الرئيسية / مقالات / نواب للبيع في تواقيع الأستجواب !؟

نواب للبيع في تواقيع الأستجواب !؟

السيمر / الأربعاء 23 . 08 . 2017

*عبد الجبار نوري

المدخل/ رباه —- ما الذي يجري في وطني العُراق ؟ وإلى أين هو ذاهب ؟ بفعل بعض الذين هم تحت قبة البرلمان المقدس متبلدي الشعور والأحاسيس لم ينتبهوا يوماً لمعاناة الشعب وآلامه ، وهو الوطن المثخن بالجراحات العميقة ، وأودُ أن لا أتعرض لشخصٍ ما قد يحمل من تأريخ علمي وفقهي وفكري لأني على علم بأن الأمور بخواتيمها .
عرض الموضوع/لا يخلوا نظام سياسي من مؤسسة تشريعية تكون مسؤولة عن سن القوانين الجديدة أو تعديل بعضها عند الحاجة ، ومتابعة عمل الحكومة وتقويمها ومحاسبة مسؤوليه التنفيذيين عند الضرورة ، وتلك المؤسسة التشريعية برلماناً كان أو مجلساً نيابياً أو كونفرساً أو مجلس عموم على أختلاف التسميات وأختلاف الأنظمة السياسية نجدها تهتم بمتابعة عمل الحكومة ومحاسبتها على الأخطاء وخصوصا من قبل أحزاب المعارضة بهدف أظهارسقطات السلطة التنفيذية وأخطائها لتعلن فورا فشلها وثم سحب الثقة منها أن أقتضت الضرورة الوطنية والمصلحة العامة وأسقاط رجالاتها وذلك لتوفير الخدمات للمواطنين وتحسين حياتهم ، تبقى عملية (الأستجواب ) أهم آلية لمحاسبة الحكومة وأعضائها ، وهو من أهم أدوات الرقابة البرلمانية ولكن بضوابط ما جاء بالدستور العراقي في فقراته 100و101 و 102 والشروط والقواعد والأحكام المنظمة للأستجواب والتي وردت في المواد 133-145 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة ، فعليه هو من الوسائل الرقابية المهمة التي تخشى مواجهتها السلطة التنفيذية لما له من أهمية في كشف الخلل في أدائها ، وتتمثل أهميته وخطورته في حق أقالة الحكومة وسحب الثقة منها أو من بعض الوزراء فيما إذا أثبتت الأدلة تورطهم .
رغم أن هناك آليات غيرها كالاستضافة للمسؤولين أو المراسلات والأستفسارات الرسمية ألا أن الأستجواب يعني أن القضية وصلت إلى حدٍ لا يمكن حلحلتهُ عن طريقٍ آخر ، وأن الأمر لا يمكن السكوت عنهُ وأن المسؤولين يجب أن يتخذوا قراراً بشأن أقالته أو أبقائه في منصبه ، وأن الشعب يجب أن يطلع على الوضع .
إذاً الأستجواب آلية لمحاسبة مسؤول ما عن قضية تكتنفها شبهات أو اخطاء أو فساد فعندها تخضع للآليات القانونية لمهاجمة الخصوم بطرق أصولية وتخضع لضوابط أخلاقية وقانونية ، أما أن تصبح أداة لمهاجمة الخصوم أوأستثمارها أنتخابياً بغض النظر عن نتائجها ضارة كانت أم نافعة فهذا لهو التهريج بحقوق الشعب والفساد بأم عينه ، كما شاهدنا ما أدلت به النائبة هدى سجاد عن دولة القانون بالعاصفة المدوية : أن في المجلس الموقر نواب سحبوا تواقيعهم في أستجواب وزير الأتصالات بمبالغ نقدية تختلف كميتها حسب مكانة وقوة النائب ففيها الغث والسمين ( غالي ومتوسط ورخيص ) أليست هذه خيانة أمانة لبعض هؤلاء النواب ؟ وعمليات أبتزاز هدفها تقاسم الفساد لا محاربته ، وهذا ما جرى الحديث عنه وشغل الرأي العام العراقي حول جمع وسحب تواقيع الأستجواب وللأسف الشديد أن ذلك يضع كامل المؤسسة التشريعية موضع الأتهام ، والظاهر أن هناك مافيات في مجلس النواب تعمل على أفشال عمليات أستجواب المسؤولين مقابل صفقات مشبوهة ، وقد يمثل تحدياً كبيراًوخطيراً في حال تعرضه لمثل هذه العروض الخبيثة والفاسدة ومن المؤكد تتخللها تداعيات تهديد ومغريات من أجل التأثير على عملية الأستجواب سلبا أم أيجاباً ، كما حصل في أستجواب وزيري الكهرباء والدفاع حين أستعمل المجلس ضغوطاً مفضوحة في جلسة أستجوابهما مقابل أتفاقات سياسية أو أتفاقات مالية مشبوهة ، والذي يفترض بالبرلمان كمؤسسة رقابية أن تعمل على أعطاء دور أكبر للأستجوابات تناغما وأنسجاماً مع رأي الشارع والمرجعية الدينية ومن أجل القضاء على الفساد في مؤسسات الدولة .
الخاتمة/ بمقاربات تشبيهية نجد صورة ما تحت البرلمان الحالي ما ينافس ويضاهي ” خان جغان* ” بل أكثر شهرة منه في الهرج والمرج والصخب والعراك بالأيدي والقناني الفارغة وبل— جلكم الله ، وفي برلمانات العالم صحيح يتناكفون ويختلفون لكن بأتجاه سياسي وفكري من أجل مشاريع وقضايا تهم الوطن ومصير الأجيال القادمة ، أما في برلمان العراق نجد الغريب والعجيب من صفقات المقاولات والتعهدات والمضاربات والكومشن ومزاد بيع وشراء المناصب ووكلاء سيارات حديثة وأصحاب معارض ، ومكاتب وساطات توظيف وترقية ونقل ونائبات ( خاطبات ) لتزويج الوزراء والمسؤولين مثنى وثلاث ورباع بلحم حلال على الطريقة الأسلامية ، ولا تعجب حين تسمع تهريب السجناء والأرهابيين حتى الخطرين ، أو تنفيذ التفجيرات بباجات حكومية ، ونخبة أخرى غاطسة في أوسخ مستنقع سياسي يسمى لأجل النكتة أنه ( سياسي ) .
أذاً ما الحل ؟ / أن هذا البرلمان وبهذا الوضع المزري لا يصلح لعلاجه حتى الكي ، لأنتشار الخلايا الطفيلية في جميع مفاصله ، وليس أمامنا سوى الحلول الجذرية في : 1-حل البرلمان . 2- أنتخابات مبكرة . 3- تطبيق الأغلبية الساسية 4- تقليص عدد النواب الذي هو 225 نائب – بالحقيقة أن 17 نائب فقط جاء بالأنتخابات والباقي فرضوا من قبل كتلهم أو تحت عباءة القائمة المغلقة السوداء أو حلول مكان نائب متوفي أو نائب وفقهُ الرب بزمن الغفلة وأصبح وزيرا .5- أن يخضع النائب لجرد مالي قبل الدخول تحت قبة الشياطين وبعده 6- تطبيق المادة 49 من الدستور الذي يمنع الجمع بين العمل التشريعي والتنفيذي أو العمل النيابي وأية وظيفة خارج صفته النيابية . 7- التصويت على منع سحب التواقيع ، وفعلاُ أقره البرلمان يوم أمس ( ولو أنه جاء متأخراً) ولكن كان ٌأقراره ضروريا لسد ثغرات الفساد .

*خان جغان هو من أشهر خانات بغداد 1593 ينسب بناؤه إلى الوالي العثماني ( جغاله باشا ) ، وهو مبيت للمسافرين من جميع الخلق ، ويتخللهأ أحيانا كثيرة بعض اللصوص والنصابين والعيارين.

*كاتب وباحث عراقي مغترب

اترك تعليقاً