السيمر / الجمعة 13 . 10 . 2017
اياد السماوي
دعا مجلس محافظة السليمانية يوم أمس الخميس إلى حل المشاكل بين إقليم كردستان وبغداد وفق مبادرة المرجع الديني السيد علي السيستاني وعن طريق مباحثات غير مشروطة , وطالب المجلس في بيان له إبعاد الخيار العسكري لحل المشاكل بين الجانبين عن طريق الحوار ووفق الدستور العراقي , وأعلن المجلس عن استعداده للتعاون مع الحكومة الاتحادية في بغداد لحل مشكلة مطارات المحافظة والمنافذ الحدودية التي تقع ضمن حدود المحافظة , وأكدّ البيان على ضرورة إدارة جميع مناطق العراق وبضمنها إقليم كردستان حسب الدستور , وأن يستفيد المواطنون من واردات الدولة ومراجعة القرارات التي صدرت من بغداد ضد الإقليم .. ومن خلال هذا البيان والحراك السياسي الذي يجري في محافظة السليمانية سواء كان داخل أروقة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني أو داخل مجلس محافظة السليمانية , يبدو واضحا أنّ العديد من القيادات الكردية بدأت تتراجع عن مواقفها المساندة والداعمة للاستفتاء , وبدأت تستشعر الخطر الذي يحيق بالشعب الكردي خصوصا بعد زوال السكرّة ونضوج الفكرّة .
لكنّ هذه المواقف الجديدة لا زالت دون مستوى الحدث ودون إرادة الشعب العراقي ومؤسساته الدستورية في إلغاء نتائج الاستفتاء وإنهائه تماما , ولا زالت دون مستوى الخطيئة التي اقترفتها هذه القيادات عندما اختارت مسايرة مسعود في انفصاله المشؤوم , وخطيئة الاستفتاء لا يمحوها إلا إلغاء نتائجه وبدون هذا الإلغاء لا قيمة أبدا لأي موقف أو دعوة تدعو لحوار أو لمفاوضات مع بغداد , وسماحة المرجع الأعلى السيد علي السيستاني لم يطرح مبادرة سياسية لحل أزمة الاستفتاء حتى تعتبر أساسا لمباحثات غير مشروطة , وما دعت له المرجعية الدينية العليا هو رفض الاستفتاء والانفصال عن العراق والالتزام بالدستور العراقي كمظلة ومرجع لحل كافة الإشكالات بين بغداد وأربيل والاحتكام للمحكمة الاتحادية العليا كجهة محايدة لفك أي نزاع ينشأ بين المركز والإقليم , هذا من جانب ومن جانب آخر عكس بيان مجلس محافظة السليمانية الهوّة الواسعة والفهم غير الصحيح لأساس المشكلة القائمة بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية والتي تفجرّت بعد هذا الاستفتاء المشؤوم .
فما يراه الأكراد من مشاكل بين بغداد وأربيل ينحصر في بعض الخلافات الإدارية كإدارة منفذ حدودي أو مطار أو ما شابه ذلك , بينما ترى بغداد أنّ خلافها مع الإقليم أعمق بكثير مما جاء في بيان مجلس محافظة السليمانية , فبغداد ترى أنّ خلافها الأساسي مع حكومة الإقليم ينحصر في قضيتين أساسيتين هما النزعة الانفصالية عند الأكراد وموضوع السيادة الوطنية , فبرغم كل المكاسب التي حققها أكراد العراق والتي لم تصيب محافظة البصرة التي تساهم بنسبة 90% من واردات البلد عشر من هذه المكاسب سواء المادية منها أو غير المادية , فلا زال أكراد العراق يعتبرون علم مهاباد هو علمهم الوطني ونشيد مهاباد أي رقيب هو نشيدهم الوطني , ولا زالت نزعتهم للانفصال قائمة منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921 وحتى هذه اللحظة , والاستفتاء الأخير خير شاهد على هذه النزعة الانفصالية , كما أنّ حكومة الإقليم تعتبر أن سقف صلاحيات النظام الفيدرالي يتيح لها التصرّف بالإقليم وكأنّه دولة مستقلة ذات سيادة , دون أن يشعروا أنّ كلّ ما تقوم به حكومة الإقليم خارج حدود الإقليم هو تجاوز على السيادة الوطنية وخروج على سقف الصلاحيات التي رسمها الدستور العراقي الذي صوتوا عليه , وبموجب هذا الفهم الخاطئ للنظام الفيدرالي تعتقد حكومة الإقليم أنّ من حقها عقد الاتفاقات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية مع دول العالم المختلفة دون الرجوع للمركز , وتعتقد أيضا أنّ لا حقّ للحكومة الاتحادية من بسط سيادتها على إقليم كردستان , ولهذا فلا قيمة أبدا لبيان مجلس محافظة السليمانية ما لم يرفض نتائج الاستفتاء أولا ويعلن عن خضوعه لإرادة الشعب العراقي ومؤسساته الدستورية وقبوله بسط السلطة الاتحادية سلطاتها الدستورية في كل جزء من العراق بما فيه الإقليم والحوار تحت مظلة الدستور دون قيد أو شرط .