الرئيسية / مقالات / أنا مع الوحدة وضد الانحياز

أنا مع الوحدة وضد الانحياز

السيمر / الأربعاء 23 . 08 . 2017

صالح الطائي

طالعني مصادفة وجه أحد الأشخاص الذين يرتدون ما تعارف الناس على تسميته بالزي الديني؛ في صورتين مختلفتين، في الأولى كان يرتدي زيا (دينيا) لأحد المذاهب المعروفة، وفي الصورة الثانية ظهر مرتديا زيا (دينيا) آخر لمذهب آخر مغاير معروف.
وأنا واقعا لا يثير هذا التبدل دهشتي أو استغرابي، فأنا ممن يؤيدون حرية الانتقال السلمي بين المذاهب الإسلامية المتزنة، وأقصد بالسلمي: الانتقال المبني على قناعات علمية تنويرية بحثية استقصائية استنباطية، لا على مصالح ومكاسب دنيوية، ومثل هذا الانتقال لا يكون مفاجئا في العادة، بل يأتي في أغلب الأحيان بعد تعمق في الدراسة والتنقيب والبحث والاستنتاج والمتابعة والمعاينة والتدقيق، لأنه يعني فيما يعنيه ترك حياة كاملة مألوفة وموروثة، والبدء بحياة جديدة غريبة، ومثل هؤلاء مهما كان المذهب الذي يتركوه ومهما كان المذهب الذي يعتنقوه، هم الأحرار الحقيقيون؛ الذين نجحوا في التخلي عن نمطية الموروث والتبعية والتقليد، لإتباع خط ونمط حياتي وفكري جديد، اقتنعوا بصحته وجدواه، فكان اختيارهم عن قناعة ووضوح رؤية لا عن تقليد.
أما الذين ينتقلون لينتقموا أو ليخدموا أو ليثبتوا صحة خطوة الانتقال، فيأخذون بالتهجم القاذع على عقيدتهم السابقة، ونعتها بأسوأ النعوت، ووصفها بأردأ الصفات، مقابل إسباغ جميع الصفات الحسنة على أهل وعقيدة المذهب الذي انتقلوا إليه، في الأيام الأولى لانتقالهم، وقبل أن يمنحوا أنفسهم الوقت الكافي ليستوعبوا كليا مبادئه وعقائده، فهؤلاء تجار أكثر من كونهم علماء، ولا يمكن أن نبرئ ونبرر هذا الانتقال الذي يتعارض مع حسن النوايا، لسبب بسيط وهو أن هناك من يستغل طروحاتهم ورؤاهم ليزيد الفرقة والعداء بين أتباع المذاهب، بما يتسبب بالضرر والأذى للإسلام كله وللمسلمين كلهم.
وبعيدا عن نظرية المؤامرة وتأثيرها، واستنتاجا من التجارب السابقة التي مرت بنا، أرى أن هؤلاء بالذات، لم ينتقلوا من مذهب إلى آخر حسب رغباتهم وقناعاتهم، وإنما انتقلوا بموجب أوامر، صدرت لهم من أولياء أمورهم الدنيويين؛ الذين يطيب لي أن أطلق عليهم اسم (الشيطان الأكبر)، متمثلا بالماسونية وإسرائيل وأمريكا والحركات الإسلامية الراديكالية المتطرفة، فأذرع الشيطان هذه هي التي تغذي وتمول وتدرب وتوجه هؤلاء، وهي التي تدعمهم في مراحل انتقالهم وتخصص مراكز بحثية لتزويدهم بالمعلومات التي يحتاجونها، ليثبتوا من خلالها أعلميتهم، وهي التي تسوقهم وتنشر رؤاهم. وهذا الاستنتاج يشمل الكثير من الذين انتقلوا من المذاهب الإسلامية الأربع إلى مذهب التشيع أو العكس، أي الانتقال من التشيع إلى احد المذاهب الأخرى.
وإذا ما كان الانتقال في السابق محدد الاتجاه حيث ينتقل الشخص من مذهب إلى آخر وكفى، فإن ما يجلب الشك في الانتقالات الأخيرة على كثرتها أن أبطالها لا يتبعون مذهبا محددا، بل يعينون أنفسهم بمركز المفتي الذي يفتي باسم جميع المذاهب.
هؤلاء المتحولون، يؤكدون عادة على مسائل حساسة، ويثيرون حولها الشبهات بغية تضخيم دورها، وفعلهم هذا ينطلق عادة في ظاهره بهدف دعم فكر المذهب الذي انتقلوا إليه وتوهين فكر المذهب الذي تركوه، مثل الحديث عن الوسطية والاعتدال، ولكنه ينضوي على مؤامرة كبرى في السر. فأنا أرى أن مجرد الانتقال مدفوع الثمن لا يمثل وسطية أو اعتدالا، فليست الوسطية والاعتدال أن تترك معتقدك، وتتبع معتقد غيرك بأوامر من قوى خارجية، وتبدأ الكيل بمكيالين، فأنت، انتقلت من كفة ميزان إلى أخرى، فبقي الحال مائلا، والمفروض بك إن كنت صادقا أن تفرغ من الكفة التي أنت فيها ما لا يتوافق مع المنهج الحق، لتشعر بأنك صرت وسطا بين كفتين! أما أن تغمط حسنات الكفة وتهتك ستر الخبايا، وهي كثيرة في جميع المذاهب، وبلا استثناء، فذلك لا وسطية ولا اعتدال!.
إن المنهج الذي يتبعه المدعو ياسر الحبيب الذي يرتدي ثوبا شيعيا متطرفا وداعشيا، لا علاقة له بالوسطية والاعتدال، فالرجل كان مكشوفا منذ الأيام الأولى لظهوره، وقد كتبت في حينه عدة مواضيع حوله. والمنهج الذي سار عليه المدعو حسين المؤيد لا علاقة له بالوسطية والاعتدال، فكلاهما منحرفان ويدعوان إلى الانحراف.
لقد وصف حسين المؤيد نفسه، ووصفه من أيده فيما أسموه: معالم بارزة في منهج العلامة الشيخ حسين المؤيد بأنه يمثل:
1- الوسطية الدينية والوطنية السياسية
2- الوحدة الإسلامية والدعوة إلى ثقافة الأمة الواحدة .
3- الموضوعية والصراحة .
4- الحوار البناء لاسيما بين الأديان والثقافات
5- الإسهام في المشروع النهضوي للأمة .
ومن يتابع سلوك ومنهجية المؤيد يتأكد له أن الرجل منحرف منحاز لا يعرف للوسطية بأنواعها منهجا، ويدعو إلى الفرقة والتشتت ولا علاقة له بالوحدة الإسلامية، وهو بعيد عن الموضوعية ولا يعرف الصراحة، ولا يفهم أسس الحوار البناء، ويعمل على اجهاض المشروع النهضوي للأمة، ويكفي أن تتابع تغريداته على تويتر لتتأكد من صدق ما وصفناه به.
إن هؤلاء بكافة أنماطهم وأشكالهم واعتقاداتهم، إنما هو موظفون رسميون لدى قوى الاستكبار العالمي للإسهام معها في مشروعها الخبيث الذي يسعى إلى تدمير الأمة، وعلى أبناء الأمة النجباء أن لا يندفعوا وراء عواطفهم، فيستمعوا لدعوات دعاة الشر والكراهية والفرقة، فالإسلام ومنهجه الواضح لا يحتاج إلى مرشدين تافهين يوضحونه.

اترك تعليقاً