائر مرسى الشهيد محمد العربي بن مهيدي يرى رأي العين الحدود المغربية الجزائرية حيث تظهر أعلام المملكة والأراضي المغربية والسياج الاصطناعي الذي يفصل بين الحقل الواحد والبستان الواحد والزرع الواحد والشاطئ الواحد والجبل الواحد والغابة الواحدة.
الزائر وهو يقف في أقصى نقطة من الجزائر يرى رأي العين الجندي الجزائري ومقابله الجندي المغربي، والأعلام الجزائرية مقابل الأعلام المغربية، والشاطئ الجزائري مقابل الشاطئ المغربي، والطبيعة الجزائرية مقابل الطبيعة المغربية، والبيوت الجزائرية مقابل البيوت المغربية، والحقل الجزائري مقابل الحقل المغربي.
من خلال هذا الوصف الميداني الصادق تذكرت على الفور ماذكره لنا أستاذي زبيدة في مادة التاريخ والجغرافيا حفظه الله وأمدّ الله في عمره ونحن طلبة بالمرحلة الثانوية سنة 1984-1985 فيما أتذكر وهو يضع خريطة الدول العربية التي كان يستعين بها في شرح وفهم دروسه القيّمة، فأخذ حينها مسطرة وقال لنا: تمعنوا في خريطة الدول العربية جيدا فإنكم لاتجدون حواجز طبيعية تفصل بينهم بل ترون أن الاستدمار أخذ مسطرة وقسّمها دولا وبالكيفية التي يريد حتى أن الخطوط مستقيمة وليست ملتوية مايعني أن المستدمر قسّمها بالمسطرة.
تذكرت اليوم أستاذي زبيدة أمدّ الله في عمره وأنا أرى رأي العين المسطرة التي وضعها المستدمر الفرنسي للفصل بين الجزائر والمغرب ثم جاءت مسطرة الجزائري ومسطرة المغربي وكانت أشدّ وقعا وهذا شأن الدول العربية جميعا ودون استثناء.
أستاذي زبيدة كان من أعظم الأساتذة الذين كان لي الشرف العظيم أن أتعلّم على يديه فضل استنطاق الخريطة، أي من خلال مشاهدة ومعرفة الخريطة يمكن للطالب والمتتبع أن يستنتج منها الملاحظات القيّمة وتلك الملاحظة تساهم في فهم طبيعة العلاقة وحقيقة الواقع، وعلى أساس هذه الرؤية يكون التحليل واستشراف المستقبل وتحديد الأفاق وتجنب المشاكل وإقامة العلاقات.
الزائر وهو يزور المنطقة الحدودية عدّة مرات التي يفصلها سياج اصطناعي أثناء ممارسته رياضة الركض يوميا لفت انتباهه أن الجهة الجزائرية لاتشهد حضورا عسكريا باستثناء جندي واحد كلّه بسمة وأمل ينثرها بين الزوار وكأنه واحد منهم. ويبدو أن الجزائر أنفقت على الجهة المحاذية لها من خلال إقامة سياج خاص بها للزينة عكس المغرب الذي اكتفى بالسياج الذي يرسم الحدود. ورأيت الجندي الجزائري الشاب يقترب منه الزوار ويحدّثهم ويحدثونهم وكلهم فرح وسرور وهم يلتقطون الصور المختلفة ومن زوايا مختلفة وطيلة تواجدهم متمنين لهم السداد والتوفيق، لكني رأيت طيلة تواجدي خلال العام الماضي وهذا العام الجندي المغربي وحيدا دون أن يقترب منه إخواننا المغاربة.